مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 291

(34)
جلسة 14 من يناير سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ سامى أحمد محمد الصباغ - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، وحسن عبد الحميد البرعى، وحسونة توفيق حسونة - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وحضور السيد/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 670 لسنة 48 قضائية. عليا:

أكاديمية الشرطة - شروط القبول - حسن السمعة - مفهومه - حكم اتهام أقارب الطالب المتقدم باتهامات ثبت براءتهم منها.
المواد (7)، (10)، (12) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بشأن أكاديمية الشرطة.
المواد (1)، (2) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 المعدلة بالقرار رقم 453 لسنة 1985.
المشرع لم يحدد أسباباً لفقدان حسن السمعة والسيرة الحميدة على سبيل الحصر، وأطلق لجهة الإدارة المجال فى ذلك التقدير تحت رقابة القضاء الإدارى الذى استقرت أحكامه على أن السيرة الحميدة والسمعة الحسنة هى مجموعة من الصفات والخصائص التى يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس وتجنبه قالة السوء وما يمس الخلق ومن ثم فهى لصيقة بشخصه ومتعلقة بسيرته وسلوكه وتعتبر من مكونات شخصيته ولا يؤاخذ على صلته بذويه إلا إذا كان فيما نسب إليهم ما ينعكس على سمعته وسيرته - لا يجوز أن تتخذ مجرد الاتهامات ضد بعض أقارب الطالب المتقدم لكلية الشرطة ذريعة لعدم قبوله لا سيما إذا ثبت حفظها أو البراءة منها بموجب حكم جنائى حائز لقوة الأمر المقضى به فلا يصلح بالتالى أن يقوم القرار الإدارى على مجرد اتهام بعض الأقارب إذا ثبت براءتهم منه - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء الموافق 31/ 10/ 2001 أودع الأستاذ/ رمضان محمد بطيخ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الدائرة الثانية فى الدعوى رقم 3537 لسنة 55 ق بجلسة 3/ 9/ 2001 القاضى منطوقة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الطعين وإلغائه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلغائه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والتنفيذ بدون إعلان.
وجرى إعلان تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فيا يتعلق بوقف التنفيذ وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص الطعن بالمحكمة الإدارية العليا بعدة جلسات وبجلسة 6/ 5/ 2003 قررت إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 18/ 6/ 2003 ونفاذاً لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسة المذكورة ثم قررت حجزه للحكم لجلسة 27/ 9/ 2003 ثم قررت مد أجر النطق به لجلسة 2/ 10/ 2003 وفيها أعيد للمرافعة لتغير التشكيل ثم حجز للحكم بجلسة 17/ 12/ 2003 وفيها تقرر مد الأجل لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 20/ 2/ 2001 أقام الطاعن الدعوى رقم 3537 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى الصادر من وزير الداخلية بشأن القبول الاستئنافى لبعض طلبة السنة الأولى بكلية الشرطة عام 2000/ 2001 فيما تضمنه من استبعاد نجله من ضمن المقبولين وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إدراج اسمه ضمن المقبولين وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال المدعى شارحاً دعواه إن نجله.... حصل على الثانوية العامة أدبى بمجموع 82.5% وتقدم بأوراق ترشيحه للالتحاق بالسنة الأولى بكلية الشرطة للعام الجامعى 2000/ 2001 ورغم توافر كافة الشروط لديه غير أنه فوجئ باستبعاده من كشف المقبولين على الرغم من صدور قرار استئنافى بقبول طلبة آخرين بذات الفرق بعد إعلان النتيجة مما يعد إخلالاً بمبدأ المساواة.
ونعى المدعى على القرار مخالفته للواقع والقانون مما يحق له طلب وقف تنفيذه وإلغائه.
وبتاريخ 3/ 9/ 2001 أصدرت المحكمة حكمها فى الدعوى.
وأقامت المحكمة قضائها على أن للجهة المنصوص عليها فى المادة (11) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة أن تتمتع بسلطة تقديرية واسعة ولها استبعاد المرشح الذى يكون فى بيئته المحيطة به من أهله وعشيرته ممن يرتبطون معه بصلة قرابة ما يكون من شأنه التأثير على سمعته باعتباره سيكون رجل أمن فى المستقبل ولا تثريب على الجهة الإدارية إن هى استبعدت نجل المدعى لما ثبت من التحريات أن المستوى البيئى والاجتماعى لعائلته أقل من المتوسط، فضلاً عن أن عمه كانت له معلومات برقم 1518/ 12/ 4 سرقة أخشاب كما أن زوج عمته....... كانت له معلومات جنائية برقم 1077/ 13/ 2 تزوير ومن ثم لم توافق السلطات الجنائية الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه فى ضوء السبب المشار إليه قد صدر موافقاً صحيح حكم القانون مما لا يتوافر معه ركن الجدية ويجب رفض طب وقف تنفيذه.
ومن حيث إن هذا الحكم لم يلق قبول الطاعن فأقام طعنه الماثل ناعياً عليه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والفساد فى الاستدلال، حيث إن الوضع الاجتماعى للطالب مناسب وإذ كانت هناك اتهامات لبعض أقاربه فإن هذه الاتهامات انتهت بالبراءة المؤيدة استئنافياً بالنسبة لعم الطالب أو أنها ليست مقيدة ضد أى منهم حيث تم حفظ الشكوى المقدمة ضد زوج عمته وقدم المدعى المستندات المؤيدة لذلك غير أن محكمة القضاء الإدارى لم تشر إلى تلك المستندات ولم تمحص دفاع المدعى فى هذا الخصوص مما يعد إخلالاً بحق الدفاع، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه شَابَه تضارب، حيث إن الجهة الإدارية أوردت أن سبب القرار المطعون فيه يرجع إلى عدم توافر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية والمحكمة قررت أن السبب هو أن المستوى الاجتماعى والبيئى لعائلته أقل من المتوسط لوجود معلومات جنائية ضد بعض أقاربه فضلاً عن إغفال المحكمة لعيب إساءة استعمال السلطة حيث استبعد نجل المدعى من القبول بالكلية رغم توافر الشروط فى حين قبلت الكلية بعض الطلاب الذين لم يجتازوا الاختبارات الطبية كما قبلت بعض الطلاب لم يكونوا مقبولين عن إعلان النتيجة فضلاً عن أن المعلومات الجنائية ضد بعض أقارب الطالب ثبت البراءة فيها أو حفظها ولا يجوز مؤاخذته بجريرة غيره باعتبار أن المسئولية شخصية ولا يتحمل أحد وزر أحد.
واختتم الطاعن تقرير طعنه بطلباته المذكورة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن ولاية مجلس الدولة فى وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايته فى الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية إذ يتعين على القضاء الإدارى ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ توافر فيه ركنان: أولهما ركن الجدية ويتمثل فى قيام الطعن فى القرار بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع، وثانيهما: ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (7) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بشأن أكاديمية الشرطة تنص على أن يختص مجلس إدارة الأكاديمية بما يأتى:
1 -..................
2 - وضع نظام قبول الطلاب والدارسين وتحديد أعدادهم.
وتنص المادة (10) على أنه "يشترط فيمن يقبل بكلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين.
1 -........ 2 - أن يكون محمود السيرة حسن السمعة..
3 - بالنسبة لطلبة كلية الشرطة يختارون من بين المتقدمين من المصريين الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة مع مراعاة النسبة المئوية لمجموع درجات النجاح وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التى يقررها المجلس الأعلى للأكاديمية.
وتنص المادة (12) منه على أن "... وتنظم اللائحة الداخلية أوضاع وإجراءات قبول الطلاب ونظام التثبت من الصلاحية".
ومن حيث إن اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 المعدلة بالقرار رقم 453 لسنة 1985 تنص المادة (1) منها على أن "يكون نظام قبول الطلاب الجدد وفقاً لما يلى:.....".
وتنص المادة (2) على أن "تتولى اللجنة المنصوص عليها فى المادة (11) من القانون رقم 91 لسنة 1975 باستبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوافر فيهم مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة، على أن تقوم باختيار العدد المطلوب من الباقين حسب ترتيب الدرجات التى حصلوا عليها فى شهادة الثانوية العامة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن المستفاد مما تقدم وبالنظر إلى المسئوليات الجسيمة الموكولة لهيئة الشرطة بصفة عامة أن المشرع أحاد أفرادها بالعديد من المواصفات والالتزامات ومردها ما أسند إلى هيئة الشرطة من مهام أخصها المحافظة على النظام العام والأمن بحماية الأرواح والأغراض والأموال ومنع الجريمة قبل وقوعها وكفالة الطمأنينة للمواطنين فى كافة مجالات حياتهم ومن ثم استلزم فيهم المشرع قدراً كبيراً من الأمانة ونزاهة اليد... والبعد عن الريب والظنون مما استوجب أن يتوفر فى قبول الطالب بكلية الشركة أن يكون محمود السيرة حسن السمعة، حيث إن سمعته تتأثر بمسلكه الشخصى والخلقى وبأوضاع أخرى تحيط به يمكن أن يكون لها تأثير على عمله مستقبلاً كضابط شرطة.
وأنه وإن كان المشرع لم يحدد أسباباً لفقدان حسن السمعة والسيرة الحميدة على سبيل الحصر وأطلق لجهة الإدارة المجال فى ذلك التقدير تحت رقابة القضاء الإدارى الذى استقرت أحكامه على أن السيرة الحميدة والسمعة الحسنة هى مجموعة من الصفات والخصائص التى يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس وتجنبه قالة السوء وما يمس الخلق ومن ثم فهى لصيقة بشخصه ومتعلقة بسيرته وسلوكه وتعتبر من مكونات شخصيته ولا يؤاخذ على صلته بذويه إلا إذا كان فيما نسب إليهم ما ينعكس على سمعته وسيرته.
"الطعن رقم 8732 لسنة 46 ق عليا جلسة 8/ 7/ 2001".
ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم على وقائع الطعن الماثل فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه - بحسب ظاهرة الأوراق - قام على وجود معلومات جنائية ضد عم الطالب "شقيق الطاعن........." سرقة أخشاب كما أن زوج عمته............ له معلومات جنائية تزوير ولذلك لم توافق السلطات الجنائية والثابت أيضاً من حافظة مستندات الطاعن المقدمة لمحكمة القضاء الإدارى بجلسة 5/ 8/ 2001 صدور حكم النهائى بالبراءة ضد شقيق الطاعن المذكور من تهمة سرقة الأخشاب فى الجنحة رقم 730 لسنة 92 والمؤيدة استئنافياً بالقضية رقم 18560 لسنة 93 جنح مستأنف المنصورة التى حكمت بعدم جواز نظره لانتهاء الحكم المستأنف كما أن نيابة مركز المنصورة حفظت المحضر رقم 2147 لسنة 1997 إدارى مركز المنصورة إدارياً وهو المقيد ضد زوج عمة الطالب "........." وقدم الطاعن شهادة رسمية تفيد ذلك طوتها تلك الحافظة.
ومن حيث إنه لما كان ذلك فإن مجرد اتهام عم الطالب "نجل الطاعن" بالسرقة وثبوت براءته بحكم جنائى نهائى من هذا الاتهام وحفظ الشكوى إدارياً المقيدة ضد زوج عمته لا تصلح سنداً لتبرير الجهة الإدارية رفض قبول نجل الطاعن، حيث إن ذلك يزيل ظلال الشك حول سمعته لا يجوز أن تتخذ مجرد الاتهامات ضد بعض أقارب الطاعن ذريعة بعدم قبوله لا سيما إذا ثبت حفظها أو البراءة منها بموجب حكم جنائى حائز لقوة الأمر المقضى فلا يصلح بالتالى أن يقوم القرار الإدارى على مجرد اتهام بعض الأقارب إذا ثبت براءتهم منه، فضلاً عن أن الثابت بالأوراق وحسبما أثبتت الجهات الأمنية بتحرياتها أن المستوى الاجتماعى والبيئى فى نظر هذه المحكمة لا غبار عليه سوى ما أشارت إليه من اتهامات ثبت حفظها أو البراءة منها نهائياً.
ومن حيث إنه تأسيسًا على ما تقدم فإنه ينتفى الدليل على صحة ما نسب للطالب "نجل الطاعن" من فقدانه شرط حسن السمعة أو أن مستواه الاجتماعى أو البيئى أقل من المتوسط وهى من الشروط الجوهرية للقبول فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد تم استخلاصه استخلاصاً غير سائغ يصمه بعدم المشروعية، ويجعله مرجح الإلغاء لانعدام ركن السبب الذى يقوم عليه، وعلى ذلك يتحقق ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه فضلاً عن تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى حرمان الطالب "نجل الطاعن" من استكمال دراسته فى الكلية التى يرغب استكمالها فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى غير ذلك فإنه يكون قد خالف القانون خليقاً بالإلغاء ويكون الطعن عليه قائمًا على سند صحيح متعين القبول والقضاء بوقف تنفيذ القرار الطعين وإلزام الجهة الإدارية المصاريف بحسبانها خسرت الطعن عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.