أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 291

جلسة 13 من فبراير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ حماد الشافعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكرى العميرى، عبد الصمد عبد العزيز، محسن فضلى نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز فرحات.

(53)
الطعنان رقما 4780، 5095 لسنة 63 القضائية

(1) قانون "إلغاء القانون".
إلغاء التشريع أو نسخه. المقصود به. دفع حكم قانونى بحكم قانونى آخر متأخر عنه. مؤداه. إبطال العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة. الإلغاء. جواز أن يكون صراحة أو ضمنا. كيفيته. اشتمال التشريع اللاحق على نص يتعارض مع التشريع السابق أو ينظر من جديد الموضوع السابق تقرير قواعده. م 2 مدنى. التعارض المقصود به. ورود النصين على محل واحد مما يستحيل معه إعمالهما معا.
(2-6) بيع "بيع أملاك الدولة الخاصة". عقد. أموال "أموال الدولة الخاصة ". ملكية قانون "تفسيره" "إلغاؤه". إيجار. محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه" "عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون: ما يعد كذلك" "حجية الحكم" "بطلان الحكم". بطلان "بطلان الأحكام". نقض.
(2) مستأجرى الأراضى المملوكة للدول ملكية خاصة. أحقيتهم فى طلب شرائها. شرطه. إقامتهم عليها المصانع مع إعدادها إعداداً كاملاً بما فيه التشغيل ثم مرور سنتين. علة ذلك. وجوب أن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير موازنة لغرم بغنم. القرار الجمهورى 836 لسنة 1957 بتعديل شروط بيع تلك الأراضى لمستأجريها لإقامة المصانع عليها.
(3) القرار الجمهورى 549 لسنة 1976 بالترخيص للمحافظين فى بيع أملاك الدولة الخاصة بالممارسة لبعض الجهات ومنها طالبوا الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية بدون شرط إقامة المصنع وإدارته وتشغيله قبل البيع استثناء من أحكام القرار الجمهورى 836 لسنة 1957. مخاطبة فئة تغاير تلك المخاطبة بالقرار الأخير وإعفاؤه طالبى الشراء من ذلك الشرط وجعله الثمن فى المقابل بالممارسة. مؤداه. عدم الاختلاط أو الاندماج بين القرارين المذكورين أو نسخ اللاحق منهما السابق. علة ذلك. ورودهما على محلين مختلفين. أثره. استحالة قيام التعارض بينهما عقلا.
(4) عدم تعرض القرار الجمهورية 836 لسنة 1957 لكيفية التعاقد بالبيع. أثره. وجوب إعمال القواعد العامة المنظمة لبيع أملاك الدولة الخاصة. مؤداها. التعاقد بشأن هذه الأملاك بين الحكومة وطالبى الشراء. عدم تمامه إلا بالتصديق عليه من المحافظين كل فى دائرة اختصاصه. اعتبار التصديق قبولا بالبيع وعدم اعتبار القرار المذكور إيجابا من الحكومة أو وعدا منها بالبيع. عدم جواز إلزامها بإتمامه أو ترتيب أثار العقد البات على مجرد طلب المستأجر الشراء. علة ذلك. للقاضى تقدير أحقيته فى الطلب بالثمن المقرر للأرض وقت بداية التأجير متى توافرت شرائطها. قيام الحكم النهائى حجة للموجب على الحكومة. شرطه. قبولها إيجابه. المواد 29 ق 43 لسنة 1979و 8، 17، 18 من لائحة شروط بيع أملاك الدولة الحرة الصادرة فى 31/ 8/ 1902.
(5) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة. اشتمال أسبابه على أخطاء قانونية. لا يبطله. لمحكمة النقض تصحيحها بغير أن تنقضه.
(6) القضاء بأحقية الطاعن فى شراء قطعة الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة والتى أقام عليها مصانعه اعتباراً من تاريخ إعدادها وتشغيلها بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير وبرفض طلبه إلزام الحكومة بإتمام البيع واحتساب ما دفع من أجرة جزءًا من الثمن. صحيح.
(7) نقض "أسباب الطعن: أسباب قانونية يخالطها واقع".
دفاع قانونى يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - المقصود بإلغاء التشريع أو نسخه. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو رفع حكم قانونى بحكمن قانونى آخر متأخر عنه بما يترتب عليه إبطال العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة، والإلغاء - عل ما تقضى به المادة الثانية من القانون المدنى يكون إما صراحة أو ضمنا بأن يشتمل التشريع اللاحق على نص يتعارض مع التشريع السابق، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده، ويقصد بالتعارض - فى هذا الخصوص- أن يكون النصان واردين على محل واحد مما يستحيل معه إعمالها معا.
2 - إن النص فى القرار الجمهورى رقم 836 لسنة 57 بتعديل شروط وبيع الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة لمستأجريها لإقامة المصانع عليها على أن "يكون للمستأجر الحق فى طلب شراء الأرض بعد مرور سنتين من تاريخ إقامة المصنع وإعداده إعداداً كاملاً من آلات وإدارة وتشغيل، وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير" مفاده أن المشرع قدر - تحقيقاً لسياسة تصنيع البلاد والتى تأخذ الحكومة بأسبابها - أن يوفر ميزة لمستأجرى الأراضى المشار إليها إن هم أقاموا عليها المصانع مع إعدادها إعداداً كاملاً بما فيه التشغيل، هى أحقيتهم فى طلب شرائها بعد مرور سنتين على الإعداد والتشغيل. ضمانا لجديتهم. وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير، فوازن بذلك غرماً بغنم.
3 - إذ صدر القرار الجمهورى رقم 549 لسنة 76 بالترخيص للمحافظين فى بيع أملاك الدولة الخاصة بالممارسة لبعض الجهات - بعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة - ومنها " طالبوا الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية وذلك بدون اشتراطه إقامة المصنع وإدارته وتشغيله قبل البيع استثناء من أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 836 لسنة 57" فإنه يكون قد خاطب به فئة تغاير تلك المخاطبة بالقرار آنف البيان، ووازن كذلك بين أطرافة فأعفى طالبوا الشراء من شرط إقامة المصانع قبل البيع وجعل الثمن فى المقابل بالممارسة، ومن ثم فإن القرارين المذكورين لا يختلطان ولا يندمجان ولا ينسخ اللاحق منهما السابق، ولوردوهما على محلين مختلفين بما يستحيل عقلا قيام التعارض بينهما.
4- إذ كان القرار الجمهورى رقم 836 لسنة 57 لم يتعرض لكيفية التعاقد بالبيع، فإن القواعد المنظمة لبيع أملاك الدولة الخاصة تكون واجبة الإعمال. ومؤداها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ونزولا على حكم المادة 29 من قانون الحكم المحلى رقم 43 لسنة 1979 والمواد 8، 17، 18 من لائحة شروط بيع أملاك الدولة الحرة الصادرة فى 31/ 8/ 1902- أن التعاقد بشأنها لا يتم بين الحكومة وبين طالب الشراء إلا بالتصديق عليه ممن يملكه، وهو معقود - بالنسبة لواقعة النزاع - للمحافظين دون سواهم كل فى دائرة اختصاصه، إذ أن هذه التصديق هو القبول بالبيع وبالتالى فلا يسوغ. فى صحيح النظر - اعتبار القرار الجمهورى رقم 836 لسنة 1957 بما توافر عليه من شروط إيجابا من الحكومة أو وعدا منها بالبيع، بما لا يصح معه القول بتمام العقد أو انعقاده بقوة القانون، ولا يجوز من ثم للقاضى إلزام الحكومة بإتمامه أو ترتيب آثار العقد البات على مجرد طلب المستأجر الشراء كاحتساب ما سدده من أجره جزءا من الثمن، وإنما يكون للقاضى تقرير أحقيته فى طلب شراء الأرض بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير - متى توافرت شرائطها على ما سلف بيانه - ويقوم الحكم النهائى حجة للموجب على الحكومة حين ترى - من جانبا- قبول إيجابه.
5- المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الحكم المطعون فيه سليما فى نتيجته التى انتهى إليها، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائى فيما قضى به من أحقية الطاعن فى الطعن المنضم رقم... فى شراء قطعة الأرض (المملوكة للدولة ملكية خاصة) التى أقام عليها مصانعه اعتبارا من تاريخ إعداده وتشغيله بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير، ورفض طلبه إلزام الحكومة بإتمام البيع واحتساب ما دفع من أجرة جزءًا من الثمن، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فى القانون.
