أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 901

جلسة 5 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمود العمراوى، ومحمود عطيفة، ومحمد محمد حسنين، وعبد الحميد الشربينى.

(202)
الطعن رقم 464 لسنة 42 القضائية

( أ ) محكمة الموضوع: "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات: "بوجه عام" "خبرة".
حدوث الاصابة برسغ اليد والضارب واقف خلف المجنى عليه. لا يتناقض مع العقل. تقديرها لا يحتاج إلى خبرة.
(ب) دفوع. "الدفع بشيوع التهمة". دفاع: "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. دفع موضوعى لا يستأهل ردا خاصا.
(ج، د، هـ) محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "اعتراف" "شهود". "بوجه عام". إجراءات المحاكمة. دفاع: "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض: "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(جـ) وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعى. لها الأخذ بما تطمئن إليه من أقواله بالجلسة أو فى التحقيق ولم لم يظاهره أحد آخر فيها.
(د) النعى على المحكمة عدم استجابتها لطلب أو تحقيقها دفاع لم يتمسك به. غير جائز.
(هـ) الاعتراف فى المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع تقديرها.
1 - ليس ثمة تناقض مع العقل فيما قرره المجنى عليه من أنه أصيب فى يده من الخلف إذ أن اليد عضو متحرك مما يجوز معه حدوث الإصابة بالرسغ والضارب واقف خلف المجنى عليه أو أمامه حسب الوضع الذى تكون فيه اليد وقت الاعتداء. وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة فنية خاصة.
2 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التى لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التى تطمئن إليها بما يفيد إطراحها.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على اقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه. وهى متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون بيان علة إطراحها لأن مرد ذلك لوجدانها، فيكفى أن تأخذ المحكمة بما تطمئن إليه من الأقوال المختلفة للمجنى عليه سواء ما صدر منها فى الجلسة أو فى التحقيق ولو لم يظاهره أحد آخر فيها.
4 - متى كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنه بعد سماع شهادة المجنى عليه ومرافعة النيابة العامة والمحامى الحاضر مع المدعى بالحقوق المدنية ترافع المحاميان الحاضران مع الطاعن دون أن يطلب أحدهما أو كلاهما سماع أقوال الشاهد، فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة عدم سماعها شاهد أمسك هو عن المطالبة بسماعه ولا يجوز له من بعد أن ينعى عليها عدم استجابتها لطلب أو عدم تحقيقها دفاع لم يطرحه عليها.
5 - إن الإعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات. ومتى كان البين من عبارة الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تطمئن إلى اعتراف...... لما قدرته من أنه لا يطابق الحقيقة والواقع فأطرحته فيكون ما يحاج به الطاعن فى هذا الوجه مجرد جدل موضوعى لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 3 مارس 1969 بدائرة مركز أبو قرقاص محافظة المنيا أحدث عمدا بـ...... الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة والتى تخلف من احداها عاهة مستديمة باليد والرسغ الأيمن وهى شلل العصب الزندى أسفل الرسغ تقدر بنحو 20% وطلبت إلى مستشار الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. فقرر ذلك بتاريخ فى 17 أبريل سنة 1971. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات المنيا قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 10 فبراير سنة 1972 عملا بالمادتين 240/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وألزمته بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب الذى نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه الفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن رواية المجنى عليه لا تستقيم مع العقل إذ قرر فى التحقيقات أنه أصيب من الخلف فى يده مع أن إصابة اليد لا تتأتى إلا إذا كان الضارب من الأمام ولأن أحدا من الشهود لم يظاهره فى أقواله، وأن المحكمة التفتت عن سماع الشاهد..... ولم تعن بتحقيق اعتراف..... بأنه هو ضارب المجنى عليه وأخيرا لأن المجنى عليه أصيب فى مشاجرة مما يتعذر معه معرفة الجانى لكثرة المتشاجرين وأنه من شأن ذلك كله أن يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجنى عليه الذى شهد بأنه فى أثناء عودته من حقله بعد الغروب ممتطيا دابته سمع صوتا فترجل واتجه صوب مصدره فالتقى به الطاعن الذى ضربه بمدية فى رأسه ورسغه الأيمن. لما كان ذلك وكانت أقوال المجنى عليه كما حصلها الحكم وأقام عليها قضاءه لها أصلها الثابت فى الأوراق مما شهد به أمام المحكمة فيكون النعى عليه بدعوى الخطأ فى الإسناد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادته فان ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون بيان علة إطراحها لأن مرد ذلك لوجدانها فيكفى أن تأخذ المحكمة بما تطمئن إليه من الأقوال المختلفة للمجنى عليه سواء ما صدر منها فى الجلسة أو فى التحقيق ولو لم يظاهره أحد آخر فيها. كما أنه ليس ثمة تناقض مع العقل فيما قرره من أنه أصيب فى يده من الخلف إذ أن اليد عضو متحرك مما يجوز معه حدوث الإصابة بالرسغ والضارب واقف خلف المجنى عليه أو أمامه حسب الوضع الذى تكون فيه اليد وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة فنية خاصة، فيكون ما يثيره الطاعن من ذلك مجرد جدل موضوعى لا يقبل أمام محكمة النقض. وأما عن ما قالته بالتفات المحكمة عن سماع الشاهد..... فانه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنه بعد سماع شهادة المجنى عليه ومرافعة النيابة العامة والمحامى الحاضر مع المدعى بالحقوق المدنية ترافع المحاميان الحاضران مع الطاعن دون أن يطلب أحدهما أو كلاهما سماع أقوال الشاهد...... ومن ثم فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة عدم سماعها شاهدا أمسك هو عن المطالبة بسماعه ولا يجوز له من بعد أن ينعى عليها عدم استجابتها لطلب أو عدم تحقيقها دفاع لم يطرحه عليها أما ما يقوله الطاعن عن اعتراف....... فانه يبين من مدونات الحكم أنه تحدث عن أقواله بما نصه "وحيث انه بسؤال...... فى محضر الشرطة أنكر ما أسند إليه فى بادئ الأمر ثم عاد واعترف بأنه ضرب المجنى عليه وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم نظرا لتوافر أدلة الثبوت السالف بيانها كما أنها لا تعول على اعتراف...... فى محضر الشرطة على نحو ما سلف بيانه بعد أن أنكر التهمة فى بادئ الأمر ولا سيما أن المتهم قد قرر أنه يعمل لديه بالأجر". لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات وكان البين من عبارة الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تطمئن إلى اعتراف..... لما قدرته من أنها لا تطابق الحقيقة والواقع فأطرحته وبذلك يكون ما يحاج به الطاعن فى هذا الوجه مجرد جدل موضوعى لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض وأخيرا عما يقوله من أن المجنى عليه أصيب فى مشاجرة يتعذر فيها معرفة الجانى لكثرة المتشاجرين فانه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أشار فى مرافعته إلى انه مع الجمع والحشد وقت الحادث يتعذر التمييز وتحديد الضارب، ولما كان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التى لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الاثبات التى تطمئن إليها بما يفيد إطراحها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه ليس إلا ترديدا لدفاعه الموضوعى الذى قال به أمام محكمة الموضوع والذى تستقل به دون معقب عليها فانه لا يكون له محل. ولما تقدم جميعه فان الطعن برمته يكون على غير أساس ومتعينا رفضه.