مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 111

(12)
جلسة 22 من نوفمبر سنة 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود. - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كما نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعنان رقما 4855/ 4964 لسنة 42 قضائية. عليا:

تأميم - التعويض عن التأميم - أثر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النص على نهائية قرارات لجان التقويم.
صدور القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت والقانون 134 لسنة 1964 بتقرير تعويض إجمالى لأصحاب المنشآت المؤممة لا يتجاوز خمسة عشر ألف جنيه، يشكلان مانعاً قانونياً يتعذر معه على أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة المطالبة بحقوقهم طعناً على قرار لجان التقويم أو المطالبة بقيمة التعويضات التى تجاوز خمسة عشر ألف جنيه - المشرع أصدر القانون رقم 81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة العليا وناط بها الاختصاص بالفصل فى دستورية القوانين - قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 16 لسنة 1 ق دستورية بجلسة 30/ 4/ 1983 بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنه من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن - كما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها فى القضية رقم 1 لسنة 1 ق دستورية بجلسة 2/ 3/ 1985 بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب أسهم رؤوس أموال الشركات والمنشآت التى آلت ملكيتها للدولة تعويضاً إجمالياً - الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة، الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعى كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة - أثر ذلك لا وجه للقول بسقوط الحق فى المطالبة بالتعويض بمضى خمس عشرة سنة لعدم مضى هذه المدة منذ بدء عمل المحكمة العليا بالرقابة على دستورية القوانين وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر - يترتب على ذلك أن الحق المطالب به لم ينقضِ بالتقادم قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا، وبالتالى يسرى بشأنه مجال إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الخميس الموافق 20/ 6/ 1996 أودع الأستاذ/ بدوى عبد العليم سيد المحامى بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 4855 لسنة 42 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى "دائرة العقود الإدارية والتعويضات" فى الدعوى رقم 4736 لسنة 40 ق بجلسة 5/ 5/ 1996 والقاضى منطوقه:
أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانياً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول لرفعها على غير ذى صفة.
ثالثاً: برفض الدفع بسقوط الحق المطالب به بالتقادم.
رابعاً: بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا للمدعى مبلغاً مقداره 40387 جنيهاً - أربعون ألفاً وثلاثمائة وسبعة وثمانون جنيهًا - والفوائد القانونية المقررة بواقع 4% سنوياً من عام 1973 وحتى تمام الوفاء والمصروفات.
وقد انتهى تقرير الطعن - لأسباب الواردة به - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه والحكم مجدداً برفض الدعوى المطعون فى حكمها مع إلزام المطعون ضدهم المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وفى يوم الخميس الموافق 27/ 6/ 1996 أودع الأستاذ/ عبد السلام رمضان عميرة، المحامى بصفته وكيلاً عن الشركة الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن فى الحكم ذاته قيد بجدولها العام تحت رقم 4964 لسنة 42 ق. عليا.