7 - دفاع قانونى يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة (محكمة النقض).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين قد استوفيا شروطهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - تتحصل فى أن الطاعن فى الطعن رقم 5095 لسنة 63 ق بصفته المدير المسئول لشركة "مصانع زهران للألمونيوم أقام على كل من وزير المالية ومحافظ الإسكندرية بصفتيهما - الطاعنين فى الطعن رقم 4780 لسنة 63 ق - الدعوى رقم.... لسنة 1986 مدنى الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم أولا - بأحقيته فى شراء قطعة الأرض الموضحة بالصحيفة والبالغ مساحتها 15723.44 مترا مربعا بثمن مقدراه أثنا عشر جنيها للمتر المربع، وبإلزامهما بإتمام هذا البيع اعتبارا من 1/ 6/ 1983. ثانيا: بأحقيته فى احتساب ما سدد من إيجار اعتبارا من التاريخ سالف الذكر جزءا من الثمن. وقال بيانا لها إنه استأجر الأرض مثار النزاع والمملوكة للدولة ملكية خاصة لإقامة مصانعه عليها، وقدر ثمنها وقت التأجير باثنى عشر جنيهاً للمتر المربع، وبعد أن شيد المصنع الذى خصصت له تلك الأرض وبدأ فى التشغيل والإنتاج اعتبارا من 1/ 6/ 1981 تقدم بطلب شرائها لأحقيته فى ذلك واستيفائه الشروط الواردة بالقرار الجمهورى رقم 836 لسنة 1957 والتى تخوله شراءها بالثمن المقدر لها وقت التأجير، إلا أن محافظة الإسكندرية امتنعت عن إتمام البيع، ومن ثم أقام دعواه. قضت المحكمة بأحقيته فى شراء الأرض مثار النزاع بثمن مقداره اثنا عشر جنيها للمتر المربع اعتبارا من 1/ 1/ 1984 وألزمت المدعى عليهما بصفتيهما بإتمام البيع ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعنان فى الطعن رقم 4780 لسنة 63 ق هذا الحكم بالاستئناف رقم.... سنة 46 ق الإسكندرية، كما استأنفه المطعون ضده فيه - الطاعن فى الطعن المنضم رقم 5095/ 63 ق - لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم.... سنة 46 ق، فيما قضى به من رفض طلبه اعتبار ما سدده من أجره الأرض جزءا من الثمن، وبعد أن ضمن المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 29/ 3/ 1993 برفض الاستئناف الأخير، وفى الاستئناف الأول بإلغاء الشق الخاص بإلزام المستأنفين فيه بإبرام عقد البيع ورفض هذا الطب، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعن الطعنان فى الطعن الأول بصفتيهما فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4780 لسنة 63 ق، كما طعن فيه الطاعن فى الطعن المنضم بصفته بالطعن رقم 5095 لسنة 63 ق. وقدمت النيابة مذكرة فى كل من الطعنين أبدت فيهما الرأى برفضهما وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت ضمهما، والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن كل من الطعنين أقيم على سببين ينعى الطاعنان فى الطعن الأول رقم 4780/ 63 ق بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والقصور فى التسبيب والتناقض وفى بيان ذلك يقولان إنه متى كانت أحكام بيع أملاك الدولة الخاصة آمرة، ومن ثم تسرى بأثر فورى على ما لم يستقر نهائيا من مراكز أو وقائع قائمة وإن نشأت قبل صدورها، وكان القرار الجمهورى رقم 549 لسنة 1976 قد رخص للمحافظين ببيع العقارات المملوكة للدولة بطريق الممارسة - وبعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة - لطالبى الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية، دون اشتراط إقامة المصنع أو إعداده وتشغيله قبل البيع، استثناء من أحكام القرار الجمهورى رقم 836 لسنة 1957، ونص على خضوع هذه البيوع - فيما عدا إجراءات الممارسة - لباقى الشروط والقواعد المنظمة للتصرف فى أملاك الدولة الخاصة ومنها - طبقا للائحة شروط بيع أملاك الميرى- إلا يتم ركن القبول إلا بالتصديق عليه ممن يملكه، وكانت محافظة الإسكندرية لم تطرح - وقت صدور القرار رقم 549/ 76 أرض النزاع للبيع بالممارسة ولم يصدر قبول من المحافظ المختص لإيجاب المطعون ضده بشرائها، فإن هذا القرار آنف الإشارة - لا القرار السابق له - يحكم واقعة النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بأحقية المطعون ضده فى شراء الأرض بشروط القرار رقم 836 لسنة 57 فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث ينعى الطاعن فى الطعن المنضم رقم 5095/ 63 ق