أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 358

جلسة 28 من فبراير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام الدين الحناوى، يحيى الجندى، عاطف الأعصر نواب رئيس المحكمة ومحمد العبادى.

(66)
الطعن رقم 939 لسنة 70 القضائية

(1-4) عمل "العاملون بشركات قطاع الأعمال: إجازات". نظام عام. بطلان.
(1) الإجازات السنوية للعامل. تعلقها باعتبارات النظام العام. أثره. عدم جواز الاتفاق على مخالفة القانون الذى أوجبها أو الاستعاضة عنها بمقابل نقدى إلا فى غير الأحوال المقررة فى القانون. علة ذلك.
(2) جعل الاستجابة لطلب صرف المقابل النقدى لرصيد الإجازات جوازياً لرئيس مجلس الإدارة وبحد أقصى ستة أشهر. م 126 من اللائحة تعارضه مع اعتبارات النظام العام. أثره. بطلانه. بطلاناً مطلقاً.
(3) سكوت قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 عن تنظيم حالة انتهاء خدمة العامل دون استنفاد رصيد إجازاته الاعتيادية. أثره. وجوب الرجوع فى هذا الشأن لأحكام قانون العمل.
(4) إنتهاء خدمة العامل بشركة التأمين الأهلية. لا أثر له على حقه فى الحصول على أجر الإجازات المستحقة له. شرطه. أن يكون حرمانه من الإجازة راجعاً إلى صاحب العمل. علة ذلك. تراخى العامل فى القيام بإجازته للمطالبة بمقابل عنها. أثره. استحقاقه أجراً عنها بما لا يجاوز ثلاثة أشهر.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الأدلة" حكم "عيوب التدليل: الفساد فى الاستدلال"
فساد الحكم فى الاستدلال. ماهيته. إنطواء الأسباب على عيب يمس سلامة الاستنباط واستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها.
1 - إذ كانت الإجازة السنوية للعامل قد فرضها الشارع لاعتبارات من النظام العام لأن الحق فيها يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة فى كيان الجماعة ويمس مصالحها العليا صوناً لقواتها الإنتاجية البشرية وبالتالى يكون الاتفاق على مخالفة أحكام القانون الذى أوجبها غير جائز ولا ينتج أثراً وهى فى نطاق قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أيام معدودات فى كل سنة لا يجوز فى غير الأحوال المقررة فى القانون حسب الأصل الاستعاضة عنها بمقابل نقدى وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى عوض يدفعه صاحب العمل إلى العامل وفى ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام على النحو سالف البيان.
2- إذ كانت لائحة نظام العاملين بالشركة الطاعنة والتى أصدرها مجلس إدارتها نفاذاً لقانون الإشراف والرقابة على التأمين فى مصرالصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981 قد نصت فى المادة 126 منها على أنه "يجوز لرئيس مجلس الإدارة صرف مقابل نقدى عن الإجازات التى لم يقم بها العامل بحد أقصى ستة أشهر وذلك عند انتهاء خدمته لبلوغه السن القانونية أو لعدم اللياقة الصحيحة أو الوفاة. ولا يصرف هذا المقابل إلا عن الإجازات التى طلبها العامل كتابة. ورفض طلبه لمصلحة العمل أو التى قطعت لاستدعائه لحاجة العمل. بشرط اعتماد رئيس مجلس الإدارة فى الحالتين.." ومفاد ذلك أن المادة 126 من لائحة نظام العاملين المشار إليها جعلت الاستجابة لطلب المقابل النقدى للإجازة جوازيه لرئيس مجلس الإدارة فله أن يوافق عليه أو يرفضه ووضعت حداً أقصى لمقابل رصيد الإجازات التى لم يحصل عليها العامل وهو ستة شهور وهو ما يتعارض مع اعتبارات النظام العام ومن ثم فإنها تكن باطلة بطلاناً مطلقاً فى هذا الشأن.
3 - إذ كانت المادة 128 من هذه اللائحة تنص على أنه "تسرى أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام فيما لم يرد به نص خاص فى هذه اللائحة"، وكان قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 المحال إليه لم يتضمن نصاً بشأن تنظيم حالة انتهاء خدمة العامل دون استنفاد رصيد إجازاته الاعتيادية مما يتعين معه الرجوع فى هذا الشأن لأحكام قانون العمل.
