أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 672

جلسة 8 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوى، وابراهيم الديوانى، ومصطفى الأسيوطى، وعبد الحميد الشربينى.

(152)
الطعن رقم 309 لسنة 42 القضائية

(أ، ب، ج) إشتراك. جريمة: "أركان الجريمة". مسئولية جنائية: "الإعفاء منها". إتفاق. إتفاق جنائى. سرقة. دفاع: "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض: "أسباب النقض. ما لا يقبل منها". شريك.
( أ ) الاشتراك بطريق الاتفاق فى جريمة السرقة. توافره. باتحاد إرادة الشريك مع باقى المتهمين على ارتكابها. ووقوع الجريمة بناء على الاتفاق. مثال لتسبيب سائغ.
(ب) مساهمة الشريك فى الجريمة. تمامها بمجرد الأفعال المكونة للاشتراك. عدول الشريك بعد ذلك. لا تأثير له على مسئوليته الجنائية. ما لم يكن قد استطاع. قبل وقوع الجريمة. من إزالة كل أثر لتدخله فى ارتكابها.
(ج) إثبات الحكم وقوع جريمتى القتل والسرقة. قبل اعتراف الطاعن باشتراكه فى جريمة السرقة. كفايته ردا على ما أثاره الطاعن عن إعفائه من المسئولية الجنائية. المادة 48 عقوبات.
(د، هـ) سرقة: "مع حمل السلاح". إشتراك. ظروف مشددة. جريمة: "أركان الجريمة". مسئولية جنائية. سلاح. حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". فاعل أصلى. شريك.
(د) حمل السلاح فى السرقة. ظرف مادى متصل بالفعل الإجرامى. سريان حكمه على كل من قارف الجريمة. فاعلا أم شريكا. ولو لم يكن يعلم به.
(هـ) العبرة فى اعتبار السلاح ظرفا مشددا. فى حكم المادة 316 عقوبات. تكون بطبيعة السلاح. وليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر.
كون السلاح معدا أصلا للاعتداء على النفس. يوجب تفسير حمله على أنه لاستخدامه فى ارتكاب الجريمة.
كونه من الأدوات التى تعتبر عرضا من الأسلحة لكونها تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل. عدم تحقق الظرف المشدد. إلا إذا استخلصت المحكمة. فى حدود سلطتها التقديرية. أن حمله كان لمناسبة السرقة.
(و، ز، ح، ط) قتل عمد. قصد جنائى. سبق إصرار. محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير توافر نية القتل". ظروف مشددة. حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". نقض: "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(و) قصد القتل. أمر خفى. لا يدرك بالحس الظاهر. وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره.
(ز) القصد الجنائى. وسبق الاصرار. لا تلازم بينهما. توافر القصد الجنائى مع انتفاء الاصرار السابق. جائز قانونا.
سبق الاصرار. هو مجرد ظرف مشدد فى جرائم الاعتداء على النفس.
(ج) استخلاص نية القتل. موضوعى.
(ط) التناقض الذى يعيب الحكم. ماهيته. مثال لتسبيب لا تناقض فيه فى خصوص توافر نية القتل مع انتفاء سبق الاصرار.
(ى، ك، ل) حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". "بياناته. بيانات التسبيب". دفاع: "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". اشتراك.
(ى) الدفاع القانونى ظاهر البطلان. لا يستأهل ردا.
(ك) استطراد الحكم - خطأ - إلى أن الاشتراك كان بطريق التحريض. لا يعيبه. ما دام قد دلل على قيام الاشتراك من ظروف الدعوى وملابساتها تدليلا سائغا.
(ل) وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها.
عدم رسم القانون شكلا خاصا أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان. كون مجموع ما أورده الحكم كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها. كفايته.
(م) نقض: "أسباب الطعن. تقديمها". نظره والحكم فيه".
(م) عدم تقديم أسباب الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلا. ولو كان الطاعن قد قرر بالنقض فى الميعاد.