وطلبت الشركة الطاعنة - للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزامها - بالتضامن مع الآخرين - (باقى المطعون ضدهم الثلاثة الآخرين) بأداء المبلغ المقضى به وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم إعلان تقريرى الطعنين على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعًا، مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وبجلسة 21/ 2/ 2000 نُظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وبجلسة 17/ 7/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى - موضوع وحدات لنظرهما أمام جلسة 29/ 10/ 2000، وبعد تداولهما بالجلسات على النحو الموضح بمحاضرها قررت المحكمة بجلسة 14/ 6/ 2003 إصدار الحكم بجلسة 22/ 11/ 2003 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن مورث المطعون ضدهم الأول أقام الدعوى رقم 4736 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإدارى "دائرة العقود الإدارية والتعويضات" بموجب عريضة أودعها قلم كتابها بتاريخ 21/ 7/ 1986 طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة التقويم التى قامت بتقويم منشأة مصنع كبريت الشوربجى المؤممة تأميماً كلياً طبقاً لقرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 وبندب من ترى المحكمة ندبه من الخبراء المختصين لإعادة تقويم هذه المنشأة على أساس قيمتها الحقيقية وقت التأميم طبقاً للأصول المحاسبية السليمة، مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعى تعويضًا نقديًا عن قيمتها الحقيقية التى تنتهى إليها المحكمة، والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ التأميم حتى تاريخ السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - على سند من القول إنه يمتلك منشأة مصنع كبريت الشوربجى وتم تأميم هذه المنشأة بالقرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 - وطبقاً للمادة الثالثة من هذا القانون تم تشكيل لجنة لتقويم هذه المنشأة انتهت إلى تقدير صافى قيمتها بمبلغ 69206.721 جنيهاً، وبتاريخ 24/ 3/ 1964 نشر القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 ناصاً فى مادته الأولى على أن يعوض أصحاب الشركات المؤممة تعويضاً إجمالياً مقداره خمسة عشر ألف جنيه ما لم يكن مجموع ما يمتلكه صاحب الشركة فيها أقل من ذلك فيعوض عنه بمقدار هذا المجموع فى حين أنه يمتلك أسهماً أخرى فى شركة الشروبجى للغزل والنسيج والتريكو أصابها بدورها التأميم وقيمتها تجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه فى القانون رقم 134 لسنة 1964 - وبذلك لم يتقاضَ شيئاً من قيمة المنشأة المؤممة موضوع النزاع.
فضلاً عن أنه لم يتم تقويم هذه المنشأة طبقاً للقواعد المحاسبية السليمة، كما لم يتم تقويم بعض الأصول غير الظاهرة فى الميزانية وعلى الأخص عنصر الشهرة مما أدى إلى تقدير قيمة المنشأة التى يمتلكها بمبلغ مقداره 69206.721 جنيهاً وهو تقدير بخس لا يوازى قيمة عناصر الأصول ذلك أن مساحة الأرض المقامة عليها المنشأة بناحية إمبابة تبلغ خمسة أفدنة ومقام عليها مبانٍ للمصنع والمكاتب والمخازن على مساحة حوالى 2000 متر مربع فضلاً عن قيمة الآلات التى تجاوز مئات الآلاف من الجنيهات وقيمة الشهرة بالنسبة لمنشأة ناجحة وكلها أمور أغفلت تماماً عند التقويم وهو ما يصم قرار لجنة التقويم بمخالفة القانون مما يحق له الطعن فى هذا القرار طالباً إلغاءه وما يترتب على ذلك من آثار أهمها إعادة التقويم على أسس سليمة تكفل له الحصول على حقوقه المشروعة، حيث إنه وإن كانت المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 قد نصت على أن قرارات لجنة التقويم تكون نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن إلا أن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم 16 لسنة 1 ق بجلسة 30/ 4/ 1983 إلى عدم دستورية هذا النص ومن ثَمَّ يصبح حق الطعن فى قرارات التقويم طليقًا من أى قيد. كما انتهت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم 1 لسنة 1 ق بجلسة 2/ 3/ 1985 إلى عدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964، الأمر الذى يحق معه للمدعى الحصول على تعويض عن كافة أمواله المؤممة بغير حد أقصى وعلى أساس قيمتها الحقيقية وقت التأميم وفقًا لأحكام القوانين التى أممت أمواله بمقتضاها ولما كانت المادة الثانية من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 قد نصت على أن يكون التعويض فى صورة سندات على الدولة لمدة خمسة عشرة سنة بفائدة 4% سنوياً وكانت مدة استهلاك هذه السندات قد انقضت فإنه يكون من حقه الحصول على التعويض نقداً على أساس القيمة الحقيقية لمنشآته المؤممة مضافاً إليه فائدة سنوية بواقع 4% من تاريخ التأميم حتى السداد باعتبار أنه لم يحصل على هذا التعويض تطبيقاً لأحكام القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 الذى انتهت المحكمة الدستورية العليا إلى عدم دستوريته.
