أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 416

جلسة 26 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمى، عبد المنعم محمود ومدحت سعد الدين "نواب رئيس المحكمة".

(79)
الطعن رقم 5948 لسنة 63 القضائية

(1-5) تأمين "التأمين الإجبارى عن حوادث السيارات". تقادم "التقادم المسقط: وقفه، قطعه، بدؤه". تعويض. مسئولية. دعوى. إعلان. حكم "عيوب التدليل: القصور.مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه: ما يعد كذلك" " حجية الحكم".
(1) دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن فى التأمين الإجبارى عن حوادث السيارات. م 5 ق 652 لسنة 1955. خضوعها للتقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة 752 مدنى. سريان القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها فى شأن هذا التقادم.
(2) دعوى المضرور قبل المؤمن إذا كان الفعل غير المشروع فيها جريمة ورفعت عنها الدعوى الجنائية. أثره. وقف سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قبل المؤمن طوال المدة التى تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة. م 382 مدنى. عودة سريان التقادم بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائى فيها أو لسبب آخر. علة ذلك.
(3) الحكم المعتبر حضورياً القاضى بإدانة مقترف الجريمة. عدم اعتباره حكماً نهائياً تنقض به الدعوى الجنائية. جواز الطعن فيه بالمعارضة من تاريخ إعلانه. شرطه. إثبات المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور لم يستطع تقديمه قبل الحكم. م 241/ 2 إجراءات جنائية.
(4) المعارضة فى الحكم المعتبر حضورياً القاضى بالإدانة من شأنها إعادة نظر الدعوى بالنسبة للمتهم أمام المحكمة التى أصدرت الحكم. مؤداه. اعتباره من إجراءات الدعوى القاطعة لمدة تقادمها. عدم إعلانه للمحكوم عليه أو اتخاذ إجراء تال له قاطع للتقادم أثره. انقضاء الدعوى الجنائية بمضى ثلاث سنوات من تاريخ صدوره. زوال المانع القانونى الموقف لسريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن من هذا الانقضاء.
(5) صدور حكم حضورى اعتبارى من محكمة الجنح المستأنفة بإدانة سائق السيارة المؤمن عليها لدى الشركة المطعون ضدها وعدم إعلانه له أو اتخاذ إجراء قاطع للتقادم بعد صدوره. أثره. انقضاء الدعوى الجنائية بمضى ثلاث سنوات من تاريخ الصدور. بدء مدة سريان التقادم الثلاثى لدعوى المضرور المدنية قبل الشركة من تاريخ هذا الانقضاء. م 752 مدنى. مؤداه. صيرورة دعواه المقامة قبل انقضاء هذه المدة مرفوعة فى الميعاد. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر محتسباً مدة التقادم منذ صدور الحكم الحضورى الاعتبارى مما جره إلى عدم مراقبة الحكم المستأنف ومواجهة موضوع النزاع. مخالفة للقانون وخطأ فى تطبيقه وقصور مبطل.
1 - إن المشرع أنشأ للمضرور فى حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجبارى من المسئولية المدنية عن تلك الحوادث، ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثى المقرر بالمادة 752 من القانون المدنى للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين. وهذا التقادم تسرى فى شأنه القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها.
2- إذ كان الفعل غير المشروع الذى يستند إليه المضرور فى دعواه قبل المؤمن هو جريمة, ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء أكان هو بذاته المؤمن له أو أحداً ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن أفعالهم، فإن الجريمة تكون مسألة مشتركة، بين هذه الدعوى وبين الدعوى المدنية التى يرفعها المضرور على المؤمن ولازمة للفصل فى كليهما، فيعتبر رفع الدعوى الجنائية مانعاً يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة 382 من القانون المدنى وقف سريان التقادم ما بقى المانع قائماً، وينبنى على ذلك أن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن يقف سريانه طوال المدة التى تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يزول إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائى فيها بإدانة الجانى أو لانقضائها بعد رفعها لسبب آخر من أسباب الانقضاء. ولا يعود سريان التقادم إلا من تاريخ هذا الانقضاء.
3 - إن الحكم المعتبر حضورياً القاضى بإدانة مقترف الجريمة ليس حكماً نهائياً تنقضى به الدعوى الجنائية إذ أجاز المشرع الطعن فيه بالمعارضة من تاريخ إعلانه طبقاً للمادة 241/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور لم يستطع تقديمه قبل الحكم.
4 - إذ كان من شأن المعارضة (فى الحكم المعتبر حضورياً القاضى بإدانة مقترف الجريمة) إعادة نظر الدعوى بالنسبة للمتهم أمام المحكمة التى أصدرت الحكم ومن ثم فإنه لا يعدو أن يكون إجراء من إجراءات هذه الدعوى التى تقطع مدة تقادمها. فإذا لم يعلن المحكوم عليه، ولم يتخذ إجراءاً تالياً له قاطعاً لهذا التقادم، فإنها تنقضى بمضى ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، ومذ هذا الانقضاء يزول المانع القانونى الذى كان سبباً فى وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن.
