أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 113

جلسة 7 من يناير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عبد الناصر عبد اللاه السباعى رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حسن منصور، ناجى عبد اللطيف نائبى رئيس المحكمة، صالح محمد العيسوى وعبد الفتاح أحمد أبو زيد.

(17)
الطعن رقم 673 لسنة 67 القضائية " أحوال شخصية "

(1، 2) أحوال شخصية " تطبيق للعيب" محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير قيام العيب المستحكم"
(1) حق الزوجة فى طلب التفريق من زوجها للعيب المستحكم. شرطه. المادتان 9، 11 م بق 25 لسنة 1920، العيوب المبيحة للتفريق، عدم ورودها على سبيل الحصر. تحقق العيب المستحكم وفقاً للمذهب الحنفى. مناطه. تأكد العلم بقيام العيب المستحكم بعد استظهاره بمعرفة أهل الخبرة وعدم رضاء الزوجة به صراحة أو دلالة. إقامة الزوجة مع زوجها زمناً للتجربة لاحتمال زوال العيب.لا يسقط حقها فى طلب التفريق ولو تراخت فى رفع أمرها للقضاء. تجدد هذا الحق بتجدد عقد الزواج.
(2) محكمة الموضوع. لها السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة فلها أن تستخلص منها قيام العيب المستحكم بالزوج من عدمه. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً وألا تنحرف عن مدلول ما أدلى به.
(3) حكم " عيوب التدليل: الفساد فى الاستدلال"
فساد الحكم فى الاستدلال. ماهيته.
1- النص فى المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية وفى المادة الحادية عشر يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً، أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد، وأنه توسع فى العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان استحكام المرض، ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، على ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة, شريطة أن يكون هذا العلم وذلك الرضا مستندين إلى معرفة حقيقية بالعيب وإرادة صحيحة من الزوجة بالعيش مع الزوج رغم علمها بالعيب وكان مؤدى هذا - وفقاً لمذهب الحنفية- أنه إذا تأكد للزوجة أن هناك عيباً مستحكماً ولم ترض به رضاء صحيحاً نابعاً عن علم يقينى به، واستمرت فى المقام معه زمناً للتجربة أو إعطاء الفرصة لاحتمال زوال هذا العيب طبياً ولم يتم ذلك، فإن حقيها فى طلب التفريق يظل قائماً،ولا يسقط حتى لو تراخت فى رفع أمرها إلى القضاء، وإن هذا الحق يتجدد بتجدد عقد الزواج، بما مؤداه أن العلم بقيام العيب الذى يستوجب الفرقة الزوجية لا يتحقق إلا بعد استظهاره بمعرفة أهل الخبرة من الأطباء، ولو تجدد عقد الزواج أكثر من مرة قبل ثبوت ذلك.
2- لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة فيها وأن لها فى هذا الصدد استخلاص قيام العيب المستحكم بالزوج من عدمه، من الأدلة والقرائن المطروحة عليها فى الدعوى، إلا أن ذلك مشروط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون استخلاصها سائغاً، وألا تنحرف عن مدلول ما أدلة به.
3- أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى عدم فهم الواقعة التى ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة،
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم..... كلى أحوال شخصية شمال القاهرة بطلب الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للعيب، وقالت بياناً لدعواها، إنها تزوجته بصحيح العقد الشرعى وزفت إليه، ولكن لم يستطع الدخول بها لإصابته بالعنة، ومن ثم أقامت الدعوى، ندبت المحكمة الطبيب الشرعى لتوقيع الكشف الطبى على المطعون ضده، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 31/ 3/ 1996 بتطليق الطاعنة على المطعون ضده طلقة بائنة، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم... القاهرة، وبتاريخ 26/ 8/ 1997 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول، إن الحكم أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعواها على ما استخلصه من الأوراق من أنها كانت تعلم بإصابة المطعون ضده بالعنة ورضيت بالحياة معه حتى بعد طلاقها منه بتاريخ 3/ 2/ 1995 ورضاها بإعادة عقد زواجها منه مرة أخرى وفى ذات اليوم، فى حين أن هذا الاستخلاص لا يدل بذاته وبمجرده على إرادتها الحقيقية وعلمها اليقينى بالعيب المستحكم ورضاها به، لأنها لم تعلم به إلا بتاريخ 19/ 4/ 1995 وبعد رحلة علاج طبى استمر فيه المطعون ضده على أمل زوال هذا العيب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن النص فى المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية على أنه : "للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه، أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل ول يمكنها المقام معه إل بضرر كالجنون والجزام والبرص، سواء كان ذلك القيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به، أم حدث بعد العقد ولم برض به، فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها فلا يجوز التفريق"، وفى المادة الحادية عشرة على أنه "يستعان بأهل الخبرة فى العيوب التى يطلب فسخ الزواج من أجلها"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً، أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد، وأنه توسع فى العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاً الاستعانة بأهل الخبرة لبيان أستحكام المرض، ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، على ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة, شريطة أن يكون هذا العلم وذلك الرضا مستندين إلى معرفة حقيقية بالعيب وإرادة صحيحة من الزوجة بالعيش مع الزوج رغم علمها بالعيب وكان مؤدى هذا- وفقاً لمذهب الحنفية- أنه إذا تأكد للزوجة أن هناك عيباً مستحكماً ولم ترض به رضاء صحيحاً نابعا عن علم يقينى به، واستمرت فى المقام معه زمناً للتجربة أو إعطاء الفرصة لاحتمال زوال هذا العيب طبياً ولم يتم ذلك، فإن حقيها فى طلب التفريق يظل قائماً،ولا يسقط حتى لو تراخت فى رفع أمرها إلى القضاء، وأن هذا الحق يتجدد بتجدد عقد الزواج، بما مؤداه أن العلم بقيام العيب الذى يستوجب الفرقة الزوجية لا يتحقق إلا بعد استظهاره بمعرفة أهل الخبرة من الأطباء، ولو تجدد عقد الزواج أكثر من مرة قبل ثبوت ذلك.وإنه ولئن كان - من المقرر أيضاً - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة فيها وأن لها فى هذا الصدد استخلاص قيام العيب المستحكم بالزوج من عدمه، من الأدلة والقرائن المطروحة عليها فى الدعوى، إلا أن ذلك مشروط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون استخلاصها سائغاً، وألا تنحرف عن مدلول ما أدلى به. وذلك لما هو مقرر من أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى عدم فهم الواقعة التى ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر.لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الطاعنة على سند من أنها والمطعون ضده تزوجا بتاريخ 16/ 8/ 1994 وعاشا معاً حوالى ستة أشهر ولم يتمكن المطعون ضده من الدخول بها، فطلقها بتاريخ 3/ 2/ 1995 وأعاد العقد عليها فى ذات اليوم، وقد ثبت من تقرير الطبيب الشرعى أنها مازالت بكراً وأنه مصاب بعنة عضوية، وقد رضيت بالحياة معه رغم علمها ورضاها بهذا العيب، وإذ كان هذا الذى استند إليه الحكم فى قضائه لا يبين منه علم الطاعنة اليقينى بالعيب المستحكم بزوجها المطعون ضده ولارضاها الحقيقى بالعيش معه بعد ثبوت العيب طبيباً به، وكان ما ساقه الحكم من قرائن وعول عليها فى استخلاص هذا العلم وذلك الرضا لا تفيد بذاتها وبمجردها سقوط حق الطاعنة فى طلب التفريق للعيب المستحكم، فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، فإن المحكمة تقضى فى موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف.