مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 96

(10)
جلسة 18 من نوفمبر سنة 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأستاذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله، ومنير صدقى يوسف خليل، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى، وحسن سلامة أحمد محمود - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمود ميزار حسن - مفوض الدولة
وحضور السيد/ جمال طه المهدى - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4234 لسنة 47 قضائية. عليا:

عقد إدارى - عقد التوريدات والتركيب - حساب غرامة التأخير.
المادة (26) من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983.
المادة (92) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983.
المشرع فرَّق عند فرضه لغرامة التأخير بين عقود المقاولات والأشغال العامة وبين عقود التوريد، فقرر أن الحد الأقصى لعقود المقاولات لا يجاوز 15% و4% بالنسبة لعقود التوريد - لم يرد تحديد لنسبة معينة لعقود التوريد والتركيب والتى تجمع بين صفة توريد الأصناف ثم القيام بتركيب ما تم توريده بما يستتبع تطبيق أحكام متباينة على أجزاء العقد بحسب طبيعتها فيسرى فى شأن كل منها ما ينطبق عليه من أحكام - إذا كان من غير الممكن فصل أجزاء العقد عن بعضها كأن يختلط التوريد بالمقاولة بحيث لا يمكن فصل أى منهما، فلا مناص فى هذه الحالة من تغليب أحدهما على الآخر بحسب أهميته ومقداره بالنسبة للعملية محل التعاقد بمراعاة الصفة الغالبة فى العملية كمعيار لتطبيق الأحكام بنوع العقد ذى الصفة الغالبة ليسرى على كافة العملية - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء 31/ 1/ 2001 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم المشار إليه، فى حكم محكمة القضاء الإدارى - الدائرة السادسة - الصادر بجلسة 3/ 12/ 2000 فى الدعوى رقم 5892 لسنة 52 ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته - لأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن فى صرف مستحقاته على أساس أن تكون غرامة التأخير بالنسبة لأعمال التوريد 4% من قيمة هذه الأعمال وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً وبأحقية الطاعن فى استرداد ما تم استقطاعه من مبالغ خصماً من مستحقات الشركة التى يمثلها تحت حساب غرامة التأخير بالزيادة على نسبة 4% من قيمة الأصناف والأعمال محل التعاقد وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الثالثة فحص طعون جلسة 2/ 1/ 2002 وتداول نظره أمامها إلى أن قررت بجلسة 16/ 10/ 2002 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع لنظره بجلسة 6/ 5/ 2003 وتم تقصير لجلسة 11/ 2/ 2003 وتدوول أمام المحكمة إلى أن قررت بجلسة 24/ 6/ 2003 إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 12/ 5/ 1998 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 5892 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المطعون ضده بصفته، طلب فيها الحكم باسترداد قيمة غرامة التأخير التى خصمت من مستحقاته عن عمليات توريد وتركيب لوحة ضغط منخفض وقدرها 45603.24 جنيهًا (فقط خمسة وأربعون ألفًا وستمائة وثلاثة جنيهات وأربعة وعشرون قرشاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 18/ 6/ 1995 صدر له أمر توريد رقم 29 من الهيئة العامة للصرف الصحى بالقاهرة لتوريد وتركيب لوحة ضغط منخفض لمحطة مجارى الصداقة اليابانية وعدد 2 كشك محولات كاملة، ولوحة توزيع ضغط منخفض لمحطة مجارى الدويقة، وذلك نظير قيمة إجمالية قدرها 304026.25 جنيهًا، وقد تضمن عقد التوريد تحديد مدة لتنفيذ العملية من 4 إلى 6 شهور تبدأ من 11/ 12/ 1995 وتنتهى فى 11/ 6/ 1996، وقامت الشركة بالوفاء بالتزاماتها الموضحة بأمر التوريد وكراسة الشروط والمواصفات، حيث تم تشوين المهمات بموجب محضر التشوين المؤرخ 2/ 6/ 1996 أى قبل انتهاء المدة بحوالى عشرة أيام وبمطالبة الهيئة بديون الشركة ومستحقاتها فوجئت بتوقيع غرامة تأخير قدرها 45603.24 جنيهاً رغم قيام الشركة بتنفيذ التزاماتها فى المواعيد المقررة وتوريد اللوحات من إنتاج الشركة التى حددتها الجهة الإدارية، فضلاً عن قيام الشركة المنتجة (تيبكو) بإجراء الاختبارات على المنتج المورد لحساب الهيئة طبقاً لجدولها الزمنى، وأن تأخير شركة الكهرباء عن إيصال التيار للاستفادة من اللوحات هى مسئولية الهيئة ولا يد للشركة فى ذلك فلا يقع ضمن مسئولياتها طبقاً للعقد إجراء الاتصالات أو إلزام أطراف خارج العقد بإجراء أعمال لاحقة لعملية التشوين للبضائع الموردة وبالتالى فلا تلتزم الشركة الموردة بتوصيل الكهرباء إلى الموقع المزمع تسليمه إلى الجهة المستفيدة، وإنما يدخل فى مسئولية الهيئة التعاقد مع شركة الكهرباء لإمدادها بالكابلات الكهربائية والعمل على إطلاق التيار الكهربائى فى اللوحات والأكشاك والمحولات التى قامت الشركة المدعية بتركيبها ومن ثم فلا مسئولية على الشركة عن أى تأخير بسبب إطلاق التيار الكهربائى، فضلاً عن أن العقد المبرم مع الجهة الإدارية هو عقد توريد وليس عقد مقاولة ومن ثم فإن نسبة الغرامة المقررة على عقود التوريد هى 3% من قيمة العقد طبقًا للقانون رقم 89 لسنة 1998 وليس بنسبة 15% التى طبقتها الجهة الإدارية فتكون قيمة الغرامة بفرض صحتها 9120.79 جنيهاً بدلاً من المبلغ المحتجز لدى الهيئة وقدره 50603.24 جنيهاً مما يتعين معه رد الفرق إلى الشركة المدعية.
