أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 866

جلسة 4 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطيه، ومحمد عبد المجيد سلامة.

(195)
الطعن رقم 200 لسنة 42 القضائية

( أ ) قانون. تعدى على أراضى الحكومة. أسباب الإباحة: "الدفاع الشرعى".
المادة 970 من القانون المدنى المعدلة بالقانون 39 سنة 1959. حظرها التعدى على أراضى الحكومة وتخويلها الجهات المختصة حق ازالة التعديات بالطريق الإدارى.
قيام رجال الشرطة بالاشراف على ازالة رجال المجلس القروى للتعدى بناء على قرار من الجهة صاحبة الشأن لا يبيح استعمال القوة ضدهم بدعوى اعتبار ما وقع منهم اعتداء يبيح استعمال القوة اللازمة لرده.
(ب) حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل".
التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الادانة من أقوالهم استخلاصا سائغا.
(جـ، د، هـ) اثبات: "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
(جـ) حق المحكمة فى الأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل التحقيق والالتفات عما عداها دون أن تبين علة ذلك.
(د) وزن أقوال الشاهد وظروف أداء الشهادة والتعويل على قوله مهما وجه إليه من مطاعن مرجعه محكمة الموضوع.
(هـ) حق محكمة الموضوع فى الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود فى حق متهم وطرح ما لا تطمئن إليه منها فى حق متهم آخر. لا يعد تناقضا.
علة ذلك؟ تقدير الدليل موكول اليها وحدها ويصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقا فى ناحية من أقواله وغير صادق فى ناحية أخرى.
(و) وقف التنفيذ. محكمة الموضوع: "سلطتها فى وقف تنفيذ العقوبة".
الأمر بايقاف تنفيذ العقوبة فى الحدود المقررة قانونا من سلطة قاضى الموضوع رخص له الشارع فيه وتركه لمشيئته وما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها.
1 - قضى التعديل المدخل على المادة 970 من القانون المدنى بمقتضى القانون رقم 39 سنة 1959 بحظر التعدى على أراضى الحكومة وتخويل الجهات المختصة حق ازالة التعديات بالطريق الإدارى بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة.
وإذ كان الحكم قد أثبت أن ما قام به رجال الشرطة بحكم وظيفتهم لم يتعد الإشراف على قيام رجال المجلس القروى بازالة التعدى الواقع على أرض مصلحة الأملاك تنفيذا لقرار صادر بهذا الخصوص سلم به المدافع عن الطاعنين على ما هو ثابت بمحضر جلسة المحاكمة، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن ان ما قاله الحكم من أن ازالة التعدى كانت تنفيذا لأمر أصدرته النيابة العامة له مأخذ صحيح من الأوراق، مما كان سنده من واقع الدعوى قرار اتخذه تفتيش الأملاك المختص باجراء تلك الإزالة وفقا للحق المخول له قانونا بمقتضى المادة 970 المعدلة سالفة البيان بحسب ما ارتآه بوصفه الجهة صاحبة الشأن بعد أن رفض تأجير الأرض للمعتدين عليها. لما كان ذلك، فان ما يثيره الطاعنون بقالة الخطأ فى الاسناد وبدعوى خطأ الحكم فى عدم اعتبار ما وقع من رجال الشرطة اعتداء يبيح استعمال القوة اللازمة لرده يكون على غير أساس.
2 - التناقض بين أقوال الشهود - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الادانة من أقوالهم استخلاصا سائغا.
3 - للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة فى ذلك.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى يؤدى فيها شهادته والتعويل على قوله مهما وجه اليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه.
5 - من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن اليه من أقوال الشهود فى حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن اليه منها فى حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضا منها يعيب حكمها ما دام تقدير الدليل موكولا اليها وحدها وما دام يصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقا فى ناحية من أقواله وغير صادق فى ناحية أخرى.
