مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 198

(23)
جلسة 20 من ديسمبر سنة 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ويحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى، ومحمد أحمد محمود محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عزت عبد الشافى - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعون أرقام 9842 و10016 و10020 لسنة 48 قضائية. عليا:

مسجون - العفو بقرار رئيس الجمهورية - أحكامه.
مقتضى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 286 لسنة 2001، العفو عن باقى العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد القوات المسلحة الموافق السادس من أكتوبر عام 2001 ومن بين هؤلاء المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية متى كانوا قد أمضوا نصف مدة العقوبة حتى تاريخ السادس من أكتوبر عام 2001 وبشرط ألا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر - استثنى القرار الجمهورى من هذا العفو المحكوم عليهم فى جرائم معينة عددتها تفصيلاً وحصراً المادة الثانية من هذا القرار - اشترط القرار الجمهورى للعفو عن المحكوم عليه شرطين يتعلق الأول بسلوك المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة بأن يكون سلوكاً حميداً ترتب عليه تقويم شخصيته، والثانى بألا يكون فى الإفراج عن المحكوم عليه خطر يهدد الأمن العام والسلام الاجتماعى، وذلك على النحو الذى تقدره جهة الأمن المختصة بما لها من سلطة تقديرية فى هذا الشأن بوصفها القائمة على تحقيق الأمن العام والحفاظ على السلام الاجتماعى، فإذا ما قدرت الجهة المختصة - بناء على ما تجمع لديها من معلومات وبيانات - أن فى الإفراج عن المحكوم عليه ما يتمخض عنه مساس بالأمن العام والسلامة العامة أو ما يهدد السلام الاجتماعى - وعلى النحو الذى يضع القرار الجمهورى المشار إليه موضع التنفيذ القانونى السليم - كان من الواجب عليها ألا تفرج عن المحكوم عليه حتى لا يترتب على هذا الإفراج تكدير صفو الأمن العام، ويكون قرارها بالامتناع عن الإفراج عنه سليماً وقائماً على سببه الصحيح من الواقع والقانون - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأحد الموافق 16/ 6/ 2002 أودع الأستاذ/ أبو سريع محمد المحامى نائباً عن الأستاذ/ يحيى الجمل المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 9842 لسنة 48 ق. عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 28/ 5/ 2002 فى الدعوى رقم 1531 لسنة 56 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعى المصروفات.
وفى يوم الأربعاء 19/ 6/ 2002 أودع الأستاذ/ عبد القادر السيد المحامى نائباً عن الأستاذ أحمد فؤاد أبو زيد المحامى بالنقض وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد تحت رقم 10016 لسنة 48 ق. عليا فى الحكم المشار إليه.
وفى ذات اليوم أودع الأستاذ/ منصف نجيب سليمان المحامى بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد تحت رقم 10020 لسنة 48 ق. ع وذلك فى الحكم المطعون فيه.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقارير الطعون المشار إليها - أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعون شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن الإفراج عنه باعتباره من المستفيدين من الإعفاء المقرر بالقرار الجمهورى رقم 286 لسنة 2001، مع إلزام الجهة الإدارية والمصروفات.
وقد جرى إعلان الطعون إلى المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعون ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعون شكلاً، ورفضها موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعون جلسة 12/ 9/ 2002، حيث حضر الخصوم وبجلسة 8/ 7/ 2003 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظرها بجلسة 18/ 10/ 2003 وفيها حضر الخصوم وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 20/ 12/ 2003 ومذكرات فى شهر، حيث أودعت جهة الإدارة مذكرة دفاع خلال الأجل.
وبجلة اليوم قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لضم الطعنين رقمى 10016 و10020 لسنة 48 ق عليا للطعن رقم 9842 لسنة 48ق. عليا للارتباط وليصدر فيها حكم واحد وقررت إصدار الحكم آخر جلسة اليوم.
وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعون قد استوفت أوضاعها الشكلية المقررة فهى مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع سبق تفصيلها فى الحكم المطعون فيه فإن المحكمة تحيل إليه منعاً للتكرار.