وبجلسة 3/ 12/ 2000 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الشركة المدعية المصروفات وشيدت قضائها على أن الهيئة المدعى عليها أسندت للشركة المدعية عملية توريد وتركيب لوحة ضغط منخفض لمحطة مجارى الصداقة اليابانية وعدد 2 كشك محولات ولوحة ضغط لمحطة الدويقة وقد ورد بالبند الثانى من العقد التزام الشركة بالانتهاء من تنفيذ الأعمال فى خلال الفترة من أربعة على ستة أشهر من تاريخ استلام الدفعة المقدمة والرسوم الهندسية المعتمدة والموقع خالٍ من الموانع ولما كانت الشركة قد استلمت الدفعة المقدمة فى 28/ 8/ 1995 والموقع فى 29/ 8/ 1995 والرسومات الهندسية فى 11/ 12/ 1995 ومن ثم كان يتعين على الشركة المذكورة الانتهاء من تنفيذ الأعمال وتسليمها للهيئة فى موعد غايتها 10/ 6/ 1996ب إلا أنها تأخرت وقامت بتسليم محطة الصداقة الياباينة فى 12/ 10/ 1996 ومحطة الدويقة فى 28/ 12/ 1996 وقد خلت الأوراق مما يفيد أن تأخير الشركة يرجع إلى قوة قاهرة أو لإخلال الجهة الإدارية بالتزاماتها، وإذ قامت الهيئة بتوقيع غرامة تأخير على الشركة لتأخيرها عن المدة المحددة فى العقد فإن ما سلكته فى هذا الشأن يتفق وصحيح حكم القانون وتقضى الدعوى الماثلة بأن لا سند لها من القانون مما يتعين القضاء برفضها، ولا ينال من ذلك ما دفعت به الشركة من أن التأخير يرجع إلى تأخير شركة توزيع الكهرباء فى توصيل التيار الكهربائى المطلوب فهذا مردود عليه بأن العقد وكراسة شروط العملية خلت من نص يلزم الهيئة بتوفير مصدر التيار الكهربائى المطلوب للعملية أو مساعدة الشركة والتعاون معها لدى شركة توزيع الكهرباء لتوصيل التيار الكهربائى المطلوب وإنما نص فى العقد على التزام الشركة بالانتهاء من الأعمال فى موعد غايته 10/ 6/ 1995 وبالتالى كان يتعين على الشركة اتخاذ المطلوب لدى شركة توزيع الكهرباء لتوصيل التيار الكهربائى المطلوب للعملية لتصبح صالحة للتشغيل فى الميعاد المحدد لاستلامها باعتبار أن توصيل التيار الكهربائى اللازم للعملية هو التزام يقع على عاتق الشركة المدعية ولا يوجد ثمة التزام بذلك على الهيئة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون أخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها: أن العقد المبرم مع الهيئة هو فى طبيعته عقد توريد وليس عقد مقاولة وإن كان قد تضمَّمن توريد وتركيب للعملية المشار إليها إلا أن العبرة بالصفة الغالبة وهى التوريد ومن ثم تكون نسبة غرامة التأخير هى 4% الخاصة بعقود التوريد وليس بنسبة 15% الخاصة بعقود المقاولات.
ومن حيث إن المادة (26) من قانون تنظيم المناقصات والمزيدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 - والمطبق فى الحالة الماثلة - تنص على أنه "إذا تأخر المتعاقد فى تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له جاز للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لإتمام التنفيذ على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير بالنسب وطبقًا للأسس وفى الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية وينص عليها فى العقد بحيث لا يجاوز مجموعة الغرامة 15% بالنسبة لعقود المقاولات و4% بالنسبة لعقود التوريد.....".
وتنص المادة 92 من اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 على أنه "إذا تأخر المتعهد فى توريد كل الكمية المطلوبة أو جزء منها فى الميعاد المحدد بالعقد، ويدخل فى ذلك الأصناف المرفوضة فيجوز للسلطة المختصة بالاعتماد إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاؤه مهلة إضافية للتوريد على أن توقع عليه غرامة قدرها 1% عن كل أسبوع تأخير أو جزء من أسبوع من قيمة الكمية التى يكون المتعهد قد تأخر فى توريدها بحدق أقصى 4%من قيمة الأصناف المذكورة...".
ويبين مما تقدم أن المشرع فرَّق عند فرضه لغرامة التأخير بين عقود المقاولات والأشغال العامة وبين عقود التوريد، فقرر أن الحد الأقصى لعقود المقاولات لا يجاوز 15% و4% بالنسبة لعقود التوريد – ومن ثم فلم يرد تحديد نسبة معينة لعقود التوريد والتركيب والتى تجمع بين صفة توريد الأصناف ثم القيام بتركيب ما تم توريده بما يستتبع تطبيق أحكام متباينة على أجزاء العقد بحسب طبيعتها فيسرى فى شأن كل منها ما ينطبق عليه من أحكام – إلا أنه إذا كان من غير الممكن فصل أجزاء العقد عن بعضها كأن يختلط التوريد بالمقاولة بحيث لا يمكن فصل أى منهما، فلا مناص فى هذه الحالة من تغليب أحدهما على الآخر بحسب أهميته ومقداره بالنسبة للعملية محل التعاقد بمراعاة الصفة الغالبة كمعيار لتطبيق الأحكام الخاصة بنوع العقد ذى الصفة الغالبة ليسرى على كافة العملية.
ولما كان الثابت أن الجهة المتعاقدة قد أصدرت أمر توريد رقم 29 بتاريخ 18/ 6/ 1995 إلى شركة بيرام للهندسة والتجارة لتوريد وتركيب لوحة ضغط منخفض لمحطة مجارى الصداقة اليابانية وعدد (2) كشك محولات، ولوحة ضغط لمحطة الدويقة نظير مبلغ 304026.45 جنيهاً على أن يتم التنفيذ فى مدة ستة أشهر من تاريخ استلام الشركة للرسومات الهندسية، وقد تسلمت الشركة تلك الرسومات بتاريخ 11/ 12/ 1995 وبالتالى تبدأ مدة التنفيذ فى 11/ 12/ 1995 وتنتهى فى 11/ 6/ 1996، وإلا أن الشركة تأخرت فى التنفيذ وقامت بتسليم محطة الصداقة اليابانية فى 12/ 10/ 1996 ومحطة الدوقة فى 28/ 12/ 1996 فقامت الهيئة العامة للصرف الصحى الجهة المتعاقدة بخصم قيمة غرامة تأخير من مستحقات الشركة بمبلغ 45603.24 جنيهاً محسوبة بنسبة 15% من قيمة العملية.
ومن حيث إنه بالاطلاع على أمر التوريد وكشوف الأسعار المرفقة به والعقد المبرم بين الجهة الإدارية والشركة المتعاقدة يبين أن قيمة الأصناف المطلوب توريدها شاملاً اللوحات ومواقع التيار ومحولات التيار وأجهزة الوقاية والقياس والتوصيلات الأرضية إنما تربو فى قيمتها وأهميتها على قيمة الأعمال المتعلقة بالتركيب والتى انحصرت فى تركيب تلك الأصناف بعد فك التجهيزات القديمة وعمل بئر أرضى لكل محطة، فإن العملية محل التعاقد هى عملية مركبة يصعب فصل أجزائها عن بعضها باعتبار أن محلها تسليم التجهيزات المشار إليها بعد تركيبها بعد إجراء التجارب عليها لتكون صالحة للاستخدام، ولما كانت الصفة الغالبة لهذه العملية هى التوريد فإن أحكامه هى التى تسرى على هذا العقد فيما يتعلق بغرامة التأخير المستحقة للجهة الإدارية بواقع 4% من قيمة الأصناف والأعمال المتعاقد عليها، وإذا قامت الهيئة المتعاقد بفرض غرام تأخير بواقع 15% من إجمالى قيمة العملية فإن ذلك يخالف صحيح حكم القانون مما يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من رفض الدعوى والقضاء مجدداً للشركة الطاعنة باسترداد ما تم استقطاعه منها من مبالغ تحت حساب غرامة التأخير تجاوز نسبة 4% من قيمة العملية.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى إلى الطاعن بصفته قيمة ما خصم منه من غرامة التأخير بنسب تزيد على 4% من قيمة العملية، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتى التقاضى.