أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 336

جلسة 28 من فبراير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام الدين الحناوى، يحيى الجندى، عاطف الأعصر، نواب رئيس المحكمة وإسماعيل عبد السميع.

(62)
الطعن رقم 2275 لسنة 62 القضائية

(1) محكمة الموضوع "مسائل الواقع وتقدير الأدلة".
تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينهما من سلطة قاضى الموضوع. عدم التزامه بالرد على كل ما يقدمه الخصم. حسبه أن يبين الحقيقة التى اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة. لا عليه أن يتتبع حجج الخصوم وطلباتهم والرد عليها استقلالا. علة ذلك.
(2) تأمينات اجتماعية "إصابة العمل".
إصابة المؤمن عليه نتيجة حادث خلال ذهابه أو عودته منه. اعتبارها فى حكم إصابة العمل شرطه أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو إنحراف عن الطريق الطبيعى.
(3) نقض "نقض الحكم: أثر نقض الحكم".
نقض الحكم. أثره. إلغاء كافة الأحكام اللاحقة للحكم المنقوض التى كان أساسًا لها. م 271 مرافعات.
1 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لقاضى الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبه ان يبين الحقيقة التى اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق وتكفى لحمله ولا عليه أن يتتبع الخصوم فى مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه مادام فى قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمنى على تلك الأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت فى قضائها إلى ثبوت قيام علاقة العمل بين مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية والمطعون ضده الثالث على سند من إقرار الأخير بقيام علاقة العمل بينهما حتى تاريخ وفاته فى 9/ 1/ 1986. وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضائه فى هذا الشأن ويتضمن الرد الضمنى المسقط لكل حجج الطاعنة وأوجه دفاعها ومستنداتها فى هذا الخصوص، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة بهذا النعى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير محكمة الموضوع للدليل مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعى على غير أساس.
2- النص فى المادة الخامسة من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 البند "هـ" على أنه فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد أ..... ب...... ج....... د...... هـ.... بإصابة العمل الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) المرافق أو الإصابة نتيجة حادث وقع أثناء تأدية العمل أو بسببه.. ويعتبر فى حكم ذلك كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى... " يدل على أنه يشترط لاعتبار إصابة المؤمن عليه نتيجة حادث خلال ذهابه إلى عمله أو عودته منه إصابة عمل أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى، فإذا وقع الحادث فى خلال فترة التوقف أو التخلف أو الانحراف عن الطريق الطبيعى رفع عنه وصف إصابة العمل. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه باعتبار الحادث الذى أودى بحياة مورث المطعون ضدهما الأولى عن نفسها وبصفتها الثانية بتاريخ 9/ 1/ 1986 إصابة عمل وإلزام الطاعنة أن تؤدى لهما المعاش والتعويض المستحق عن ذلك على مجرد القول أن الحادث وقع حال عودته من عمله إلى مسكنه دون أن يتحقق من مكان محل إقامته وما إذا كان الطريق الذى وقع فيه الحادث هو الطريق الطبيعى بين مقر عمله ومحل إقامته أم لا فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب.
3 - المقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 271 من قانون المرافعات أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها. فإن نقض الحكم فى قضائه باعتباره وفاة المورث المذكور ناتجة عن إصابة عمل يترتب عليه نقض الحكم بإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضدهما الأولى والثانية المعاش والتعويض المستحق عن ذلك باعتباره مؤسساً على قضائه باعتبار الوفاة ناتجة عن إصابة عمل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهما الأولى والثانية أقامتا الدعوى رقم..... لسنة....عمال طنطا الابتدائية على الطاعنة - الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية - والمطعون ضده الثالث - بطلب الحكم بإثبات علاقة العمل بين مورثهما المرحوم/ .... والمطعون ضده الثالث واعتبار وفاته إصابة عمل وإلزام الطاعنة أن تؤدى لهما المعاش والتعويض المستحق. وقالتا بيانًا لها أن مورثهما المذكور كان يعمل لدى المطعون ضده الثالث وبتاريخ 9/ 1/ 1986 وحال عودته من عمله إلى مسكنه اصطدمت به سيارة مما أدى إلى وفاته وإذ رفضت الطاعنة احتساب مستحقاتهما باعتبار أن وفاة مورثهما ناتجة عن إصابة عمل فقد أقامتا الدعوى بطلباتهما سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيرًا فى الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 14/ 5/ 1990 بإجابة المطعون ضدهما الأولى والثانية إلى طلباتهما. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق طنطا. وبتاريخ 11/ 2/ 1992 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك تقول إنها تقدمت أمام محكمة الموضوع مستندات تنفى وجود علاقة عمل بين مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية والمطعون ضده الثالث ذلك أن الثابت من كتاب التفتيش على العمال بالمنشآت المؤرخ 13/ 5/ 1986 عدم وجود عمال بمنشأة المطعون ضده الثالث كما أن الثابت من بطاقة مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية أنه من عمال البناء وإذ أعرض الحكم عن هذه المستندات والرد عليها وأقام قضاءه بثبوت علاقة العمل على مجرد إقرار المطعون ضده الثالث بقيام هذه العلاقة بينه ومورث المطعون ضدهما الأولى والثانية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه لما كان المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لقاضى الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبه ان يبين الحقيقة التى اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق وتكفى لحمله ولا عليه أن يتتبع الخصوم فى مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه مادام فى قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمنى على تلك الأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت فى قضائها إلى ثبوت قيام علاقة العمل بين مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية والمطعون ضده الثالث على سند من إقرار الأخير بقيام علاقة العمل بينهما حتى تاريخ وفاته فى 9/ 1/ 1986. وكان هذا الاستخلاص سائغاً له أصله الثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضائه فى هذا الشأن ويتضمن الرد الضمنى المسقط لكل حجج الطاعنة وأوجه دفاعها ومستنداتها فى هذا الخصوص، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة بهذا النعى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير محكمة الموضوع للدليل مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وفى بين ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه اعتبر وفاة مورث المطعون ضدهما الأولى والثانية ناتجة عن إصابة عمل على أساس أن الحادث الذى أودى بحياته وقع حال عودته من عمله إلى منزله فى حين أن مقر الورشة التى يعمل بها المورث المذكور ببلدة كفر داود ومحل إقامته بذات البلدة وأن الحادث الذى أودى بحياته طبقًا للثابت بالمحضر رقم.... لسنة..... جنح قسم ثان طنطا قد وقع بالطريق المؤدى إلى بلدة سبرباى وهو طريق مغاير للطريق الطبيعى المؤدى إلى محل إقامته ومن ثم فإن الواقعة لا تعتبر إصابة عمل طبقًا لما تقضى به المادة 5/ هـ من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن النص فى المادة الخامسة من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 البند "هـ" على أنه فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد أ - ..... ب - ...... ج - ....... د - ...... هـ - بإصابة العمل الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) المرافق أو الإصابة نتيجة حادث وقع أثناء تأدية العمل أو بسببه.. ويعتبر فى حكم ذلك كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى... " يدل على أنه يشترط لاعتبار إصابة المؤمن عليه نتيجة حادث خلال ذهابه إلى عمله أو عودته منه إصابة عمل أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطرق الطبيعى، فإذا وقع الحادث فى خلال فترة التوقف أو التخلف أو الانحراف عن الطريق الطبيعى رفع عنه وصف إصابة العمل. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه باعتبار الحادث الذى أودى بحياة مورث المطعون ضدهما الأولى عن نفسها وبصفتها والثانية بتاريخ 9/ 1/ 1986 إصابة عمل وإلزام الطاعنة أن تؤدى لهما المعاش والتعويض المستحق عن ذلك على مجرد القول إن الحادث وقع حال عودته من عمله إلى مسكنه دون أن يتحقق من مكان محل إقامته وما إذا كان الطريق الذى وقع فيه الحادث هو الطريق الطبيعى بين مقر عمله ومحل إقامته أم لا فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب. بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن ولما كان من المقرر وفقًا لنص الفقرة الأولى من المادة 271 من قانون المرافعات أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها. فإن نقض الحكم فى قضائه باعتباره وفاة المورث المذكور ناتجة عن إصابة عمل يترتب عليه نقض الحكم بإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضدهما الأولى والثانية المعاش والتعويض المستحق عن ذلك باعتباره مؤسسًا على قضائه باعتبار الوفاة ناتجة عن إصابة عمل.