أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 906

جلسة 11 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطيه، ومحمد عبد المجيد سلامه، وطه دنانة.

(203)
الطعن رقم 476 لسنة 42 القضائية

(أ، ب) إثبات: "شهود". محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". إكراه. دفوع: "الدفع الجوهرى". حكم: "تسبيبه. تسبيب معيب".
( أ ) وزن أقوال الشاهد وتقدير ظروف أداء الشهادة مرجعه محكمة الموضوع. شرط التعويل على أقوال الشاهد أن تكون صادرة عنه اختيارا، ولا تعتبر كذلك إذا صدرت اثر إكراه أو تهديد كائنا ما كان قدره.
(ب) الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه. دفع جوهرى. وجوب تصدى محكمة الموضوع له بالمناقشة والتفنيد. قول المحكمة أنها تطمئن لاقوال الشاهدة لا يعصم الحكم ما دام لم يعرض لهذا الدفع.
(ج) إثبات: "بوجه عام". بطلان. حكم: "تسبيبه. تسبيب معيب".
لا يكفى لسلامة الحكم أن يكون الدليل صادقا متى كان وليد اجراء غير مشروع.
1 - الأصل أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه إلا أنه يشترط فى أقوال الشاهد التى يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارا وهى لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائنا ما كان قدر هذا التهديد وذلك الإكراه.
2 - الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهرى يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة والتفنيد لتبين مدى صحته ولا يعصم الحكم قول المحكمة أنها تطمئن إلى أقوال الشاهد ما دامت أنها لم تقل كلمتها فيما أثاره الدفاع من أن تلك الأقوال إنما أدلت بها نتيجة الإكراه الذى وقع عليها.
3 - لا يكفى لسلامة الحكم أن يكون الدليل صادقا متى كان وليد إجراء غير مشروع.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 2 يناير سنة 1968 بدائرة مركز البدارى محافظة أسيوط (أولا) قتلوا حربى محمود حسن حسين عمدا مع سبق الإصرار بأن اتفقوا على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته (ثانيا) أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة "بنادق" (ثالثا) أحرزوا ذخائر مما تستعمل فى الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون مرخصا لهم بحيازتها وإحرازها، طلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للمادتين 230 و231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958، والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 فقرر بذلك، وادعت والدة المجنى عليه مدنيا، وطلبت القضاء لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماه. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا بتاريخ 22 مارس سنة 1972 عملا بمواد الاتهام والمادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الثانى والثالث (أولا) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماه. (ثانيا) ببراءة كل من المتهمين الثانى والثالث مما أسند إليهما، فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد وإحراز السلاح والذخيرة قد شابه قصور فى التسبيب وأخل بحقه فى الدفاع ذلك بأن المدافع عنه أشار فى دفاعه إلى أن أقوال شاهدة الإثبات الوحيدة قطايه ناشد طانيوس كانت وليدة إكراه وقع عليها من أسرة المجنى عليه ودلل على ذلك بعبارات أدلت بها الشاهدة فى التحقيقات وبما شهد به محمد عبد المنعم محمد فى المحكمة، غير أن الحكم استند فى إدانة الطاعن إلى أقوال تلك الشاهدة دون أن يعرض لهذا الدفاع الجوهرى إيرادا له وردا عليه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن...... قرر أن..... أخبرته بأنها لم تشهد بما شهدت به إلا رغما عنها لأن أسرة المجنى عليه "ضاغطين عليها" وجاء فى مرافعة الدفاع إن هذه الشاهدة أقرت بأن تلك الأسرة استغلت ضعفها فأكرهتها على الشهادة ضد الطاعن كما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند أساسا فى إدانة الطاعن إلى أقوال شاهدة الإثبات الوحيدة المذكورة دون أن يعرض إلى دفاع الطاعن أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان الأصل أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه إلا أنه يشترط فى أقوال الشاهد التى يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارا وهى لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائنا ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهرى يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة والتفنيد لتبين مدى صحته ولا يعصم الحكم قول المحكمة أنها تطمئن إلى أقوال الشاهدة ما دامت أنها لم تقل كلمتها فيما أثاره الدفاع من أن تلك الأقوال إنما أدلت بها نتيجة الإكراه الذى وقع عليها ذلك أنه لا يكفى لسلامة الحكم أن يكون الدليل صادقا متى كان وليد إجراء غير مشروع. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه إذ عول فى إدانة الطاعن على أقوال الشاهدة قطايه ناشد طانيوس بغير أن يرد على دفاعه الجوهرى بأن تلك الأقوال لم تصدر عنها إلا نتيجة إكراه وقع عليها - يكون معيبا بالقصور فى التسبيب مما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.