1 - يتوافر الإشتراك فى جريمة السرقة بطريق الاتفاق متى اتحدت إرادة الشريك مع باقى المتهمين على إرتكاب تلك الجريمة ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. ولما كان الحكم قد عرض فى مقام استخلاصه لما ثبت فى حق كل من المتهمين إلى أن دور الطاعن لا يخرج عن أنه اتفق مع باقى المتهمين سواء فى المرة الأولى أو الثانية على سرقة المجنى عليها فقط دون الحاق أى أذى بها ثم أورد الحكم: "وحيث إن المتهم الأول (الطاعن) انحصرت مسئوليته على ما سلف فى الاشتراك مع المتهمين فى سرقة المجنى عليها بالتحريض على اقتراف الإثم مما يتعين قصر عقابه على ما اقترف"، منتهيا فى التكييف القانونى للواقعة إلى أنه ارتكب مع المتهمين الثلاثة الآخرين جناية السرقة المنطبقة على المواد 316 و40 و41 من قانون العقوبات، ولما كان البين من مراجعة مدونات الحكم إنها جرت على أن الطاعن اتفق مع غيره من المتهمين فى الدعوى على ارتكاب جريمة سرقة المجنى عليها - وهى خالة والدته - وإنه رافقهم فى المرتين اللتين توجهوا فيهما إلى منزلها وإن شيئا لم يتم فى المرة الأولى وأنه فى المرة الثانية انصرف قبل وقوع الجريمة فإن الحكم يكون قد دلل على قيام هذا الاشتراك من ظروف الدعوى وملابساتها تدليلا سائغا.
2 - إن عدول الشريك عن ارتكاب الجريمة لا تأثير له على مسئوليته الجنائية إذا وقعت الجريمة فيؤاخذ عليها بصفته شريكا، ذلك بأن مساهمته فى الجريمة تتم بمجرد قيامه بالأفعال المكونة للاشتراك وعدوله بعد ذلك لا يفيده إلا إذا كان قد استطاع أن يزيل كل أثر لتدخله فى ارتكاب الجريمة قبل وقوعها.
3 - تنص الفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات على أنه "يعفى من العقوبات المقررة فى هذه المادة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائى وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة" ومتى كان الحكم قد أثبت وقوع جنايتى القتل والسرقة قبل اعتراف الطاعن باشتراكه فى جريمة السرقة - وهو ما لا يجادل الطاعن فيه - فإن فى هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن فى شأن الإعفاء المنصوص عليه فى المادة المذكورة بما يدل على اطراحه فضلا عن أنه دفاع قانونى ظاهر البطلان لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه.
4 - من المقرر أن حمل السلاح فى السرقة هو من الظروف المادية المتصلة بالفعل الإجرامى ويسرى حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلا أم شريكا ولو لم يكن يعلم به.
5 - العبرة فى اعتبار السلاح ظرفا مشددا فى حكم المادة 316 من قانون العقوبات ليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد فى الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه فى هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التى تعتبر عرضا من الأسلحة لكونها تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل كالسكين أو المطواه، فلا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية إن حملها كان لمناسبة السرقة وهو الأمر الذى خلصت إليه المحكمة - فى هذه الدعوى - فى حدود حقها ودللت عليه بالأدلة السائغة.
6 - قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه.
7 - لا تلازم بين قيام القصد الجنائى وسبق الإصرار فقد يتوافر القصد الجنائى مع انتفاء الإصرار السابق الذى هو مجرد ظرف مشدد فى جرائم الاعتداء على الأشخاص.
8 - من المقرر أن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية. وما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد.
9 - التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان مفاد ما أورده الحكم أن المحكمة وإن اطمأنت إلى توافر نية القتل فى الواقعة إلا أنها من وجه آخر قد ايقنت بانتفاء عنصر سبق الإصرار لما تبينته من أن الحادث لم يكن مسبوقا بفترة من الوقت تسمح للجناة بإعمال الفكر فى هدوء وروية، وهو استخلاص سائغ لا تناقض فيه ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة التناقض فى التسبيب.
10 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على الدفاع القانونى ظاهر البطلان.
11 - متى كان الحكم قد دلل على قيام الاشتراك من ظروف الدعوى وملابساتها تدليلا سائغا، فإن استطراده إلى القول خطأ بأن الاشتراك كان بطريق التحريض لا يعيب الحكم لأنه لا ينال من سلامته.
12 - من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها إلا إنه لم يرسم شكلا خاصا أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققا لحكم القانون.
