مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 141

(15)
جلسة 29 من نوفمبر سنة 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، وعلى محمد الششتاوى، وأحمد محمد حامد، ود. محمد كمال الدين منير - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد عبد المجيد إسماعيل - مفوض الدولة
وحضور السيد/ سيد سيف محمد حسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 2207 لسنة 47 قضائية. عليا:

تأديب - سقوط الدعوى التأديبية - تحديد التاريخ الذى يبدأ منه حساب مدة السقوط.
يشترط لإبداء الدفع بسقوط المخالفات التأديبية بمضى ثلاث سنوات من تاريخ وقوع المخالفة بيان المقومات التى يستند عليها، وأهم هذه المقومات بيان حساب المدة التى بانقضائها سقطت الدعوى التأديبية - المعول عليه فى مجال حساب التقادم المسقط للدعوى التأديبية ليس هو تاريخ إحالة المتهم إلى المحاكمة التأديبية، إنما هو التاريخ الذى نشطت فيه الجهة المختصة إلى اتخاذ إجراءات التحقيق - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 18/ 11/ 2000 أودع الأستاذ/ سمير رجب هارون المحامى نائباً عن الأستاذ فتحى مصلحى المحامى بصفته نائباً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن المقيد برقم 2207 لسنة 47 ق. ع فى القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 11 لسنة 2000 تأديب شمال بجلسة 26/ 9/ 2000 والقاضى بمجازاة الطاعن بخصم شهرين من راتبه لما نُسب إليه.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما نُسب إليه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن المطعون ضدهم بصفاتهم.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ومجازاة الطاعن بالجزاء المناسب.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل على النحو الموضح بمحاضر الجلسات وخلالها قدم الطاعن مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته وبجلسة 14/ 5/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/ موضوع) لنظره بجلسة 25/ 8/ 2000، حيث نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية، وبجلسة 27/ 9/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن أقيم فى الميعاد المقرر قانونًا واستوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى الشق العاجل منه.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما تبين من الأوراق والمستندات التى حواها ملف التأديب المقدم من الجهة الإدارية فى أنه بتاريخ 5/ 7/ 1995 أصدر السيد الأستاذ المستشار/ رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية قراره بإحالة المحضر الطاعن إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية لمحاكمته تأديبياً لما نُسب إليه من مخالفة التعليمات بتأخير تنفيذ الإعلانات أكثر من المدة المسموح بها وعدم رد بعضها متسبباً فى سقوط الجلسات واحتجاز الأوراق طرف دون مسوغ فضلاً عن عدم تنفيذه لتأشيرة قاضى التنفيذ مع قيامه بإعلان محضر الإيداع بعد المدة المقررة قانونًا وقيامه بإرسال المبلغ المتحصل من الحكم بعد المدة المقررة قانوناً وكذلك تحرير محضر إيقاف لعدم وجود تحرى مع عدم رد الإنذار فى اليوم التالى لتنفيذه وقيامه بإعلانه مع عدم تحريه عن محل إقامة المعلن إليه وأخيرًا تّغيبه عن العمل دون مبرر قانونى، وذلك على النحو المبين بمذكرات التحقيق التى بلغ عددها أكثر من ثلاثين ملفًا.
وقد قيدت الدعوى التأديبية 40 لسنة 1995 تأديب شمال القاهرة، حيث نظرها مجلس التأديب المذكور، وبجلسة 27/ 12/ 1995 أصدر قراره بفصل المحال من الخدمة الذى لم يرتض هذا القرار وأقام الطعن رقم 1677 لسنة 42 ق. ع أمام هذه المحكمة التى قضت بجلسة 29/ 3/ 1997 بإلغاء القرار المطعون فيه وإعادة الدعوى لمجلس التأديب المختص لنظرها بمعرفة هيئة أخرى تأسيسًا على صدور القرار المطعون فيه بجلسة غير علنية.
وإذ أعيد ملف الدعوى التأديبية إلى الجهة الإدارية المختصة أحالت الطاعن إلى مجلس التأديب المذكور بهيئة مغايرة بذات قرار الإحالة السابق وذات المخالفات وقيدت الدعوى برقم 29 لسنة 1997 تأديب شمال القاهرة، حيث نظرها المجلس وبجلسة 25/ 1/ 1998 أصدر قراره بمجازاة المحال بالإحالة إلى المعاش بيد أن المحال طعن على هذا القرار أمام هذه المحكمة بالطعن رقم 3900 لسنة 44 ق. ع والتى قضت بدورها بجلسة 22/ 8/ 1999 بإلغاء القرار المطعون فيه وبإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس التأديب المشار إليه للفصل فيها بهيئة أخرى استناداً لبطلان تشكيل المجلس مصدر القرار المطعون فيه وبإعادة ملف الدعوى التأديبية إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها أصدر السيد الأستاذ المستشار مدير عام إدارة المحاكم قراره رقم 583 لسنة 2000 بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب المذكور لمحاكمته تأديبياً لأنه بوصفه محضرًا بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية بالدرجة الرابعة وخلال أعوام 92/ 93/ 94/ 1995 بدائرة محكمة شمال القاهرة الابتدائية لم يؤدِّ العمل المنوط به بدقة وأمانة وخالف القوانين المعمول بها وخرج على مقتضى الواجب الوظيفى بأن:
1 - تأخر فى تنفيذ الإعلانات القضائية المسلمة له أكثر من المدة المسموح بها وعددها (8) متسببًا فى ضياع أموال الخزانة العامة.
