مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 585

(73)
جلسة 10 من إبريل سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى. - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 4630 لسنة 49 قضائية. عليا:

دعوى البطلان الأصلية - أحكامها - شرط المصلحة.
دعوى البطلان الأصلية تعتبر إحدى صور الطعن فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - استثناءً - إذا انتفت عنه صفة الأحكام القضائية، فإن هذه الدعوى تخضع لما تخضع له الطعون من أحكام - فيما عدا الميعاد - ومنها أن تتوافر للطاعن مصلحة فى الطعن وأن هذه المصلحة لا تقتصر على حالة عدم الحكم للطاعن ببعض طلباته أو كلها مما أقيم الطعن من أجله وإنما يجب أن تستمر هذه المصلحة قائمة فى شأن هذه الطلبات التى ابتدأ بها النزاع بين أطراف الخصومة إذ ثمة ارتباط بين قيام المصلحة فى الطعن وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية محل الطعن - فشرط المصلحة يتعين توافره ابتداءً كما يتعين استمرار قيامه حتى صدور حكم نهائى - القاضى الإدارى بماله من هيمنة إيجابية كاملة على إجراءات الخصومة الإدارية، يملك تقصِّى شروط قبولها واستمرارها دون أن يترك ذلك لإدارة الخصوم فى الدعوى - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الخميس الموافق 20/ 20/ 2003 أودع الأستاذ/ حسنى محمد محمد عبد الرحمن المحامى نائباً عن الأستاذ/ فتحى رجب المحامى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن بدعوى بطلان أصلية قيد بجدولها العمومى تحت رقم 4630 لسنة 49 ق. عليا طعناً على:
أولاً: الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات فى الطعن رقم 5758 لسنة 44 ق عليا المقام من/ "......." فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا بجلسة 31/ 5/ 1998 فى الدعوى رقم 3307 لسنة 5 ق. والمقامة من الطاعن ضد: 1 - وزير الداخلية بصفته. 2 - مدير أمن المنوفية بصفته 3 - رئيس لجنة فحص الاعتراضات فى انتخابات مجلس الشورى (دائرة الباجور) بصفته. 4 - "..........." - والقاضى بجلسة 7/ 6/ 1998 بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم والمتدخل بالمصروفات وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
ثانياً: الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية فى الطعن بدعوى البطلان الأصلية رقم 7875 لسنة 44 قضائية عليا - المقامة من: "........." فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 5758 لسنة 44 ق. عليا بجلسة 7/ 6/ 1998 سالف الذكر - والقاضى بجلسة 24/ 2/ 2001 بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم:
أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكمين المطعون فيهما بالبطلان مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: التصريح له باتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير على الأوراق التى وصفها بأنها مزورة ومن بينها محضر الجلسة المشار إليه.
وفى الموضوع ببطلان وإلغاء الحكمين المطعون عليهما وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا بدائرة أخرى للفصل فيهما مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 3307 لسنة 5 ق. الصادر بجلسة 31/ 5/ 1998 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات والأتعاب.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الدعوى ارتأت فيه الحكم برفض الطعن، مع إلزام المدعى بالمصروفات.
وقد عين لنظر هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - موضوع جلسة 3/ 1/ 2004 وتدوول نظرها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبتاريخ 11/ 2/ 2004 حضر الأستاذ/ أحمد عبد المطلب عبد المقصود المحامى نائباً عن الأستاذ/ فتحى فؤاد رجب المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن أمام قلم كتاب المحكمة وحرر تقريراً بشأن المستندات المدعى التزوير بها وأعلن قانوناً بموجب عريضة للمطعون ضده فى 11/ 2/ 2004 تضمنت شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التى يطلب الطاعن إثباته بها وبجلسة 28/ 2/ 2004 أودع محامى الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية اختتمت بطلب الحكم:
أولاً: بالنسبة لدعوى البطلان الأصلية:
أصلياً: 1 - بعدم جواز نظر الطعن بدعوى البطلان على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 5758 لسنة 44 ق. عليا بجلسة 7/ 6/ 1998 لسبق الفصل فيه بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر فى الطعن بدعوى البطلان الأصلية رقم 7875 لسنة 44 ق. عليا بجلسة 24/ 2/ 2001 2 - بعدم قبول دعوى البطلان الماثلة.
واحتياطيًا برفض دعوى البطلان - مع إلزام الطاعن المصروفات فى أى من الحالتين.
ثانياً: بالنسبة لادعاء الطاعن فرعياً بالتزوير بعدم قبوله مع إلزام الطاعن بمصروفاته.
وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 24/ 4/ 2004 مع التصريح بتقديم مذكرات فى شهر، وبتاريخ 7/ 3/ 2004 أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة بالدفاع التمس فى ختامها الحكم: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكمين المطعون عليهما بالبطلان واعتبارهما منعدمين أو فى أقل القليل باطلين مع ما يترتب على ذلك من آثار ومن بينها إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة الإدارية العليا من جديد.
وبذات التاريخ تقدم وكيل الطاعن بطلب إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس المحكمة التمس فيه تقصير أجل النطق بالحكم إلى أقرب جلسة ممكنة فأشر سيادته بالآتى: يقصر لجلسة 20/ 3/ 2004 مع تكليف صاحب الشأن بإعلان الخصوم".
وبعريضة معلنة قانوناً فى 14/ 3/ 2004 أخطر المدعى عليه بميعاد الجلسة المذكورة وفيها قررت المحكمة مد أجر النطق بالحكم لجلسة 3/ 4/ 2004 لإتمام المداولة ثم مد أجله لجلسة 10/ 4/ 2004 لذات السبب.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن واقعات النزاع سبق بيانها بحكمى المحكمة الإدارية العليا محل دعوى البطلان المماثلة، وهو ما تحيل إليه المحكمة وتعتبره مكملاً لقضائها منعاً للتكرار فيما عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصلة أن المدعى/ "........." أقام الدعوى رقم 3307 لسنة 5 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 20/ 5/ 1998 بطلب الحكم/ بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض اعتراضه على عضوية المدعو/ "........" مرشح مقعد العمال فى الدائرة الثالثة ومقرها مركز شرطة الباجور منوفية لانتخابات التجديد النصفى لعام 1998 والقضاء مجدداً بقبوله وما يترتب عليه من آثار أخصها استبعاد المذكور من قائمة المرشحين للانتخابات المقرر إجراؤها يوم 6/ 6/ 1998 بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة على أن ينفذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجنة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 31/ 5/ 1998 قضت المحكمة المذكورة بقبول تدخل "............." خصماً منضماً للجهة الإدارية وبقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً من المدعى المذكور فأقام طعنه رقم 5758 لسنة 44 ق عليا أمام المحكمة الإدارية العليا بإيداع تقريره قلم كتابها بتاريخ 2/ 6/ 1998 طالباً - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بطلبات الطاعن أمام محكمة أول درجة وأخصها استبعاد السيد/ "............." من قائمة المرشحين لعضوية مجلس الشورى - الدائرة الثالثة ومقرها مركز شرطة الباجور لعام 1998 على أن ينفذ الحكم بمسودته واحتياطياً: وقف الانتخابات المقررة لها يوم 7/ 6/ 1998 حتى يفصل فى الشق العاجل، وفى موضوع الطعن بإلغاء قرار لجنة فحص الاعتراضات المنوه به بالصحيفة وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 7/ 6/ 1998 قضت المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات" بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم والمتدخل بالمصروفات وأمرت بتنفيذ هذا الحكم بمسودته دون إعلان.
وإذ لم يرتض الطاعن ".............." هذا الحكم فأقام دعوى بطلان أصلية بموجب تقرير طعن أودعه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 22/ 8/ 1998 وقيدت بجدولها برقم 7875 لسنة 44 ق. عليا بطلب الحكم.
أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: وفى الموضوع ببطلان وإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا بدائرة أخرى للفصل فيها مجدداً والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 3307 لسنة 5 ق الصادر بجلسة 31/ 5/ 1998 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه المصروفات والأتعاب.
وبجلسة 24/ 2/ 2001 قضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث إن مبنى دعوى البطلان الأصلية الماثلة أن حكمى المحكمة الإدارية العليا سالفى الذكر قد شابهما البطلان والانعدام للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير الطعن وتوجز أسباب البطلان والانعدام التى شابت الحكم الأول فى الآتى:
1 - أن الحكم المطعون عليه اعتمد على صورة ضوئية من الحكم الصادر فى الطعنين رقمى 3104 و3998 لسنة 3 ق ولم تكن أصول أوراق هذين الطعنين قد ضمت على ملف الطعن المطروح على المحكمة كما لم يحسم هذا الحكم صفة العامل بالنسبة للطاعن وإنما ما ورد فيه كان تلخيصًا لما قاله الخصوم فى مذكراتهم فى هذا الشأن فضلاً عن أن المحكمة لم تستجب إلى طلبات الدفاع عن الطاعن على النحو الوارد بمحاضر الجلسات مما يشوب هذا الحكم بالبطلان.
2 - خلو الحكم الطعين من الأسباب القانونية الكافية لحمل قضائه حيث لم يشر فى حيثياته التى استند إليها وأقام عليها قضاءه إلا إلى حيثية واحدة أورد فيها أن الطاعن قد رشح نفسه فى انتخابات مجلس الشورى فى عام 1997 على أساس صفة عامل حسبما هو ثابت من الحكم الصادر فى الطعنين رقمى 3104 و3938 لسنة 43 ق. عليا ومن ثم يكون ما أورده الحكم الطعين لا يعد سبباً قانونياً يقوم عليه الحكم إذ هو محض اجتهاد من المحكمة فى إنهاء النزاع المطروح أمامها كما غض النظر إلى ما ورد بصحيفة الطعن.
3 - إن الحكم الطعين قد استند فى حيثياته إلى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 3104 و3938 لسنة 43 ق. عليا ولم يناقش موضوع الصفة ولم يتعرض لها وإنما ألغى الحكم المطعون فيه لسبب شكلى وهو تقديم الاعتراض بعد الميعاد ومن ثم لا يجوز هذا الحكم فيما يتعلق بالصفة أية حجية وبالتالى تكون الحيثية الوحيدة التى أوردها الحكم المطعون فيه قد لحقها البطلان وكانت عنواناً لوضوح القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال.
4 - إن هذا القضاء جاء على خلاف قضاء سابق لذات المحكمة وفى ذات الموضوع حيث سبق أن قضت بجلسة 17/ 11/ 1996 فى الطعنين رقمى 464 و466 لسنة 42 ق. عليا بوقفهما وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى مخالفة الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثامنة من قانون مجلس الشعب لأحكام المواد 8 و40 و87 و96 من الدستور - ولما كان طلب الطاعن "........" فى هذا الطعن يتعلق بذات النصوص المطعون عليها أمام المحكمة الدستورية العليا وكانت هذه الأخيرة لم تفصل بعد فى هذا النزاع لذلك كان جديراً بالمحكمة الإدارية العليا أن توقف الفصل فى الطعن حتى تفصل المحكمة الدستورية العليا فى المسألة المشار إليها وبالرغم من أن طلب الوقف كان مطروحاً أمام المحكمة مما يصم حكمها بالبطلان لصدوره على خلاف أحكام ومبادئ سابقة أرستها ذات الدائرة فى طعن سابق.
5 - بطلان الحكم المطعون فيه لعدم إعلان صحيفة الطعن ولعدم تمكين المدعى ( ) من تقديم المستندات حيث لم تمنحه أى أجل ولو ساعة واحدة حتى يمكنه تقديم المستندات الفاصلة والقاطعة فى النزاع.
6 - بطلان الحكم المطعون فيه للتزوير الذى لحق بمحضر جلستى 6/ 6 و7/ 6/ 1998 لأنه لم يثبت فيهما ما يفيد وكالة الأستاذ/ فتحى رجب عن المطعون ضده (أى الخصم المتدخل) ولم يثبت بمحضر جلسة 6/ 6/ 1998 حضور الخصم المتدخل مع الأستاذ/ فتحى رجب المحامى وإنما ثبت به حضوره عن المطعون ضده - وإن محضر جلسة 7/ 6/ 1998 قد أثبت حضور الأستاذ فتحى رجب مع المطعون ضده - فى حين أن الحكم المطعون فيه قد أورد حضور محامى الخصم المتدخل ولم يثبت به حضور الخصم المتدخل نفسه وهو يناقض ويستعصى على المواءمة ويرشح لثبوت التزوير والبطلان فضلاً عن أن محامى الخصم المتدخل لم يتمكن من الاطلاع على ملف الدعوى لا يوم 6/ 6 ولا يوم 7/ 6/ 1998 وأردف الطاعن أن بالرغم من الأسباب القاطعة التى أوردها فى البطلان والانعدام إلا أن المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - أصدرت حكمها الثانى المطعون فيه وقد تساند إلى أسباب الحكم الأول البطالة ولم تمكن المحكمة الطاعن ".........." فى هذا الحكم كمدعٍ بالتزوير من إبداء كامل دفاعه أو تطلب منه اتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير إذا شاء، ولما كان التزوير المنسوب إلى محضر الجلسة الذى بنى عليه الحكم الباطل المنعدم الأول لم ينل من المحكمة أى اهتمام وطرحته دون سبب، ولما كان الثابت أن صدور حكم متبنياً أسباب حكم باطل ومنعدم وكان الثابت أن هناك عيوباً جسيمة قد حاقت بالحكم الأول تمنع من اعتباره موجوداً منذ صدوره وأن ذات العيوب قد حاقت بالحكم الثانى فجعلته منعدماً لأسباب الحكم الأول، ومن ثم يكون قد فقد صفته من الأول ولا يرتب حجية الأمر المقضى وعلى ذلك فإنه يجوز إقامة دعوى مبتدأة للحكم ببطلان الحكمين معاً.
ومن حيث إنه من المقرر أنه إذا كانت دعوى البطلان الأصلية تعتبر إحدى صور الطعن فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - استثناءً - إذا انتفت عنه صفة الأحكام القضائية فإن هذه الدعوى تخضع لما تخضع له الطعون من أحكام - فيما عدا الميعاد - ومنها أن تتوافر للطاعن مصلحة فى الطعن وأن هذه المصلحة لا تقتصر على حالة عدم الحكم للطاعن ببعض طلباته أو كلها مما أقيم الطعن من أجله وإنما يجب أن تستمر هذه المصلحة قائمة فى شأن هذه الطلبات التى ابتدأ بها النزاع بين أطراف الخصومة إذ ثمة ارتباط بين قيام المصلحة فى الطعن وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية محل الطعن.
ومن حيث إنه من المقرر - طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن المصلحة هى مناط الدفع كما هى مناط الدعوى وإن شرط المصلحة فى الدعوى يتعين توافره ابتداء كما يتعين استمرار قيامه حتى صدور حكم نهائى وأن القاضى الإدارى بما له من هيمنة إيجابية كاملة على إجراءات الخصومة الإدارية فإنه يملك تقصى شروط قبولها واستمرارها دون أن يترك ذلك لإدارة الخصوم فى الدعوى. وبالتالى فعليه التحقيق من تواف شرط المصلحة وصفة الخصوم والأسباب التى بنيت عليها الطلبات ومدى جدوى الاستمرار فى الخصومة فى ضوء تغيير المراكز القانونية لأطرافها حتى لا يشغل القضاء بخصومات لا جدوى من ورائها.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن النزاع الماثل يدور بداءةً حول ترشيح الطاعن لنفسه لانتخابات التجديد النصفى لعام 1998 بصفة فلاح لمجلس الشورى عن الدائرة الثالثة ومقرها مركز شرطة الباجور المقرر إجراؤها يوم 6/ 6/ 1998 تأسيساً على ثبوت هذه الصفة له فى 15 من مايو 1971 طبقاً لحكم الفقرتين الأخيرتين من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 109 لسنة 1976 والتى كان يجرى نصها كالآتى: "فى تطبيق أحكام هذا القانون ويقصد بالفلاح...
- ويعتبر عاملاً من يعمل عملاً يدوياً أو ذهنياً فى الزراعة أو الصناعة أو الخدمات...
- ولا يعتد بتغيير الصفة من فئات إلى عمال وفلاحين إذا كان ذلك بعد 15 من مايو سنة 1971.
- ويعتد فى تحديد صفة المرشح من العمال أو الفلاحين بالصفة التى ثبتت له فى 15 من مايو سنة 1971 أو بصفته التى رشح على أساسها لعضوية مجلس الشعب".
وإذ ثبت أن الفقرتين الأخيرتين من المادة سالفة الذكر سند الطاعن فى طلباته قد ألغاهما المشرع صراحة بنص المادة الخامسة من القانون رقم 13 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية والقانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب والقانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى حيث تنص على أنه "تلغى الفقرتان الأخيرتان من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1982 المشار إليه".
كما نصت المادة السادسة من ذات القانون على أنه "ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشره"، وقد نشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية العدد 15 مكرراً فى 15/ 4/ 2000.
ومن حيث إن واقعاً قانونياً قد تكشف منشؤه وقوامه الحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 140 لسنة 18 ق. دستورية بجلسة 8/ 7/ 2000 وقضى بعدم دستورية نصى الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000.
ومتى كان ذلك وكان الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة إذا هى لا تستحدث جديداً ولا تنشئ مراكز أو أوضاعًا لم تكن موجودة من قبل بل إنها تكشف عن حكم الدستور أو القانون كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة فضلاً عن أن نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا قد قضى بعدم جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته من اليوم لتاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية فى الجريدة الرسمية ومن ثم بات متعيناً على قاضى الموضوع إعمالاً لهذا النص ألا ينزل حكم القانون المقضى بعدم دستوريته على المنازعة المطروحة عليه.
ومن حيث إنه متى ثبت مما تقدم أن المشرع عدل عن تثبيت الصفة السياسية للمرشح لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشورى على ما كنت عليه فى 15/ 5/ 1971 وعدم استصحاب المرشح من العمال أو الفلاحين صفته هذه التى كانت قد ثبتت له فى هذا التاريخ أو تلك التى رشح على أساسها لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشورى والاعتداد بما يطرأ عليها من تغيير ولما كان النزاع القائم بين المدعو/ "........." والطاعن يقتصر على طلب إلغاء قرار لجنة الاعتراضات الصادر برفض اعتراض الأول على ترشيح الطاعن "........." فى انتخابات التجديد النصفى لعضوية مجلس الشورى لعام 1998 عن دائرة الباجور بصفة فلاح الثابتة والملازمة له بعد 15 من مايو 1971 والقضاء مجدداً بقبول هذا الاعتراض وما يترتب عليه من آثار أخصها استبعاد الطاعن من قائمة المرشحين للانتخابات المقررة إجراؤها يوم 6/ 6/ 1998 وإذ يستند الطاعن فى تثبيت صفة الفلاح له لحكم الفقرتين الأخيرتين من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 سالف الذكر المقضى بعدم دستوريتهما واللتين تم إلغاؤهما تشريعياً اعتباراً من 16/ 4/ 2000 تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 13 لسنة 2000 المشار إليه فإذا كان ذلك فإن مصلحة الطاعن فى الاستمرار فى النزاع حول القرار المطعون فيه سالف الذكر قد زالت من تاريخ العمل بالقانون رقم 13 لسنة 2000 المشار إليه وبذلك لا يكون للطاعن أية مصلحة فى طعنه الماثل، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى لانتفاء المصلحة.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بعدم قبول الدعوى، وألزمت الطاعن المصروفات.