مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 797

(99)
جلسة 23 من يونيو سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد عبد الحميد البرعى. - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبد الستار محمد - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3116 لسنة 45 قضائية. عليا:

رى وصرف - الأملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف - إزالة التعديات عليها إداريًا. حقيقة إنذار المتعدى بإعادة الوضع لأصله.
المواد (5) و(9) و(98) من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984.
المشرع حمل الأراضى المملوكة ملكية خاصة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل أو الترع أو المصارف العامة والواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين مترًا وخارج منابع الترع والمصارف لمسافة عشرين متراً بقيود منها عدم جواز إجراء أى عمل بتلك الأراضى أو إجراء أى حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير فى التيار تأثيراً يضر بسلامة الجسور وذلك دون الحصول على ترخيص من وزارة الرى. كما حظر المشرع إجراء أى عمل داخل حدود الأملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف دون ترخيص بذلك من وزارة الرى - لمهندس الرى عند وقوع تعدٍ على منافع الرى والصرف أن يكلف المستفيد من التعدى بإعادة الوضع لأصله فى موعد يحدده على نفقة المخالف ويتم إخطاره بخطاب مسجل - الإنذار المشار إليه ليس إجراءً ضرورياً أو جوهرياً أو حتى واجباً على مهندس الرى، وإنما هو الخيار بين إنذار المخالف لإزالة أسباب المخالفة على نفقته أو استصدار قرار بإزالتها بالطريق الإدارى خاصة فى الحالات العاجلة - ليس فى ترك الخيار الأول بتوجيه إنذار للمخالف ليزيل هو أسباب المخالفة على نفقته ثَمَّ مخالفة للقانون الذى لم يرتب البطلان كجزاء على إغفاله، حيث لا بطلان إلا بنص - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء الموافق 3/ 3/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين فى الطعن الأول، كما أودع الطاعن بصفته فى الطعن الثانى قلم كتاب المحكمة تقريرين بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الدعوى رقم 2987 لسنة 49 ق. والذى قضى فى منطوقة بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفتهم للأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعنين انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظرت الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعنين بعدة جلسات، وبجلسة 4/ 11/ 2002 قررت إحالتهما للدائرة السادسة عليا للاختصاص، حيث نظرتهما هذه الدائرة وقررت بجلسة 15/ 4/ 2003 ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد للارتباط.
وبجلسة 3/ 6/ 2003 قررت إحالة الطعنين إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظرهما بجلسة 23/ 9/ 2003 ونفاذًا لذلك ورد الطعنان إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسة المذكورة والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 5/ 5/ 2004 قررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية فهما مقبولان شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 20/ 4/ 1995 أودع المطعون ضده بقلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية صحيفة الدعوى رقم 2987 لسنة 49 ق طالبًا فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإدارة العامة لصرف شمال البحيرة رقم 38 لسنة 1995 فيما تضمنه من إزالة التعدى المنسوب إليه، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إنه يمتلك العقار رقم... مكرر شارع عبد المنعم رياض بمنطقة نادى الصيد قسم محرم بك بالشراء من جهاز حماية أملاك الدولة وفوجئ بصدور القرار المطعون فيه بمقولة تعديه على منافع مصرف نزار مياه الشرب، وذلك بالمخالفة للحقيقة حيث يبعد العقار ملكه عن المصرف بمسافة (10) أمتار والمسافة المقررة هى (6) أمتار وأنه يضع يده على الأرض محل العقار منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً ويقيم فيها وأسرته وأنه سبق صدور قرار من المجلس الشعبى المحلى باعتماد منطقة نادى الصيد على طبيعتها الجغرافية مما يستلزم عدم إزالة أى عقار فيها.
وخلص فى صحيفة دعواه إلى طلب الحكم بطلباته.
وبجلسة 6/ 7/ 1996 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبجلسة 4/ 1/ 1999 أصدرت المحكمة حكها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأسسته بعد سرد بعض أحكام قانون الرى والصرف على سند من القول إن الإنذار وتكليف المستفيد بإعادة الشيء لأصله وفقًا لما حددته المادة (98) يعد إجراءً جوهرياً يترتب على إغفاله بطلان قرار الإزالة الصادر بناء عليه، وأن الثابت بالأوراق أن المدعى أقام بناءً على مساحة 80 م2 بر أيسر على منافع صرف نزار مياه الشرب بمنطقة نادى الصيد قسم محرم بك وحرر المهندس المختص محضرًا بإثبات هذا التعدى وخلا هذا المحضر مما يفيد إخطار المدعى بإعادة الشيء إلى أصله كما خلا قرار الإزالة المطعون فيه مما يفيد تكليفه بذلك وعليه يكون هذا القرار قد صدر دون اتباع إجراء جوهرى نص عليه القانون مما يجعله مخالفاً للقانون، وخلص الحكم إلى قضائه المتقدم ذكره.
لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فأقاموا طعنيهما الماثلين ناعين عليه الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله حيث إن الثابت بالأوراق تعدى المطعون ضده على منافع مصرف مياه نزار مياه الشرب بمنطقة نادى الصيد وأنه تحرر عن ذلك محضر بالمخالفة واتخذت الإجراءات القانونية لإزالة المخالفة، حيث الثابت من المستندات المقدمة بجلسة 14/ 12/ 1995 أنه تم إرسال إنذار للمخالفين بموجب كشف ورد اسم المطعون ضده به تحت مسلسل (38) كما أن الجهة الإدارية خاطبت رئيس النيابة ومأمور القسم لإخطار المخالفين لإعادة الشيء إلى أصله فى مدة أقصاها أسبوعان وإلا سيتم التنفيذ بالطريق الإدارى، فضلاً عن أن هذا الإنذار هو إجراء تنظيمى مقرر لمصلحة الجهة الإدارية إن شاءت قامت به وإلا قامت بإزالة الأعمال المخالفة على نفقة المخالف، كما أن القانون لم ينص على البطلان فى حالة عدم الإنذار ولا بطلان إلا بنص. وخلص الطاعنون فى تقريرى طعنهم إلى طلب الحكم بطلباتهم.
ومن حيث إن المادة (5) من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984 تنص على أن: "تحمل بالقيود الآتية لخدمة الأغراض العامة للرى والصرف الأراضى المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل أو الترع والمصارف العامة وكذلك الأراضى الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين مترًا وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين مترًا: أ -...... ب -.... ج - لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الرى إجراء أى عمل بالأراضى المذكورة أو إحداث حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير فى التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور أو بأراضى أو منشآت أخرى".
ونصت المادة (9) على أنه "لا يجوز إجراء أى عمل خاص داخل حدود الأملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف أو إحداث تعديل فيها إلا بترخيص من وزارة الرى وطبقاً للشروط التى تحددها ويمنح الترخيص لمدة لا تزيد على عشر سنوات قابلة للتجديد...".
ومفاد النصوص المذكورة أن المشرع حمل الأراضى المملوكة ملكية خاصة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسر النيل أو الترع والمصارف العامة والواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين متراً وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين متراً بقيود منها عدم جواز إجراء أى عمل بتلك الأراضى أو إجراء أى حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير فى التيار تأثيراً يضر هذه الجسور وذلك دون الحصول على ترخيص من وزارة الرى، كما حظر المشرع كذلك إجراء أى عمل داخل حدود الأملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف دون ترخيص بذلك من وزارة الرى، وفى هذه الحالة يُمنح الترخيص لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد".
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد أقام بناءً على مساحة 10 × 80 م2 عند الكيلو 120 بر أيسر على منافع صرف نزار مياه الشرب بمنطقة نادى الصيد قسم محرم بك بالإسكندرية بدون ترخيص بذلك من الجهة المختصة متعديًا بهذا البناء على منافع الصرف فتم تحرير محضر بهذه المخالفة وصدر القرار المطعون فيه بإزالة هذا التعدى، فإن القرار يكون صحيحًا قائمًا على سببه لخلو الأوراق مما يفيد حصول المطعون ضده على ترخيص بهذا البناء الذى تعدى على منافع الصرف.
ولا يحاج هنا بنص المادة (98) من قانون الرى والصرف المشار إليه والتى تنص على أن "لمهندس الرى عند وقوع تعدٍ على منافع الرى والصرف أن يكلف من استفاد من هذا التعدى بإعادة الشيء لأصله فى ميعاد يحدده وإلا قام بذلك على نفقته، ويتم إخطار المستفيد بخطاب مسجل وفى الحالات العاجلة بإشارة تبلغ عن طريق مركز الشرطة المختص وإثبات هذه الإجراءات فى محضر المخالفة الذى يحرره مهندس الرى.
فإذا لم يقم المستفيد بإعادة الشيء لأصله فى الموعد المحدد يكون لمدير عام الرى المختص إصدار قرار بإزالة التعدى إداريًا...." والقول بأن الإنذار المنصوص عليه فى هذه المادة هو إجراء جوهرى يترتب على إغفاله بطلان القرار الصادر بالإزالة يجافى المنطق القانونى السليم، ويخل بالحماية التى أسبغها المشرع على منافع الرى والصرف وسرعة التصدى لأى اعتداء عليها وإزالته فورًا بالطريق الإدارى لاسيما وأن هذا الإنذار ليس إجراءً ضروريًا أو جوهرياً أو حتى واجبًا على مهندس الرى وإنما يستفاد من سياق هذا النص أن مهنس الرى بالخيار إما بإنذار المخالف لإزالة أسباب المخالفة على نفقته أو استصدار قرار بإزالتها بالطريق الإدارى خاصة فى الحالات العاجلة، فإذا قدر مهندس الرى خطورة التعدى وضرورة إزالته بالسرعة الممكنة استصدار القرار بالإزالة بالطريق الإدارى حمايةً لمنافع الرى والصرف، وليس فى ترك الخيار الأول بتوجيه إنذار للمخالف ليزيل هو أسباب المخالفة على نفقته أية مخالفة للنص الذى لم يرتب البطلان كجزاء على إغفاله، حيث لا بطلان إلا بنص وأنه بتطبيق ما تقدم على الحالة الماثلة حيث تم عمل محضر بالمخالفة وإخطار مأمور القسم والنيابة المختصة بأسماء المخالفين ومن بينهم المطعون ضده ثم صدر القرار المطعون فيه بإزالة التعدى بالطريق الإدارى، ومن ثم يكون هذا القرار والحال كذلك متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون طلب إلغائه قائمًا على غير سند من الواقع أو القانون.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة فإنه يكون غير صحيح جديرًا بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يُلزم بمصروفاته، عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده فى الطعنين المصروفات.