مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 67

(6)
جلسة 1 من نوفمبر سنة 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأستاذة المستشارين/ يحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة. - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4441 لسنة 41 قضائية عليا:

قرار إدارى - ما يعد قراراً إدارياً - مطالبة جهة الإدارة ٍأو التنبيه بالدفع لمبالغ تدعى استحقاقها أو تحديد سعر أرض تملكها.
القرار الإدارى هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونى ابتغاء تحقيق مصلحة عامة يتغياها القانون - مطالبة جهة الإدارة أو إلزامها للغير بأداء ريع أرض أو ثمنها أو قيامها بتحديد هذا الثمن وما يستتبعه ذلك من إجراءات قانونية قد تتخذها فى حالة عدم أداء الريع أو الثمن هو تعبير عن إرادتها بما لها من سلطة بقصد إحداث أثر أو تحديد مركز فى شأن من يريد تملك أرض تعد من أملاك الدولة الخاصة - أثر ذلك - أن المطالبة أو التنبيه بالدفع لمبالغ تدعى الدولة استحقاقها لها أو تحديدها لسعر أرض هى تملكها يعد قراراً إدارياً - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 29/ 7/ 1995 أودع الأستاذ/ مختار السعيد المحامى بالنقض وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 4441 لسنة 41 ق عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 29/ 5/ 1995 فى الدعوى رقم 2572 لسنة 44 ق والقاضى منطوقة "برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائيًا، وباختصاصها، وبقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعًا وألزمت المدعى المصاريف".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات وجرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 4/ 2/ 2002 وجرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر ولم يحضر الطاعن رغم إخطاره، وبجلسة 3/ 2/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 29/ 3/ 2003، حيث جرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر ولم يحضر الطاعن رغم إخطاره وبجلسة 3/ 5/ 2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 1/ 11/ 2003 ومذكرات فى شهر.
وخلال الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقة لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 12/ 7/ 1990 أقام الطاعن - مدعى أصلاً - الدعوى 2572 لسنة 44 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظة مطروح فيما تضمنه من اعتماد أسعار الأراضى بمنطقة الأبيض بمطروح وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر شرحاً لذلك أنه يحوز مساحة من الأرض المملوكة للدولة بناحية الأبيض بمحافظة مطروح وتقدم بطلب لشرائها عملاً بأحكام قرار محافظ مطروح رقم 78 لسنة 1985 إلا أن المحافظ اعتمد سعر الأرض وفقاً لتقدير اللجنة العليا لتثمين الأراضى بالأبيض رغم المغالاة فى هذا السعر، خاصة أنه قد سبق تقدير أسعار أدنى لقطع أراضٍ أخرى مماثلة مما يخل بمبدأ المساواة.
وتداول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 29/ 5/ 1995 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى.
وشيدت المحكمة قضاءها تأسيساً على أن الدعوى موجهة ضد القرار الإدارى الصادر من محافظ مطروح باعتماد ما انتهت إليه إحدى اللجان الإدارية فى شأن تثمين قطعة أرض، فإن النعى على هذا القرار والطعن عليه يدخل فى ولاية القضاء الإدارى ما دامت المنازعة تدور حول طلب إلغاء قرار إدارى نهائى عملاً بقانون مجلس الدولة، وأن تقدير الجهة الإدارية لثمن قطعة أرض من أملاكها الخاصة توطئة للتصرف فيها بالبيع لواضع اليد بالممارسة هو من إطلاقات السلطة التقديرية للجنة الإدارية التى يكون لها وحدها تقدير قيمة أراضيها وليس بلازم أن تتساوى أثمان كافة الأراضى فى الناحية أو المدينة الواحدة فى تاريخ أو تواريخ محددة أو مختلفة إذا يختلف الثمن باختلاف الموقع والمرافق والخدمات والزمن أيضًا، وما دام تثمين الأرض موضوع الدعوى قد تم وفقاً للضوابط المقررة قانوناً فإن المدعى بالخيار بين ممارسة الجهة الإدارية لشراء الأرض أو الانصراف عنها، فمن ثم فإن القرار المطعون فيه بالموافقة على الثمن الذى انتهت إليه اللجنة العليا للتثمين يكون فى إطار السلطة التقديرية للجهة الإدارية ولا يعقب القضاء على ما تراه الجهة الإدارية ثمناً للأراضى ملكها ويكون الطعن على هذا القرار على غير أساس جديراً بالرفض.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن أقام طعنه ناعياً على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
1 - أن المنازعة الماثلة ليست بصدد قرار إدارى وأن مجرد موافقة محافظة مطروح على السعر الذى حددته اللجنة العليا لتثمين أراضى الحائزين ليس قراراً إدارياً لا بشكله ولا مضمونه، وكان حرياً بالمحكمة أن تتصدى لاختصاصها الولائى بنظر الدعوى.