وبجلسة 28/ 5/ 2002 أصدرت محكمة أول درجة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن المدعى يطلب الحكم بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن الإفراج عنه تطبيقاً للقرار الجمهورى رقم 286 لسنة 2001 بالعفو عن باقى العقوبة بالنسبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد القوات المسلحة، ومن بين هؤلاء المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية متى كانوا قد أمضوا نصف مدة العقوبة حتى تاريخ 6/ 10/ 2001، بشرط ألا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر، استثنى القرار الجمهورى المشار إليه من هذا العفو المحكوم عليهم فى جرائم معينة عددتها تفصيلاً وحصراً المادة الثانية من هذا القرار، وإنه يُشترط للعفو عن المحكوم عليه وفقاً للمادة الثالثة من هذا القرار شرطان أولهما يتعلق بالمحكوم عليه بأن يكون سلوكه أثناء تنفيذ العقوبة داعياً إلى الثقة فى تقويم نفسه وإنهاء خطورته الإجرامية، والثانى يتعلق بالإفراج عنه بألا يكون فى ذلك الإفراج خطر على الأمن العام ومساس بالسلام الاجتماعى والآداب والصحة والسكينة العامة. وأن مقتضى هذا الشرط أن الخطورة الواردة فى نص المادة الثالثة المشار إليها ليست فحسب هى الخطورة الإجرامية للشخص المفرج عنه وإنما تتبلور وتتمحور حول خطورة الإفراج فى ذاته، بأن يكون فى ذلك الإفراج مساس بالأمن العام والسلام الاجتماعى على النحو الذى تقدره جهة الأمن المختصة بما لها من سلطة تقديرية فى هذا الشأن بوصفها القائمة على تحقيق الأمن العام والسلامة العامة والحفاظ على السلام الاجتماعى فإذا قدرت الجهة المختصة أن فى الإفراج عن المحكوم عليه ما يتمخض عن مساس بالأمن العام والسلامة العامة، أو ما يهدد السلام الاجتماعى كان واجباً عليها ألا تفرج عن المحكوم عليه مراعاة لذلك، ويكون قرارها بالامتناع عن الإفراج عنه سليمًا وقائمًا على سببه الصحيح من الواقع والقانون. ولما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن المدعى قد أدين فى القضية رقم 1599 لسنة 1997 جنايات قسم قصر النيل والمقيدة برقم 37 لسنة 97 كلى وسط القاهرة، وبرقم 7 لسنة 1996 جنايات كسب غير مشروع لأنه فى الفترة من عام 1975 وحتى 23/ 5/ 1996 بدائرة قسم قصر النيل وبصفته رئيساً لشركة النصر للأجهزة الكهربائية والإلكترونية "فيليبس" وهيئة القطاع العام الهندسية ثم الشركة القابضة للصناعات الهندسية، حصل لنفسه ولكل من (.......) التى صارت زوجاً له وأبنائه (..... و.....،.........)، على كسب غير مشروع بسبب استغلاله سلطات ونفوذ وظيفته بأن تقاضى عمولات من الشركات الأجنبية مما أدى إلى زيادة طارئة فى ثروته بلغت قيمتها أربعة وعشرين مليوناً وستمائة وتسعين ألفاً وتسعمائة دولار وستة ملايين ومائتين وسبعة عشر ألفاً وأربعمائة وتسعة وأربعون جنيهاً، وحكم عليه بجلسة 19/ 8/ 1999 بالسجن لمدة عشر سنوات وبتغريمه....
