مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 748

(93)
جلسة 12 من يونيو سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى عبد المجيد مسلم - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، وعلى محمد الششتاوى إبراهيم، وأحمد محمد حامد، ود. محمد كمال الدين منير - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد عبد المجيد إسماعيل - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد حسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 688 لسنة 46 قضائية. عليا:

تخطيط عمرانى - اعتماد التقاسيم الخاصة - أثره - انتقال ملكية المساحات المخصصة للمنفعة العامة من المقسم إلى الدولة.
المادة (16) من قانون التخطيط العمرانى الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1982.
المادة (87) من القانون المدنى والمادة (26) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979.
المشرع رتب بقوة القانون على صدور القرار باعتماد التقسيم وقائمة شروطه الخاصة انتقال المساحات المخصصة للمنفعة العامة من شوارع وميادين وحدائق وغيرها من ملكية المقسم إلى ملكية الدولة واعتبارها من الأملاك العامة وأجاز للمقسم مؤقتاً الانتفاع بهذه المساحات على أن تتم تهيئتها وإعدادها للأغراض المخصصة لها شريطة عدم تغيير معالمها أو إقامة أى منشآت أو أعمال عليها إلاَّ بموافقة الجهة المختصة بشئون التخطيط والتنظيم - مؤدى ذلك - متى صدر قرار التقسيم اعتبرت المساحات المخصصة للمنفعة العامة من شوارع وميادين وغيرها من أملاك الدولة العامة ويسرى عليها ما يسرى على أملاك الدولة العامة من قيود وضوابط - لا يجوز قانوناً البناء على أملاك الدولة العامة خاصة الشوارع وأى ترخيص يصدر فى هذا الشأن يكون منعدماً - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأحد الموافق 31/ 10/ 1999 أودع الأستاذ/ حنا كامل المحامى نائباً عن الأستاذ/ عبد العزيز إبراهيم البرعى بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا الطعن المقيد برقم 688 لسنة 46 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارة (الدائرة الثالثة بالإسكندرية)فى الشق الموضوعى من الدعويين رقمى 5517، 5524 لسنة 51 ق بجلسة 5/ 9/ 1999 والقاضى فى منطوقة بقبول تدخل الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بشركة (أى. سى. إل) خصمًا منضمًا للإدارة، وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 641 لسنة 195 الصادر من رئيس حى العامرية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلبت الجمعية الطاعنة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعويين رقمى 5517، و5524 لسنة 51 وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل بجلسة 27/ 6/ 2000 وما تلاها من جلسات وخلالها قدم المطعون ضده الأول حافظة حوت صورًا من قرار اعتماد وتجزئة قطعة الأرض المملوكة للمطعون ضده الأول وترخيص البناء رقم 172 لسنة 1993 وكروكى للمنطقة ومذكرة بالدفاع خلص فى ختامها إلى طلب رفض الطعن، كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بالدفاع أشارت فى نهايتها إلى أنها تنضم إلى الطاعن فى طلباته، وبجلسة 22/ 1/ 2002، قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الخامسة/ موضوع لنظره بجلسة 14/ 4/ 2002 حيث نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية وفياه قدم الطاعن ثلاث حوافظ مستندات وست مذكرات بدفاعه، بينما قدم المطعون ضده الأول أربع حوافظ مستندات وأصل الترخيص رقم 172 لسنة 1993 وأربع مذكرات بدفاعه، وكذلك قدمت الجهة الإدارية المطعون ضدها مذكرة بدفاعها صممت فيها على انضمامها إلى الطاعن فى طلباته، وبجلسة 20/ 3/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن أقيم فى الميعاد المقررة قانونًا واستوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الفصل فى الموضوع يغنى عن الفصل فى الشق العاجل من الطعن.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى إقامة المدعى (المطعون ضده الأول) الدعوى رقم 5517 لسنة 51 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى (دائرة الإسكندرية فى 15/ 6/ 1997 طالبًا فى ختام صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس حى العامرية رقم 641 لسنة 1995 فيما تضمنه من إزالة جزء من السور السابق الترخيص به بموجب الترخيص رقم 172 لسنة 1993 وما يترتب على ذلك من آثار تأسيساً على مخالفة القرار المطعون فيه للواقع والقانون لأن بناء السور تم بالترخيص رقم 172 لسنة 1993، فضلاً عن صدور القرار رقم 409 لسنة 1991 باعتماد تنظيم المنطقة المقام بها السور، وأن الهدف من القرار المطعون فيه هو إنشاء طريق فى أرض خاصة رغم وجود طريق آخر يقع شرق الطريق المقترح ومجاور له وبذلك خلص المدعى إلى طلباته.
