مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 275

(32)
جلسة 3 من يناير سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. فاروق عبد البر السيد إبراهيم - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد أمين حسان، وبخيت محمد إسماعيل، ولبيب حليم لبيب، ومحمود محمد صبحى العطار - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار م/ أشرف مصطفى عمران - مفوض الدولة
وحضور السيد/ سيد رمضان عشماوى - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 6316 لسنة 47 قضائية. عليا:

دعوى - حكم فى الدعوى - الحكم الاستئنافى بإلغاء حكم عدم الاختصاص - أثره على ولاية المحكمة المحال إليها الدعوى.
المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ولئن كان مفاد المادة (110) من قانون المرافعات آنفة الذكر هو التزام المحكمة المحال إليها الدعوى لعدم الاختصاص الولائى بنظرها إعمالاً لحجية الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة، فإن القضاء بإلغاء هذا الحكم من محكمة الدرجة الثانية يترتب عليه زوال حجيته وإعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل فيها ولو كانت قد أحيلت فعلاً نفاذاً للحكم السابق صدوره بعدم الاختصاص والإحالة، إذ تخرج من حوزة تلك المحكمة لزوال سبب اتصالها بها - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء 4/ 4/ 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد/ وزير الدفاع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا قيد بجدولها برقم 6316 لسنة 47 ق. عليا ضد: السادة ورثة المرحوم/ ............ (والد) عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر/ ......،..........،...........
ب -........................ (والدة).
2 - السيد/ .............، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى - الدائرة الخامسة - بجلسة 8/ 3/ 2001 فى الدعوى رقم 10345 لسنة 51 ق. والقاضى أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وباختصاصها. ثانياً: بقبول الدعوى الأصلية شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعين مبلغاً مقداره عشرة آلاف جنيه يوزع بينهم بالتساوى مع المصروفات وبعدم انعقاد الخصومة فى الدعوى الفرعية.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - أن تأمر دائر فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستبعاد الدعويين الأصلية والفرعية من جدول محكمة القضاء الإدارى وبعدم اختصاصها ولائياً بنظرهما واحتياطياً برفض الدعوى الأصلية وبإلزام المطعون ضدهم الأول بالمصروفات من درجتى التقاضى، وعلى سبيل الاحتياط بقبول دعوى الضمان الفرعية شكلاً، وإلزام المطعون ضده الثانى بما عسى أن يُحكم به نهائياً على الطاعن فى الدعوى الأصلية، وإلزامه المصروفات وعن درجتى التقاضى.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة والتى قررت إحالته إلى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 18/ 10/ 2003 وفيها نظر أمام هذه المحكمة وتدوول نظره بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر وبجلسة 6/ 12/ 2003 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون ضدهم الأول ورثة المرحوم ضاحى على رياض عبد المجيد المذكورين أقاموا الدعوى رقم 10345 لسنة 51 بصحيفة أودعت ابتداءً قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 5/ 10/ 1995 وقيدت بجدولها برقم 10059 لسنة 1995 طلبوا فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى لهم مبلغ سبعين ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً، يوزع بينهم على النحو وبالكيفية الموضحة بصدر الصحيفة مع المصروفات.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم إنه بتاريخ 28/ 4/ 1994 وبعد الانتهاء من تمارين الرماية المقررة والذى تم تحت إشرافه ورعاية تابعى المدعى عليه (الطاعن) ونتيجة لإهمالهم وتقصيرهم فى أداء واجباتهم نحو تفتيش ميدان الرماية والجنود، وتأكدهم من خلوها من المتفجرات والألغام الأمر الذى أدى إلى عثور الجنود على قطعة حديدية "جسم غريب" بمكان تدريبات الرماية، تبين فى التحقيقات فيما بعد أنها لغم وإثر انفجاره أودى بحياة مورثهم المرحوم/ ضاحى على رياض، وإصابة آخرين من زملائه حال استقلالهم السيارة رقم 910626/ د جيش أثناء عودتهم لوحدتهم العسكرية وتحرر عن ذلك الجنحة رقم 93 لسنة 1994/ عسكرية شمال القاهرة والتى قضى فيها بإدانة تابعى المدعى عليه، ومن ثَمَّ فإنه لما كان اللغم سالف البيان فى حوزة وحراسة المدعى عليه وأن خطأ تابعه يتمثل فى عدم قيامهم بأداء واجبهم فى اتباع التعليمات المقررة بشأن تأمين سلامة ميدان الرماية مما يقيم مسئوليته عن الخطأ الذى وقع من تابعيه، فضلاً عن مسئوليته بصفته حارساً للأشياء وأنه قد لحقهم من جراء وفاة مورثهم أضرار مادية وأدبية يحق لهم التعويض عنها، مما حدا بهم إلى إقامة دعواهم بغية الحكم لهم بالطلبات المتقدمة.
وقدم الحاضر عن الدولة صحيفة دعوى ضمان فرعية - مؤشر عليها بجدول المحكمة المدنية فى 3/ 3/ 1996 مقامة من وزير الدفاع ضد/ ...... طالباً فيها الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى إليه ما عسى أن يحكم به عليه فى الدعوى الأصلية مع المصروفات.
وبجلسة 26/ 7/ 1997 قضت محكمة جنوب القاهرة - الدائرة العاشرة - تعويضات بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وبإحالتهما إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص.
وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى قدم الحاضر عن الجهة الإدارية حافظة مستندات طويت على شهادة رسمية من جدول محكمة استئناف القاهرة تفيد أن الحكم فى الدعوى رقم 10059 لسنة 95 المحالة للاختصاص، قد تم استئنافه من المدعين برقم 11051 لسنة 114 ق وقد قضى به بجلسة 4/ 11/ 1997 بإلغاء الحكم المستأنف، وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة.
وبجلسة 8/ 2/ 2001 قضت محكمة القضاء الإدارى - الدائرة الخامسة أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعويين الأصلية والفرعية وباختصاصها. ثانياً: بقبول الدعوى الأصلية شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعين مبلغاً مقدار عشرة آلاف جنيه يوزع بينهم بالتساوى مع المصروفات، وبعدم انعقاد الخصومة فى الدعوى الفرعية.
وشيدت المحكمة قضاءها فى رفض الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على أن الدعوى المدنية رقم 10059 لسنة 1995 قد أحيلت إليها للاختصاص الولائى بنظرها ودخلت فى حوزتها، وقيدت بسجلاتها تنفيذاً للحكم الصادر فيها بجلسة 26/ 7/ 1997 ومن ثَمَّ فإن ما قضت به محكمة استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم 10051 لسنة 114 وبجلسة 4/ 11/ 1997 المقام من المدعين من قبول الاستئناف، وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة، لا ينال من ولاية هذه المحكمة فى نظر الدعوى الماثلة عملاً بحكم المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة مما أوسدته إليها من اختصاص فى نظر منازعات الموظفين العموميين ومنهم المجندون، علاوة على اختصاصها العام بالفصل فى سائر المنازعات الإدارية، وكان المدعون قد أقاموا دعواهم ابتغاء الحكم لهم بالتعويض عن الأضرار التى لحقت بهم من جراء وفاة مورثهم وهو ما يدخل فى نطاق المنازعات الإدارية المتعلقة بنشاط وزارة الدفاع ومزاولته بما لها من سلطة عامة ومن ثَمَّ تكون هذه المحكمة هى المختصة وحدها قانوناً دون غيرها بالفصل فى هذه الدعوى، الأمر الذى يتعين معه رفض هذا الدفع.
وأقامت المحكمة قضاءها فى موضوع الدعوى الأصلية على أن الثابت من حكم المحكمة العسكرية العليا بجلسة 2/ 12/ 1994 فى القضية رقم 93 لسنة 1994 جنايات عسكرية شمال القاهرة بمعاقبة المدعى عليه فى الدعوى الفرعية بالحبس مع الشغل والنفاذ لمدة شهرين أن جهة الإدارة قد أخلّت بواجبها نحو عدم تطهير وتأمين والإشراف الجدى على موقع الرماية المخصص لتدريب المجندين وحمايتهم من كل ما من شأنه تعريض حياتهم للخطر. كما أهملت فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع العثور على جسم غريب فى أحد مواقعها. وهو ما نتج عنه وفاة مورث المدعين، والذى مما لا شك قد ساهم بتصرفه، وشارك فى هذا الخطأ وقد لحق بالمدعين أضرار مادية وأدبية بسبب وفاة مورثهم الابن الأكبر والشقيق الأكبر لإخواته القصر الذى كان يمثل مصدر رزق لهم... وما تركه عند وفاته من حزن وحسرة لفقدانه فى مقتبل عمره، وكانت هذه الأضرار هى نتيجة طبيعية ومباشرة لخطأ تابعى المدعى عليه، ومن ثَمَّ فقد توافرت أركان وعناصر المسئولية الإدارية الموجبة لتعويضهم جبراً، وهو ما تقدره المحكمة بمبلغ عشرة آلاف جنيه توزع بالتساوى بينهم وقد روعى فى تقدير التعويض مساهمة مورث المدعين فى الخطأ وما يكون قد تم صرفه لهم من تعويضات طبقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975.
