مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 124

(13)
جلسة 22 من نوفمبر سنة 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد. - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو - نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعون أرقام 7961 و8324 و8531 لسنة 45 قضائية. عليا:

أملاك الدولة الخاصة - التصرف فيها - البيع لواضع اليد - حكمه - حقيقة الوعد بالتعاقد.
القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، والقانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية، والقانون رقم 7 لسنة 1991 فى شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة.
المشرع قد نظم إجراءات وقواعد إدارة أملاك الدولة الخاصة واستغلالها وكيفية التصرف فيها سواء بالبيع أو الإيجار أو التوزيع أو غيرها من الوسائل، كما أحاط هذه الأملاك بسياج قوى من الحماية القانونية يضمن عدم التعدى عليها أو غصبها إذ حظر على أى شخص طبيعى أو معنوى أو يحوز أو يضع يده بأية صفة كانت على العقارات الداخلة فى ملكية الدولة الخاصة إلا وفقاً لأحكام هذه القوانين - وضع اليد على أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة، يجب أن يستوى على سند من القانون يدرأ عنه صفة التعدى بأن يخول صاحبه حق بسط يده عليها أو حيازته لها مثل عقد بيع ولو ابتدائى أو عقد إيجار بها وإلا شكل وضع اليد تعدياً عليها حق إزالته إدارياً - لا يكفى لقيام هذا السند القانونى لوضع اليد المشروع مجرد وجود إرهاصات تعاقد أو اتخاذ إجراءات ممهدة له من قبل أن تتوج بعقد يخول وضع اليد حتى ولو شكلت هذه المقدمات وعداً بالتعاقد - الوعد بالتعاقد لا يقوم مقام العقد الموعود بإبرامه إلا بمقتضى حكم حائز لقوة الشيء المقضى به - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأحد الموافق 22 من أغسطس سنة 1999 أودع الأستاذ/ أبو سريع محمد حسن المحامى نائباً عن الأستاذ الدكتور/ يحيى الجمل المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد بجدولها برقم 7961 لسنة 45 قضائية عليا - فى الحكم المشار إليه بعاليه والقاضى فى منطوقة أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إدخال أرض المدعى ضمن الأراضى المنصوص عليها فى هذا القرار وألزمت جهة الإدارة مصاريف هذا الطلب وإحالة الشق الموضوعى من الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيه.
وطلبت الشركة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً.
أصلياً أولاً: بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية للاختصاص.
وأصلياً ثانياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً.
واحتياطياً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وفى يوم الاثنين الموافق 6 من سبتمبر سنة 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن رئيس الجمهورية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن فى ذات الحكم المشار إليه بعالية قيد برقم 8324 لسنة 45 قضائية عليا.
وطلبت الهيئة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واحتياطياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرطى الصفة والمصلحة ومن باب الاحتياط الكلى: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وفى يوم الخميس الموافق 16 من سبتمبر سنة 1999 أودعت الأستاذ/ فاطمة محمد عبد الرحمن المحامية بالنقض بصفتها وكيلة عن رئيس مجلس إدارة هيئة ميناء القاهرة الجوى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن فى ذات الحكم سالف الذكر قيد برقم 8531 لسنة 45 قضائية عليا.
وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وجرى إعلان الطعون الثلاثة إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانونى فى هذه الطعون ارتأت فيه الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وعين لنظر الطعون المذكورة أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/ 6/ 2001 وتدوولت بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 3/ 6/ 2002 قررت الدائرة إحالة الطعون على المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظرها بجلسة 27/ 8/ 2002.
ونظرت المحكمة الطعون بجلسات المرافعة على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وقد قام المطعون ضده بإدخال وزير الدولة للإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة خصماً فى الطعن بموجب عريضة معلنة كما قامت هيئة ميناء القاهرة الجوى بتصحيح شكل الطعن المقام منها ليكون باسم شركة ميناء القاهرة الجوى بعد تحويلها إلى شركة تابعة للشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 156 لسنة 2002.
وبجلسة 14/ 6/ 2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/ 11/ 2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر وإبان هذا الأجر قدم وكيل شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير مذكرة دفاع ختامية طلب فيها الحكم للشركة بالطلبات الواردة بصحيفة الطعن.
