مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 637

(79)
جلسة 28 من إبريل سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وحسن عبد الحميد البرعى، وحسونة توفيق حسونة. - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وحضور السيد/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 2678 لسنة 46 قضائية. عليا:

مرفق اقتصادى - مرفق منطقة قصر المنتزه - طبيعة عقود الإيجار الصادرة من الشركة القائمة عليه.
مرفق منطقة قصر المنتزه بالإسكندرية والذى كانت تقوم عليه الشركة المساهمة المصرية للتعمير ثم شركة المنتزه للسياحة والاستثمار هو مرفق اقتصادى - العلاقة بين المرافق العامة الاقتصادية وبين المنتفعين بها علاقة عقدية تخضع لأحكام القانون الخاص - أساس ذلك أنه فضلاً عن أن تلك الأحكام تتفق مع طبيعة المرافق المذكورة ومع الأسس التجارية التى تسير عليها فإنه يتعين لاعتبار العقد إداريًا أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه، وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية من حيث اتصاله بمرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما يتضمنه من شروط غير مألوفة فى القانون الخاص - عقود الإيجار الصادرة من الشركة المساهمة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية التى كان قد آل إليها لفترة التزام استغلال منطقة قصر المنتزه وإدارتها تخلو من شروط استثنائية غير مألوفة فى القانون الخاص فتخضع هذه العلاقة التعاقدية لأحكام القانون الخاص دون أن ينال من ذلك تولى وزارة السياحة الإدارة والاستغلال المؤقت لمنطقة قصر المنتزه بعد انتهاء التزام الشركة المذكورة - ترتيباً على ذلك - لا يجوز قانوناً تعديل أو إنهاء عقد مدنى بإرادة الجهة الإدارية المنفردة - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الثلاثاء الموافق 8/ 2/ 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعويين رقم 4770 و4771 لسنة 39 ق والذى قضى فى منطوقة بإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من إنهاء عقدى إيجار الوحدة التى كان يستأجرها كل من الطاعنين بمنطقة المنتزه بمحافظة الإسكندرية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعن بصفته لأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعويين المطعون على حكمهما مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فيما يتعلق بطلب الإلغاء وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بعدة جلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 7/ 2/ 2004 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 10/ 3/ 2004 ونفاذاً لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسة المذكورة، وبجلسة 14/ 4/ 2004 قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلة اليوم.
وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبولا شكلاً.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 6/ 6/ 1985 أودع المطعون ضده الأول قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 4770 لسنة 39 ق وأودعت المطعون ضدها الثانية صحيفة الدعوى رقم 4771 لسنة 39 ق وطلب كل منهما فى ختام صحيفة دعواه الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 107 لسنة 83 الصادر من وزير السياحة بالإزالة الفورية لما أسمته الوزارة عدواناً على المنزل السكنى المؤجر لكل منهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقالا شرحاً لدعواهما إنه تحرر بين كل منهما وبين الشركة المساهمة المصرية للتعمير فى المنتزه والمقطم عقد إيجار شقة سكنية فى بلوك الأمناء بقصر المنتزه وبتاريخ 20/ 10/ 1979 صدر القرار الجمهورى رقم 425 بتسليم منطقة امتياز شركة المنتزه إلى وزارة السياحة.
وبتاريخ 1/ 12/ 1979 تعاقدت وزارة السياحة مع شركة المنتزه للسياحة والاستثمار على إدارة منطقة قصر المنتزه بتاريخ 24/ 2/ 1982 صدر قرار وزير السياحة والطيران المدنى رقم 43 لسنة 83 فى شأن تعديل بعض شروط تراخيص شغل كبائن الاستحمام والأماكن المؤجرة بقصر المنتزه وفى يونيو عام 1983 صدر القرار رقم 107 لسنة 1983 بإزالة التعدى الواقع على السكن بالطريق الإدارى ونعى المدعيان على هذا القرار مخالفته للقانون حيث إن عقد إيجار الشقة لكل منهما هو عقد مدنى يخضع لقانون إيجار الأماكن وليس عقداً إداريًا وليس هناك أى تعدٍ منهما فضلاً عن صدور هذا القرار من غير المختص بإصداره حيث صدر من وزير السياحة فى حين أن وزارة السياحة تعاقدت مع شركة المنتزه والاستثمار لإدارة منطقة المنتزه.
وخلص المدعيان إلى طلب الحكم بطلباتهما سالفة الذكر.
