أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 861

جلسة 4 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وطه دنانه.

(194)
الطعن رقم 179 لسنة 42 القضائية

( أ ) دعارة. جريمة. "أركانها". قانون. قوادة دولية.
المادة 3/ 1 من القانون 10 لسنة 1961 بمكافحة الدعارة. تضمنها نوعين من جرائم القوادة الدولية: الأول: تحريض شخص على مغادرة البلاد بقصد البغاء أو استخدام شخص موجود فيها بقصد ممارسة البغاء خارجها. إمكان توافر عناصر هاتين الجريمتين دونما نظر لمغادرة المجنى عليه البلاد أو عدم مغادرتها.
النوع الثانى: جريمة إصطحاب شخص من داخل البلاد إلى خارجها بقصد البغاء لا تتم إلا بمغادرة المجنى عليه البلاد ولا تتطلب إلا إصطحاب المتهم له إلى الخارج لهذا القصد. إثبات الحكم فى حق الطاعنة إرتكابها جريمة النوع الثانى من اصطحابها المتهمة الثانية معها خارج الجمهورية للاشتغال بالدعارة. لا محل للنعى بأن ما قارفته لا يعد من ضروب التحريض على إرتكاب الفحشاء الذى يدخل فى عداد النوع الأول من جرائم القوادة الدولية.
(ب) محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات: "شهود". حكم: "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل". تسبيبه "تسبيب غير معيب".
حرية محكمة الموضوع فى استمداد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه. لها التعويل على أقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت ما شهد به فى مرحلة أخرى. ما دامت لها مأخذ صحيح فى الأوراق ولا ينازع المتهم فى صحة نسبتها إليه.
(ج) إثبات. "اعتراف". اكراه. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع. "الدفع باكراه المتهم".
عدم الدفع بأن اعتراف المتهمة الثانية كان وليد اكراه أو التقدم بأى طلب فى هذا الصدد. عدم جواز النعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. عدم جواز النعى بذلك الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - تنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة على "أن من حضر ذكرا لم يتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية أو أنثى أيا كان سنها على مغادرة الجمهورية العربية المتحدة أو سهل له ذلك أو استخدمه أو صحبه معه خارجها للاشتغال بالفجور أو الدعارة وكل من ساعد على ذلك مع علمه به يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة...." ومفاد ذلك أن هذه المادة تضمن حكمها نوعين متميزين من جرائم القوادة الدولية أولهما جريمة تحريض شخص على مغادرة البلاد بقصد البغاء أو استخدام شخص موجود فيها بقصد ممارسة البغاء خارجها، وقد تتوافر عناصر هاتين الجريمتين فى إقليم الدولة بصرف النظر عن مغادرة المجنى عليه البلاد أو عدم مغادرتها. (وثانيهما) جريمة اصطحاب شخص من داخل البلاد إلى خارجها بقصد البغاء وهى جريمة لا تتم عناصرها إلا بمغادرة المجنى عليه البلاد فعلا ولا تتطلب أكثر من اصطحاب المتهم إلى الخارج لهذا القصد. لما كان ذلك، وإذ كان الحكم المطعون قد أثبت فى حق الطاعنة بما ينتجه من وجوه الأدلة على ارتكابها للجريمة المنطوية تحت النوع الثانى من جرائم القوادة الدولية التى عددتها المادة 3/ 1 من قانون مكافحة الدعارة وهى اصطحابها للمتهمة الثانية معها خارج الجمهورية للاشتغال بالدعارة فلا محل لما تحاج به من أن ما قارفته لا يعد ضربا من ضروب التحريض على ارتكاب الفحشاء مما يدخل فى عداد النوع الأول من جرائم القوادة الدولية على التفصيل المقدم ذكره ولم يكن موضع اتهام الطاعنة.
2 - من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالف ما شهد به فى مرحلة أخرى ما دام ما حصله له مأخذه الصحيح فى الأوراق وما دام المتهم لا ينازع فى صحة نسبة هذه الأقوال إليه. ومن ثم فإن النعى على الحكم بأخذه بإحدى روايتى المتهمة الثانية وشقيقها دون الأخرى لا يكون سديدا.
3 - إذا كان البين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع بأن اعتراف المتهمة الثانية كان وليد إكراه وقع عليها ولم تتقدم بأى طلب فى هذا الصدد فإنه لا يكون لها من بعد أن تنعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم تثره أمامها ولا يقبل منها التحدى بذلك الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة...... بأنهما فى يوم 27/ 3/ 1970 بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة. المتهمة الأولى الطاعنة 1 - قامت باصطحاب المتهمة الثانية خارج الجمهورية العربية المتحدة للاشتغال بالدعارة. 