وعن دعوى الضمان الفرعية المقدمة من وزير الدفاع ضد السيد/ ....... خلصت المحكمة إلى أن الثابت من الأوراق أن محضر إعلان المدعى عليه بأصل صحيفة دعوى الضمان الفرعية قد ارتد دون إعلان لعدم الاستدلال عليه بمحل إقامته بالخانكة محافظة القليوبية الوارد بالصحيفة، ولم يستكمل المدعى باقى الإجراءات القانونية الواجبة لصحة الإعلان، ومن ثَمَّ فالخصومة لم تنعقد بين طرفيها مما يتعين معه القضاء بذلك.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون، وأخطأ فى تطبيقه، وتأويله إذ الثابت من الأوراق أن وسيلة اتصال محكمة القضاء الإدارى بالنزاع المطروح هو الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 10059 لسنة 1995 بجلسة 26/ 7/ 1997 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص، وقد قضى بعد ذلك فى الاستئناف رقم 11051 لسنة 114 ق بجلسة 4/ 11/ 1997 بإلغاء حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية آنف الذكر وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للقضاء فيها مجدداً وبذلك زالت حجية حكم الإحالة، ولم يعد هناك ثمة اتصال لمحكمة القضاء الإدارى بالدعوى، كما كان يتعين معه استبعاد الدعوى من جدول محكمة القضاء الإدارى يضاف إلى ذلك أن مورث المطعون ضدهم خالف الأوامر والتعليمات العسكرية باحتفاظه بالجسم الغريب الذى عثر عليه بميدان الرماية فانفجر فيه وأدى إلى وفاته، وبالتالى تكون وفاته قد حدثت نتيجة خطئه المباشر والذى استغرق إلى خطأ آخر وينتفى حق ورثته فى التعويض.
ومن حيث إن المادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 والمعدلة بالقانونين رقمى 23 لسنة 1992، 18 لسنة 1989 تنص على أنه "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية....".
وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها.
ومن حيث إنه لما كان مفاد نص المادة (110) من قانون المرافعات آنفة الذكر هو التزام المحكمة المحال إليها الدعوى لعدم الاختصاص الولائى بنظرها إعمالاً لحجية الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة، فإن القضاء بإلغاء هذا الحكم من محكمة الدرجة الثانية يترتب عليه زوال حجيته وإعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل فيها ولو كانت قد أحيلت فعلاً نفاذاً للحكم السابق صدوره بعدم الاختصاص والإحالة، إذ تخرج من حوزة تلك المحكمة لزوال سبب اتصالها بها.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 10 تعويضات) قضت بجلسة 26/ 7/ 1997 فى الدعوى رقم 10059 لسنة 1995 (المقامة من المطعون ضدهم الأول) وفى الدعوى الفرعية بعدم اختصاصه بنظرها وبإحالتهما بحالتهما إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة هيئة العقود والتعويضات المختصة ولائياً بنظرها وذلك لنظرها بجلسة 25/ 10/ 1997 وأبقت الفصل فى المصروفات ونفاذاً لهذا الحكم أحيلت الدعويان إلى محكمة القضاء الإدارى - الدائرة الخامسة وقيدتا بجدولها برقم 10345 لسنة 51 إلا أن المطعون ضدهم الأول (المدعين فى الدعوى الأصلية) لم يرتضوا هذا القضاء وأقاموا الاستئناف رقم 11051 لسنة 114 ق أمام محكمة استئناف القاهرة والتى قضت بجلسة 4/ 11/ 1997 بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة، وبذلك فإن الحكم المستأنف يكون قد زالت حجيته وتخرج الدعوى المحالة من حوزة محكمة القضاء الإدارى لزوال سبب اتصالها به مما كان يتعين معه إعادة الدعوى إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ومن ثَمَّ فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى فيه هذا النظر فقد جَاَنبَ الصواب وأخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ما يستوجب القضاء بإلغائه.
وبإعادة الدعويين إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لنظرهما، مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعويين إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لنظرهما، وأبقت الفصل فى المصروفات.