أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 369

جلسة 7 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمود رضا الخضيرى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود سعيد محمود، نائب رئيس المحكمة، حامد زكى، رفعت أحمد فهمى ونادر السيد.

(68)
الطعن رقم 3619 لسنة 63 القضائية

(1) تعويض "التعويض عن التعذيب". تقادم "تقادم الدعوى الناشئة عن التعذيب". مسئولية "المسئولية عن وقائع التعذيب". دستور.
الدعاوى الناشئة عن التعذيب الذى ترتكبه السلطة ضد الأفراد. عدم سقوطها بالتقادم. مسئولية الدولة عنها دون قصرها على مرتكب التعذيب والجهات التى يتبعونها. علة ذلك. م 57 من الدستورى والمادتان 2، 14 من اتفاقية مناهضة التعذيب الموافق عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1986.
(2) دعوى "الصفة فى الدعوى". دستور.
رئيس الجمهورية صاحب الصفة فى تمثيل الدولة فى دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب والاعتداء على الحقوق والحريات العامة. تمثيل الوزير للدولة فى شئون وزارته لا يسلب صفة رئيس الجمهورية فى تمثيل الدولة. علة ذلك. المواد 73، 137، 138 من الدستور.
(3) تعويض "تقدير التعويض". محكمة الموضوع. مسئولية. نقض. حكم "عيوب التدليل: القصور فى التسبيب: ما يعد كذلك".
التعويض. استقلال قاضى الموضوع بتقديره. تعيين عناصر الضرر التى تدخل فى حساب التعويض. من المسائل القانونية التى تخضع لرقابة محكمة النقض. قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض بصورة مجملة دون بيانه عناصر الضرر. قصور.
1- النص فى المادة 57 من الدستور على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء..". وفى المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب - التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/ 12/ 1984 - ووافقت مصر عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1986 - على أن "تتخذ كل دولة إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب فى أى إقليم يخضع لاختصاصها القضائى...." ولا يجوز التذرع بأية ظروف اسثنائية أية كانت سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديد بالحرب أو عدم استقرار سياسى داخلى أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة كمبرر للتعذيب.... ولا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب...." وفى المادة الرابعة منها على أن "تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائى... مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ فى الاعتبار طبيعتها الخطيرة". وفى المادة الرابعة عشرة على أن "تضمن كل دولة طرف نظامها القانونى إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ فى تعويض عادل ومناسب" يدل على أن المشرع قدر أن التعذيب الذى ترتكبه السلطة ضد الأفراد هوعمل إجرامى ذو طبيعة خطيرة أياً كانت الظروف التى يقع فيها أو السلطة الآمرة بارتكابه، وأن الدعاوى الناشئة عنه قد يتعذر الوصول إلى الحق فيها ما بقيت الظروف السياسية التى وقعت فى ظلها قائمة ولذلك استثنى المشرع هذه الدعاوى من القواعد العامة فمنع سقوطها بالتقادم ولم يقصر المسئولية فيها على مرتكبى التعذيب والجهات التى يتبعونها، بل جعل هذه المسئولية على عاتق الدولة بأثرها.
2 - مفاد المواد 73، 137، 138 من الدستور أن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية وهو الذى يتولى السلطة التنفيذية فيها ويضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها، ومن ثم فهو ذو صفة فى تمثيل الدولة, ولا يغير من ذلك أن الوزير يمثل الدولة فى الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره المتولى الإشراف على شئونها والمسئول عنها والذى يقوم بتنفيذ سياسة الحكومة فيها, فذلك ليس من شأنه أن ينفى صفة رئيس الجمهورية فى تمثيل الدولة ذاتها فى دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على الحريات والحقوق العامة والتى تسأل الدولة عنها بنص الدستور.