2 - سهلت واستغلت بغاء المتهمة المذكورة. المتهمة الثانية اعتادت ممارسة الدعارة مع الناس بدون تمييز وطلبت معاقبتهما بالمواد 3/ 1، 7، 9 ج، 15، 17 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة الآداب قضت حضوريا اعتباريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهمة - الطاعنة - ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة خمسين جنيها وغرامة 300 ج وبوضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ذلك بأن الحكم المطعون فيه دان الطاعنة بمقتضى نص المادة 3/ 1 من القانون رقم 10 لسنة 1961 فى حين أن هذه المادة تستلزم لإعمال نصها أن يكون هناك ثمة تحريض من جانب المتهم، وليس فى أوراق الدعوى ما يفيد أن الطاعنة قامت بتوجيه أى فعل أو قول من شأنه التأثير على المتهمة الثانية لارتكاب الفحشاء ومن ثم ينعدم القصد الجنائى لديها هذا إلى أن الحكم عول فى الإدانة على أقوال المتهمة الثانية وشقيقها بتحقيقات النيابة وفى جلسة المحاكمة رغم تناقض هذه الأقوال إذ شهدا فى الجلسة بوقائع لم يرد ذكرها فى التحقيقات يضاف إلى ذلك أن المتهمة لم تدل بما أدلت به من اعتراف إلا تحت تأثير الاكراه الواقع عليها مما كان يتعين معه على المحكمة أن تطرحه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله وحيث إن وقائع هذه الدعوى تخلص فيما شهدت به المتهمة الثانية من أن المتهمة الأولى (الطاعنة) تقوم بتسفير بعض الفتيات والنسوة المصريات لتسهيل دعارتهن بلبنان وأن من ضمن الفتيات التى قامت المتهمة الأولى بتسفيرهن إلى لبنان كما أنها قامت بتسهيل دعارتها لبعض الشبان فى لبنان وبسؤال المتهمة الثانية تفصيلا اعترفت بأن المتهمة الأولى سفرتها وأنها تسفر فتيات مصريات وأنها سهلت لها الدعارة مع ثلاثة من الشبان كما أنها سفرت معها ثلاثة بنات إحداهن تدعى سهير والأخرى فاطمة ولا تعرف لقبها وبسؤال المتهمة الأولى..... بمحضر الشرطة أنكرت ما أسند إليها معللة أنها عندما سافرت إلى لبنان أخذتها معها طبقا لرغبة أهلها وأخيها لتوصيلها لبعض معارفه..... وبسؤال..... أيد شقيقته فيما قررت وانتهى الحكم إلى معاقبة الطاعنة بالسجن ثلاث سنوات طبقا للمواد 3/ 1 و6/ ب و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة لأنها (أولا) قامت باصطحاب المتهمة الثانية...... معها خارج الجمهورية العربية المتحدة للاشتغال بالدعارة (وثانيا) سهلت واستغلت بغاء المتهمة الثانية سالفة الذكر والتى اعتادت ممارسة الدعارة مع الناس بدون تمييز. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة تنص على أن "من حضر ذكرا لم يتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية أو أنثى أيا كان سنها على مغادرة الجمهورية العربية المتحدة أو سهل له ذلك أو استخدمه أو صحبه معه خارجها للاشتغال بالفجور أو الدعارة وكل من ساعد على ذلك مع علمه به يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة..." ومفاد ذلك أن هذه المادة تضمن حكمها نوعين متميزين من جرائم القوادة الدولية أولهما جريمة تحريض شخص على مغادرة البلاد بقصد البغاء أو استخدام شخص موجود فيها بقصد ممارسة البغاء خارجها، وقد تتوافر عناصر هاتين الجريمتين فى إقليم الدولة بصرف النظر عن مغادرة المجنى عليه البلاد أو عدم مغادرتها وثانيهما جريمة اصطحاب شخص من داخل البلاد إلى خارجها بقصد البغاء وهى جريمة لا تتم عناصرها إلا بمغادرة المجنى عليه البلاد فعلا ولا تتطلب أكثر من إصطحاب المتهم له إلى الخارج لهذا القصد. لما كان ذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعنة بما ينتجه من وجوه الأدلة إرتكابها للجريمة المنطوية تحت النوع الثانى من جرائم القوادة الدولية التى عددتها المادة 3/ 1 من قانون مكافحة الدعارة وهى إصطحابها للمتهمة الثانية معها خارج الجمهورية للاشتغال بالدعارة، فلا محل لما تحاج به من أن ما قارفته لا يعد ضربا من ضروب التحريض على ارتكاب الفحشاء مما يدخل فى عداد النوع الأول من جرائم القوادة الدولية على التفصيل المتقدم ذكره ولم يكن موضع إتهام الطاعنة لما كان ذلك، وكان من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت ما شهد به فى مرحلة أخرى ما دام ما حصله له مأخذه الصحيح فى الأوراق وما دام المتهم لا ينازع فى صحة نسبة هذه الأقوال إليه، ومن ثم فإن النعى على الحكم بأخذه بإحدى روايتى المتهمة الثانية وشقيقها دون الأخرى لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع بأن اعتراف المتهمة الثانية كان وليد اكراه وقع عليها ولم تتقدم بأى طلب فى هذا الصدد..... فإنه لا يكون لها من بعد أن تنعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم تثره أمامها ولا يقبل منها التحدى بذلك الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.