ثم بتاريخ 18/ 6/ 1997 أقام المدعى (المطعون ضده الأول) الدعوى الثانية والمقيدة برقم 5524 لسنة 51 ق أمام ذات المحكمة وبذات الطلبات.
ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعويين على النحو الثابت الأوراق ثم قررت بجلسة 25/ 12/ 1997 ضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، ثم بجلسة 28/ 5/ 1998 قضت المحكمة بقبول الدعويين شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وإثر تقديم هيئة مفوضى الدولة لتقريرها فى موضوع الدعويين عاودت المحكمة المذكورة بهيئة مغايرة - نظر موضوع الدعويين، وخلاله حضر وكيل عن الجمعية الطاعنة وطلب تدخله خصمًا منضمًا للجهة الإدارية فى طلب رفض الدعويين، وبجلسة 5/ 9/ 1999 قضت المحكمة بحكمها المطعون فيه وشيدت قضاءها بالنسبة لقبول طلب تدخل الجمعية الطاعنة على توافر مصلحتها فى التدخل لكونها مالكة لقطعة الأرض الكائنة خلف أرض المدعى وبالنسبة للموضوع على أن القرار المطعون فيه الصادر من رئيس حى العامرية بموجب التفويض الصادر من محافظ الإسكندرية بإزالة جزء من السور صدر من سلطة غير مختصة بحسبان أن المخالفة تتمثل فى التعدى على خط التنظيم وبالتالى يتعين صدور القرار من المحافظ المختص شخصياً.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير الطعن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان المشروعية والقانون غير مقيدة فى هذا الشأن بطلبات الطاعن أو الأسباب التى يرتكن إليها فى تقرير طعنه.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه بصرف النظر عما أشار إليه دفاع الجمعية الطاعنة، فإن مناط النزاع فى الطعن الماثل يتوقف على تبيان ما إذا كان هناك شارع معتمد من عدمه ضمن التقسيم المشار إليه، وأن المطعون ضده الأول قام بسد هذا الشارع بالبناء، أياً كان السند فى تقريره حيث اختلفت الأطراف حول ذلك فذهبت الجمعية الطاعنة إلى أن الشارع المذكور معتمد طبقًا لقرار محافظ الإسكندرية رقم 17 لسنة 1971 بالتخطيط الشامل لمنطقة كينج مريوط، بينما أشارت الجهة الإدارية إلى أن الشارع محل النزاع قائم بالطبيعة ومستطرق (قرار محافظ الإسكندرية رقم 828 لسنة 2000)، فى حين ذهب المطعون ضده الأول فى بداية الأمر إلى نفى وجود أى شارع مملوك للدولة وأنه صدر لقطع الأرض المملوكة له (اتحاد ملاك البارون بكينج مريوط) بالعقد المسجل رقم 40 لسنة 1955 دمنهور، قرار التجزئة رقم 409 لسنة 1991 ثم ترخيص البناء رقم 172 لسنة 1993 لإقامة سور حول الأرض بكاملها، إلا أنه بعد تقديم الجمعية الطاعنة لكتاب مديرية المساحة بالإسكندرية رقم 137 فى 11/ 3/ 2003 الموجه إليها والمتضمن وجود شارع بتقسيم البير فيلكس على خريطة التقسيم بعرض (20) مترًا (حافظة مستندات الجمعية بجلسة 6/ 7/ 2003) مستند 4، عاد المطعون ضده الأول وقدم ذات الكتاب مشيرًا إلى أن هذا الشارع هو ضمن أحد الشوارع الداخلية للتقسيم المعتمد والذى يخدم اتحاد ملاك البارون ولم يتم نزع ملكيته لوجوده ضمن المسطح المسجل علماً بأن جمعية (أى سى. إل) الطاعنة، وجمعية القضاء تم تخصيص أرضهما من جانب محافظ الإسكندرية ولا تقع فى تقسيم البيرفيلكس المسجل.
ومن حيث إنه يبين من السرد السابق بالقدر اللازم للفصل فى هذا النزاع فى ضوء ما خلص إليه الأطراف لاسيما المطعون ضده الأول أنه لا خلاف بينهم حول وجود الشارع المشار إليه، وأن الخلاف ينحصر فيما إذا كان الشارع المذكور يعد من أملاك الدولة العامة، أم أنه طريق خاص داخل التقسيم ولم يتم نقل ملكيته إلى المال العام للدولة، وبهذه المثابة فقد نصت المادة (16) من قانون التخطيط العمرانى الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1982 على أن "يصدر باعتماد التقسيم وقائمة الشروط الخاصة به قرار المحافظ خلال شهر من تبليغه بموافقة الوحدة المحلية ويترتب على صدور القرار أن تعتبر من الأملاك العامة المساحات المخصصة للشوارع والميادين والحدائق للمنتزهات العامة، وللمقسم حق الانتفاع مؤقتاً وبغير مقابل بالأراضى المخصصة للأغراض المذكورة إلى أن تتم تهيئتها للغرض الذى خصصت من أجله فى قرار التقسيم بشرط ألا يغير من معالمها أو أن يقيم عليها أية منشآت أو أعمال إلا بموافقة الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدة المحلية".