2 - أن موافقة المحافظ على الثمن الذى حددته اللجنة العليا المذكورة اعتبرتها المحكمة قراراً إدارياً جرى الطعن عليه وأدمجت المحكمة هذه الموافقة فى القرار رقم 78 لسنة 1985 الخاص بتسوية أوضاع الحائزين والذى لم يكن محلاً للمنازعة رغم أنه منبت الصلة عن تلك الموافقة باعتبارها إجراءً تكميلياً للقرار رقم 78 لسنة 1985 وتلك نتيجة غير صحيحة.
3 - أخرجت المحكمة جهة الإدارة فى مباشرتها لأعمالها فى مجال تثمين الأراضى التى تمتلكها ملكية خاصة من رقابة القضاء، وأن محافظ مطروح قد اعتمد قرار لجنة تثمين الأراضى بعد يومين فقط من صدوره بما يتنافى مع ما يجب أن تكون عليه أعمال الإدارة من تَرَوٍ وأناة وبحث وتداول بين المختصين، وأن عدم مراعاة اللجنة للعناصر الأساسية فى تثمين الأراضى بمراعاة سعر المثل وحق الحائز وتاريخ حيازته فى التملك يشكل حالة من حالات الإهمال الإدارى يصم عمل اللجنة بالبطلان وينسحب أيضًا على موافقة المحافظ.
ومن حيث إن القرار الإدارى هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونى ابتغاء تحقيق مصلحة عامة يتغياها القانون، ولا شك أن مطالبة جهة الإدارة أو إلزامها للغير بأداء ريع أرض أو ثمنها أو قيامها بتحديد هذا الثمن وما يستتبعه ذلك من إجراءات قانونية قد تتخذها فى حالة عدم أداء الريع أو الثمن هو تعبير عن إرادة جهة الإدارية بما لها من سلطة بقصد إحداث أثر أو تحديد مركز فى شأن المدعى باعتباره يريد تملك أرض تعد من أملاك الدولة الخاصة، وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن المطالبة أو التنبيه بالدفع لمبالغ تدعى الدولة استحقاقها لها أو تحديدها لسعر أرض هى تملكها يعد قراراً إدارياً ومن ثم يعد الدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الدعوى غير قائمة على أساس من القانون.
ومن حيث إن المادة (28) من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 تنص على أنه "يجوز للمحافظ بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة، وفى حدود القواعد العامة التى يضعها مجلس الوزراء، أن يقرر قواعد التصرف فى الأراضى المعدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية فى نطاق المحافظة...".
ومن حيث إنه تنفيذاً لما تقدم أصدر محافظ مطروح قراره رقم 78 لسنة 1985 ونص فى مادته الأولى على أن "تسوى أوضاع الحائزين للأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة بالقواعد الآتية.....".
وتنص المادة الثالثة على أن "تختص لجنة بحث طلبات الشراء بالآتى:
( أ ) مراجعة البيانات الواردة بطلبات الشراء للتأكد من صحتها.
(ب) إجراء المعاينة المبدئية للقطعة موضوع الطل وتحديد مساحتها وحدودها والمنشآت المقامة عليها، وتقدم تقريراً بذلك عن كل طلب بالتوصية اللازمة بقبول أو رفض الطلب مع بيان الأسباب للسيد رئيس مجلس المدينة للاعتماد".
وتنص المادة الرابعة على "أن تحال طلبات الشراء متضمنة رأى اللجنة إلى قسم الأملاك الأميرية بمديرية الإسكان لاستكمال إجراءات تعلية القطعة وتقديمها للجان المختصة لتحديد السعر طبقاً للقواعد المعمول بها واعتماد السعر".
وتنص المادة السادسة على "أن يكون أداء الثمن على النحو التالى: يسدد طلب الشراء بعد الموافقة على طلبه دفعة مقدمة قدرها خمسة وعشرون فى المائة من السعر الكلى للقطعة طبقاً لتقدير اللجنة العليا...".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن اللجنة العليا قد قدرت ثمن المتر من الأرض التى تقع بها أرض النزاع بمبلغ 18 جنيهًا للقطعة الأولى مساحة 6710 م2 ومبلغ 20 جنيهًا للقطعة الثانية مساحة 4950 م2، ثم أتبع ذلك موافقة محافظ مطروح على التقدير بتاريخ 20/ 3/ 1990، فمن ثَمَّ يكون تقدير الثمن قدم تم بمراعاة القواعد والإجراءات المقررة بقرار محافظ مطروح رقم 78 لسنة 1985 الذى صدر استناداً إلى القواعد القانونية الخاصة بالتصرف فى أراضى الدولة المملوكة ملكية خاصة، ولم يثبت من الأوراق انحراف جهة الإدارة فى استعمال سلطتها فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن للجهة الإدارية سلطة تقدير ثمن الأراضى التى تمتلكها وقت التصرف فيها وفى حدود القواعد العامة المجرد التى وضعتها، لذا فإنه لا يكون للطاعن سند فى منازعته لهذا التقدير:
وإذا ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فلا مطعن على قضائه ويكون الطعن عليه جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعن المصروفات.