أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 179

جلسة 27 من يناير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبى، حامد مكى، فتحى حنضل وجرجس عدلى نواب رئيس المحكمة.

(32)
الطعن رقم 1814 لسنة 61 القضائية

(1-5) إصلاح زراعى. اختصاص "الاختصاص الولائى". استيلاء. ملكية. حراسة. محكمة القيم "اختصاصها". حكم.
(1) اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى. اختصاصها بالمنازعات الناشئة عن استيلاء الدولة على الأراضى الزراعية وما فى حكمها المملوكة للأجانب. المادتان 9ق 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب الأراضى الزراعية، 13 مكرراً ق 178 لسنة 1952 المعدل. مؤداه. اختصاص القضاء العادى بغير ذلك من المنازعات. علة ذلك.
(2) تعلق النزاع بتطبيق الأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1956 بحظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم ومطالبة المطعون ضده الأول للهيئة العامة للإصلاح الزراعى وآخرين بتسليمه أرض التداعى التى آلت للهيئة بالقانون 3 لسنة 1963 ضمن الأراضى المباعة ومن الحارس العام للجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعى. مؤداه. عدم اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بنظره. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصله فى النزاع على أنه من اختصاص القضاء العادى. صحيح.
(3) السلطة القضائية. سلطة أصيلة تستمد كيانها ووجودها من الدستور اختصاصها واستقلالها بولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة. القضاء العادى. صاحب الولاية العامة فى نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء. وجوب عدم التوسع فى تفسيره.
(4) محكمة القيم. محكمة دائمة لمباشرة ما نيط بها من اختصاصات وفقاً للضوابط والإجراءات المحددة بق 95 لسنة 1980 بحماية القيمة من العيب. المواد من 27 إلى 58 من هذا القانون. اختصاصها بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال والتعويضات المستحقة والمنازعات المتعلقة بالحراسات التى فرضت قبل العمل بق 34 لسنة 1971 أو المترتبة عليها. م 6 من ق 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة. اختصاصها طبقا ق 154 لسنة 1981 بالفصل فى التظلمات من الإجراءات التى تتخذ وفقاً للمادة 74 من الدستور. قصر اختصاص محكمة القيم على المسائل الواردة بالمادة 34 ق 95 لسنة 1980 دون غيرها من المنازعات. م 10 ق34 لسنة 1971.
(5) تعلق النزاع بين المطعون ضده الأول والهيئة العامة للإصلاح الزراعى وباقى المطعون ضدهم بطلب تسليم أطيان النزاع التى سبق شراءها من أجنبى لفرض الحراسة عليها طبقا للأمر العسكرى 5 لسنة 1956 بشأن حظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم. مقتضى الأمر العسكرى 36 لسنة 1958. عودة أرض النزاع إلى مالكها الفرنسى الجنسية قبل بيعها للبائع للمطعون ضده الأول. صدور القانون 15 لسنة 1963 خلال فترة تصفية الحراسات وإلغاء مهمة الحارس على أموال الفرنسيين. أثره. انتفاء اختصاص محكمة القيم بنظر النزاع وانعقاده للمحاكم العادية. قضاء الحكم المطعون فيه فى الدعوى بما يتضمن اختصاصه بنظرها. صحيح.
(6، 7) نظام عام "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نقض. محكمة الموضوع. حكم أجانب.
(6) الأسباب المتعلقة بالنظام العام. جواز إثارتها من الخصوم كما هو الشأن لمحكمة النقض والنيابة ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن. شرطه. توافر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم. 253مرافعات.
(7) حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها. من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام. سريان أحكامها بأثر فورى على كل من يتملك من الأجانب وقت العمل بق 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها فى الأراضى المصرية. سريان الحظر على المستقبل.
(8-10) قانون. أجانب. ملكية. إصلاح زراعى. نظام عام. بيع حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه: ما يعد كذلك".
(8) القانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها. الغرض منه. تسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى لهذه الأرض وإدارتها نيابة عن الدولة لحين توزيعها على صغار الفلاحين وفقا لأحكام المرسوم بق 178 لسنة 1952.