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعون قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع قد بسطها الحكم المطعون فيه بسطاً يغنى عن إعادة سردها مجدداً فى هذا الحكم وهو ما تحيل معه المحكمة فى شأن هذه الوقائع إلى الحكم المذكور تفادياً للتكرار
ومن حيث إن الحكم الطعين قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى والمبنى على أساس أن النزاع يدخل فى إطار المنازعات المسندة على المحاكم العادية بموجب المادة 22 من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية أقامه على أن النزاع لا ينصرف إلى مجال تملّك الأراضى الصحراوية بالشراء أو حيازتها بالإيجار أو الاستصلاح والاستزراع وإنما ينصرف أساساً إلى الطعن فى مشروعية قرار إدارى نهائى صادر ممن يملك إصداره مما يستنهض اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى. كما أقام الحكم الطعين قضاءه بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 193 لسنة 1995 المطعون فيه على اطمئنان المحكمة إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير المودع فى الدعوى من أن أرض النزاع آلت إلى المدعى طبقاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1991 عن طريق عقود بيع ابتدائية محررة من مديرية الزراعة بالقاهرة بالتفويض عن محافظة القاهرة ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى وذلك باعتبارها من الأراضى الصحراوية الخاضعة للقانون رقم 143 لسنة 1981 والمهيمنة عليها الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية فى حين أن أطيان القرار الجمهورى رقم 193 لسنة 1995 تقع ضمن الأراضى الخاضعة للقانون رقم 59 لسنة 1979 والمهيمنة عليها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وأن شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير تضع يدها على مساحة 649 فداناً بالزيادة عن المساحة الواردة بالقرار الجمهورى المشار إليه والذى جاء متناقضاً فى منطوقه مع إحداثياته وبدون خريطة مساحية موقع عليها من مُصدر القرار، الأمر الذى يتضح معه أن أرض النزاع مملوكة للمدعى وليست من الأراضى الصحراوية المملوكة للدولة.
ومن حيث إن مبنى الطعن فى الحكم المذكور - وعلى ما جاء بتقارير الطعون الماثلة - يتبلور فى عدة أسباب حاصلها:
1 - أن حقيقة النزاع وتكييفه القانونى الصحيح ينصب على أرض صحراوية حدد المشرع فى المادة 22 من القانون رقم 143 لسنة 1981 الجهة القضائية المختصة بالفصل فى المنازعات المتعلقة بها وهى المحاكم العادية يستوى فى ذلك أن يكون التصرف مثار النزاع صادراً من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية أو من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وبالتالى فإن تصدى المحكمة له يكون على خلاف صحيح حكم القانون ويتناقض مع الأحكام السابقة الصادرة من ذات الدائرة فى الدعاوى المماثلة.
2 - أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول الدعوى شكلاً استناداً إلى خلو الأوراق مما يفيد علم المدعى بالقرار المطعون فيه - وهو قرار رئيس الجمهورية رقم 193 لسنة 1995 - فى تاريخ سابق على إقامة الدعوى، مع أن هذا القرار صدر فى 21/ 6/ 1995 وتم نشره بالجريدة الرسمية فى 6/ 7/ 1995 مما تتوافر به علم الكافة فى هذا التاريخ وإذا أقام المدعى بتاريخ 6/ 4/ 1996 أى بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على تاريخ نشر القرار فإن الدعوى تكون غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد كما أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب فى الدوى أن أرض النزاع لا يوجد أى تداخل بينها وبين أرض القرار الجمهورى وقد أحال الخبير فى توضيح ذلك إلى الخريطة المساحية المرفقة بالتقرير ومن ثم تنتفى صفة ومصلحة المطعون ضده فى الطعن على القرار المذكور.
3 - أن الحكم الطعين قد عول على تقرير الخبير وأخذ به محمولاً على أسبابه دون بحث للاعتراضات الموجهة إليه من الطاعنين كما تجهل طلبات الخصوم بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لتحقيق أوجه الاعتراضات مثلما حدث فى الدعاوى المماثلة المقامة أمام محاكم القضاء العادى علماً بأن تقرير الخبير الذى أيدته المحكمة قد جاء بعيداً عن الحقيقة ومتجاوزاً نطاق اختصاصه فى أمور ومسائل قانونية ينعقد الفصل فيها للقضاء وحده ومتناقضاً مع تقارير مكتب خبراء وزارة العدل عن ذات النزاع كما أن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى أن المطعون ضده لم يقدم للخبير أو للمحكمة ما يدرأ عنه صفة التعدى على أرض النزاع فى الفترة السابقة على تاريخ تحرير العقد الابتدائى فى 7/ 9/ 1996 بل واعتد الحكم بهذا العقد رغم عدم تسجيله بالشهر العقارى وعدم وجود أى أثر أو حجية له بالنسب للغير فى ذات الوقت الذى أهدر فيه الحكم التصرف المسجل للقرار المطعون فيه والسابق فى إجرائه على تاريخ تحرير العقد المذكور.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن المتعلقة بالاختصاص؛ فإنه لما كان القرار المطعون فيه - وهو قرار رئيس الجمهورية رقم 193 لسنة 1995 - قد صدر بتخصيص الأراضى التى اعتبرها مملوكة للدولة لشخص من أشخاص القانون العام وقتئذ هو هيئة ميناء القاهرة الجوى بدون مقابل بقصد تحقيق غرض ذى نفع عام هو تطوير مطار القاهرة الدولى وأنه بهذه المثابة ينسحب عليه وصف ومقومات القرار الإدارى الذى ينعقد الاختصاص بمباشرة الرقابة القضائية على مشروعيته لمحاكم مجلس الدولة وبالتالى لا شأن للنزاع حوله بالمنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية والذى يستند إليه الطاعنون فى القول باختصاص المحاكم العادية وحدها بالفصل فيها عملاً بالمادة 22 منه وذلك حسبما سبق أن انتهت إليه هذه المحكمة فى حكمها الصادر فى الطعن رقم 1243 لسنة 43 ق عليا بجلسة 3/ 10/ 1999 ومن ثم فإن الدفع المبدى من الطاعنين بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى يكون غير قائم على أساس سليم من القانون مما يضحى معه النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون فى هذا الصدد فى غير محله ولا يسوغ الاعتداد به.
ومن حيث إنه عما أثاره الطاعنون فى شأن عدم قبول الدعوى شكلاً تأسيساً على أن القرار المطعون فيه نُشر بالجريدة الرسمية بالعدد 27 فى 6 يوليه 1995 - ولم يقم المطعون ضده برفع دعواه طعناً على هذا القرار إلا فى 6/ 4/ 1996 بعد فوات الميعاد المقرر قانوناً فإن مؤدى هذا القول اعتبار القرار المطعون فيه من قبيل القرارات التنظيمية العامة التى ينهض نشرها فى الجريدة الرسمية قرينةً على علم الكافة بها وهو ما يغاير حقيقة القرار المطعون فيه ذلك أن قرار تخصيص بعض الأراضى لجهة ما من شأنه أن يمس حقوق ومراكز واضعى اليد عليها أو الحائزين لها وهو بهذا المعنى يندرج فى مفهوم القرارات الفردية التى جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لا يكفى للعلم بها مجرد نشرها فى الجريدة الرسمية وإنما يتعين إعلان صاحب الشأن بها أو ثبوت علمه اليقينى بمضمونها ومحتواها على نحو يمكنه من تحديد مركزه القانونى إزاءها ومن ثم وإذ خلت الأوراق مما يفيد إخطار المطعون ضده بالقرار المطعون فيه أو علمه به علمًا يقينيًا على النحو المتقدم فى تاريخ بعينه سابق على رفع الدعوى فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من قبول الدعوى شكلاً يكون والحالة هذه قد جاء موافقاً لصحيح حكم القانون ولا مطعن عليه ومن جهة أخرى فإن ما ورد بتقرير الخبير المودع فى الدعوى من أنه لا يوجد تداخل بين أرض المدعى والأرض موضوع القرار المطعون فيه ليس من شأنه نفى صفة أو مصلحة المدعى (المطعون ضده) فى الطعن على القرار حسبما ذهبت إليه الحكومة فى طعنها ذلك أن تلك النتيجة التى توصل إليها الخبير تتناقض مع ما ذكره فى ذات التقرير من أن أرض النزاع وضع يد المدعى تدخل ضمن إحداثيات القرار الجمهورى المطعون فيه ولو صح ما ذكره الخبير أولاً لما استمر المدعى فى السير فى دعواه وعليه لا يكون ثمة وجه لما أثاره الطاعنون من مآخذ فى هذا الصدد أيضًا ويتعين طرحه جانباً.