6 - الأمر بايقاف تنفيذ العقوبة هو كتقدير العقوبة فى الحدود المقررة فى القانون مما يدخل فى حدود سلطة قاضى الموضوع فمن حقه تبعا لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التى يحكم بها عليه وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأنا فيه بل خص به قاضى الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له فى ذلك وتركه لمشيئته وما يصير اليه رأيه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخريات - حكم ببراءتهن بأنهم فى يوم 10/ 5/ 1970 بدائرة مركز ملوى محافظة المنيا: استعملوا ومجهولين القوة. مع موظفين عموميين هم النقيب....... معاون شرطة مركز ملوى والملازم أول...... ورئيس نقطة دير البرشا وأفراد الشرطة المرافقين وعمال مجلس قروى دير أبو حنس لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو تنفيذ قرار بمنع تعرض المتهمين الأربعة الأول فى أملاك الحكومة بأن قام المتهمون الستة الأول بقذف المجنى عليهم بقطع الطوب واعتدت المتهمة السابعة على الشرطى...... بقطعة من الحديد فأحدثت به إصابته المبينة بالتقرير الطبى الشرعى بقصد حمله بغير حق على الامتناع عن القبض على المتهم الرابع وبلغ الجناة مقصدهم. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم على محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر بذلك، ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا عملا بالمواد 137 مكرر/ 1 - 2 و55/ 1 و56/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها على المتهم الثانى - الطاعن الثانى - لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم، فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة استعمال القوة مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم قد أخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على خطأ فى الإسناد وتناقض وفساد فى الاستدلال ذلك بأن حيازة الطاعنين للعقارات المقال بوقوع تعد عليها تستند إلى عقود إيجار تقدموا بها بجلسة المحاكمة صادرة لهم من مصلحة الأملاك التى لا يحق لها أن تنهى العلاقة الإيجارية بإرادتها المنفردة وبدون حكم قضائى ومن ثم يكون للطاعنين - استعمالا لحق الدفاع الشرعى الالتجاء إلى القوة اللازمة لرد اعتداء رجال الشرطة أيا كان مصدر الأمر لهم بدخول تلك العقارات بقصد منع حيازتهم لها وقد أثبت الحكم المطعون فيه أن رجال الشرطة كانوا يستندون فى إزالة التعدى إلى أمر صادر من النيابة العامة فى حين أن الأوراق خلت مما يفيد صدور أمر منها فى هذا الخصوص والثابت أن النيابة إنما اكتفت بإحالة الأمر إلى الجهة الإدارية لتتخذ القرار الذى تراه، هذا إلى أن الحكم قد استند إلى أقوال شهود الإثبات على الرغم من تناقض البعض منهم مع البعض الآخر فيما يتعلق بتعرفهم على مرتكبى الحادث كما استند الحكم إلى شهادة النقيب..... على الرغم من تضاربه فى أقواله إذ قرر فى تحقيق النيابة أن تعدى الطاعنين وقع على مرحلة واحدة وهو ما أجمع عليه باقى الشهود بينما شهد بجلسة المحاكمة بأن التعدى قد وقع على مرحلتين. ومن جهة أخرى فقد أطرح الحكم شهادة هذا الشاهد فى شأن من قضى ببراءتهم من المتهمين فى حين أنه عول عليها فى إدانة الطاعنين الذين ثبت أنهم كانوا محجوزين بمعرفة رجال الشرطة فى الوقت الذى حصل فيه الاعتداء من جميع الأهالى يزيد عددهم عن خمسمائة شخص. وفضلا عما تقدم فقد قضى الحكم بوقف تنفيذ العقوبة المقضى بها على الطاعن الثانى دون باقى الطاعنين بغير مبرر لهذه التفرقة وبذا جاء الحكم معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله - "إنه فى يوم 10/ 5/ 1970 انتقل معاون شرطة مركز ملوى بصحبة قوة من رجال الشرطة منهم م أول...... رئيس نقطة دير البرشا والعساكر.....،......،.......،....... إلى ناحية دير أبو حنس للإشراف على عملية إزالة تعديات الأهالى على أرض مصلحة الأملاك وذلك نفاذا لأمر صدر بذلك من النيابة العامة وإذ بدأ عمال مجلس قروى دير أبو حنس فى إزالة المبانى التى أقامها المعتدون على تلك الأراضى ألقى جمهرة من الأهالى الطوب على العمال ثم على رجال القوة المذكورة للحيلولة بينهم وبين تنفيذ قرار النيابة وقد تعرف رجال القوة على بعض المعتدين وهم المتهمون الأربعة الأول (الطاعنون) وقد استحال تنفيذ ذلك القرار بسبب مقاومة هؤلاء المتهمين القائمين على تنفيذه "وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال الشهود الستة الأول من رجال الشرطة سالفى الذكر ومما دلت عليه المعاينة عرض لدفاع الطاعنين فأطرحه بقوله "ومن حيث إن المحكمة لا تعتد بإنكار المتهمين إزاء اطمئنانها إلى أقوال الشهود فى مجملها وعلى رأسهم الضابطان الشاهدان الأول والثانى خاصة ولم يجرحهما الدفاع بأى مطعن يدعو إلى عدم الاطمئنان إلى شهادتهما كما أنهما كانا أقرب من غيرهما إلى مصدر قذف الطوب والمحكمة تأخذ بأقوال هذين الشاهدين بصفة أساسية وتطرح ما يتعارض معها من أقوال الآخرين سواء شهود الإثبات الآخرين او من استشهد بهم المتهمون تحقيقا لدفاعهم خاصة وقد أكد الشاهد أن أحدا من المتهمين لم يحتجز أثناء حصول المقاومة لأنه بعد أن حصل استدعاءهم وإحضارهم إلى حجرة التليفون أخلى سبيلهم إلى مكان الحادث. أما ما أثاره الدفاع من اختصاص المحاكم المدنية بطرد المعتدين فمردود بأنه وقد صدر قرار من النيابة العامة بإزالة أسباب التعدى على أموال الحكومة فإنه لا يجوز لأى فرد التعرض ومنع تنفيذ هذا الأمر لأن التعرض فى مثل هذه الحالة لا سند له قانونا بل يحظره قانون العقوبات" - لما كان ذلك وكان التعديل المدخل على المادة 970 من القانون المدنى بمقتضى القانون رقم 39 لسنه 1959 قد قضى بحظر التعدى على أراضى الحكومة وتخويل الجهات المختصة حق إزالة التعديات بالطريق الإدارى بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة. وكان الحكم قد أثبت أن ما قام به رجال الشرطة بحكم وظيفتهم لم يتعد الإشراف على قيام رجال المجلس القروى بإزالة التعدى الواقع على أرض مصلحة الأملاك تنفيذا لقرار صادر بهذا الخصوص سلم به المدافع عن الطاعنين على ما هو ثابت بمحضر جلسة المحاكمة، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن أن ما قاله الحكم من أن إزالة التعدى كانت تنفيذا لأمر أصدرته النيابة العامة له مأخذ صحيح من الأوراق، مما كان سنده من واقع الدعوى قرارا اتخذه تفتيش الأملاك المختص بإجراء تلك الإزالة وفقا للحق المخول له قانونا بمقتضى المادة 970 المعدلة سالفة البيان بحسب ما ارتآه بوصفه الجهة صاحبة الشأن بعد أن رفض تأجير الأرض للمعتدين عليها. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعنون بقالة الخطأ فى الإسناد وبدعوى خطأ الحكم فى عدم اعتبار ما وقع من رجال الشرطة إعتداء يبيح استعمال القوة اللازمة لرده يكون على غير أساس. وإذ كان التناقض بين أقوال الشهود بفرض وجوده لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا، وكان للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة فى ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى يؤدى فيها شهادته والتعويل على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود فى حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها فى حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضا منها يعيب حكمها ما دام تقدير الدليل موكولا إليها وحدها وما دام يصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقا فى ناحية من أقواله وغير صادق فى ناحية أخرى. ولما كانت الأدلة التى أخذ بها الحكم وعول عليها فى الإدانة سائغة ومقبولة. وكان الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة هو كتقدير العقوبة فى الحدود المقررة فى القانون مما يدخل فى حدود سلطة قاضى الموضوع فمن حقه تبعا لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التى يحكم بها عليه، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأنا فيه بل خص به قاضى الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له فى ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.