(9) أيلولة الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى القابلة للزراعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب إلى الدولة وعدم الاعتداد بتصرفاتهم إلى المصريين. الإستثناء أن تكون ثابتة التاريخ قبل يوم 23/ 12/ 1961. م 2 ق 15 سنة 1963. مقتضاه تجريد الأجنبى من الأراضى سالفة البيان المملوكة له وتحريم تملكه غيرها فى المستقبل. تعلق ذلك بالنظام العام وقضاء المحكمة به من تلقاء نفسها.
(10) قضاء الحكم المطعون فيه بتسليم أرض النزاع للمطعون ضده الأول استناداً إلى شراءه لها من والدة الذى اشتراها من أجنبى بعد صدور القانون 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وأيلولتها للدولة. تسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تلك الأراضى لإدارتها نيابة عن الدولة لحين توزيعها على صغار الفلاحين. لازمه. بطلان التصرف الصادر من الأجنبى بشأن الأرض. تعلق ذلك بالنظام العام. أثره. عدم جواز القضاء بتسليم الأرض للمطعون ضده الأول. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. مخالفة للقانون وخطأ.
1- إن مفاد نص المادة التاسعة من القانون 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب الأراضى الزراعية وما فى حكمها والمادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المعدل بشأن الإصلاح الزراعى- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى وإنما تختص بالمنازعات التى تنشأ عن استيلاء الدولة على الأراضى الزراعية وما فى حكمها المملوكة للأجانب أما غير ذلك من المنازعات فلا اختصاص للجنة بنظرها وإنما يكون الاختصاص لجهة القضاء العادى صاحبة الولاية العامة فى جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
2- إذ كان النزاع ناشئاً عن تطبيق الأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1956 بحظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، وما ترتب عليه من تسليم أرض التداعى ضمن الأراضى المباعة من الحارس العام للجمعيات التعاونية للاصلاح الزراعى بموجب عقد البيع المؤرخ 31/ 10/ 1957 التى آلت للطاعنة (الهيئة العامة للإصلاح الزراعى) بالقانون 3 لسنة 1963، ودار النزاع بين المطعون ضده الأول وباقى المطعون ضدهم والطاعنة حول طلبه تسليمها إليه بعد تخلى الحارس العام عنها، وهو نزاع لا تختص به اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وفصل فى النزاع على أنه مما تختص به جهة القضاء العادى فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعى عليه بهذا الوجه على غير أساس.
3- إن السلطة القضائية هى سلطة أصيلة تستمد كيانها ووجودها من الدستور ذاته الذى ناط بها أمر العدالة مستقلة عن باقى السلطات ولها وحدها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى. والقضاء العادى- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية التى تنشب بين الأفراد وبينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأى قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع فى تفسيره.
4- مؤدى نصوص المواد من 27 إلى 58 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون 95 لسنة 1980 أن محكمة القيم المشكلة وفقاً للقانون المشار إليه هى جهة قضاء أنشئت كمحكمة دائمة لتباشر ما نيط بها من اختصاصات محددة وفقا للضوابط المنصوص عليها وطبقاً للإجراءات التى حددها، إذ نصت المادة 34منه على اختصاص تلك المحكمة دون غيرها بالفصل فى جميع الدعاوى التى يقيمها المدعى العام الاشتراكى ولها كافة الاختصاصات المنصوص عليها فى القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب والفصل فى الأوامر والتظلمات التى ترفع إليها طبقاً لأحكام هذا القانون والفصل فى الحالات المشار إليها فى الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 53 لسنة 1972 بتصفية الحراسات وقد أضيفت لهذه الاختصاصات - بمقتضى المادة السادسة من القانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة - الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المستحقة وفقاً لأحكام هذا القانون والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التى فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 الفصل فى التظلمات من الإجراءات التى تتخذ وفقاً للمادة 74 من الدستور، وكان نص المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 قد خص محكمة الحراسة بالفصل فى دعاوى فرض الحراسة وكافة المنازعات المتعلقة بالمال المفروضة عليه مما مفاده أن المشرع قصر نزع الاختصاص من المحاكم العادية ذات الولاية العامة وأسنده إلى محكمة القيم ذات الاختصاص الاستثنائى على تلك المسائل التى نصت عليها المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980 دون غيرها من المنازعات التى تنشأ بين الأفراد وجهة الحراسة مما لم يتناوله النص المذكور وتدور جميعاً حول تقرير الحق ونفيه.
5- إذ كان محور المنازعة الماثلة ومدارها بين المطعون ضده الأول والطاعنة (الهيئة العامة للإصلاح الزراعى) وباقى المطعون ضدهم بخصوص طلب تسليمه أطيان النزاع استناداً إلى شراء البائع لها بعقد عرفى صادر من أجنبى إذ فرضت الحراسة عليها طبقاً للأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1956 بشأن حظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، إلا أنه لما كان مقتضى الأمر العسكرى رقم 36 لسنة 1958 الخاص بإنهاء الحراسة على أموال الرعايا الفرنسيين والصادر بتاريخ 18 سبتمبر 1958 إثر الاتفاق بين الحكومة المصرية وجمهورية فرنسا بتاريخ 22/ 8/ 1958 عودة أرض النزاع إلى مالكها الفرنسى الجنسية. قبل بيعها للبائع المطعون ضده الأول، إذ صدر القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه خلال فترة تصفية الحراسات الناشئة عن هذه الحراسة وبإلغاء الحراسة وإنهاء مهمة الحارس على أموال الفرنسيين فإنه ينتفى الاختصاص المحدد استثناء لمحكمة القيم وتختص المحاكم العادية بنظره بحسب الأصل العام المقرر فى القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى فى الدعوى بما يتضمن اختصاصه بنظرها فإن النعى عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
6- إن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن لمحكمة النقض والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله واكتسب قوة الشيء المحكوم فيه.
7- إذ كانت قاعدة حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام وتسرى أحكامها بأثر فورى على كل من يتملك من الأجانب وقت العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها فى الأراضى المصرية، كما يسرى هذا الحظر على المستقبل.
8- من المقرر- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إن إصدار القانون المشار إيه (القانون 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها فى الأراضى المصرية) كان لذات الغرض المقصود من إصدار قانون الإصلاح الزراعى والقوانين المكملة له وهو أن تتسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى الأراضى المشار إليها وتتولى إدارتها نيابة عن الدولة حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين وفقاً لأحكام المرسوم بقانون 178 لسنة 1952.
9- نصت المادة الثانية من القانون 15 لسنة 1963 المشار إليه على أن تؤول إلى الدولة ملكية الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى القابلة للزراعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون بما عليها من منشآت، كما أنه لا يعتد بتصرفات الأجنبى الصادرة إلى أحد المصريين إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23/ 12/ 1961 ومن مقتضى هذا الحظر أن المشرع جرد الأجنبى من الأراضى الزراعية وما فى حكمها التى يملكها وحرم عليه تملك غيرها فى المستقبل وهو أمر متعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها.
10- إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتسليم الأرض محل النزاع للمطعون ضده الأول استناداً إلى أنه اشتراها من والده الذى اشتراها من....... الفرنسى الجنسية بالعقد المؤرخ 23/ 6/ 1966 وملحقه المؤرخ 14/ 9/ 1967، وقد كان هذا التصرف تالياً لنفاذ القانون 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب الأراضى الزراعية وما فى حكمها بعد أيلولة هذه الأرضى للدولة وقد تسلمتها الطاعنة (الهيئة العامة للإصلاح الزراعى) لإدارتها نيابة عنها حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين مما لازمه بطلان التصرف الصادر من الأجنبى بشأنها ل..... وهو أمر متعلق بالنظام العام وكانت عناصره التى تمكن من الإلمام به تحت نظر محكمة الموضوع فإنه يكون للطاعنة التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة، وإذ يترتب على بطلان تصرف الأجنبى الصادر ل.... عدم الاعتداد بالتصرف الصادر من الأخير للمطعون ضده الأول فى مواجهة الطاعنة ومن ثم فلا يجوز القضاء بتسليم المطعون ضده الأول الأرض محل التداعى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى سببى الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم..... لسنة 1986 مدنى الجيزة الابتدائية على الطاعنة والمطعون ضدهما الثانى والثالث بطلب الحكم بإلزامهما بتسليمه مساحة 5 س/ 17ط/ 7ف المبينة بالأوراق على سند أنه اشتراها من والده...... بعقد مؤرخ 12/ 9/ 1975 قضى بصحته ونفاذه فى الدعوى رقم 3471 سنة 1985 مدنى كلى الجيزة والذى تلقاها البائع له بالشراء من..... الفرنسى الجنسية بعقد البيع العرفى وملحقه المؤرخين 23/ 6/ 1966، 14/ 9/ 1967 وبعد فرض الحراسة على أموال الأجنبى البائع للبائع له وافق جهاز الحراسة على تسليم أرض النزاع إلى مالكها إلا أن الطاعنة رفضت ذلك فأقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26/ 6/ 1989 للمطعون ضده الأول بالطلبات، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم.... سنة 106 ق بتاريخ 20/ 2/ 1991 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجه الثانى من أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك تقول إن الاختصاص بنظر المنازعة الماثلة ينعقد للجنة القضائية للاصلاح الزراعى باعتبارها متعلقة بالأراضى التى استولت عليها الدولة. فلا تختص جهة القضاء العادى بها، وإذ تصدى الحكم المطعون فيه للفصل فى موضوع الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن مفاد نص المادة التاسعة من القانون 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب الأراضى الزراعية وما فى حكمها والمادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المعدل بشأن الإصلاح الزراعي- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى وإنما تختص بالمنازعات التى تنشأ عن استيلاء الدولة على الأراضى الزراعية وما فى حكمها المملوكة للأجانب أما غير ذلك من المنازعات فلا اختصاص للجنة بنظرها وإنما يكون الاختصاص لجهة القضاء العادى صاحبة الولاية العامة فى جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص. لما كان ذلك، وكان النزاع الماثل ناشئاً عن تطبيق الأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1956 بحظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، وما ترتب عليه من تسليم أرض التداعى ضمن الأراضى المباعة من الحارس العام للجمعيات التعاونية للاصلاح الزراعى بموجب عقد البيع المؤرخ 31/ 10/ 1957 التى آلت للطاعنة بالقانون 3 لسنة 1963، ودار النزاع بين المطعون ضده الأول وباقى المطعون ضدهم والطاعنة حول طلبه تسليمها إليه بعد أن تخلى الحارس العام عنها، وهو نزاع لا تختص به اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وفصل فى النزاع على أنه مما تختص به جهة القضاء العادى فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعى عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك تقول الطاعنة أن محكمة القيم هى المختصة بنظر الدعوى باعتبارها من المنازعات المترتبة على الأموال التى فرضت عليها الحراسة قبل العمل بالقانون 34 لسنة 1971 بتنظيم فر ض الحراسة وتأمين سلامة الشعب إلا أن الحكم تصدى للفصل فى موضوعها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن السلطة القضائية هى سلطة أصيلة تستمد كيانها ووجودها من الدستور ذاته الذى ناط بها أمر العدالة مستقلة عن باقى السلطات ولها وحدها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة حق المواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى. والقضاء العادى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية التى تنشب بين الأفراد وبينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأى قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع فى تفسيره. وكان مؤدى نصوص المواد من 27 إلى 58 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون 95 لسنة 1980 إن محكمة القيم المشكلة وفقاً للقانون المشار إليه هى جهة قضاء أنشئت كمحكمة دائمة لتباشر ما نيط بها من اختصاصات محددة وفقاً للضوابط المنصوص عليها وطبقاً للإجراءات التى حددها، إذ نصت المادة 34 منه على اختصاص تلك المحكمة دون غيرها بالفصل فى جميع الدعاوى التى يقيمها المدعى العام الاشتراكى ولها كافة الاختصاصات المنصوص عليها فى القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب والفصل فى الأوامر والتظلمات التى ترفع إليها طبقاً لأحكام هذا القانون والفصل فى الحالات المشار إليها فى الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 53 لسنة 1972 بتصفية الحراسات وقد أضيفت لهذه الاختصاصات - بمقتضى المادة السادسة من القانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة - الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المستحقة وفقاً لأحكام هذا القانون والمنازعات الأخرى بالحراسات التى فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 أو المترتبة عليها ثم أضيفت إليها بالقانون رقم 154 لسنة 1981 الفصل فى التظلمات المتعلقة من الإجراءات التى تتخذ وفقاً للمادة 74 من الدستور، وكان نص المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 قد خص محكمة الحراسة بالفصل فى دعاوى فرض الحراسة وكافة المنازعات المتعلقة بالمال المفروضة عليه مما مفاده أن المشرع قصر نزع الاختصاص من المحاكم العادية ذات الولاية العامة وأسنده إلى محكمة القيم ذات الاختصاص الاستثنائى على تلك