أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 921

جلسة 12 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوى، ومحمود عطيفة، وابراهيم الديوانى، والدكتور محمد محمد حسنين.

(206)
الطعن رقم 530 لسنة 42 القضائية

(أ، ب، جـ) مرور. سيارات. قتل خطأ. مسئولية جنائية. جريمة. "أركان الجريمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". رابطة السببية. خطأ. قرارات وزارية.
( أ ) الانحراف إلى اليسار بالسيارة بقصد مجاوزة أخرى. وجوب أن يحصل مع التبصر والاحتياط وتدبر العواقب كيلا لا يحدث تصادما يودى بحياة الغير. عدم مراعاة ذلك توجب مؤاخذة قائد السيارة. قرار وزير الداخلية بتنفيذ القانون رقم 449 سنة 1955.
(ب) خطأ المجنى عليه لا يسقط مسئولية المتهم. ما دام لم يترتب عليه انتفاء أحد أركان جريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى المتهم.
(جـ) عدم استظهار الحكم كيفية سلوك قائد السيارة ومدى اتساع الطريق وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح بتقدمه بسيارته وخلفها المقطورة. السيارة التى أمامه. قصور.
1 - من المقرر أنه وإن جاز لقائد عربة خلفية أن ينحرف إلى اليسار رغبة منه فى أن يتقدم عربة أمامه فإن هذه المجاوزة مشروطة فيها أن تحصل مع التبصر والاحتياط وتدبر العواقب كيلا يحدث من ورائه تصادم يودى بحياة شخص آخر فإذا لم يأخذ القائد حذره كان تصرفه مشوبا بخطأ من نوع ما يؤاخذ عليه القانون، وهو ما أكدته المادة الثالثة من قرار وزير الداخليه بتنفيذ أحكام القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور إذ أوجبت على قائد السيارة إن أراد أن يسبق سيارة أخرى تتقدمه أن يكون ذلك تدريجيا ومن يسارها وبعد التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك.
2 - الأصل أن خطأ المجنى عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه إنتفاء أحد الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى المتهم.
3 - متى كان الحكم لم يستظهر كيفية سلوك المطعون ضده الأول (المتهم) أثناء قيادة السيارة ومدى اتساع الطريق أمامه وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح له أن يتقدم بسيارته وخلفها المقطورة السيارة التى أمامه ليستبين مدى الحيطة الكافية التى كان فى مقدوره اتخاذها ومدى العناية والحذر اللذين كان فى مكنته بذلهما والقدرة على تلافى الحادث من عدمه وأثر ذلك على قيام ركنى الإهمال ورابطة السببية، فإنه يكون مشوبا بالقصور.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 25 يوليو سنة 1968 بدائرة قسم المطرية محافظة القاهرة: (أولا) تسبب خطأ فى موت...... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم إحترازه وعدم مراعاة القوانين والقرارات بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر ولم يترك مسافة كافية بين سيارته ودراجة المجنى عليه عند تعديه له فصدمه وحدثت إصابته من ذلك. (ثانيا) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات ومواد القانون 449 لسنة 1955. وادعى كل من...... و...... مدنيا بمبلغ عشرة آلاف جنيه قبل المتهم وممثل شركة النيل العامة للنقل. ومحكمة جنح الزيتون الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 15 أبريل سنة 1969 عملا بمواد الإتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل والنفاذ وكفالة 5 ج لوقف التنفيذ وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية (شركة النيل العامة للنقل البرى) بأن يدفعا للمدعين بالحق المدنى وبالتضامن بينهما مبلغ 3000 ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف الجنائية ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت رافعها المصاريف وإثبات تنازل المدعين بالحق المدنى عن قضية شركة النيل العامة للنقل الداخلى وألزمتهما مصاريفها. عارض، وقضى فى معارضته بتاريخ 13 يناير سنة 1970 بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه فى الدعويين المدنية والجنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم فى 13 يناير سنة 1970 كما استأنفه المسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الإبتدائية - بهيئة إستئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 24 فبراير سنة 1970 بقبول إستئناف المتهم شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعيين بالحق المدنى مصروفاتها عن الدرجتين وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصاريف جنائية. فطعن الوكيل عن المدعين بالحق المدنى فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان - المدعيان بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة القتل الخطأ ورفض الدعوى المدنية المرفوعة عليه وعلى المسئول عن الحقوق المدنية قد أخطأ فى تطبيق القانون وران عليه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك بأنه اعتبر مجرد سير المجنى عليه بدراجته إلى يسار طريق ذى الاتجاهين يجعل الخطأ كله فى جانبه مع أن الاهمال فى جانب المطعون ضده الأول الذى لم يبحث الحكم موقفه وظروف وملابسات الحال التى تسمح له بمجاوزة السيارة التى كانت أمامه وينحرف بسيارته إلى أقصى اليسار فى ذات اتجاه المجنى عليه فيصدمه بمقطورته بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى أخذا بأقوال شاهد الرؤية بما مجمله أن المجنى عليه كان يسير بدراجته بجوار الجزيرة الوسطى للطريق وقدم المطعون ضده الأول بسيارته فى نفس الاتجاه من خلفه وانحرف إلى اليسار متقدما السيارة التى أمامه فصدمت مقطورة سيارته المجنى عليه فأحدثت إصاباته التى أدت إلى وفاته. ثم أقام الحكم قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إستنادا إلى أن المجنى عليه هو المخطئ لقيادته الدراجة إلى الجانب الأيسر من الطريق وأن إجتياز المطعون ضده السيارة التى أمامه وانحرافه يسارا لا يشكل خطأ فى جانبه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن جاز لقائد عربة خلفية أن ينحرف إلى اليسار رغبة منه فى أن يتقدم عربة أمامه فإن هذه المجاوزة مشروطة فيها طبعا أن تحصل مع التبصر والاحتياط وتدبر العواقب كيلا يحدث من ورائه تصادم يودى بحياة شخص آخر فإذا لم يأخذ القائد حذره كان تصرفه مشوبا بخطأ من نوع ما يؤاخذ عليه القانون، وهو ما أكدته المادة الثالثة من قرار وزير الداخلية بتنفيذ أحكام القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور إذ أوجبت على قائد السيارة إن أراد أن يسبق سيارة أخرى تتقدمه أن يكون ذلك تدريجيا ومن يسارها وبعد التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك. كما أن الأصل أن خطأ المجنى عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه إنتفاء أحد الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى المتهم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر كيفية سلوك المطعون ضده الأول أثناء قيادته السيارة ومدى اتساع الطريق أمامه وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح له أن يتقدم بسيارته وخلفها المقطورة السيارة التى أمامه ليستبين مدى الحيطة الكافية التى كان فى مقدوره اتخاذها ومدى العناية والحذر اللذين كان فى مكنته بذلهما والقدرة على تلافى الحادث من عدمه وأثر ذلك على قيام ركنى الإهمال ورابطة السببية، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور بما يعيبه ويوجب نقضه فى خصوص الدعوى المدنية والإحالة بالنسبة للمطعون ضده الأول والمسئول عن الحقوق المدنية مع إلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وبغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.