4 - مؤدى نص المادتين 45، 47 من القانون 137 لسنة 1981 - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن انتهاء خدمة العامل لا يؤثر على حقه فى أجر الاجازات المستحقة والتى لم يستعملها حتى تاريخ انتهاء خدمته بما لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر ولا يسقط هذا الحق بعدم تقديم طلب عنها إلا أن هذه المدة التى حدد المشرع أقصاها ينبغى أن يكون سريانها مقصوراً على تلك الإجازة التى قصد العامل إلى عدم الانتفاع بها من أجل تجميعها، أما باقى الإجازة فيما يجاوز ثلاثة أشهر فليس للعامل أن يتراخى بإجازته ثم يطالب بمقابل عنها وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهرى من التزاماته التى يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن تطبيق أحكام المادة 126 سالفة الذكر وطبق أحكام قانون العمل فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه ويكون النعى عليه فى هذا الخصوص على غير أساس.
5 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب - يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، لما كان ذلك وكان البين من صورتى طلب الإجازة المقدمين من المطعون ضده للشركة الطاعنة فى 16/ 5/ 1994و 18/ 7/ 1994 أنهما قدما فى السنة الأخيرة من خدمة المطعون ضده وعن عدد محدد من الأيام، وكانت الأوراق قد جاءت خلواً من طلب المطعون ضده إجازاته الاعتيادية قبل انقضاء السنة التى تستحق عنها أو الاحتفاظ له بها، وكانت الطاعنة قد تمسكت فى دفاعها بأن المطعون ضده لم يتقدم بطلب على كل سنة من السنوات السابقة على انتهاء خدمته للقيام بإجازاته الاعتيادية ورفضته هى، كما أنه لم يطلب الاحتفاظ له بها من أجل تجميعها، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر ما إذا كان حرمان المطعون ضده من الإجازة الاعتيادية بسبب يرجع للطاعنة أم لا ولم يرد على دفاع الطاعنة فى هذا الصدد وأطلق القول بأن المطعون ضده طالب بإجازاته ورفضتها على سند من الطلبين سالفى الذكر ورتب على ذلك خطأ الطاعنة وأحقية المطعون ضده فى المقابل النقدى عن كامل رصيد إجازاته وفقاً للأجر الشامل فإنه يكون فضلاً عن خطئه فى تطبيق القانون قد عابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم... لسنة.... عمال الإسكندرية الجزئية على الطاعنة - شركة التأمين الأهلية - بطلب الحكم بأحقيته فى المقابل النقدى لرصيد إجازاته وميدالية التكريم، وقال بياناً لها إنه كان يعمل لدى الطاعنة وأحيل إلى المعاش فى 12/ 11/ 1994 وله رصيد إجازات اعتيادية مقداره 218 يوماً وإذ رفضت الطاعنة صرف المقابل النقدى عنه فقد أقام الدعوى بطالباته سالفة البيان، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 28/ 12/ 1998 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية حيث قيدت برقم... لسنة... وبتاريخ 28/ 10/ 1998 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضده مبلغ 4089.75 جنيهاً. استأنفت المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم.... لسنة... ق، كما استانفته الطاعنة أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 1198 لسنة 55 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 13/ 5/ 2000 فى الاستئناف رقم..... لسنة.... ق بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض طلب المطعون ضده البدل النقدى عن الميدالية الذهبية، وفى الاستئناف رقم..... لسنة... ق بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضده المقابل النقدى عن كامل إجازاته وفقاً للأجر الشامل. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض - بالنسبة لما قضى به فى الاسئناف رقم 1197 لسنة 55 ق - وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه. وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فى مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك تقول، إن المادة 26من لائحة نظام العاملين بها جعلت صرف المقابل النقدى عن الإجازات التى لم يقم بها العامل من الرخص المخولة لرئيس مجلس الإدارة ووضعت حدا أقصى لها لا يتجاوز ستة أشهر وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضده بالمقابل النقدى عن كامل رصيد إجازاته على خلاف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون، هذا إلى أن هذه المادة اشترطت أن يتقدم العامل بطلب للقيام بالإجازة خلال السنة التى تستحق فيها الاجازة وترفضه الشركة حتى يحصل عليها أو للاحتفاظ بحقه فيها بترحيلها بقصد تجميعها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى مع ذلك للمطعون ضده بهذا المقابل دون أن يستظهر ما إذا كان حرمانه من الإجازة كان بسبب يرجع للطاعنة أم لا أو أنه قام بترحيلها بقصد تجميعها فإن ذلك مما يعيبه أيضاً ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعى فى شقه الأول مردود، ذلك أنه لما كانت الإجارة السنوية للعامل قد فرضها الشارع لاعتبارات من النظام العام لأن الحق فيها يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة فى كيان الجماعة ويمس مصالحها العليا صوناً لقواتها الإنتاجية البشرية وبالتالى يكون الاتفاق على مخالفة أحكام القانون الذى أوجبها غير جائز ولا ينتجه أثراً وهى فى نطاق قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أيام معدودات فى كل سنة لا يجوز فى غير الأحوال المقررة فى القانون حسب الأصل الاستعاضة عنها بقابل نقدى وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى عوض يدفعه صاحب العمل إلى العامل وفى ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام على النحو سالف البيان، لما كان ذلك وكانت لائحة نظام العاملين بالشركة الطاعنة والتى أصدرها مجلس إدارتها نفاذاً للقانون الإشراف والرقابة على التأمين فى مصر الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981 قد نصت فى المادة 126 منها على أنه "يجوز لرئيس مجلس الإدارة صرف مقابل نقدى عن الإجازات التى لم يقم بها العامل بحد أقصى ستة أشهر وذلك عند انتهاء خدمته لبلوغه السن القانونية أو لعدم اللياقة الصحيحة أو الوفاة، ولا يصرف هذا المقابل إلا عن الإجازات التى طلبها العامل كتابة، ورفض طلبه لمصلحة العمل أو التى قطعت لاستدعائه لحاجة العمل، بشرط اعتماد رئيس مجلس الإدارة فى الحالتين..." ومفاد ذلك أن المادة 126 من لائحة النظام العاملين المشار إليها جعلت الاستجابة لطلب المقابل النقدى للإجازة جوازية لرئيس مجلس الإدارة فله أن يوافق عليه أو يرفضه ووضعت حداً أقصى لمقابل رصيد الإجازات التى لم يحصل عليها العامل وهو ستة شهور وهو ما يتعارض مع اعتبارات النظام العام ومن ثم فإنها تكون باطلة بطلاناً مطلقاً فى هذا الشأن، لما كان ذلك، وكانت المادة 128 من هذه اللائحة تنص على أنه "تسرى أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام فيما لم يرد به نص خاص فى هذه اللائحة "وكان قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 المحال إليه لم يتضمن نصاً بشأن تنظيم حالة انتهاء خدمة العامل دون استنفاد رصيد إجازاته الاعتيادية مما يتعين معه الرجوع فى هذا الشأن لأحكام قانون العمل سالف الذكر، وكان مؤدى نص المادتين 45، 47 منه - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن انتهاء خدمة العامل لا يؤثر على حقه فى أجر الاجازات المستحقة له والتى لم يستعملها حتى تاريخ انتهاء خدمته بما لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر ولا يسقط هذا الحق بعدم تقديم طلب عنها إلا أن هذه المدة التى حدد المشرع أقصاها ينبغى أن يكون سريانها مقصوراً على تلك الإجازة التى قصد العامل إلى عدم الانتفاع بها من أجل تجميعها، أما باقى الإجازة فيما يجاوز ثلاثة أشهر فليس للعامل أن يتراخى بإجازته ثم يطالب بمقابل عنها وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهرى من التزاماته التى يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن تطبيق أحكام المادة 126 سالفة الذكر وطبق أحكام قانون العمل فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه ويكون النعى عليه فى هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن النعى فى شقه الثانى فى محله، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، لما كان ذلك، وكان البين من صورتى طلب الإجازة المقدمين من المطعون ضده للشركة الطاعنة فى 16/ 5/ 1994و 18/ 7/ 1994 أنهما قدما فى السنة الأخيرة من خدمة المطعون ضده وعن عدد محدد من الأيام، وكانت الأوراق قد جاءت خلواً من طلب المطعون ضده إجازاته الاعتيادية قبل انقضاء السنة التى تستحق عنها أو الاحتفاظ له بها، وكانت الطاعنة قد تمسكت فى دفاعها بأن المطعون ضده لم يتقدم بطلب على كل سنة من السنوات السابقة على انتهاء خدمته للقيام بإجازاته الاعتيادية ورفضته هى، كما أنه لم يطلب الاحتفاظ له بها من أجل تجميعها، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر ما إذا كان حرمان المطعون ضده من الإجازة الاعتيادية بسبب يرجع للطاعنة أم لا ولم يرد على دفاع الطاعنة فى هذا الصدد وأطلق القول بأن المطعون ضده طالب بإجازاته ورفضتها على سند من الطلبين سالفى الذكر ورتب على ذلك خطأ الطاعنة وأحقية المطعون ضده فى المقابل النقدى عن كامل رصيد إجازاته وفقاً للأجر الشامل فإنه يكون فضلاً عن خطئه فى تطبيق القانون قد عابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه فى خصوص ما قضى به من أحقية المطعون ضده فى المقابل النقدى عن كامل رصيد إجازاته دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.