وبجلسة 5/ 5/ 1996 أصدرت محكمة القضاء الإدارى الحكم المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفوع المبداة أمامها على أنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص محكمة القيم بنظرها فإن اختصاص محكمة القيم رهين بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المنصوص عليها فى المادة السابعة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة وكذلك المنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التى فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليها وهو ما تفتقده المنازعة الماثلة لتعلقها بقيمة التعويض المستحق عن التأميم، وحيث إنه بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم الثلاثة الأول (رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة ووزير المالية) فإنه لما كان الثابت أن المدعى يطلب الحكم بتعويضه عن قيمة المصنع المملوك له والذى تمم تأميمه بالقانون رقم 72 لسنة 1963 وإذ أناط المشرع فى هذا القانون بوزير الصناعة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، وكان الثابت أن وزير المالية هو الرئيس الأعلى لجهاز التصفية وعلى ذلك يكون المدعى عليهما الثانى والثالث هما صاحبا الصفة فى الدعوى الماثلة ولا يكون للمدعى عليه الأول صفة ما فى الدعوى - كما التفتت المحكمة عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد بالنسبة لطلب إلغاء قرار لجنة التقييم تأسيساً على أن طلبات المدعى الختامية اقتصرت على طلب التعويض.
وحيث إنه بالنسبة للدفع بسقوط حق المدعى فى المطالبة بالتعويض بالتقادم قالت المحكمة إنه لما كانت الواقعة المنشئة للتعويض هى القانون رقم 72 لسنة 1963 وإذ أصدر المشرع القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 المعمول به اعتباراً من 24/ 3/ 1964 مقرراً حداً أقصى للتعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة بما لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه وحيث إنه بمقتضى هذا القانون يتم استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لهم والزائدة عن هذا الحد وتجريدهم بالتالى من ملكيتها بحيث يمتنع عليهم المطالبة بحقوقهم فيما جاوز الخمسة عشر ألف جنيه ولما كان القانون رقم 134 لسنة 1964 يعتبر مانعاً قانونياً يستحيل معه المطالبة بالتعويضات التى تجاوزت خمسة عشر ألف جنيه ومن ثَمَّ فإن التقادم بالنسبة لها يكون موقوفاً منذ العمل بهذا القرار بقانون وإذا قضت المحكمة الدستورية العليات فى القضية رقم 1 لسنة 1 ق بجلسة 2/ 3/ 1985 بعدم دستوريته الأمر الذى يترتب على الحكم المشار إليه انفتاح باب المطالبة بهذه التعويضات اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم فى الجريدة الرسمية فى 21/ 3/ 1985 وعلى ذلك لا يكون الحق فى المطالبة بالتعويض قد سقط بالتقادم.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 4855 لسنة 42 ق. عليا مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الموضحة تفصيلاً بتقرير الطعن وتوجز فى الآتى:
أولاً: إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثلاثة الأول بالرغم من أن منشأة مصنع كبريت الشوربجى المؤممة موضوع النزاع ظلت محتفظة بشكلها القانونى طبقاً لأحكام القانون رقم 117 لسنة 1961 بشأن تأميم بعض الشركات والمنشآت وقد آلت أسهمها إلى شركة النيل للكبريت المدعى عليها الرابعة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء وفى صلاتها بالغير وبذلك تكون الشركة المدعى عليها الرابعة هى وحدها الملتزمة بأداء ما يكون مستحقاً لأحكام لأصحاب المنشأة المؤممة من تعويض إذا كان لهم حق.
ثانياً: إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المطعون فى حكمها شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبياناً لذلك ذكرت الجهة الإدارية الطاعنة أن المطعون ضده أقام الدعوى موضوع الطعن بطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة التقويم المشكلة طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 72 لسنة 1963 والتى نصت على أن قراراتها نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن وصدر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تلك المادة ونشر فى الجريدة الرسمية فى 19/ 5/ 1983 والذى فتح له ميعاد الطعن فى القرار المطعون فيه خلال مدة الستين يومًا التالية لتاريخ نشر ذلك الحكم إلا أنه أقام دعواه فى 21/ 7/ 1986 ومن ثَمَّ فإنها تكون غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ثالثاً: خالف الحكم المطعون فيه القانون فيما انتهى إليه من رفض الدفع بسقوط حق المطعون ضده فى المطالبة بالتعويض بالتقادم وإيضاحاً لذلك ذكرت الجهة الطاعنة أن القانون 134 لسنة 1964 والذى قدَّر تعويضًا للمطعون ضده قد نُشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 24/ 1/ 1964 وأن الدعوى المطعون فى حكمها قد أقيمت بتاريخ 21/ 7/ 1986 أى بعد مُضى أكثر من خمس عشرة سنة على صدور القانون المذكور، وعلى ذلك يكون حق المطعون ضده فى المطالبة بالتعويض قد سقط بالتقادم.