2 - تأخر فى تنفيذ ورد عدد (232) ورقة قضائية ما بين مدنى وجنائى ومطالبة متسببًا فى سقوط بعض الجلسات.
3 - تأخر فى تنفيذ ورد إنذار القضية رقم 4381.
4 - خالف التعليمات والقانون حال تنفيذه أوراق المطالبة رقم 3851 متسبباً فى سقوط ميعاد البيع.
5 - تأخير فى توريد المبلغ المتحصل فى التنفيذ رقم 167 تنفيذات الوايلى.
6 - خالف التعليمات حال تنفيذه أوراق المطالبة رقم 2682.
7 - تغيب عن العمل دون إذن سابق أو عذر مقبول أيام 15، 24، 26/ 3/ 1995 و4، 5، 6، 16، 18، 19، 20، 4/ 1995، 18/ 5/ 1995.
وقد قيدت الدعوى من جديد برقم 11 لسنة 2000 تأديب شمال القاهرة ونظرها المجلس بهيئة مغايرة وبجلسة 26/ 9/ 2000 أصدر المجلس قراره بمجازاة المحال بخصم شهرين من راتبه لما نُسب إليه وشيد قراره على أن الدفع المبدى من المحال لا أساس له متعيناً رفضه وعن الموضوع فإن الثابت من الأوراق أن المحال سلك مسلكاً معيباً وأخل بمقتضيات الواجب الوظيفى ومن ثم يتعين مجازاته مع مراعاة حالته الوظيفية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل بطلان القرار المطعون فيه لإهداره دفوعًا جوهرية تتمثل فى سقوط المخالفات التأديبية المنوه عنها بقرار الإحالة وعدم ارتكابه أى مخالفة من المخالفات المنسوبة إليه على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير الطعن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون غير مقيدة بطلبات الطعن أو الأسباب التى يبديها.
ومن حيث إن الثابت من تقرير الطعن أن الطاعن قد نعى على القرار المطعون فيه ببطلانه لإهدار حق الدفاع بعدم التصدى للدفع المبدى فيه بسقوط المخالفات التأديبية بمضى المدة وكذلك بعدم تبيان أدلة الثبوت للمخالفات المنسوبة إليه وهذا الذى أشار إليه الطاعن صحيحٌ ذلك أن الثابت من مطالعة قرار مجلس التأديب المطعون فيه أن الهيئة لفم تفصح عن أسباب رفضها للدفع المشار إليه، بل إنها لم تتناول الدفع بالتمحيص والرد عليه، فضلاً عن أنها أوردت أسباب قرارها مقسمةً بالعمومية جاء بها أن الموظف المذكور سلك مسلكاً معيباً وأخل بمقتضيات الواجب الوظيفى الذى يعد خروجًا منه على واجب الوظيفة ولم يرد بالقرار كيفية استخلاص المجلس لهذه النتيجة استخلاصًا سليمًا وسائغًا من الأوراق والمستندات والأقوال التى وردت بالتحقيقات، الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر فى حقيقة الأمر مجردًا من الأسباب التى يقوم عليها بالمخالفة للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه ولئن كان ينبغى بناءً على ما تقدم إلغاء القرار المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس التأديب المذكور للفصل فيها من هيئة أخرى مجدداً إلا أنه لما كان الطعن الماثل قد عرض على هذه المحكمة أكثر من مرة عن ذات المخالفة وأن بطلان القرار المطعون فيه هو ذات بطلان القرار فى المطعون فى المرات السابقة بغض النظر عن اختلاف أسانيدها ومن ثم فإنه إعمالاً للمادة (269) مرافعات وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإنها تتصدى للفصل فى موضوع الطعن سيما وأن الأوراق مستوفاة من حيث الموضوع.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن بسقوط المخالفة التأديبية بمضى السنوات الثلاث من تاريخ وقوع المخالفات عام 1992 فهو مردود عليه بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أنه يشترط لإبداء الدفع سالف الذكر بيان المقومات التى يستند عليها وأهم المقومات بيان حساب المدة التى بانقضائها سقطت الدعوى التأديبية وإغفال هذا البيان ينحدر بالدفع إلى عدم الجدية ويصممه بالمشاكسة والمعمول عليه فى مجال حساب التقادم المسقط للدعوى التأديبية ليس هو تاريخ إحالة المتهم إلى المحكمة التأديبية إنما هو التاريخ الذى نشطت فيه الجهة المختصة إلى اتخاذ إجراءات التحقيق (الطعن رقم 1430 لسنة 31 ق. ع جلسة 1/ 3/ 1986) أو حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يضمن تقرير طعنه مقومات هذا الدفع وما إذا كان سقوط المخالفات قد شمل كل المخالفات أم يقتصر على المخالفات التى حدثت عام 1992 وتواريخ الإجراءات التى اتخذت حتى يمكن بدء حساب مدة السقوط الأمر الذى يؤكد عدم جدية أسانيده فى هذا الدفع وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من مذكرات التحقيق الرفقة بالملف أن أولى هذه المذكرات هى رقم 456 فى 1/ 10/ 1992 وأنه تم التحقيق فى المخالفات الواردة بها والتى وقعت اعتبارا من 30/ 8/ 1992 فى شهر نوفمبر 1992 ثم ضُمت لباقى المذكرات المنوه عنها بالملف ثم أعقب ذلك صدور قرار الإحالة فى 5/ 7/ 1995 أى قبل مُضى ثلاث سنوات، حيث صدر قرار مجلس التأديب فى الدعوى رقم 40 لسنة 1995 بجلسة 27/ 12/ 1995 الذى تم الطعن عليه وصدر حكم المحكمة فى الطعن رقم 1677 لسنة 42 ق. عليها بجلسة 29/ 3/ 1997ق بإلغاء القرار والإعادة، حيث أعادت الجهة الإدارية الإجراءات بالإحالة إلى مجلس التأديب فى الدعوى رقم 29 لسنة 1997 والذى أصدر قراره بجلسة 25/ 1/ 1998 بيد أن المحال طعن عليه للمرة الثانية بالطعن رقم 3900 لسنة 44 ق. ع، حيث صدر حكم المحكمة فى الطعن المذكور بجلسة 22/ 8/ 1999 بإلغاء القرار والإعادة، حيث قدمته الجهة الإدارية لمجلس التأديب الأخير المطعون على قراره فى الدعوى رقم 11 لسنة 2000 والذى أصدر قراره المطعون عليه بجلسة 26/ 9/ 2000 فطعن عليه الطاعن بالطعن الماثل ومن ثم فإنه ترتيباً على ما سلف فإنه الدعوى التأديبية بشأن المخالفات المنسوبة للطاعن لم تكتمل لها المدة المقررة لسقوطها فى أى مرحلة من مراحلها، الأمر الذى يكون معه الدفع بسقوط الدعوى التأديبية غير قائم على سند من القانون معيناً رفضه.
ومن حيث إنه عما أثاره الطاعن من انتفاء وقوع أى مخالفة عسى أن تكون قد حدثت منه فهو قول مرسل يتعارض مع ما هو ثابت من ملفات التحقيقات التى زخر بها ملف الدعوى التأديبية والتى تزيد على الثلاثين ملفاً والتى يبين من مطالعتها أن الطاعن أقر فيها بكافة ما نُسب إليه من مخالفات مبرراً ذلك تارة بضغط العمل وكثرة الأوراق المسلمة إليه وأن الشياخة المسندة إليه من أكبر الشياخات وتارة أخرى بحداثة عهده بالعمل فى الشياخة أو بمرضه أو أن مبعث تأخيره هو صالح العمل لتحصيل المبالغ محل المطالبات وقد أعاد تكرار هذه المبررات بمذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 23/ 4/ 2002 أمام دائرة الطعون بالمحكمة (ص 2 من المذكرة) الأمر الذى يكون معه ما نُسب للطاعن من مخالفات ثابتة فى حقه ثبوتاً يقينياً من واقع إقراره بالتحقيقات التى أجريت معه فى هذا الشأن دون أن يغير من ذلك ما قدمه من مبررات تتعلق بضغط العمل أو حداثة عهده بالعمل بالشياخة أو ضيق الوقت وما إلى ذلك من مبررات لا تعد مانعًا من المسئولية على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة وإن كانت قد تعد مبررًا لتخفيف العقوبة التأديبية المتفق عليها كما أن ما أشار إليه الطاعن بالنسبة للمخالفة الأخيرة المتعلق بأيام الغياب من أنه تم احتساب هذه الأيام إما إجازة عارضة أو إجازة اعتيادية، حيث إن رصيد إجازاته قد سمح بذلك فإنه أياً كان صحة هذا الادعاء فإنه لا ينفى المخالفة فى حد ذاتها بحسبان أن التزام العامل بالانتظام فى عمله وأداء واجبات وظيفته هو من أول الواجبات الملقاة على عاتقه والتى يترتب على الإخلال بها اضطراب انتظام سير المرفق، وأن الأمر ليس متروكاً لرغبة العامل فى الانقطاع فى أى وقت بدعوى وجود رصيد من إجازاته يسمح بذلك.
ومتى كان ما تقدم بيانه من ثبوت المخالفات الواردة بقرار الإحالة رقم 583 لسنة 2000 فى حق الطاعن فإن الأمر يقتضى مساءلته تأديبيًا ومجازاته عن هذه المخالفات بالجزاء المناسب الذى لا يتعارض مع عدم الإضرار من طعنه وبمراعاة ما لاقاه خلال مراحل محاكمته التأديبية وتقدر المحكمة الجزاء المناسب بالخصم من راتبه لمدة شهرين.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه والقضاء مجدداً فى الدعوى التأديبية رقم 11 لسنة 2000 تأديب شمال القاهرة بمجازاة الطاعن/ ..... بالخصم من الأجر لمدة شهرين.