3- إن تقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التى تدخل فى حساب التعويض هو من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأن مبلغ أربعة آلاف جنيه كافية لجبر الضرر الأدبى الذى أصاب أخوات المجنى عليه وأن مبلغ ستة ألاف جنيه كافية لجبر الضرر الموروث، دون بيان لعناصر هذه الأضرار التى أدخلها فى حسابه عند إعادة تقدير التعويض فإنه يكون مشوبًا بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم....... لسنة....... مدنى جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأداء خمسين ألف جنيه، ثم تعديله إلى مبلغ مليون ومائة وخمسين ألف جنيه، بعد تدخل الطاعنين من الثانية حتى الأخيرة، وقالوا بياناً لذلك أن مورثهم ".........." اعتقل اعتباراً من 31/ 12/ 1958 حيث عذب فى السجون وظل بها حتى قتل بتاريخ 4/ 4/ 1964 نتيجة طلق نارى أطلق عليه أثناء اعتقاله وأصابهم من جراء ذلك أضرار أدبية فضلاً عن التعويض المستحق لمورثهم عن تعذيبه وقتله، يقدرون التعويض الجابر عنها بالمبلغ المطالب به، فأقاموا الدعوى، ومحكمة أول درجة بعد أن أحالت الدعوى إلى التحقيق وسمعت شاهدى الطاعنين، حكمت بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعنتين الأولى والثانية مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضًا أدبياً وللطاعنين جميعاً مبلغ ثلاثين ألف جنيه تعويضاً موروثاً. استأنف الطرفان هذا الحكم بالاسئنافين رقمى.......،....... سنة....... ق القاهرة وبعد أن ضمتهما المحكمة قضت بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضده الثانى بأن يدفع إلى الطاعنين مبلغ عشرة آلاف جنيه، طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الر أى بنقضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بعدم قبول دعواهم بالنسبة للمطعون ضده الأول- رئيس الجمهورية - لرفعها على غير ذى صفة، فى حين أن التعويض عن التعذيب هو مسئولية الدولة ورئيس الجمهورية هو رئيسها، الأمر الذى يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص فى المادة 57 من الدستور على أن " كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم. وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء..". وفى المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب - التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/ 12/ 1984 - ووافقت مصر عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1986 - على أن "تتخذ كل دولة إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب فى أى إقليم يخضع لاختصاصها القضائى.... " ولا يجوز التذرع بأية ظروف اسثنائية أية كانت سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديد بالحرب أو عدم استقرار سياسى داخلى أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة كمبرر للتعذيب.... ولا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب...." وفى المادة الرابعة منها على أن "تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائى... مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ فى الاعتبار طبيعتها الخطيرة". وفى المادة الرابعة عشرة على أن "تضمن كل دولة طرف نظامها القانونى إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ فى تعويض عادل ومناسب" يدل على أن المشرع قدر أن التعذيب الذى ترتكبه السلطة ضد الأفراد هوعمل إجرامى ذو طبيعة خطيرة أياً كانت الظروف التى يقع فيها أو السلطة الآمرة بارتكابه، وأن الدعاوى الناشئة عنه قد يتعذر الوصول إلى الحق فيها ما بقيت الظروف السياسية التى وقعت فى ظلها قائمة ولذلك استثنى المشرع هذه الدعاوى من القواعد العامة فمنع سقوطها بالتقادم ولم يقصر المسئولية فيها على مرتكبى التعذيب والجهات التى يتبعونها، بل جعل هذه المسئولية على عاتق الدولة بأسرها. لما كان ذلك، وكان مفاد المواد 73، 137، 138 من الدستور أن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية وهو الذى يتولى السلطة التنفيذية فيها ويضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها، ومن ثم فهو ذو صفة فى تمثيل الدولة, ولا يغير من ذلك أن الوزير يمثل الدولة فى الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره المتولى الإشراف على شئونها والمسئول عنها والذى يقوم بتنفيذ سياسة الحكومة فيها, فذلك ليس من شأنه أن ينفى صفة رئيس الجمهورية فى تمثيل الدولة ذاتها فى دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على الحريات والحقوق العامة والتى تسأل الدولة عنها بنص الدستور. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، ذلك أنه خفض التعويض المقضى به بصورة جزافية دون أن يبين عناصر الضرر التى أدخلها فى حسابه عند تخفيض التعويض، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك إنه وإن كان تقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التى تدخل فى حساب التعويض هو من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأن مبلغ أربعة آلاف جنيه كافية لجبر الضرر الأدبى الذى أصاب أخوات المجنى عليه وأن مبلغ ستة ألاف جنيه كافية لجبر الضرر الموروث، دون بيان العناصر هذه الأضرار التى أدخلها فى حسابه عند إعادة تقدير التعويض فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه.