مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 172

(20)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4314 لسنة 47 قضائية. عليا:

أسلحة - الترخيص بحمل سلاح - سلطة الإدارة التقديرية - حدودها حكم التعليل بعدم كفاية المبررات لرفض الترخيص.
المواد (1)، (4)، (7) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر.
المشرع وإن كان قد خول الجهة الإدارية سلطة تقديرية واسعة فى مجال الترخيص بحمل سلاح، فيجوز لها أن ترفض هذا الترخيص أو ترفض تجديده، وأن تقصر مدته أو تقصره على أنواع معينة من الأسلحة دون سواها، وأن تقيد الترخيص بأى شرط تراه، وأن تسحب الترخيص مؤقتا أو تلغيه نهائياً، كل ذلك حسبما يتراءى لها من ظروف الحال وملابساته وبما يكفل وقاية المجتمع واستتاب الأمن - سلطة الإدارة فى هذا الشأن ليست سلطة مطلقة ودون ضوابط تحدها، وإنما مقيدة بقيدين أساسيين: أحدهما عام وهو عدم التعسف أو الانحراف فى استعمال السلطة، والآخر خاص وهو أن يكون القرار الصادر برفض منح الترخيص ابتداءً أو سحبه أو إلغائه بعد صدوره مسبباً - كلما ألزم المشرع صراحة فى القوانين واللوائح جهة الإدارة بتسبيب قراراتها، وجب عليها ذكر الأسباب التى بَنَتْ عليها قرارها واضحة جليّة، حتى إذا وجد صاحب الشأن فيها مقنعاً تقبَّلها، وإلا كان له أن يمارس حق التقاضى للدفاع عن حقوقه، ولهذا يمد القضاء الإدارى رقابته على القرارات الصادرة من جهة الإدارة بشأن تراخيص الأسلحة والذخائر حال النعى عليها بعدم التسبيب أو التعسف فى استعمال السلطة أو بعدم صحة السبب الذى تذرعت به جهة الإدارة - عدم كفاية المبررات لا يصلح فى حد ذاته سندًا لحمل قرار الرفض على سببه المشروع، فضلا عن عدم كفايته لقيام التسبيب الذى استلزمه المشرع لمثل هذا القرار، وذلك لكونه سبباً عاماً ومبهماً لا يحمل على القناعة بجديته كما لا يمكن المحكمة من وزن مشروعية القرار - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الخميس الموافق أول فبراير سنة 2001 أودع الأستاذ/ محمود علم الدين محمود صالح المحامى بصفته الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن - قيد برقم 4314 لسنة 47 قضائية عليا - فى الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضى "بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار مدير أمن الجيزة برفض الترخيص له بحمل السلاح وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 3/ 2003 وفيها قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 19/ 5/ 2003، وبتلك الجلسة قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 7/ 6/ 2003.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/ 10/ 2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/ 12/ 2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر، وانصرم هذا الأجل دون أن يقدم أى من الطرفين شيئاً.
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع قد بسطها الحكم المطعون فيه، ومن ثم تحيل إليه المحكمة فى هذا الصدد تلافياً للتكرار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن المشرع خول جهة الإدارة فى المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر، سلطة تقديرية واسعة فى مجال تقدير كفاية أو عدم كفاية المبررات المقدمة من صاحب الشأن للحصول على ترخيص بحمل وإحراز السلاح، وأنه لما كانت صور المستندات التى قدمها المدعى لا تكفى فى حد ذاتها لتبرير حصوله على سلاح شخصي وقد خلت الأوراق من دليل على وجود تعسف من جهة الإدارة فى استخدام السلطة المقررة لها فى هذا الشأن، فإن القرار المطعون فيه، والمتضمن رفض الترخيص للمدعى بحمل السلاح - يكون قد جاء متفقاً وأحكام القانون وبمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل على الحكم المذكور أنه خالف أحكام القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، إذا إن القانون رقم 394 لسنة 1954 حدد فى المادتين 7 و15 منه الحالات التى يجوز فيها لجهة الإدارة رفض الترخيص بحمل السلاح أو سحبه أو تجديده، وهذه الحالات لا ينطق أى منها على الطاعن، مما يفقد جهة الإدارة سلطتها التقديرية فى منح الترخيص أو منعه، كما أن الجهة الإدارية رفضت طلب الترخيص المقدم من الطاعن بمقولة عدم كفاية المبررات دون أن تسبب القرار أو ترد على المستندات والمبررات المقدمة إليها، إلى جانب أنها نكلت عن تقديم ما تحت يدها من مستندات لازمة للفصل فى الدعوى وهو ما يقيم قرينة على صحة ما ورد بصحيفة الدعوى ويعد تسليمًا منها بطلبات الطاعن، بالإضافة إلى أن حرمان الطاعن من حمل السلاح - وهو محامى نقض - يعرضه لمخاطر السرقة والتعدى عليه أو التحرش به من جانب الخارجين على القانون.
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر تنص على أنه "يحظر بغير ترخيص من وزير الداخلية أو من ينيبه حيازة أو إحراز الأسلحة النارية...". كما تنص المادة (4) من القانون المذكور على أن "لوزير الداخلية أو من ينيبه عنه رفض الترخيص أو تقصير مدته أو قصره على أنواع معينة من الأسلحة أو تقييده بأى شرط يراه وله سحب الترخيص مؤقتاً أو إلغاؤه، ويكون قرار الوزير برفض الترخيص أو سحبه أو إلغائه مسبباً...".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى - وهو بصدد تطبيق هذه النصوص - على أن المشرع فى قانون الأسلحة والذخائر سالف الذكر، وإن كان قد خول الجهة الإدارية سلطة تقديرية واسعة فى مجال الترخيص بحمل السلاح، فيجوز لها أن ترفض هذا الترخيص أو ترفض تجديده، وأن تقصر مدته أو تقصره على أنواع معينة من الأسلحة دون سواها، وأن تقيد الترخيص بأى شرط تراه، وأن تسحب الترخيص مؤقتا أو تلغيه نهائياً، كل ذلك حسبما يتراءى لها من ظروف الحال وملابساته وبما يكفل وقاية المجتمع واستتاب الأمن، إلا أن سلطة الإدارة فى هذا الشأن ليست مطلقة ودون ضوابط تحدها، وإنما مقيدة بقيدين أساسيين: أحدهما عام وهو عدم التعسف أو الانحراف فى استعمال السلطة، والآخر خاص وهو أن يكون القرار الصادر برفض منح الترخيص ابتداءً أو سحبه أو إلغائه بعد صدوره مسبباً ومن المقرر أنه كلما ألزم المشرع صراحة فى القوانين واللوائح جهة الإدارة بتسبيب قراراتها، وجب عليها ذكر الأسباب التى بنت عليها قرارها واضحة جلية، حتى إذا وجد صاحب الشأن فيها مقنعاً تقبَّلها وإلا كان له أن يمارس حق التقاضى للدفاع عن حقوقه، ولهذا يمد القضاء الإدارى رقابته على القرارات الصادرة من جهة الإدارة بشأن تراخيص الأسلحة والذخائر حال النعى عليها بعدم التسبيب أو التعسف فى استعمال السلطة أو بعدم صحة السبب الذى تذرعت به جهة الإدارة.
من حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، ولما كان الثابت مما قرره الطاعن ولم تعقب عليه جهة الإدارة، أنه يعمل محامياً بالنقض والدستورية العليا، وتقدم بطلب إلى قسم إمبابه قيد برقم 25 لسن 1994 للحصول على رخص بحمل السلاح، واستوفى جميع المستندات والموافقات اللازمة، والتى تفيد أنه حسن السير والسلوك فليس له أى نشاط سياسى أو حزبى أو اجتماعى وأنه يمتلك سيارة خاصة وبعض شقق التمليك والعقارات وله حسابات بالبنوك ويقوم بعمل مأمور اتحاد ملاك برج لؤلؤة النيل، كما يعمل محامياً لبعضه الجهات علاوة على أعمال مكتبه الخاص والذى يحتفظ فيه بمستندات العملاء ويتحرك بها إلى المحاكم والجهات الحكومية والبنوك ويحمل رسوم التسجيل بالشهر العقارى وأتعابه الخاصة، كما أنه يتعرض للمضايقات من قبل بعض الخصوم فضلاً عن السرقة، إلا أنه فوجئ بإخطار رسمى من قسم شرطة إمبابة برفض طلبه بمقولة عدم كفاية المبررات اللازمة للحصول على الترخيص، وكان هذا السبب الذى استند إليه جهة الإدارة - وهو عدم كفاية المبررات - لا يصلح فى حد ذاته سنداً لحمل قرار الرفض على سببه المشروع، فضلاً عن عدم كفايته لقيام التسبيب الذى استلزمه المشرع لمثل هذا القرار، وذلك لكونه سبباً عاماً ومبهماً لا يحمل على القناعة بجديته كما لا يمكن المحكمة من وزن مشروعية القرار، ومن ثم وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن الطاعن قد قام به سبب من الأسباب التى نصت عليها المادة (7) من قانون الأسلحة والذخائر لعدم جواز الترخيص بحمل السلاح - ومنها صدور حكم جنائى بالإدانة فى بعض الجرائم وعدم توافر اللياقة الصحية اللازمة لحمل السلاح وعدم الإلمام باحتياطات الأمن الواجبة عند التعامل مع السلاح - فى الوقت الذى قدم فيه الطاعن حافظة مستندات طويت على بعض الأوراق المؤيدة لدعواه والتى لم تجحدها جهة الإدارة، فإن القرار المطعون فيه والمتضمن رفض الترخيص للطاعن بحمل السلاح، يضحى والحالة هذه مخالفاً لأحكام القانون ومشوباً بإساءة استعمال السلطة مما يوجب الإلغاء.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب وخالف أحكام القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، بقبول الدعوى شكلاً، بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.