وأضاف الحكم المطعون فيه أنه ولئن كانت الجناية التى أدين بسببها المدعى وهى جناية الكسب غير المشروع والتى عوقب بسببها بالسجن عشر سنوات استناداً إلى أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع غير واردة ضمن الجرائم المستثناة من العفو عن المحكوم عليهم فيها طبقاً للقرار الجمهورى رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه، فإن الجهة المختصة قد امتنعت عن الإفراج عن المدعى بالرقم من قضائه لنصف مدة العقوبة لخطورة الإفراج عنه للوظائف التى تقلدها سالفة الذكر وكان مسئولاً عن أحد الجوانب الهامة فى الاقتصاد المصرى ويكون فى الإفراج عنه تكدير صفو الأمن العام والسلام الاجتماعى وتقويض مصداقية الدولة فى مكافحة الفساد والمفسدين، فضلاً عن التأثير السلبى على الرأى العام الذى يتأبى ويتأذى من الإفراج عن المدعى أو عمن انتهك حرمة المال العام وهو القائم عليه والذى يتعين عليه أن يكون أميناً، وإذ انتهت الجهة الأمنية المختصة - بما لها من سلطة تقديرية فى هذا الشأن - إلى أن الإفراج عن المدعى يعد مساساً بالأمن العام وتهديداً للسلام الاجتماعى والسكينة العامة، فإن قرارها بالامتناع عن الإفراج عن المدعى تطبيقاً للقرار الجمهورى رقم 286 لسنة 2001 يكون قائماً على سببه الصحيح ويضحى بمنأى عن الإلغاء مما يتعين معه رفض الدعوى، وأردفت محكمة أول درجة أنه لا ينال من ذلك ما أبداه المدعى من أنه مريض وأنه جاوز السبعين عاماً وأن رئيس الجمهورية سبق أن كرمه عدة مرات مما تنتفى معه خطورته الإجرامية ويتعين الإفراج عنه لتوافر جميع الشروط المقررة للعفو عن باقى العقوبة المحكوم عليه بها، فإن ذلك مردود عليه حيث إن الخطورة الإجرامية لا تقف عند خطورة الشخص الإجرامية فقط والتى استوعبها الشرط الأول من المادة الثالثة من القرار الجمهورية رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه، وإنما هى فيما ينتج عن الإفراج عن المحكوم عليه من آثار سلبية على الأمن العام والسلام الاجتماعى وما يثيره الإفراج عنه من فتنة أو نيل من الأثر الرادع للعقوبة أو تهييج للمشاعر أو ما يبعث الاضطرابات والقلاقل داخل الدولة وتهديد نسيجها الاجتماعى وبنيانها الاقتصادى لاسيما وأن المدعى من الذين استباحوا أموال الشعب الذى أودعهم ثقته فلم يراعوا الله فيها وجعلها نهباً لأطماعهم وشهواتهم ويكون فى الإفراج عنه ما يحرك جموع الجماهير انتصارًا لمشاعرهم الغاضبة للمطالبة باستيفاء العقاب دون نقصان، خاصة وأن المدعى استطاع على النحو الوارد بالحكم الصادر فى القضية رقم 7 لسنة 1996 جنايات كسب غير مشروع ص 1925 أن يهرب معظم الأموال التى حصل عليها من طريق الكسب غير المشروع إلى الخارج والتى عجزت أجهزة الأمن عن استرداد ما استلبه المدعى بالرغم من محبسه ويضحى بذلك متجافياً مع منطق الأمور وطبائع الأشياء القول بأن الإفراج عن المدعى لا ينال من الأمن العام، هذا مع التسليم بأن جريمة الكسب غير المشروع لم ترد ضمن الاستثناءات التى وردت حصراً فى المادة الثانية من القرار رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه، فإن عدم ورود هذه الجريمة ضمن الجرائم المستثناة لا يعد سبباً كافياً بذاته للاستفادة من أحكام القرار رقم 286 لسنة 2001 لأنه قد تخلف فى المدعى شرط ألا يكون فى الإفراج عنه إخلال بالأمن العام على النحو الذى انتهت إليه الجهة الأمنية المختصة، كما أن ظروف المدعى الصحية لا تشفع له للإفراج عنه أمام هول الجريمة التى ارتكبها اغترافاً من المال العام وتهريبه خارج البلاد على النحو المشار إليه آنفاً.
ومن حيث إن مبنى الطعون الثلاثة أن الحكم المطعون فيه قد خلف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله استناداً إلى أن القرار الجمهورى رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه قد استثنى من هذا العفو المحكوم عليهم فى جرائم معينة عددتها تفصيلاً وحصراً المادة الثانية منه، والثابت أن الجريمة التى أدين الطاعن فيها ليست من تلك الجرائم، كما أن الحكم الطعين قد جاء مشوباً بعيب الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع حيث ذكر أن الطاعن خطر على الأمن العام ولم يراع المصالح القومية للبلاد والحفاظ على الاقتصاد القومى، ولم يتنبه الحكم الطعين إلى أن الطاعن قد حوكم من أجل ذلك بموجب حكم محكمة الجنايات، ولا يجوز معاقبته مرتين عن فعل واحد، ويجب الإفراج عنه لأنه قضى أكثر من أربعين عاماً يشغل أرفع المناصب فى القطاع العام، وانتخب عضواً بمجلس الشعب لدورتين متتاليتين كاملتين خدم خلالها وطنه فى مجالات مختلفة أهمها التصنيع وشرفه السيد رئيس الجمهورية بمنحه وساماً من الدرجة الأولى وهو وسام شرف يضفى على من يحمله الاحترام ويبعده عن مظنة الخطورة على الأمن العام.
ومن حيث إن مقتضى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 286 لسنة 2001 بشأن العفو عن باقى العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد القوات المسلحة الموافق السادس من أكتوبر عام 2001 ومن بين هؤلاء المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية متى كانوا قد أمضوا نصف مدة العقوبة حتى تاريخ السادس من أكتوبر عام 2001 وبشرط ألا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر، واستثنى القرار الجمهورى من هذا العفو المحكوم عليهم فى جرائم معينة عددتها تفصيلاً وحصراً المادة الثانية من هذا القرار، واشترط القرار الجمهورى للعفو عن المحكوم عليه - وفقاً للمادة الثالثة منه - شرطين يتعلق الأول بسلوك المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة بأن يكون سلوكاً حميداً ترتب عليه تقويم شخصيته، والثانى بألا يكون فى الإفراج عن المحكوم عليه خطر يهدد الأمن العام والسلام الاجتماعى، وذلك على النحو الذى تقدره جهة الأمن المختصة بما لها من سلطة تقديرية فى هذا الشأن بوصفها القائمة على تحقيق الأمن العام والحفاظ على السلام الاجتماعى، فإذا ما قدرت الجهة المختصة - بناء على ما تجمع لديها من معلومات وبيانات أن فى الإفراج عن المحكوم عليه ما يتمخض عنه مساس بالأمن العام والسلامة العامة أو ما يهدد السلام الاجتماعى - وعلى النحو الذى يضع القرار الجمهورى المشار إليه موضع التنفيذ القانونى السليم - كان من الواجب عليها ألا تفرج عن المحكوم عليه حتى لا يترتب على هذا الإفراج تكدير صفو الأمن العام، ويكون قرارها بالامتناع عن الإفراج عنه سليماً وقائماً على سببه الصحيح من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه لما كان ما نسب إلى الطاعن قد ثبت فى حقه على النحو الذى بسطه الحكم المطعون فيه وفصله حكم محكمة الجنايات فى الجناية رقم 7 لسنة 1996 كسب غير مشروع بجلسة 19/ 8/ 1999 بإدانته بالسجن لمدة عشر سنوات، وأصبح هذا الحكم نهائياً بصدور حكم محكمة النقض فى الطعن 73762 لسنة 1999 بجلسة 17/ 5/ 2001 والذى أيد حكم محكمة الجنايات، وارتأت الجهة الإدارية المختصة والممثلة فى وزارة الداخلية والمنوط بها تحقيق الأمن العام عدم الإفراج عن الطاعن إعمالاً لنص المادة الثالثة من القرار الجمهورى سالف الذكر باعتبار أن الإفراج عنه يمس صفو الأمن العام - وليس لأن جريمته ليست من الجرائم المستثناة من العفو - حيث إن الطاعن وقد أثرى إثراءً فاحشاً غير مشروع من قوت الشعب حال كونه مسئولاً عن أحد الجوانب الهامة فى اقتصاد الوطن فإن الإفراج عنه تكدير للأمن العام وتهييج لمشاعر أفراد الشعب وإثارة للرأى العام الذى لا يرضى أن يكون قوته نهباً لأحد كائناً من كان، وأن الحكم الذى صدر بمعاقبة الطاعن هو الذى أسكن مشاعر الرأى العام، فضلاً عن أن فى الإفراج عنه ما يعرض هذه الوزارة للقليل والقال ويقوض مصداقية الدولة فى مكافحة الفساد والمفسدين وعدم تحقيق الردع المستهدف من العقوبة بحيث إنه سيضع أمثال الطاعن وكل من تسول له نفسه نهب المال العام غير مكترث بما يناله من عقوبة وقد تدنت فى نظره إذا ما قورنت فى نفسه النهمة بما سيظفر به من كسب فاحش غير مشروع.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم ولما كان الثابت أيضاً من حكم محكمة الجنايات المشار إليه - والذى قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة عشر سنوات - أن الطاعن استطاع أن يهرب معظم الأموال التى حصل عليها من طريق الكسب غير المشروع إلى الخارج والتى عجزت أجهزة الأمن عن استرداد ما استلبه الطاعن بالرغم من محبسه، هذا فضلاً عن العشرين مليون دولار التى ردها إلى الدولة بمحض اختياره ستراً للفضيحة ومن ثم يكون قرار وزارة الداخلية المطعون فيه بالامتناع عن الإفراج عن الطاعن إعمالاً للقرار الجمهورى رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه قائماً على سبب صحيح من القانون والواقع ويكون النعى عليه جديراً بالرفض.
ولا ينال من ذلك ما ذكره الطاعن من أنه مريض وطاعن فى السن فإن المرض أو كبر السن لا يكفيان للإفراج عنه.
كما لا ينال من ذلك أن جريمة الكسب غير المشروع ليست من الجرائم المستثناة من العفو فإن ذلك لا ينال من مشروعية القرار المطعون فيه من أنه قد تخلف فى شأن الطاعن أحد شروط الإفراج وهو ألا يترتب عليه خطر على الأمن العام.
ولا ينال من ذلك أيضاً ما ذكره الطاعن من أنه يحاكم عن فعل واحد مرتين مرة بموجب الحكم الجنائى المشار إليه، ومرة أخرى بالامتناع عن الإفراج عنه بعد قضائه نصف مدة السجن، فإن هذا القول مردود عليه لأن العقوبة على الطاعن هى عقوبة واحدة، والعفو عن العقوبة بعد نصف المدة هى أحد المميزات التى يمنحها القرار الجمهورى لبعض المحكوم عليهم للإفراج عنهم بعد قضاء نصف مدة العقوبة بشروط معينة، وقد تخلف أحد هذه الشروط بالنسبة للطاعن، ومن ثم لا يمكن القول بأن فى الامتناع عن الإفراج عنه بموجب القرار المطعون فيه ما يمثل عقوبة ثانية.
وأخيراً فإنه لا ينال من ذلك ما ذكره الطاعن أن تقلد أعلى المناصب فى الدولة وتم تكريمه من المسئولين فيها، فإن هذا الذى ذكره الطاعن يضاعف من جريمته الشنعاء ولا يبرر الإفراج عنه، حيث إن الدولة وقد ائتمنته على أحد مرافقها الاقتصادية الهامة، فإنه قد خان هذه الأمانة واستباح أموال الشعب بل قام بتهريبها خارج البلاد على النحو الموضح سلفاً فى وقت فيه الدولة فى أشد الحاجة إلى أموالها خصوصاً العملات الحرة منها.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإن يكون قد واكب الصواب وأنزل حكم القانون على الوقائع منزلاً سليماً ويكون الطعن عليه جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بأحكام المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.