5 - إذ كان الثابت فى الأوراق أن سائق السيارة المؤمن عليها لدى الشركة المطعون ضدها قدم إلى المحاكمة الجنائية وصدر بإدانته حكم حضورى اعتبارى بتاريخ 1/ 4/ 1987 من محكمة الجنح المستأنفة، وأن هذا الحكم لم يعلن له ولم يتخذ بعد صدوره إجراءاً قاطعاً للتقادم ومن ثم فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بتاريخ 1/ 4/ 1990 ومن هذا التاريخ تبدأ مدة سريان التقادم الثلاثى لدعوى الطاعن (دعوى المضرور المدنية) قبل الشركة، ولما كان قد أقام دعواه بتاريخ 1/ 10/ 1991 قبل انقضاء مدة الثلاث سنوات المقررة بالمادة 752 من القانون المدنى فإنها تكون مرفوعة فى الميعاد وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحسب مدة التقادم منذ صدور الحكم الحضورى الاعتبارى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، وإذ جره هذا الخطأ إلى التخلى عن مراقبة الحكم المستأنف ومواجهة موضوع النزاع، فإنه فضلا عما تقدم يكون معيباً بقصور يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم..... لسنة...... مدنى الفيوم الابتدائية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى إليه مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية بسبب إصابته فى حادث سيارة مؤمن عليها لديها دين عنه سائقها بحكم جنائى، ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن بالاستئناف رقم..... لسنة........ ق بنى سويف " مأمورية الفيوم " وبتاريخ...... قضت محكمة الاستئناف بسقوط الحق فى إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثى. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بسقوط الحق فى إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثى على أن الحكم الجنائى بإدانة سائق السيارة المؤمن عليها لدى المطعون ضدها صدر حضورياً اعتبارياً فى 1/ 4/ 1987 وصار باتاً بتاريخ 11/ 5/ 1987، وأن الدعوى بطلب التعويض رفعت بتاريخ 1/ 10/ 1991 بعد مرور ثلاث سنوات على صيروته باتاً - فى حين أن ذلك الحكم بمثابة حكم غيابى، وإذ كان الثابت فى الأوراق أنه لم يعلن خلال ثلاث سنوات من تاريخ صدوره فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بتاريخ 1/ 4/ 1990، ولما كان قد أقام دعواه بتاريخ 1/ 10/ 1991 فإن التقادم الثلاثى لا يكون قد لحقها الأمر الذى يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن المشرع أنشأ للمضرور فى حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجبارى من المسئولية المدنية عن تلك الحوادث، ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثى المقرر بالمادة 752 من القانون المدنى للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين. وهذا التقادم تسرى فى شأنه القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها.فإذ كان الفعل غير المشروع الذى يستند إليه المضرور فى دعواه قبل المؤمن هو جريمة, ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء أكان هو بذاته المؤمن له أو أحداً ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن أفعالهم، فإن الجريمة تكون مسألة مشتركة، بين هذه الدعوى وبين الدعوى المدنية التى يرفعها المضرور على المؤمن ولازمة للفصل فى كلتيهما، فيعتبر رفع الدعوى الجنائية مانعاً يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة 382 من القانون المدنى وقف سريان التقادم ما بقى المانع قائماً، وينبنى على ذلك أن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن يقف سريانه طوال المدة التى تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يزول إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائى فيها بإدانة الجانى أو لانقضائها بعد رفعها لسبب آخر من أسباب الانقضاء. ولا يعود سريان التقادم إلا من تاريخ هذا الانقضاء. ولما كان الحكم المعتبر حضورياً القاضى بإدانة مقترف الجريمة ليس حكماً نهائياً تنقضى به الدعوى الجنائية إذ أجاز المشرع الطعن فيه بالمعارضة من تاريخ إعلانه طبقاً للمادة 241/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية إذا أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور لم يستطع تقديمه قبل الحكم، وكان من شأن المعارضة إعادة نظر الدعوى بالنسبة للمتهم أمام المحكمة التى أصدرت الحكم، ومن ثم فإنه لا يعدو أن يكون إجراء من إجراءات هذه الدعوى التى تقطع مدة تقادمها. فإذا لم يعلن للمحكوم عليه، ولم يتخذ إجراءً تالياً له قاطعاً لهذا التقادم، فإنها تنقضى بمضى ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، ومذ هذا الانقضاء يزول المانع القانونى الذى كان سبباً فى وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن. لما كان ذلك، وكان الثابت فى الأوراق أن سائق السيارة المؤمن عليها لدى الشركة المطعون ضدها قدم إلى المحاكمة الجنائية وصدر بإدانته حكم حضورى اعتبارى بتاريخ 1/ 4/ 1987 من محكمة الجنح المستأنفة، وأن هذه الحكم لم يعلن له ولم يتخذ بعد صدوره إجراءاً قاطعاً للتقادم ومن ثم فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بتاريخ 1/ 4/ 1990 ومن هذا التاريخ تبدأ مدة سريان التقادم الثلاثى لدعوى الطاعن قبل الشركة، ولما كان قد أقام دعواه بتاريخ 1/ 10/ 1991 قبل انقضاء مدة الثلاث السنوات المقررة بالمادة 752 من القانون المدنى فإنها تكون مرفوعة فى الميعاد وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وحسب مدة التقادم منذ صدور الحكم الحضورى الاعتبارى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، وإذ جره هذا الخطأ إلى التخلى عن مراقبة الحكم المستأنف ومواجهة موضوع النزاع، فإنه فضلا عما تقدم يكون معيباً بقصور يبطله يوجب نقضه.