مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 323

(38)
جلسة 21 من يناير سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وحسونة توفيق حسونة - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وحضور السيد/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 10276 لسنة 47 قضائية. عليا:

هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة - الأراضى المملوكة لها - سند ملكيتها - حمايتها من أى اعتداء. المادة (970) من القانون المدنى، والمواد (2)، (9)، (10) من القانون رقم 59 لسنة 1979 بإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة.
المشرع قرر إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وجعل وسيلة تحديد حدود أماكن هذه المجتمعات بقرارات تخصيص من رئيس مجلس الوزراء - قرارات التخصيص التى تصدر لأحد هذه المجتمعات لأجزاء من الأراضى المملوكة للدولة هو بمثابة سند ملكية هذه المجتمعات لتلك الأراضى - أسبغ المشرع حماية على هذه الأراضى بحظر حيازتها أو وضع اليد أو الاعتداء عليها، كما حظر إجراء أية أعمال أو إقامة أية منشآت أو أغراض أو إشغالات بأى وجه من الوجوه عليها سواء كان ذلك العمل من شخص طبيعى أو معنوى، وجعل الإزالة الإدارية لهذه التعديات أو وضع اليد أو الإشغالات أياً كان سندها أو تاريخ وقوعها هى الوسيلة المخولة لمجلس إدارة إحدى الهيئات الجديدة بقرار منه - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الخميس الموافق 2/ 8/ 2001 أودع الأستاذ شلبى على الشامى المحامى نائباً عن الأستاذ محمد سامى علم الدين المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 10276 لسنة 47 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 6653 لسنة 51 بجلسة 16/ 6/ 2001 والقاضى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار الإزالة رقم 32 لسنة 1997 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل الأتعاب عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/ 2/ 2002 وبجلسة 5/ 11/ 2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى إصدار الحكم فى الطعن جلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 6653 لسنة 51 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 21/ 8/ 1998 طلب فى ختامها الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من المدعى عليه الأول رقم 32 لسنة 1997 فيما تضمنه من إزالة ما ينسب إليه من إشغالات على أراضى مدينة برج العرب الجديدة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات. وقال شرحاً للدعوى إنه يمتلك وأسرته مساحة أرض فضاء ميراثاً الكائنة شرق المنطقة الصناعية الثانية بمدينة برج العرب، وقد ثار نزاع بين الملاك وجهاز مدينة برج العرب، وقد حاول الجهاز مراراً اغتصاب الأرض بدون سن من القانون مما حدا به وباقى الملاك لإقامة دعوى مدنية ضد الجهاز المذكور بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لهذه الأرض، وقيدت الدعوى رقم 5965 لسنة 1993 مدنى كلى الإسكندرية وما زالت متداولة ومحالة لخبير ولم يصدر فيها حكم نهائى بعد إلا أن المدعى فوجئ بجهاز مدينة برج العرب لم يتريث حتى صدور فيها حكم قضائى فى تلك الدعوى بخصوص المالك لأرض النزاع وصدر قرار المطعون فيه بإزالة المنشآت المملوكة للمدعى وأسرته والتى يزيد عمر إنشائها على مائة عام وهى عبارة عن منازل وحظائر ومعروشات مما حدا به لإقامة دعواه فور إعلانه بقرار الإزالة فى 17/ 8/ 1998م.
وبجلسة 16/ 6/ 2001 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن رئيس لجنة الحصر بجهاز مدينة برج العرب الجديدة تقدم لرئيس الجهاز بمذكرة مؤرخة 20/ 7/ 1997 تتضمن وجود تعدٍ من كل من السيد "....." (المدعى) و"....." يتمثل فى وجود عدد (2) لوحة مدون بهما أرض مسجلة بالشهر العقارى وأبناء "........." يتمثل فى كشك خشبى 2 × 3 م على أراضى مدينة برج العرب الجديدة شرق المنطقة الصناعية الثانية، وبناء على قرار وزير التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة رقم 154 لسنة 1986 بتكليف رئيس جهاز مدينة برج العرب بإزالة التعديات ووضع اليد والإشغالات الواقعة على الأراضى المملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، أصدر رئيس جهاز مدينة برج العرب الجديدة القرار المطعون فيه رقم 32 لسنة 1997 بإزالة الإشغالات المشار إليها، وإذ لم يقدم أى سند يبرر وضع يده قانوناً على الأراضى المملوكة لجهاز مدينة برج العرب الجديدة فمن ثم يكون القرار المطعون فيه بإزالة التعدى قد صدر من السلطة المختصة بإصداره قائماً على السند القانونى المبرر له يجعله متفقاً وصحيح أحكام القانون ولا ينال من ذلك ما ذكره المدعى من وجود نزاع قضائى على هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لإثبات تكليفه وأسرته للأرض محل النزاع إذا إن ذلك لا ينال من ملكية الدولة لهذه الأرض بمقتضى أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 والقرار الجمهورى رقم 506 لسنة 1979 المشار إليهما على وجه مبرر للجهة الإدارية المختصة الحق فى إزالة التعدى الواقع عليها بدون سند من القانون كما لا ينال من ذلك استناد المدعى فى ملكيته للأرض محل النزاع إلى الحكم الصادر من محكمة الدخيلة فى الدعوى رقم 121 لسنة 1990 بطلب قسمة قطعة الأرض مساحتها 250 فداناً والذى قضى بجلسة 6/ 1/ 1991 بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة، وهذا فضلاً عن عدم اختصام الجهة الإدارية فى الحكم ليصدر فى مواجهتها، فإن هذا الحكم الذى يخص قطعة أرض كائنة بناحية بهيج مركز برج العرب وهى بعيدة عن الأرض محل النزاع لا يعد سنداً لملكية المدعى للأرض محل النزاع ولا ينال من صحة القرار الصادر بإزالة التعدى وصدوره طبقاً لأحكام القانون، وبناءً على ذلك تضحى الدعوى الماثلة فاقدة للأساس القانونى السليم جدير بالرفض مع إلزام المدعى المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون وتفسيره وتأويله وعدم استخلاص النتيجة التى انتهى إليها من أصول ثابتة بالأوراق، حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن يمتلك وآخرين قطعة بمنطقة بهيج ببرج العرب المنطقة الصناعية الثانية، إلا أن جهة الإدارة عدته متعدياً على أملاكها مما حدا بها إلى إصدار قرارها المطعون فيه تعسفاً، كما أنها بعملها هذا قد اغتصبت سلطة واختصاص القضاء المدنى صاحب الاختصاص الدستورى والتى ناط القانون بها وحدها دون غيرها بالفصل فى نزاع خاص بالملكية، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع إذ إن الحكم المطعون فيه لم يقر بصحة سنة ملكية الطاعن للأرض، بل جاء هذا الحكم جاحداً وحاجباً لتلك المستندات وجاء هذا الجحود لصالح جهة الإدارة وأنكر كل الإنكار صحة أى مستند ومنها المستندات القاطعة فى ملكية الطاعن لهذه الأرض.
ومن حيث إن المادة (970) من القانون المدنى معدلة تنص على أنه: "لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو الهيئات العامة أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم ولا يجوز التعدى على الأموال المشار إليها فى الفقرة السابقة، وفى حالة حصول التعدى يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً". وتنص المادة الثانية من القانون رقم 59 لسنة 1979 بإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة على أن "يكون إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، وفقاً لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، وتنشأ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طبقاً لأحكام الباب الثانى من هذا القانون وتكون دون غيرها جهاز الدولة المسئول عن إنشاء هذه المجتمعات العمرانية". وتنص المادة التاسعة من ذات القانون على أن "يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة المجلس بتخصيص الأراضى المملوكة للدولة التى يقع عليها الاختيار لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة... ويحظر على أى شخص طبيعى أو معنوى بعد صدور هذا القرار أن يحوز أو يضع اليد أو يعتدى على أى جزء من أجزاء الأراضى التى تخصص لأغراض هذا القانون، كما يحظر إجراء أية أعمال أو إقامة أية منشآت أو أغراض أو أشغال بأى وجه من الوجوه إلا بإذن الهيئة". وتنص المادة العاشرة على أن ".... ويزال بالطريق الإدارى بقرار من مجلس إدارة الهيئة ما يوجد على هذه الأراضى من تعديات أو وضع يد أو إشغالات أياً كان سندها أو تاريخ وقوعها وتكون الإزالة بمقابل تعويض عادل فى حالة الإشغالات التى يثبت أن إقامتها بسند قانوني". ثم صدر بتاريخ 5/ 12/ 1979 قرر رئيس جمهورية مصر العربية رقم 506 لسنة 79 بتخصيص الأراضى الصحراوية المملوكة للدولة والموضحة على الخريطة المرفقة به لإنشاء مدينة العامرية الجديدة.
ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1532 لسنة 1989 فى 31/ 7/ 1989 بتعديل مسمى (مدينة العامرية الجديدة) ليكون مدينة برج العرب الجديدة.
ومن حيث إن البادى من النصوص السابقة أن المشرع قد قرر إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة المشار إليه طبقاً لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار إليه وجعل وسيلة تحديد حدود أماكن هذه المجتمعات بقرارات تخصيص من رئيس مجلس الوزراء ومن ثَمَّ فإن قرارات التخصيص التى تصدر لأحد هذه المجتمعات لأجزاء من الأراضى المملوكة للدولة وهو بمثابة سند ملكية هذه المجتمعات لتلك الأراضى. وقد أسبغ المشرع حماية على هذه الأراضى بحظر حيازتها، أو وضع اليد أو الاعتداء عليها، كما حظر إجراء أية أعمال أو إقامة أية منشآت أو أغراض أو إشغالات بأى وجه من الوجوه عليها سواء كان ذلك العمل من شخص طبيعى أو معنوى وجعل الإزالة الإدارية لهذه التعديات أو وضع اليد أو الإشغالات أياً كان سندها أو تاريخ وقوعها هى الوسيلة المخولة لمجلس إدارة إحدى الهيئات الجديدة بقرار منه.
ومن حيث إن سند الطاعن فى ملكيته للأرض محل النزاع هو العقد رقم 23752/ 1904 بمقتضى عقد عرفى مؤرخ 25/ 10/ 1903 والمسجل بقلم العقود الرسمية بتاريخ 16/ 11/ 1903 بمحافظة الإسكندرية ولما كان العقد المشار إليه وأياً ما كان الرأى حول انطباقه على أرض النزاع من عدمه - فإن أطرافه أشخاص آخرون ذهب الطاعن إلى أن ملكيته مستمدة من هذا العقد وأحد أطرافه الخواجة "........" والذى باع بدوره بموجب العقد رقم 1921/ 1379 إلى "....." والذى باع إلى "........"، ثم بموجب الدعوى رقم 121 لسنة 1990 أمام محكمة الدخيلة الجزئية المدنية طلب الطاعن وآخرون من المدعى عليه "....." وأقر الطرفان القسمة وطلبا إلحاق محضر الصلح على القسمة بمحضر الجلسة، حيث قضت المحكمة المذكورة بجلسة 6/ 1/ 1991 بإلحاق عقد الصلح المؤرخ 31/ 12/ 1990 بمحضر الجلسة المشار إليها وإذا لم يثبت مما تقدم تسلسل ملكية الطاعن للأرض محل النزاع من العقد رقم 2375/ 1904 المشار إليه بغرض انصراف العقد الأخير إلى هذه الأرض، فضلاً عن أن العقد رقم 1379/ 1921 ليس من بين أطرافه الطاعن أو أحد مورثيه فهو عقد غير مسجل وغير ناقل للملكية فضلاً عن الحكم الصادر بإلحاق محضر الصلح بالجلسة ليس الجهة الإدارية أحد أطرافه، فضلاً عن أنه لم يثبت الملكية إذ العبرة فيه بسند ملكية أطرافه قبل إبرام عقد الصلح، فإذا أضيف إلى ما تقدم أن الطاعن ذهب فى صحيفة دعواه الماثلة أنه وباقى الملاك أقاموا الدعوى رقم 5965 لسنة 1993 بتثبيت ملكيتهم للأرض محل النزاع، ولم يقدم حتى تاريخ حجز الطعن للحكم ما يفيد صدور حكم فى الدعوى المشار إليها بتثبيت ملكية ومن ثم فإن الطاعن لم يقدم سنداً جدياً يبرر وضع يده على الأرض محل النزاع فى الوقت الذى ثبتت فيه ملكية الأرض لجهاز مدينة برج العرب الجديدة بموجب التخصيص المشار إليه إذ ثبت للجهاز المشار إليه على نحو ما توضح مذكرته المؤرخة 20/ 7/ 1997 وجود تعديات من الطاعن على الأرض، وطبقاً لقرار وزير التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة رقم 154 لسنة 1986 بتكليف رئيس جهاز مدنية برج العرب الجديدة بإزالة التعديات ووضع اليد الواقعة على أراضى المدنية ومن ثَمَّ صدر القرار المطعون فيه رقم 32 لسنة 1997 بإزالة تعدى الطاعن وآخرين وهو قرار صادفا صحيح أحكام القانون، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى ومن ثَمَّ يكون متفقًا وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض مع إلزام الطاعن المصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.