ومن حيث إن الطعن رقم 4964 لسنة 42 ق عليا أقيم على سبب وحيد يتمثل فى أن الحكم الطعين أخطأ فى تطبيق القانون حينما قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى ابتداء لرفعها على غير ذات صفة بالنسبة للشركة الطاعنة من وجهين أولها: أن أحكام القضاء استقرت على أن الدولة هى الملتزمة بكامل قيمة التعويض المقرر لأصحاب المنشآت المؤممة، والثانى أن نطاق الخصومة الماثلة قد تحدد بطلبات المطعون ضده الأول (المدعى) والتى اقتصرت على طلب التعويض عن كامل قيمة المنشأة المؤممة بموجب القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 وأن الشركة الطاعنة لم تكن طرفاً بأى شكل فى العلاقة القانونية التى تربط بين المطعون ضده الأول والدولة وعلى ذلك تكون الشركة خارج نطاق تلك الخصومة.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 4855 لسنة 42 ق. عليا فإنه لما كان هذا الطعن قد أقيم على ثلاثة دفوع: الأول: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنين لرفعها على غير ذى صفة، والثانى: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانونى، والأخير: الدفع بسقوط الحق المطالب به بالتقادم فإنه لما كان من المقرر فى قضاء مجلس الدولة أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة فى الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التى تعيبه من عدمه ولا يغل يدها فى هذا الشأن الأسباب التى بنى عليها تقرير الطعن بحسبان أن الأمر فى المنازعات الإدارية مرده إلى مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون وأن أثر ذلك أن للمحكمة سلطة تأييد الحكم المطعون فيه فى النتيجة التى انتهى إليها وأن تحيل إلى الأسباب التى أقيم عليها متى كانت تكفى لحمله ولم يكن الطاعن قد استند فى تقرير طعنه إلى أوجه دفاع جديدة فى جوهرها عن دفاعه أمام محكمة أول درجة أما إذا ما انتهت محكمة الطعن إلى أن ما قضت به المحكم المطعون فى حكمها معيب جزئياً أو كلياً فيكون من سلطتها تعديل الحكم المطعون فيه أو إلغاؤه حسب الأحوال ولما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد جاء صحيحًا فيما قضى به رفض الدفوع المثارة سالفة الذكر وبنى على أسباب كافية لحمل قضائه فى هذا الخصوص ولم تأتِ الجهة الطاعنة بأوجه دفاع جديدة يمكن إجابتها إليها ومن ثم فإن هذه المحكمة تؤيد الحكم الطعين لأسبابه وتتخذها أسباباً لها للرد على تلك الدفوع ما دام ثبت أن المحكمة المطعون فى حكمها قد التزمت صحيح حكم القانون ولم يشب قضاءها خطأ أو عوار يفسد كما أصاب الحكم الطعين فى النتيجة التى انتهى إليها بالنسبة لموضوع النزاع صحيح حكم القانون للأسباب التى قام عليها.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهبت إليه الجهة الطاعنة بمذكرة دفاعها المودعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 15/ 11/ 2001 بالنسبة للدفع المبدى فيها بسقوط حق المطعون ضدهم فى المطالبة بالتعويض بالتقادم الطويل بعد مضى مدة هذا التقادم منذ الواقعة المنشئة للتعويض وهى القانون رقم 72 لسنة 1963 قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 30/ 4/ 1983 فى القضية رقم 16 لسنة 1 ق. دستورية القاضى بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 إعمالاً لحكم المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قياسًا على الحكم الصادر من هذه المحكمة فى الطعن رقم 5430 لسنة 44 ق عليا بجلسة 8/ 7/ 2001 فيما قرره: (إنه لا وجه للقول بأن التقادم لا يسرى إلا بعد صدور الحكم بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية بحسبانه كان يشكل مانعاً قانونياً من المطالبة بهذه الرسوم إذ لم يكن هناك ما يحول ماديًا أو قانونيًا دون المطالبة