بسببى طعنه على ذات الحكم الخطأ فى فهم القانون وتطبيقه والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إنه لما كان القرار رقم 549/ 76 - المشار إليه آنفا- لم ينسغ أو يعدل من أحكام القرار رقم 836/ 57 حيث إن لكل مجال تطبيقه، وكان قد استأجر أرض النزاع لإقامة مصنعه وبعد تشييده وإعداده للتشغيل والإنتاج، فقط طلب - بعد مرور سنتين على ذلك - شراءها، بما يكون معه القرار رقم 836/ 1957 هو الذى يحكم واقعة النزاع وهو الذى يكسبه مركزه القانونى، ويضحى عقد إيجاره - بهذه المثابة - منطويا على وعد بالبيع ينظم أحكامه القرار المذكور، وقد اشتمل على إيجاب من الحكومة صادفه قبول منه بإظهار رغبته فى الشراء فى المدة المحددة فانعقد العقد بقوة القانون، ولا يعدو طلبه الحكم بإلزام المطعون ضدهما بإتمام عقد البيع، أن يكون بتنفيذ التزام الواعد جبرا إذ نكل عن وعده مع توافر شروط تمامه ليقوم الحكم النهائى مقام العقد - وعلى ما تقضى به المادة 102 من القانون المدنى - بما كان يوجب على محكمة الموضوع أجباته إلى طلبه بإلزام المطعون ضدهما بإتمام البيع واحتساب ما سدد من قيمة ايجارية جزءا من الثمن غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، على قول إن القرار رقم 549/ 76 الذى أعفى المستأجر لأرض الدولة من شرط إقامة المصنع يسرى على واقعة النزاع بما نص عليه من اشتراط أن يكون البيع بالممارسة وإلا ينعقد العقد إلا بقبول ممن يملكه وهو المحافظ - بعد موافقة اللجنة التنفيذية - وأنه لا سبيل فى ظله إلى إلزام الحكومة على قبول البيع، وهذا الذى قرره الحكم من خلط بين القرارين لا يوافق صحيح القانون ويتناقض مع ما انتهى إليه منطوقه ذاته من تأييد للحكم الابتدائى فيما قضى به من أحقية الطاعن فى شراء الأرض بالثمن المقرر وقت بداية التأجير، بما يتضمنه حتما من التسليم بوجوب تطبيق القرار الجمهورى رقم 836/ 57- دون غيره، الأمر الذى يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعى بتلك الأسباب برمتها مردود، ذلك أنه لما كان المقصود بإلغاء التشريع أو نسخه. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو رفع حكم قانونى بحكم قانونى آخر متأخر عنه بما يترتب عليه إبطال العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة، والإلغاء - عل ما تقضى به المادة الثانية من القانون المدنى يكون إما صراحة أو ضمنا بأن يشتمل التشريع اللاحق على نص يتعارض مع التشريع السابق، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده، ويقصد بالتعارض - فى هذا الخصوص- أن يكون النصان واردين على محل واحد مما يستحيل معه إعمالها معا، وكان النص فى القرار الجمهورى رقم 836 لسنة 57 بتعديل شروط وبيع الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة لمستأجريها لإقامة المصانع عليها على أن "يكون للمستأجر الحق فى طلب شراء الأرض بعد مرور سنتين من تاريخ إقامة المصنع وإعداده إعداداً كاملاً من آلات وإدارة وتشغيل، وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير" مفاده أن المشرع قدر - تحقيقاً لسياسة تصنيع البلاد والتى تأخذ الحكومة بأسبابها - أن يوفر ميزة لمستأجرى الأراضى المشار إليها إن هم أقاموا عليها المصانع مع إعدادها إعداداً كاملاً بما فيه التشغيل، هى أحقيتهم فى طلب شرائها بعد مرور سنتين على الإعداد والتشغيل - ضمانا لجديتهم - وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير، فوازن بذلك غرماً بغنم، وإذ صدر القرار الجمهورى رقم 549 لسنة 76 بالترخيص للمحافظين فى بيع أملاك الدولة الخاصة بالممارسة لبعض الجهات - بعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة - ومنها "طالبوا الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية وذلك بدون اشتراطه إقامة المصنع وإدارته وتشغيله قبل البيع استثناء من أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 836 لسنة 57 ق" فإنه يكون قد خاطب به فئة تغاير تلك المخاطبة بالقرار آنف البيان، ووازن كذلك بين أطرافه فأعفى طالبوا الشراء من شرط إقامة المصانع قبل البيع، وجعل الثمن فى المقابل بالممارسة، ومن ثم فإن القرارين المذكورين لا يختلطان ولا يندمجان ولا ينسخ اللاحق منهما السابق، ولورودهما على محلين مختلفين بما يستحيل – عقلا - قيام التعارض بينهما.
وإذ كان ذلك وكان القرار رقم 836 لسنة 57 لم يتعرض لكيفية التعاقد بالبيع، فإن القواعد المنظمة لبيع أملاك الدولة الخاصة تكون واجبة الإعمال ومؤداها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ونزولا على حكم المادة 29 من قانون الحكم المحلى رقم 43 لسنة 1979 والمواد 8، 17، 18 من لائحة شروط بيع أملاك الدولة الحرة الصادرة فى 31/ 8/ 1902- أن التعاقد بشأنها لا يتم بين الحكومة وبين طالب الشراء إلا بالتصديق عليه ممن يملكه، وهو معقود - بالنسبة لواقعة النزاع - للمحافظين دون سواهم كل فى دائرة اختصاصه، إذ أن هذا التصديق هو القبول بالبيع وبالتالى فلا يسوغ - فى صحيح النظر - اعتبار القرار الجمهورى رقم 836/ 57 بما توافر عليه من شروط إيجابا من الحكومة أو وعدا منها بالبيع، بما لا يصح معه القول بتمام العقد أو انعقاده بقوة القانون، ولا يجوز من ثم للقاضى إلزام الحكومة بإتمامه أو ترتيب آثار العقد البات على مجرد طلب المستأجر الشراء كاحتساب ما سدده من أجرة جزءًا من الثمن، وإنما يكون للقاضى تقرير أحقيته فى طلب شراء الأرض بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير - متى توافرت شرائطها على ما سلف بيانه - ويقوم الحكم النهائى حجة للموجب على الحكومة حين ترى - من جانبها - قبول إيجابه.
وإذا كان ذلك، وكان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الحكم المطعون فيه سليما فى نتيجته التى انتهى إليها، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه، وكان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائى فيما قضى به من أحقية الطاعن فى الطعن المنضم رقم 5095/ 63 ق فى شراء قطعة الأرض التى أقام عليها مصانعه اعتبارا من تاريخ إعداده وتشغيله بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير، ورفض طلبه إلزام الحكومة بإتمام البيع واحتساب ما دفع من أجره جزءا من الثمن، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فى القانون، ويضحى النعى عليه - فى هذا الصدد - على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين - بالطعن رقم 4780/ 63 ق - ينعيان بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، ذلك أنه إذ قضى بأحقية المطعون ضده فى شراء مسطح 15723.24 مترا مربعاً بثمن مقداره اثنا عشر جنيهاً للمتر المربع، دون أن يستبعد منها مساحة 3161.44 مترا مربعاً تبين غصب المطعون ضده لها وإدخالها ضمن مصنعه مجاوزا بذلك ما رخص له به، فكان يتعين على الحكم المطعون فيه ألا يسحب حكم القرار الجمهورى 836/ 57 - على فرض انطباقه - على تلك المساحة المعتصبة التى يحق الطاعنين بيعها بالمزايدة أو الممارسة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أنه متى حلت الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعنين بما جاء به، وهو دفاع قانونى يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين رفض الطعنين.