أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 596

جلسة 23 من أبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطيه، ومحمد عبد المجيد سلامة.

(133)
الطعن رقم 206 لسنة 42 القضائية

إثبات. "بوجه عام". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
( أ ) للمحكمة أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التى انتهت إليها. مثال لاستنباط صحيح.
(ب) تساند الأدلة فى المواد الجنائية. منها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى.
(ج) الجدل الموضوعى فى تقدير أدلة الدعوى. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر أن للمحكمة أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التى انتهت إليها. ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أنه خلص مما أورده من نتيجة تفتيش منزل المتهم وضبط مطواة به - أبان التقرير الطبى الشرعى إمكان حدوث إصابة المجنى عليه منها - إلى أن تلك المطواة هى التى استعملت فى الحادث دون أن ينال من هذا عدم ثبوت وجود آثار دماء عليها، ذلك بأنها لم تضبط بمكان الحادث بل بمنزل الطاعن بعد فترة من وقوع الواقعة.
2 - الأدلة فى المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى.
3 - متى كان يبين من مطالعة المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم - ردا على دفاع الطاعن - له سنده فى الأوراق. ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الصدد من دعوى الخطأ فى الإسناد لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقشة الصورة التى ارتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 12/ 8/ 1968 بدائرة مركز قويسنا محافظة المنوفية (أولا) ضرب عمدا (.....) بمطواة فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته (ثانيا) أحدث عمدا بعبد الحميد عبد العزيز السيد الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة أقل من عشرين يوما، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد الواردة بقرار الإحالة، وادعى والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 500 ج على سبيل التعويض، ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا عملا بالمادتين 236/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من هذا القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامه أن يدفع إلى المدعى بالحق المدنى مبلغ 500 ج والمصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت، قد شابه خطأ فى الإسناد وفساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب، ذلك بأنه عول من بين ما عول فى قضائه على ما شهد به.... مأمور مركز قويسنا من أن المجنى عليه ذكر له أن الطاعن هو محدث إصابته وقد نازع الطاعن فى إمكان تحدث المجنى عليه بتعقل على الرغم من إصابته إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بمقولة إن الأقوال التى صدرت من المجنى عليه قد وقعت فى حوالى الساعة الثانية بعد الظهر، وأنه توفى فى الساعة الرابعة والنصف مساء وأن هذه الفترة الطويلة بين سؤاله ووفاته تؤدى إلى الاطمئنان إلى أن المجنى عليه كان يجيب بتعقل واتزان، فى حين أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد وفاته فى الساعة التى حددها الحكم وهذا يعيبه، كما أنه اعتمد - من بين ما اعتمد عليه - على ما ذهب إليه من ضبط المطواة المستعملة فى الحادث بمنزل الطاعن، على الرغم من خلوها من أثر الدماء دون بيان للدليل الذى استند عليه فيما ذهب إليه، وكل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بارتكابها وأورد الأدلة التى قامت على صحتها، عرض لدفاع الطاعن الذى أثاره بوجه طعنه فى شأن التشكيك فى قدرة المجنى عليه على التكلم بتعقل إثر إصابته ورده فى قوله
"وضح للمحكمة فى جلاء وبصورة مؤكدة ومن واقع أوراق الدعوى أن إصابة المجنى عليه..... قد حدثت فى حوالى الظهيرة من يوم 12/ 8/ 1968"، وأن مأمور مركز قويسنا..... قد سأله عن محدث إصابته بعد حدوثها بحوالى نصف ساعة أو يزيد قليلا وأنه أجابه بأن المتهم هو الذى أحدث هذه الإصابة به بطعنه بمطواة وجاء فى التقرير الطبى الشرعى أنه كان فى مكنة المجنى عليه المذكور التحدث ولفترة يتعذر تحديدها فنيا بتعقل بعد هذه الإصابة التى حدثت به وجاء فى شهادة الدكتور..... أمام المحكمة ما يتضمن هذا المعنى وأن فترة التحدث بتعقل وإتزان من جانب المجنى عليه المذكور بعد إصابته قد تمتد إلى ساعات يتعذر تحديدها فنيا. فإذا كان ذلك، وكان الثابت فى أوراق الدعوى أن المجنى عليه المذكور قد توفى بالمستشفى فى الساعة الرابعة والنصف مساء فإن المحكمة تطمئن إلى صدق شهادة..... مأمور مركز قويسنا وما تضمنته من سؤاله للمجنى عليه المذكور عمن أحدث إصابته وإجابته بأنه هو المتهم الذى أحدثها به لطعنه بمطواة وهو الذى تلقى إجابته بعد حوالى نصف ساعة أو أكثر بقليل من وقت وقوع الحادث وقبل نقل المجنى عليه إلى المستشفى الذى تم الساعة اثنين وعشرة مساء وظل به حتى الساعة الرابعة ونصف مساء حيث توفى" لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم - ردا على دفاع الطاعن - له سنده فى الأوراق ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الصدد من دعوى الخطأ فى الاسناد لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الأدلة فى المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستنبط من الوقائع والقرائن ما تراه مؤديا عقلا إلى النتيجة التى انتهت إليها، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أن خلص مما أورده من نتيجة تفتيش منزل المتهم وضبط مطواة به أبان التقرير الطبى الشرعى امكان حدوث إصابة المجنى عليه منها، إلى أن تلك المطواة هى التى استعملت فى الحادث دون أن ينال من هذا عدم ثبوت وجود آثار دماء عليها، ذلك بأنها لم تضبط بمكان الحادث بل بمنزل الطاعن بعد فترة من وقوع الواقعة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى حول تقدير أدلة الدعوى لا يقبل منه إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.