و بجلسة 29/ 1/ 1987 قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 24/ 3/ 1988 قضت المحكمة فى الشق العاجل من الدعوى بقبولها شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه تم الطعن على الحكم الصادر فى الشق العاجل من الدعوى بالطعن رقم 2005 لسنة 32 ق. ع حيث قضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 5/ 5/ 1996 بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء عقدى إيجار الوحدات التى كان يستأجرها كل من الطاعنين بمنطقة المنتزه بمحافظة الإسكندرية وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 11/ 12/ 1999 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه فى موضوع الدعوى بإلغاء القرار المطعون فيه وشيدت قضاءها على أن عقد الإيجار هو عقد مدنى ولا يجوز إنهاؤه بإرادة الجهة الإدارية المنفردة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون.
وخلصت المحكمة إلى قضائها المطعون فيه ولم يلق هذا القضاء قبول الطاعن فأقام طعنه الماثل ناعياً عليه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله حيث إن المستقر عليه فى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن القصور المصادرة من أسرة محمد على ومن بينها قصر المنتزه بالإسكندرية تعتبر من الأموال العامة وأن محل العقد المبرم بين المطعون ضدهما وشركة المنتزه والمقطم والتى حلت محلها فيها وزارة السياحة ثم شركة المنتزه للسياحة والاستثمار هو الانتفاع بمال عام وليست العلاقة هنا علاقة إيجاريه عادية تخضع لقانون إيجار الأماكن أو القانون المدنى حيث إن الأموال العامة ذات طبيعة خاصة مخصصة لأغراض النفع العام بما يتنافى مع عقود الإيجار لاسيما وأن الشركة المتعاقد معهما كان يربطها بالدولة عقد التزام باستغلال مرفق عام هو مرفق السياحة والاصطياف بمنطقة قصر المنتزه السياحية وأنه يجوز لجهة الإدارة بمقتضى الطعن المشار إليه باعتبارها مانحة الالتزام باستغلال مرفق عام أن تتدخل فى مجال العلاقة التعاقدية التى تربط الملتزم بالمنتفعين بالخدمات التى يؤدونها للمرفق العام موضوع عقد الالتزام.
وخلص الطاعن فى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل يدور حول ما إذا كان عقد إيجار الشقة لكل من المطعون ضدهما فى بلوك الأمناء بقصر المنتزه هو عقد إيجار مدنى لا يجوز فسخه أو تعديله بقرار إدارى أم أن محل هذا العقد هو الانتفاع بمال عام ومن ثم لا يصح الادعاء بأن العلاقة التى تربط الطاعنين بالشركة المتعاقدة معها علاقة إيجاريه عادية.
ومن حيث إن الأوراق خلت من هذا العقد رغم تداول الموضوع بمحاكم مجلس الدولة منذ حوالى عشرين عاماً غير أن الجهة الإدارية لم تنكر وجود هذا العقد أو تجحد ما ذكره المطعون ضدهما عن مضمونه، والثابت بالأوراق بل خلاف عليه بين الخصوم أن المطعون ضدهما قد تعاقدا مع الشركة المساهمة المصرية للتعمير على إيجار شقة لكل منهما فى بلوك الأمناء بقصر المنتزه وبتاريخ 30/ 10/ 1979 صدر قرار جمهورى رقم 435 لسنة 1979 بتسليم منطقة امتياز شركة المنتزه إلى وزارة السياحة وفى 1/ 12/ 1979 تعاقدت وزارة السياحة مع شركة المنتزه للسياحة والاستثمار على إدارة منطقة قصر المنتزه على أن تتولى الشركة إدارة المنطقة بالكامل ولها الحق فى التصرف فى كافة أعمال التشغيل وفى 24/ 2/ 1982 أصدر وزير السياحة قراره رقم 43 الذى قضى بتعديل بعض شروط ترخيص شغل كبائن الاستحمام والأماكن المؤجرة بقصر المنتزه على أن يقوم المرخص لهم بتعديل أوضاعهم وفق هذا القرار، ولما لم يرتض المطعون ضدهما تعديل أوضاعهما صدر القرار المطعون فيه رقم 107 لسنة 83 بإزالة تعديهما على السكن المؤجر لهما.