ومن حيث إنه عن موضوع النزاع فإن الفيصل فيه يكمن فى تحديد ما إذا كان ثمة حق أو مركز قانونى ثابت للمطعون ضده فى تاريخ صدور القرار المطعون فيه قد مسه هذا القرار أو نال منه على نحو يفقده مشروعية إصداره ومبرر وجوده أم لا.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام القوانين أرقام 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها والقانون رقم 143 لسنة 1981 فى شأن الأراضى الصحراوية والقانون رقم 7 لسنة 1991 فى شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة أن المشرع قد نظم بموجب هذه التشريعات إجراءات وقواعد إدارة أملاك الدولة الخاصة واستغلالها وكيفية التصرف فيها سواء بالبيع أو الإيجار أو التوزيع أو غيرها من الوسائل الواردة بهذه التشريعات كما أحاط هذه الأملاك بسياج قوى من الحماية القانونية يضمن عدم التعدى عليها أو غصبها إذ حظر على أى شخص طبيعى أو معنوى أن يحوز أو يضع يده بأية صفة كانت على العقارات الداخلة فى ملكية الدولة الخاصة إلا وفقاً لأحكام هذه القوانين ونص على أنه مع مراعاة ما تقضى به المادة 970 من القانون المدنى يقع باطلاً كل تصرف أو تقرير للأى حق عينى أو تأجير يتم بالمخالفة لأحكام هذه القوانين ولا يجوز شهره ويجوز لكل ذى شأن طلب الحكم بهذا البطلان بل أوجب على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد اضطرد على أن وضع اليد على أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة يجب أن يستوى على سند من القانون يدرأ عنه صفة التعدى بأن يخول صاحبه حق بسط يده عليها أو حيازته لها مثل عقد بيع ولو ابتدائى أو عقد إيجار بها وإلا شكل وضع اليد تعديًا عليها حق إزالته إداريًا إلا أنه لا يكفى لقيام هذا السند القانونى لوضع اليد المشروع مجرد وجود إرهاصات تعاقد أو اتخاذ إجراءات ممهدة له من قبل أن تتوج بعقد يخول وضع اليد حتى ولو شكلت هذه المقدمات وعداً بالتعاقد وذلك لصراحة نص المادة 102 من القانون المدنى على أن الوعد بالتعاقد لا يقوم مقام العقد الموعود بإبرامه إلا بمقتضى حكم حائز لقوة الشيء المقضى به.
ومن حيث إن البادى من الأوراق أن الأرض المتنازع عليها هى من الأراضى الصحراوية الخاضعة لأحكام القانونين رقمى 143 لسنة 1981، 7 لسنة 1991 سالف الذكر وأن المطعون ضده أقام دعواه بطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 193 لسنة 1995 بتخصيص هذه الأرض - والكائنة بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوى - لهيئة ميناء القاهرة الجوى على سند من القول بأنه يضع يده عليها منذ عام 1978 ويحوزها حيازة هادئة ومستقرة لمدة طويلة وقد قام باستصلاحها وزراعتها بعد أن تكبد مبالغ طائلة فى سبيل تهيئتها وتوفير مصادر للرى والصرف والطاقة بها بينما لم يقدم أى دليل يفيد أن وضع اليد على تلك الأرض يظاهره سند مشروع وقائم عند صدور قرار رئيس الجمهورية المشار إليه فى 21/ 6/ 1995 بل على العكس ثبت من كتاب الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية المودع حافظة مستنداتها المقدمة بجلسة 7/ 1/ 2002 وهى الهيئة التى يقرر المطعون ضده أنها المهيمنة على أرض النزاع والمنوط بها سلطة التصرف فيها أنه تقدم بطلب للانتفاع بهذه الأرض ولم يتم اتخاذ أى إجراء بشأن هذا الطلب سواء بالبيع أو بالإيجار ومن ثم وتأسيساً على ما تقدم فإن المطعون ضده لا يكون قد نشأ له - بحسب الظاهر من الأوراق ودون المساس بأصل الموضوع - حق أو مركز قانونى على الأرض محل النزاع يتعين معه على مُصدر القرار المطعون فيه احترامه وعدم المساس به الأمر الذى يفتقد معه طلب وقف تنفيذ هذا القرار أحد ركنيه الأساسيين وهو ركن الجدية مما يتعين معه القضاء برفض هذا الطلب دون حاجة لاستظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه.
وغنى عن البيان أنه لا يسوغ التحدى أو المحاجة بعقود البيع الابتدائية المبرمة بين المطعون ضده ومديرية الزراعة بالقاهرة بشأن هذه الأرض ذلك أن البادى من الأوراق أن هذه العقود تم إبرامها بتاريخ 7/ 9/ 1996 أى بعد صدور القرار المطعون فيه فى 21/ 6/ 1995 بأكثر من عام وبعد إقامة الدعوى المطعون على حكمها فى 6/ 4/ 1996 بما يزيد على خمسة شهور ومن غير المقبول أو المتصور قانوناً أن يكون القرار المطعون فيه وهو سابق على التصرف المذكور - قد اعتدى على حق للمطعون ضده مستمد من هذا التصرف وهو لم يكن قد وُلد بعد، إذ إن منطق القانون يوجب بأن يقيد التصرف السابق التصرف اللاحق وليس العكس.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب فى هذا الصدد وخالف صحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعون شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.