بهذه الحقوق وولوج طريق الطعن بعدم دستورية القرار سالف الذكر من قبل ذوى الشأن حتى يتسنى لهم الحصول على ما يرونه حقًا لهم) فإنه لا وجه للقياس على هذا الحكم لاختلاف الوقائع بين الطعنين ذلك أن الثابت من مطالعة الأوراق أن النزاع موضوع الطعن الماثل ينصب على المطالبة بالتعويض عن قيمة مصنع كبريت الشوربجى المملوك لمورث المطعون ضدهم والذى تم تأميمه بالقرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت ناصاً فى مادته الأولى على أن (تؤمم الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون وتؤول ملكيتها إلى الدولة) وقد جاء فى هذا الجدول: المؤسسة المصرية العامة للصناعات الكيماوية:
أولاً: شركات تخضع للقانون رقم 118 و119 لسنة 1961:.....
ثانياً: شركات قطاع عام لم تخضع لقوانين التأميم.........
ثالثاً: شركات جديدة:...... مصنع كبريت الشوربجى.........
وقضت المادة الثانية بأن تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المشار إليها إلى سندات اسمية على الدولة.......
كما نصت المادة الثالثة على تشكيل لجان تختص بتحديد سعر كل سند إذا لم تكن الأسهم متداولة فى البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها ستة شهور..... وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأية وجه من أوجه الطعن...
ثم أصدر المشرع القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 المعمول به اعتباراً من 24/ 3/ 1964 ناصاً فى مادته الأولى على وضع تعويض إجمالى لأصحاب المنشآت المؤممة لا يتجاوز خمسة عشر ألف جنيه مما لا شك فيه أن نص المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 والمادة الأولى من القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 يشكلان مانعاً قانونياً يتعذر معه على أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة المطالبة بحقوقهم طعناً على قرار لجان التقويم أو المطالبة بقيمة التعويضات التى تجاوزت خمسة عشر ألف جنيه طبقاً لحكم المادة 382 من القانون المدنى وذلك قبل إنشاء القضاء الدستورى بمصر.
ومن حيث إن المشرع بتاريخ 31/ 8/ 1969 أصدر القانون رقم 81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة العليا وأناط بها الاختصاص بالفصل فى دستورية القوانين وبتاريخ 25/ 8/ 1970 صدر القانون رقم 66 لسنة 1970 بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا والمعمول به اعتباراً من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية فى 27/ 8/ 1970 ونص فى المادة 31 منه على وجوب نشر الأحكام الصادرة من المحكمة العليا فى الجريدة الرسمية وتكون هذه الأحكام ملزمة لجميع جهات القضاء ثم صدر الدستور سنة 1971 متضمناً فصلاً خاصاً بالمحكمة الدستورية العليا وهو الفصل الخامس من الباب الخامس الخاص بنظام الحكم ونفاذًا لأحكام الدستور أصدر المشرع بتاريخ 29/ 8/ 1979 القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا والمعمول به اعتباراً من 21/ 9/ 1979 نفاذاً لحكم المادة العاشرة من مواد إصداره.
ومن حيث إن واقعًا قانونيًا قد تكشف منشؤه وقوامه الحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 16 لسنة 1 ق دستورية بجلسة 30/ 4/ 1983 بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنه من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن. كما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها فى القضية رقم 1 لسنة 1 ق دستورية بجلسة 2/ 3/ 1985 بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب أسهم رؤوس أموال الشركات والمنشآت التى آلت ملكيتها إلى الدولة وفقاً لأحكام القوانين أرقام 117 و118 و119 لسنة 1961 والقوانين التالية لها تعويضاً إجمالياً.