المسائل التى نصت عليها المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980 دون غيرها من المنازعات التى تنشأ بين الأفراد وجهة الحراسة مما لم يتناوله النص المذكور وتدور جميعاً حول تقرير الحق ونفيه. لما كان محور المنازعة الماثلة ومدارها بين المطعون ضده الأول والطاعنة وباقى المطعون ضدهم بخصوص طلب تسليمه أطيان النزاع استناداً إلى شراء البائع لها بعقد عرفى صادر من أجنبى إذ فرضت الحراسة عليها طبقاً للأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1956 بشأن حظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، إلا أنه لما كان مقتضى الأمر العسكرى رقم 36 لسنة 1958 الخاص بإنهاء الحراسة على أموال الرعايا الفرنسيين والصادر بتاريخ 18 سبتمبر 1958 إثر الاتفاق بين الحكومة المصرية وجمهورية فرنسا بتاريخ 22/ 8/ 1958 عودة أرض النزاع إلى مالكها الفرنسى الجنسية. قبل بيعها للبائع للمطعون ضده الأول، إذ صدر القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه خلال فترة تصفية الحراسات الناشئة عن هذه الحراسة وبإلغاء الحراسة وإنهاء مهمة الحارس على أموال الفرنسيين فإنه ينتفى الاختصاص المحدد استثناء لمحكمة القيم وتختص المحاكم العادية بنظره بحسب الأصل العام المقرر فى القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى فى الدعوى بما يتضمن اختصاصه بنظرها فإن النعى عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصر النعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول من سببى الطعن مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ قضى بتسليم أرض النزاع للمطعون ضده الأول فى حين أن مورثه والبائع له تلقاها سواء من أجنبى بعد سريان القانون 15 لسنة 1963 الذى حظر على الأجانب تملك الأرضى الزراعية وما فى حكمها ولم يعتد بتصرفاتهم الصادرة للمصريين إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل 23/ 12/ 1961 وقد آلت إلى الدولة لتوزيعها على صغار الفلاحين ويبطل أى تصرف يقع على خلاف ذلك، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن لمحكمة النقض والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله واكتسب قوة الشىء المحكوم فيه. وكانت قاعدة حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام وتسرى أحكامها بأثر فورى على كل من يتملك من الأجانب وقت العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها فى الأراضى المصرية، كما يسرى هذا الحظر على المستقبل. وكان من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إصدار القانون المشار إليه كان لذات الغرض المقصود من إصدار قانون الإصلاح الزراعى والقوانين المكملة له وهو أن تتسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى الأراضى المشار إليها وتتولى إدارتها نيابة عن الدولة حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين وفقاً لأحكام المرسوم بقانون 178 لسنة 1952. وقد نصت المادة الثانية من القانون 15 لسنة 1963المشار إليه على أن تؤول إلى الدولة ملكية الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى القابلة للزراعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون بما عليها من منشآت، كما أنه لا يعتد بتصرفات الأجنبى الصادرة إلى أحد المصريين إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23/ 12/ 1961 ومن مقتضى هذا الحظر أن المشرع جرد الأجنبى من الأراضى الزراعية وما فى حكمها التى يملكها وحرم عليه تملك غيرها فى المستقبل وهو أمر متعلق بالنظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتسليم الأرض محل النزاع للمطعون ضده الأول استناداً إلى أنه اشتراها من والده الذى اشتراها من....... الفرنسى الجنسية بالعقد المؤرخ 23/ 6/ 1966 وملحقه المؤرخ 14/ 9/ 1967، وقد كان هذا التصرف تالياً لنفاذ القانون 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب الأراضى الزراعية وما فى حكمها بعد أيلولة هذه الأرضى للدولة وقد تسلمتها الطاعنة لإدارتها نيابة عنها حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين مما لازمه بطلان التصرف الصادر من الأجنبى بشأنها..... وهو أمر متعلق بالنظام العام وكانت عناصره التى تمكن من الإلمام به تحت نظر محكمة الموضوع فإنه يكون للطاعنة التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة، وإذ يترتب على بطلان تصرف الأجنبى الصادر........ عدم الاعتداد بالتصرف الصادر من الأخير للمطعون ضده الأول فى مواجهة الطاعنة ومن ثم فلا يجوز القضاء بتسليم المطعون ضده الأول الأرض محل التداعى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى سببى الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.