13 - متى كان الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلا.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم فى يوم 6 من أكتوبر سنة 1970 بدائرة مركز الواسطى محافظة بنى سويف (أولا) قتلوا...... عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدوا العزم على قتلها وأعد لذلك المتهم الثانى آلة حادة "سكينة" وتوجهوا إلى مسكنها وترصدوا لها بداخل دورة مياه مسكنها، وما أن ظفروا بها حتى طعنها المتهم الثانى بسلاحه ثم أجهز عليها تماما وكتم أنفاسها بيده فأحدث بها الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها (ثانيا) سرقوا المبلغ المبين القدر والحلى الذهبية الموضحة بالتحقيقات للمجنى عليها سالفة الذكر من مسكنها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات بنى سويف قضت فى الدعوى حضوريا عملا بالمواد 234 و32 و316 و40 و41 و30 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين الثانى والثالث بالأشغال الشاقة المؤبدة (ثانيا) بمعاقبة المتهم الرابع بالأشغال الشاقة خمس سنوات (ثالثا) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات (رابعا) بمصادرة السكين المضبوطة (خامسا) قدرت للمحامى المنتدب عشرة جنيهات. فطعن المحكوم عليهم الأول والثانى والثالث فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثانى وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد القانونى، إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأول أن الحكم المطعون فيه، إذ دانه بجريمة الاشتراك فى جناية سرقة بحمل سلاح قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ذلك بأنه نسب إلى الطاعن الاشتراك بطريق التحريض على الرغم من عدم توافر التحريض كما هو معرف قانونا فى واقعة الدعوى، كما أن المسئولية الجنائية قد انحسرت عن الطاعن لعدوله عن اقتراف الجريمة قبل وقوعها، هذا فضلا عن أن فى إرشاده عن باقى الجناة ما يعفيه من العقاب وفقا للفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات. وعلى الرغم من أن الطاعن أثار جميع ذلك فى دفاعه فإن الحكم لم يعرض له إيرادا وردا، وأخيرا فإنه مع افتراض اشتراك الطاعن بالتحريض فى جريمة السرقة فإنه لا يسأل عن حمل أحد مرتكبيها سكينا، إن كانت تعد سلاحا لعدم علمه بذلك ولا تكون الواقعة مكونة بالنسبة له اشتراكا فى جنحة سرقة تنطبق عليها المادة 317 من قانون العقوبات بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد فى مدوناته ما يكفى لتفهم واقعة الدعوى وظروفها وأدلتها حسبما تبينتها المحكمة وبما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دين بها الطاعن وغيره من المتهمين، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها إلا أنه لم يرسم شكلا خاصا أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، كان ذلك محققا لحكم القانون، ولما كان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض ظروف الدعوى وأقوال شهودها واعترافات المتهمين فيها - ومن بينهم الطاعن - عرض فى مقام استخلاصه لما ثبت فى حق كل من المتهمين إلى أن دور الطاعن لا يخرج عن أنه اتفق مع باقى المتهمين سواء فى المرة الأولى أو الثانية على سرقة المجنى عليها فقط دون إلحاق أى أذى بها، ثم أورد الحكم قوله: "وحيث إن المتهم الأول (الطاعن) انحصرت مسئوليته على ما سلف فى الاشتراك مع المتهمين فى سرقة المجنى عليها بالتحريض على اقتراف الإثم مما يتعين قصر عقابه على ما اقترف"، منتهيا فى التكييف القانونى للواقعة إلى أنه ارتكب مع المتهمين الثلاثة الآخرين جناية السرقة المنطبقة على المواد 316 و40 و41 من قانون العقوبات، ولما كان البين من مراجعة مدونات الحكم أنها جرت على أن الطاعن اتفق مع غيره من المتهمين فى الدعوى على ارتكاب جريمة سرقة المجنى عليها - وهى خالة والدته - وأنه رافقهم فى المرتين اللتين توجهوا فيهما إلى منزلها وأن شيئا لم يتم فى المرة الأولى وأنه فى المرة الثانية انصرف قبل وقوع الجريمة، وكان ما أورده الحكم فى هذا الشأن يتوافر به الاشتراك فى جريمة السرقة بطريق الاتفاق فقد اتحدت إرادته مع باقى المتهمين على إرتكاب تلك الجريمة ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق، وقد دلل الحكم على قيام هذا الاشتراك من ظروف الدعوى وملابساتها تدليلا سائغا وأنه إذا كان الحكم قد استطرد إلى القول خطأ بأن الاشتراك كان بطريق التحريض، فإن هذا الخطأ لا يعيب الحكم لأنه لا ينال من سلامة استدلاله، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان عدول الشريك عن ارتكاب الجريمة لا تأثير له على مسئوليته الجنائية إذا وقعت الجريمة فيؤاخذ عليها بصفته شريكا، ذلك بأن مساهمته فى الجريمة تتم بمجرد قيامه بالأفعال المكونة للإشتراك وعدوله بعد ذلك لا يفيده إلا إذا كان قد استطاع أن يزيل كل أثر لتدخله فى ارتكاب الجريمة قبل وقوعها، ولما كانت جريمة السرقة التى اتفق عليها الطاعن قد وقعت فعلا، وكان ما أورده الحكم يتضمن الرد على ما أثاره الطاعن فى هذا الخصوص فضلا عن أن المحكمة لم تكن ملزمة بالرد على دفاع قانونى ظاهر البطلان، فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الشأن. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 48 من قانون العقوبات تنص على أنه "يعفى من العقوبات المقررة فى هذه المادة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائى وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة..."، وإذ كان الحكم قد أثبت وقوع جنايتى القتل والسرقة قبل اعتراف الطاعن باشتراكه فى جريمة السرقة - وهو ما لا يجادل الطاعن فيه - فإن فى هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن فى شأن الإعفاء المنصوص عليه فى المادة المذكورة بما يدل على اطراحه فضلا عن أنه هو الآخر دفاع قانونى ظاهر البطلان لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه. لما كان ذلك، وكانت العبرة فى اعتبار حمل السلاح ظرفا مشددا فى حكم المادة 316 من قانون العقوبات ليست بمخالفة حمله لقانون الأسلحة والذخائر وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد فى الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه لاستخدامه فى هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التى تعتبر عرضا من الأسلحة لكونها تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل كالسكين أو المطواة فلا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية أن حملها كان لمناسبة السرقة وهو الأمر الذى خلصت إليه المحكمة - فى هذه الدعوى - فى حدود حقها ودللت عليه بالأدلة السائغة، ولما كان حمل السلاح فى السرقة هو من الظروف المادية المتصلة بالفعل الإجرامى ويسرى حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلا أم شريكا ولو لم يعلم به، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بالاشتراك فى جناية سرقة بحمل سلاح يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا. وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثالث أن الحكم المطعون إذ دانه بجنايتى قتل عمد وسرقة بحمل سلاح قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب، وذلك بأن الحكم لم يدلل على توافر نية القتل تدليلا كافيا، كما أنه بعد أن أورد أن الجناة - وأحدهم الطاعن - عند توجههم إلى منزل المجنى عليها للسرقة لم يكن فى عزمهم قتلها فإنه استطرد إلى القول بأن القتل جاء تأهبا للسرقة فجمع بين نفى التفكير فى القتل وبين إثباته دون أن يورد سنده فى هذا التحول، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لنية القتل وأثبت توافرها فى واقعة الدعوى فى قوله: حيث إن نية القتل واضحة من الأدلة المستعملة وتعدد الطعنات والإمساك بالمجنى عليها من فمها وكتم نفسها مما أدى إلى إزهاق روحها ولما كان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد فى معرض استبعاده ظرف سبق الإصرار من واقعة قتل المجنى عليها قوله: "وحيث إن الثابت مما تقدم أن المتهمين الثلاثة الأخيرين (الطاعن هو الثالث فى ترتيب المتهمين فى الدعوى) قد قاموا إلى منزل المجنى عليها فى المرة الثانية أى يوم الحادث لسرقتها ولم يكن فى عزمهم قتلها كما لم يسبق ذلك إصرار منهم على ذلك القتل وإنما القتل جاء تأهبا للسرقة ومن ثم لا ترى المحكمة مسايرة النيابة العامة فى وصفها للاتهام بأنه قتل مع سبق الإصرار والترصد". ولما كان التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم أن المحكمة وإن إطمأنت إلى توافر نية القتل فى الواقعة إلا أنها من وجه آخر قد أيقنت بانتفاء عنصر سبق الإصرار لما تبينته من أن الحادث لم يكن مسبوقا بفترة من الوقت تسمح للجناه بإعمال الفكر فى هدوء وروية، وهو استخلاص سائغ لا تناقض فيه، ذلك بأنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائى وسبق الإصرار فقد يتوافر القصد الجنائى مع انتفاء الإصرار السابق الذى هو مجرد ظرف مشدد فى جرائم الاعتداء على الأشخاص، كما أنه من جانب آخر فإنه لا تناقض فيما انتهى إليه الحكم بعد استبعاد ظرف سبق الإصرار بأن إرتكاب جناية القتل كان تأهبا لفعل السرقة، ومن ثم تنخسر عن الحكم قالة التناقض فى التسبيب. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن هذا الطعن برمته يكون هو الآخر على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.