أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 889

جلسة 4 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، ومحمد عبد المجيد سلامه، وطه دنانة.

(199)
الطعن رقم 449 لسنة 42 القضائية

إثبات: "خبرة". دفوع: "الدفع بعدم قدرة المجنى عليه على التكلم بتعقل". دفاع: "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم: "تسبيبه. تسبيب معيب".
الدفع بعدم قدرة المجنى عليه على التكلم بتعقل عقب إصابته دفاع جوهرى. من المسائل الفنية يتعين على المحكمة تحقيقها عن طريق المختص فنيا. إلتفات المحكمة عن ذلك وردها عليه بأن المجنى عليه تحدث فعلا وذكر أن المتهم طعنه. لا يصلح ذلك ردا ويعيب الحكم بالإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب. علة ذلك؟ إستطاعة النطق بعد الإصابة شئ والمقدرة على التحدث بتعقل شئ آخر.
الدفع بعدم قدرة المجنى عليه على التكلم بتعقل عقب إصابته يعد دفاعا جوهريا فى الدعوى ومؤثرا فى مصيرها وهو يعتبر من المسائل الفنية التى لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها فيها بنفسها لإبداء رأى فيها، فيتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها وذلك عن طريق المختص فنيا - وهو الطبيب الشرعى - ولما كانت المحكمة قد التفتت عن هذا الإجراء وأطرحت دفاع الطاعن بما لا يستقيم به الرد عليه من القول بأن المجنى عليه تحدث فعلا وذكر أن المتهم طعنه - ذلك لأن استطاعة النطق بعد الإصابة شئ والمقدرة على التحدث بتعقل - وهو مدار منازعة الطاعن - شئ آخر ومن ثم فإن الحكم يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع فضلا عما شابه من قصور فى التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 25/ 6/ 1969 بدائرة مركز الصف محافظة الجيزة: ضرب دسوقى سيد ميهوب عمدا بسكين فى بطنه وصدره فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر بذلك بتاريخ 5/ 4/ 1971، ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا بتاريخ 8/ 12/ 1971 عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دانه بجريمة الضرب المفضى إلى الموت - قد انطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأن المحكمة لم تستجب لما طلبه المدافع عن الطاعن من استدعاء الطبيب الشرعى لاستيضاحه فى مسألة فنية هى إمكان المجنى عليه التكلم بتعقل على الرغم من حالته السيئة التى سجلتها التقارير الطبية والتى تكشف عن عدم إمكان استجوابه، وآية ذلك ما ثبت من أنه حين سؤاله كان يصمت لفترات طويلة يغيب فيها عن وعيه ثم يعقب ذلك استغراقه فى النوم، وقد عللت المحكمة رفضها لهذا الطلب تعليلا غير سائغ مما يعيب قضاءها بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أصر على ضرورة استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته فيما إذا كان المجنى عليه يستطيع التكلم بتعقل بعد إصابته وإجراء جراحة له بالمستشفى - وإذ عرض الحكم لهذا الدفاع ورد عليه فى قوله "إن استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته فيما إذا كان يمكن للمجنى عليه أن يتحدث عقب إصابته فمردود بما هو ثابت من أنه سئل فعلا فى محضر جمع الاستدلالات فى الساعة السابعة من مساء يوم 25/ 6/ 1969 وأدلى بتفصيلات ما حدث كما أنه سئل بمعرفة وكيل النيابة فى حضور الطبيب المعالج فى الساعة العاشرة والنصف من مساء ذات اليوم وأدلى بذات التفاصيل التى ذكرها فى محضر الشرطة وأن هذا الذى حدث قاطع فى أن المجنى عليه تحدث فعلا وذكر أن المتهم طعنه طعنتين فى بطنه وجانب ظهره الأيسر بسكين". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول أساسا فى إدانة الطاعن على أقوال المجنى عليه التى أبداها قبل وفاته بمحضرى جمع الاستدلالات فى الساعة السابعة من مساء يوم الحادث وبتحقيق النيابة فى الساعة 10 و45 دقيقة من مساء اليوم ذاته على ما تكشف عنه مدوناته، وكان الدفع بعدم قدرة المجنى عليه على التكلم بتعقل عقب إصابته يعد دفاعا جوهريا فى الدعوى ومؤثرا فى مصيرها وهو يعتبر من المسائل الفنية التى لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها فيها بنفسها لإبداء رأى فيها، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها وذلك عن طريق المختص فنيا - وهو الطبيب الشرعى - ولما كانت المحكمة قد التفتت عن هذا الإجراء وأطرحت دفاع الطاعن بما لا يستقيم به الرد عليه، ذلك لأن استطاعة النطق بعد الإصابة شئ والمقدرة على التحدث بتعقل وهو مدار منازعة الطاعن شئ آخر ومن ثم فإن الحكم يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع فضلا عما شابه من قصور فى التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه بغير حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.