ومتى كان ذلك وكان الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة إذ هى لا تستحدث جديداً ولا تنشئ مراكز أو أوضاعاً لم تكن موجودة من قبل، بل إنها تكشف عن حكم الدستور أو القانون الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعى كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة، فضلاً عن أن نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا قضى بعدم جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية فى الجريدة الرسمية ومن ثم بات متعيناً على قاضى الموضوع إعمالاً لهذا النص ألا ينزل حكم القانون المقضى بعدم دستوريته على المنازعة المطروحة عليه.
ومن حيث إنه بالترتيب على ما نشأ من واقع قانونى كشف عن حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه فإنه لا وجه للقول بسقوط حق المطعون ضدهم فى المطالبة بالتعويض بمضى خمسة عشر سنة لعدم مضى هذه المدة منذ بدء عمل المحكمة العليا بالرقابة على دستورية القوانين نفاذاً لأحكام القانون رقم 81 لسنة 1969 بإنشائها والقانون رقم 66 لسنة 1970 المشار إليهما سلفاً وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر بجلسة 30/ 4/ 1983 وبحسبان أن هذا الحكم ملزم لجميع جهات القضاء ومن ثَمَّ فإن الحق المطالب به لم ينقض بالتقادم قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا وبالتالى يسرى بشأنه مجال إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 4964 لسنة 42 ق عليا المقام من شركة النيل للكبريت والمساكن الجاهزة والذى أقيم على الدفع بعدم قبول الدعوى محل الطعن الماثل شكلاً بالنسبة للشركة الطاعنة لرفعها على غير ذى صفة فإنه مردود عليه بأنه من المبادئ الأساسية فى النظام القضائى وجوب أن تتم الإجراءات فى الدعوى فى مواجهة الخصوم ويقصد بالخصوم المدعى وهو الطرف الأول الذى يقيم الدعوى مفتتحاً بذلك الخصومة التى تنشأ بها علاقة قانونية ينبه المدعى عليه باعتدائه على الحق أو إنكاره للمركز القانونى أو ارتكابه الخطأ محل المطالبة بالتعويض سواء أكان سند المطالبة نص فى القانون أم الفقه فإذا ما صدر الحكم فى الدعوى قصد بنطاقها من حيث الموضوع والأسباب والأطراف انصرفت إليه آثار الحكم وكان حجة عليهم بما قضى به لذا يشترط أن ترفع الدعوى من ذى صفة على ذى صفة وبالنسبة لصفة المدعى عليه فلا تقبل الدعوى إذا لم يكن له شأن بالنزاع وفى هذا المجال فإن دائرة الاختصام قد تمتد لتشمل من تربطهم علاقة بموضوع الخصومة حتى يصدر الحكم فى مواجهتهم تفاديًا للآثار المترتبة على الحجية النسبية للأحكام وهؤلاء يكون اختصامهم تبعاً وليس أصلاً بحسبانهم غير المعنيين بالخصومة أصلاً ولا تنعقد بهم الخصومة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان مؤدى نصى المادتين الثانية والرابعة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 أن الدولة ممثلة فى وزارة المالية هى الملتزمة بسداد قيمة التعويض المقرر لأصحاب المنشآت المؤممة، وأن مؤدى نص المواد 3 و5 و6 و9 من القانون المذكور أن وزير الصناعة هو المختص بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون وإذ ثبت أن المدعى اختصم فى دعواه موضوع الطعن الماثل هذين الخصمين الأصليين كما اختصم الشركة الطاعنة لكونها آلت إليها المنشأة المؤممة.
ومن ثم يجوز أن يمتد نطاق الاختصام إلى تلك الشركة تبعاً وليس أصلاً وبالتالى يكون هذا الدفع فى غير محله جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه فى محله ولا مخالفة فيما قضى به للقانون فى شيء ولذلك يكون كل طعن من الطعنين المذكورين عليه غير صحيح ويتعين رفضهما موضوعًا.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعنين رقمى 4855 و4964 لسنة 42 ق. عليا شكلاً، وبرفضهما موضوعًا، وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.