ومن حيث إن مفاد النص سالف الذكر أن المشرع رتب بقوة القانون على صدور القرار باعتماد التقسيم وقائمة شروطه الخاصة انتقال المساحات المخصصة للمنفعة العامة من شوارع وميادين وحدائق وغيرها من ملكية المقسم إلى ملكية الدولة واعتبارها من الأملاك العامة وأجاز للمقسم مؤقتاً الانتفاع بهذه المساحات على أن تتم تهيئتها وإعدادها للأغراض المخصصة لها شريطة عدم تغيير معالمها أو إقامة أية منشآت أو أعمال عليها إلاَّ بموافقة الجهة المختصة بشئون التخصيص والتنظيم، الأمر الذى مقتضى إعماله ولازمه أنه متى صدر قرار التقسيم اعتبرت المساحات المخصصة للمنفعة العامة من شوارع وميادين وغيرها من أملاك الدولة العامة ويسرى عليها ما يسرى على أملاك الدولة العامة من قيود وضوابط خاصة تلك المنصوص عليها فى المادة (87) من القانون المدنى التى نصت على أن "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة التى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص". وكذلك فى المادة 26 من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون بقم 43 لسنة 1979 التى تنص بدورها على أن " ..... وللمحافظ أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى".
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع النزاع يبين أن قطعة الأرض المملوكة للمطعون ضده الأول تقع ضمن تقسيم معتمد هو تقسيم البيرفيلكس وأنه طبقاً لخريطة التقسيم يوجد شارع بعرض (20) م، وأن المطعون ضده تقدم للجهة الإدارية المختصة لتجزئة ذلك التقسيم طبقًا للمادة (17) من قانون التخطيط العمرانى باعتباره واقعاً على شوارع قائمة فصدر قرار رئيس حى العامرية رقم 409 لسنة 1991 باعتماد وتجزئة قطعة الأرض المشار إليها فى 15/ 12/ 1991 ثم حصل على الترخيص رقم 172 لسنة 1993 فى 23/ 11/ 1993 لبناء سور حول قطعة الأرض المذكورة، حيث قام ببناء سور يضمن سد الشارع المشار إليه من الناحيتين البحرية والقبلية بيد أن الجمعية الطاعنة قامت بمخاطبة المطعون ضده الأول بفتح الشارع المذكور فى 28/ 9/ 1994 إلا أنه رفض طلبها فى 12/ 10/ 1994 مما حدا بها إلى التقدم إلى رئيس الحى المطعون ضده الذى أصدر قراره المطعون فيه بإزالة السور الذى يسد الشارع من الجهتين البحرية والقبلية إعمالاً لقرار التفويض رقم 96 لسنة 1979، الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر لمواجهة التعدى الحاصل من المطعون ضده على الشارع المشار إليه بسده بسور ويكون صادرًا من السلطة المختصة بإصداره مما يتعين معه القضاء برفض الدعويين.
ولا ينال من سلامة ذلك القضاء ما أشار إليه المطعون ضده من حصوله على ترخيص لبناء سور إذ إنه أياً كان الرأى فى صحة الترخيص المذكور من عدمه فإنه لا يجوز قانونًا البناء على أملاك الدولة العامة خاصة الشوارع وأن أى ترخيص يصدر فى هذا الشأن يكون منعدماً، لا سيما وأن ما أشار إليه المطعون ضده من أن الشارع المشار إليه لم تنتقل ملكيته للدولة غير صحيح على ما سلف بيانه خاصة وأنه قد أوضح فى طلبه المقدم لمحافظ الإسكندرية أن شوارع التقسيم تم رصفها وإضاءتها فى عام 1994 بما مفاده أن هذه الشوارع تم تهيئتها للغرض المخصصة من أجله ومن ضمنها الشارع محل النزاع وبالتالى لا يثور أى شك فى اعتباره من الأملاك العامة التى انتقلت إلى الدولة ومن ثم لا يحوز التعدى عليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا النظر مخالفاً بذلك صحيح القانون فقد أضحى حقيقًا بالإلغاء، وهو ما تقضى به المحكمة والقضاء مجدداً فى الدعويين رقمى 5517، 5524 جلسة 51 ق برفضهما موضوعًا مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعويين رقمى 5517، 5524 لسنة 51 القضائية إدارى الإسكندرية موضوعًا وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات.