مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 310

(36)
جلسة 20 من يناير سنة 2004م

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله، ومنير صدقى يوسف خليل، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى، وحسن سلامة أحمد محمود. - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمود ميزار خليفة - مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3514 لسنة 43 قضائية. عليا:

إصلاح زراعى - استيلاء - العلم بقرار الاستيلاء.
المادة (13) مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971.
النشر فى الجريدة الرسمية ليس إجراءً مقصوداً لذاته، وإنما هو فى غايته وسيلة لإخبار ذوى الشأن بالقرار واتصال علمهم به - علم ذوى الشأن بصدور القرار إنما يقوم مقام النشر فى الجريدة الرسمية، ولكى يرقى هذا العلم مبلغ النشر فى هذا الخصوص ويغنى عنه ينبغى أن يحقق الغاية منه بأنه يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً، وأن يكون على علم بجميع محتويات القرار جامعاً لكل العناصر التى يستطيع على هداها أن يبين طريقة الطعن عليه - أثر ذلك - ميعاد الخمسة عشر يوماً المنصوص عليها بالقانون إنما يجرى من التاريخ الذى يثبت فيه علم صاحب الشأن بالقرار محل المنازعة علماً يقينياً وذلك دون الحاجة إلى نشر القرار - العلم اليقينى يثبت من أى واقعة أو قرينة تفيد حصوله وتدل على قيامه دون التقيد فى ذلك بوسيلة إثبات معينة، وتقدير ذلك أمر تستقل به المحكمة - تطبيق.


الإجراءات

سبق إن وردت الإجراءات تفصيلاً فى الحكم التمهيدى الصادر من هذه المحكمة بجلسة 18/ 7/ 2000 والذى قضت فيه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة البحيرة لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم.
وقدم الخبير تقريره المؤرخ فى 25/ 2/ 2003 ومحاضر أعماله المرفقة بالأوراق، وبجلسة 4/ 9/ 2003 أودعت الحاضرة عن الهيئة المطعون ضدها مذكرة دفاع دفعت فيها بعدم قبول الاعتراض شكلاً لرفعه بعد الميعاد لتوافر العلم اليقينى وخلصت إلى طلب الحكم برفض الطعن، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات خلال شهر حيث أودع وكيل الطاعنة مذكرة دفاع عقب فيها على الدفع بعدم الاعتراض شكلاً وعلى تقرير الخبير وخلص إلى طلب الحكم بطلباته، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن وقائع النزاع سبق إيضاحها تفصيلاً فى الحكم التمهيدى الصادر من هذه المحكمة بجلسة 18/ 3/ 2000 وتعتبره المحكمة بما قدم فيه من مذكرات ومستندات جزءاً من هذا الحكم ومجمل هذه الوقائع أن الطاعنة أقامت الاعتراضات رقم 170 لسنة 1986 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى طالبة رفع يد الإصلاح الزراعى عن المسطحات ملك المعترضة، وذلك استناداً إلى إن الإصلاح الزراعى قام بتاريخ 28/ 2/ 1996 بوضع اليد على الأطيان ملك مورثها المرحوم أنطون فرنسيس تادرس البالغ مقداره ألف فدان تقريباً بناحية كوم أشو - كفر الدوار بالبحيرة بمقولة إنها تخضع للاستيلاء قبل صبحى غالى تطبيقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952، فى حين أن مورثها اشترى هذه الأطيان بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ فى 15/ 5/ 1951 بمساحة ألفى فدان تقريباً، الآيلة إليه من والده صبحى غالى بموجب عقد بيع رسمى مسجل برقم 4590 فى 16/ 11/ 1948 عن مساحة مقدارها 2315 فداناً، وأن العقد العرفى المؤرخ فى 15/ 5/ 1991 ثابت التاريخ على التفصيل الموضح بصحيفة الاعتراض.
وبجلسة 18/ 6/ 1956 قررت اللجنة ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالبحيرة لأداء المأمورية المبينة بأسباب القرار، حيث باشر الخبير مأموريته وأودع تقريره المرفق بالأوراق، وبجلسة 6/ 3/ 1997 أصدرت اللجنة القضائية قرارها المطعون فيه والذى قضى أولاً: بعدم قبول الاعتراض المقام من السيدة/ إليزابيث هنس جوت لرفعه من غير ذى صفة، ثانياً: وفى الموضوع برفضه، وأقامت قرارها على أن الثابت قيام الخاضع صبحى غالى بالتصرف فى أطيان الاعتراض إلى ابنه بول صبحى غالى بعقد مسجل رقم 4590 بتاريخ 16/ 11/ 1948 وأنه وفقاً لنص المادة 5/ 3 من القانون رقم 178 لسنة 1952 لا يعتد بتصرفات المالك إلى فروعه متى كانت تلك التصرفات غير ثابتة التاريخ قبل أول يناير 1944، ومن ثَمَّ لا يعتد بهذا التصرف، ولما كان تصرف ابن الخاضع إلى آخرين بعقود عرفية بتاريخ 15/ 5/ 1951 - أى قبل 23/ 7/ 1952، إلا أنه لم يثبت تاريخ هذه العقود، ومن ثَمَّ لا يعتد بهذه التصرفات أيضاً وتضحى الأطيان موضوع الاعتراض فى ملكية الخاضع صبحى غالى، وعليه يكون الاعتراض الماثل قد ورد على غير محل، كما يكون مرفوعاً من غير ذى صفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن - حسبما جاء بالحكم التمهيدى - مخالفة القرار المطعون فيه للقانون وذلك لثبوت تاريخ العقد المؤرخ 15/ 5/ 1951 قبل 23/ 7/ 1952 لورود مضمونه فى الإنذارات الرسمية المرسلة على يد محضر، ومنها الإنذار المؤرخ فى 2/ 12/ 1951، والإنذار المؤرخ فى 12/ 12/ 1951، وكذلك التوكيل الرسمى العام رقم 2253 فى 24/ 3/ 1951 الصادر من بول صبحى غالى إلى أنطون تادرس، والذى ذكر فيه أنه يحق للوكيل التصرف بالبيع والتوقيع على العقود الثابتة الصادر بها العقد المؤرخ فى 15/ 5/ 1951، وبموجب هذا التوكيل وقع الوكيل على العقد النهائى رقم 53 لسنة 1951 الإسكندرية فضلاً عن قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 103 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية الأراضى لإنشاء مشروع برنامج النقطة الرابعة حيث تضمن هذا القرار أن القطعة/ 8 ضمن/ ح ونمرة/ 9 ضمن أ. باسم بول صبحى غالى ووضع يد أنطون تادرس (مورث الطاعنة) وحسن على الزربة، وهو ما يؤكد وضع يد مورث الطاعنة على المساحة محل النزاع أكثر من خمس عشرة سنة، أى المدة الطويلة المكسبة للملكية، بالإضافة إلى أن هذه المساحة لا تخضع لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 لكونها أرضاً بوراً، كما تناقض القرار المطعون فيه مع منطقوه، حيث قضى بعدم قبول الاعتراض لرفعه من غير ذى صفة، ومن ثَمَّ كان يتعين عليه عدم التعدى للموضوع، وإلا اعتبر تعديه للموضوع إقراراً منه بتوافر الصفة للمعترضة.
ومن حيث إن الثابت من تقرير الخبير المنتدب من قبل هذه المحكمة فى الطعن أنه تضمن فى البند رقم (6) من النتائج التى توصل إليها فى أبحاثه أنه سبق للطاعنة - وبإقرار وكيلها بمحاضر أعمال الخبير - أن أقامت بتاريخ 1/ 6/ 1983 الاعتراض رقم 293 لسنة 1983 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعى عن ذات المساحة ولذات الأسباب التى ذكرتها فى الاعتراض رقم 170 لسنة 1986 موضوع النزاع الماثل وأنه تم شطب ذلك القرار بجلسة 23/ 6/ 1984، ولم يتم تجديده من الشطب، وبتاريخ 18/ 3/ 1986 أقامت الطاعنة الاعتراض رقم 170 لسنة 1986 آنف الذكر.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الاعتراض شكلاً المبدى من الهيئة المطعون ضدها، فإن المستفاد من نص المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى معدله بالقانون رقم 69 لسنة 1971 أنها قد ناط باللجان القضائية التى تشكل على الوجه الذى رسمته دون غيرها بالفصل فيما يثور من أنزعة فى شأن ملكية الأراضى التى جرى الاستيلاء عليها أو تلك التى تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من المسئولين لديهم، وذلك لتعيين ما يحب الاستيلاء عليه وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعى، وكفالة لاستقرار الملكية الزراعية، ومنعاً من أن تظل قرارات الاستيلاء الصادرة بالتطبيق لأحكام هذا القانون فى طور من الزعزعة وعدم الثبات، فقد قضت تلك المادة بألا تقبل المنازعة فى هذا الخصوص بعد مضى خمسة عشر يوماً من تاريخ النشر فى الجريدة الرسمية عن قرار الاستيلاء الابتدائى، وأحالت فى تحديد ما ينشر من بيانات عن قرارات الاستيلاء فى الجريدة الرسمية إلى اللائحة التنفيذية والتى تضمنت فى المادة 26 منها البيانات والإجراءات التى يجب اتباعها فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان المشرع قد جعل مناط بدء سريان ميعاد المنازعة فى قرارات الاستيلاء الابتدائى هو واقعة نشر القرار المطعون فيه فى الجريدة الرسمية على النحو الموضح بنص المادة (13) مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون 69 لسنة 1971 سالف الذكر، إلا أنه من المسلم به أن النشر فى الجريدة الرسمية ليس إجراءً مقصوداً لذاته، وإنما هو فى غايته وسيلة لإخبار ذوى الشأن بالقرار واتصال علمهم به، ومن ثَمَّ فإن علم ذوى الشأن بصدور القرار إنما يقوم مقام النشر فى الجريدة الرسمية، ولكى يرقى هذا العلم مبلغ النشر فى هذا الخصوص ويغنى عنه ينبغى أن يحقق الغاية منه، بأن يكون علماً يقينياً لا ظنياً، ولا افتراضياً، وأن يكون شاملاً لجميع محتويات القرار جامعاً لكل العناصر التى يستطيع على هداها أن يتبين طريقه إلى الطعن عليه وبالبناء على ذلك، فإن ميعاد الخمسة عشر يوماً المنصوص عليها فى المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 سالفة الذكر إنما يجرى من التاريخ الذى يثبت فيه علم صاحب الشأن بالقرار محل المنازعة علماً يقينياً وذلك دون الحاجة إلى نشر هذا القرار، إذ لا شأن للقرائن حيث يثبت ما يراد به ثبوتاً يقينياً قاطعاً وغنى عن البيان أن العلم اليقينى يثبت من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله وتدل على قيامه دون التقيد فى ذلك بوسيلة إثبات معينة، وتقدير ذلك أمر تستقل به المحكمة وفقاً لما تتبينه من ظروف الدعوى وملابساتها.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فمتى كان الثابت إنه بتاريخ 28/ 2/ 1966 تم الاستيلاء ابتدائياً على مساحة الأطيان موضوع النزاع الماثل ضمن مساحة 20ط 1879ف قبل الخاضع صبحى غالى بالتطبيق لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 وأنه سبق للطاعنة أن أقامت بتاريخ 1/ 6/ 1983 الاعتراض رقم 293 لسنة 1983 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعى - والذى تم شطبه بجلسة 23/ 6/ 1984 بطلب رفع الاستيلاء على الأطيان موضوع النزاع الماثل والبالغ مساحتها ألف فدان بمقولة إنه سبق لابن الخاضع "......." أن تصرف فى هذه المساحة لمورث الطاعنة وآخر بعقد ابتدائى مؤرخ 15/ 5/ 1951 ثابت التاريخ قبل 23/ 7/ 1952، ومن ثَمَّ فإن القدر المتيقن هو علم الطاعنة بقرار الاستيلاء على تلك الأطيان علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فى 1/ 6/ 1983، وإذا أقامت الاعتراض رقم 170 لسنة 1986 موضوع الطعن الماثل بتاريخ 18/ 3/ 1986 فمن ثم يكون هذا الاعتراض قد أقيم بعد فوات الميعاد المقرر قانوناً غير مقبول شكلاً، وإذا أخذ القرار المطعون فيه بغير هذا النظر وقضى بعدم قبول الاعتراض لرفعه من غير ذى صفة وبرفضه موضوعاً فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين الحكم بإلغائه وبعدم قبول الاعتراض شكلاً وإلزام الطاعنة المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بإلغاء القرار المطعون فيه، وبعدم قبول الاعتراض شكلاً، وألزمت الطاعنة المصروفات.