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة عند فصلها فى الطعن على الحكم الصادر فى الشق العاجل من الدعوى بهيئة مغايرة جرى على أنه من حيث إن مرفق منطقة قصر المنتزه بالإسكندرية والذى كانت تقوم عليه الشركة المساهمة المصرية للتعمير ثم شركة المنتزه للسياحة والاستثمار هو مرفق اقتصادى وأن من المستقر عليه أن العلاقة بين المرافق العامة الاقتصادية وبين المنتفعين بها علاقة عقدية تخضع لأحكام القانون الخاص، إذ فضلاً عن أن تلك الأحكام تتفق مع طبيعة المرافق المذكورة ومع الأسس التجارية التى تسير عليها فإنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه، وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية من حيث اتصاله بمرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما يتضمنه من شروط غير مألوفة فى القانون الخاص وهذه الخصائص والمقومات لا تتوافر فى العقود التى تحكم العلاقة بين الطرفين - المرفق الاقتصادى وبين المنتفعين به، خاصة إذا كان القائم عليه ليس جهة إدارية تعمل بوصفها سلطة عامة وهذا هو ما ينطبق على عقد الإيجار سند الطاعنين (المطعون ضدهما) لصدوره من الشركة المساهمة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية التى كان قد آل إليها - لفترة - التزام استغلال منطقة قصر المنتزه وإدارتها لخلو هذا العقد من شروط استثنائية غير مألوفة فى القانون الخاص إذ تكون العلاقة الناشئة عن هذا العقد قامت بين شخص أو أشخاص القانون الخاص والطاعنين، فتخضع هذه العلاقة إلى أحكام القانون الخاص دون أن ينال من ذلك تولى وزارة السياحة الإدارة والاستغلال المؤقت لمنطقة قصر المنتزه بعد انتهاء التزام الشركة القائمة بإدارتها واستغلالها طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 435 لسنة 1979 واعتبار المنطقة المذكورة من المناطق السياحية بالقرار الوزارى رقم 319 لسنة 1980، ثم تولى شركة المنتزه للسياحة والاستثمار إدارة واستغلال هذا المرفق بموجب عقد إدارة أبرمته وزارة السياحة مع هذه الشركة لحساب وزارة السياحة وتحت إشرافها فكل هذه الأوضاع ليس من شأنها تغيير طبيعة المرفق القائم بهذا النشاط أو تغيير طبيعة العلاقة بين المرفق والمنتفع به فتظل خاضعة لقواعد القانون الخاصة كما كانت خاضعة له قبل انتهاء التزام الشركة خاصة وأن العقد الذى نشأ من الأصل مدنى ولا يمكن أن ينقلب بمقتضى قواعد عامة تنظيمية إلى عقد إدارى.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فلا يجوز قانوناً تعديل أو إنهاء عقد مدنى بإرادة الجهة الإدارية المنفردة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر بحسب الظاهر مخالفاً للقانون.
ولا ينال مما تقدم القول بأن أموال محمد على هى أموال عامة أو أن محل العقد هو الانتفاع بمال عام حيث خلا العقد من أى نص يخلع عليه صفة العقد الإدارى ولم يتضمن أى أحكام أو قواعد غير مألوفة فى القانون الخاص أو استثنائية بل على العكس نص هذا العقد - حسبما ذهب المطعون ضدهما ولم تنكره جهة الإدارة - على أن أى نزاع بشأنه يخضع للمحاكم المدنية والدولة لم تكن طرفاً فيه وعليه فلا يجوز إنهاؤه بقرار إدارى منفرد حيث لجأ المطعون ضده الأول إلى النيابة العامة التى أصدرت قرارها فى المحضر رقم 5140 لسنة 83 حيث خلصت النيابة العامة فى قرارها إلى أن عقد الإيجار موضوع الدعوى هو عقد مدنى وأن وزارة السياحية قد خلفت الشركة المؤجرة ومن ثم فهى ملزمة بذلك.
ولا ينال منه كذلك ما ساقه الطاعن فى تقرير الطعن حول الطبيعة القانونية للمرفق العام وعقود امتياز منطقة المنتزه بالإسكندرية وإسباغ الصفة الإدارية عليها حيث إن ذلك كله ليس محل الطعن الماثل أو الدعوى التى أقامها كل من المطعون ضدهما ابتداء حيث إنه أياً كان الرأى فى التكييف القانونى لمرفق المنتزه وعقود امتياز إدارة وتشغيل والتصرف فى قصر المنتزه فإن ذلك لا ينال من عقد إيجار الشقة المبرم فيما بين الشركة المساهمة للتعمير فى المنتزه والمقدم وبين كل من المطعون ضدهما الذى يظل عقداً خاضعاً للقانون الخاص ويلتزم كل مؤجر ينتقل إليه حق امتياز المنطقة بالحقوق والالتزامات الناشئة عن هذا العقد، ولا يجوز الافتئات على حقوق المطعون ضدهما بفسخ العقد بالإدارة المنفردة لأى جهة وبغير الالتجاء إلى القضاء المدنى المختص بذلك فى الأحوال التى تجيز ذلك الفسخ، ولا يجوز من باب أولى طرد المطعون ضدهما من الشقة المؤجرة لكل منهما بمقولة تعديهما على أموال عام فى حين أن الواقع وظاهر الحال يقطعان بأن لدى كل منهما سند جدى يتمثل فى عقد الإيجار لوضع يدهما على العين محل التداعى ومن حيث ذهب الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يكون متفقاً مع صحيح الواقع والقانون ويكون طلب إلغائه قائماً على غير سند من القانون متعينًا رفضه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.