أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 453

جلسة 2 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. سعيد فهيم، محمد جمال الدين سليمان، مصطفى مرزوق نواب رئيس المحكمة وممدوح القزاز.

(86)
الطعن رقم 5196 لسنة 63 القضائية

(2،1) حكم "حجية الحكم الجنائي". قوة الأمر المقضى.
(1) حجية الحكم الجنائى أمام المحاكم المدنية. شرطه. فصله فصلاً لازماً فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله.
(2) اتهام الطعن بارتكابه جريمة نصب لإبرامه للمطعون ضدهما عقد بيع عن أرض النزاع رغم عدم ملكته لها. الحكم ببراءته منها لانتفاء أركانها فى حقه. ليست له حجيه أمام المحكمة المدنية بشأن دعوى المطعون ضدهما قبل الطاعن بفسخ ذلك العقد لإخلال الأخير بالتزامه بنقل ملكية الأرض المبيعة لهما. علة ذلك.
(3) بيع. تقادم "التقادم المسقط". عقد. دعوى.
دعوى فسخ عقد البيع لعدم تنفيذ البائع لالتزاماته. اختلافها عن دعوى ضمان العيب الخفى. علة ذلك. استهداف الأولى انحلال العقد بينما الثانية دعوى عقدية أساسها استمرار قيام العقد مع طلب التنفيذ بمقابل. مؤداه. خضوع كل من الدعويين للأحكام الخاصة بها. أثره. سقوط دعوى الضمان بانقضاء سنة من وقت تسليم المبيع وسقوط دعوى الفسخ بمضى خمس عشرة سنة من العقد.
(5،4) حكم "عيوب التدليل: القصور فى التسبيب: ما يعد كذلك". دعوى "الدفاع فيها". محكمة الموضوع.
(4) الدفاع الذى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى وقدم الخصم دليله وجوب أن تعرض له محكمة الموضوع. إغفال الرد عليه. قصور.
(5) تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بصدور حكم نهائى لصالحه ببطلان عقد البيع المسجل الذى كانت ملكية أرض النزاع قد انتقلت بموجبه لآخرين بتصرف صادر من المالك الأصلى لها بما مفاده أن تنفيذ التزامه بنقل ملكيتها للمطعون ضدهما المترتب على عقد البيع الصادر منه لهما بات ممكن. لانتقال ملكيتها إلى آخرين بموجب عقد البيع المسجل سالف الإشارة إليه دون أن يعرض لدفاع الطاعن بشيء والمؤيد بالمستندات. قصور.
1 - مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات - وعلىما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الصادر فى المواد الجنائية لا تكون له حجية فى الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلا لازماً فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله.
2 - إذ كان الثابت من الحكم فى القضية.... جنح سيدى جابر والمؤيد فى الاستئناف.... شرق الاسكندرية أنه قضى ببراءة الطاعن من تهمة النصب المسندة إليه بشأن إبرامه عقد بيع الأرض موضوع النزاع، وكان يبين من أسباب ذلك الحكم أنه بعد أن عرض لوقائع الدعوى الجنائية حسبما أفصحت عنها الشكوى المقدمة ضد الطاعن من المطعون ضدهما المتضمنة إتمامهما إياها ببيعه لهما أرضاً غير مملوكة له خلص إلى عدم توافر أركان تلك الجريمة فى حقه، وكانت الدعوى الماثلة قد رفعت بطلب فسخ ذلك العقد استناداً إلى إخلال الطاعن بالتزامه كبائع بنقل ملكية الأرض المبيعة بموجبه للمطعون ضدهما وهى مسألة لا تتعلق بأركان جريمة النص حتى يسوغ القول بارتباط القاضى المدنى بما فصل فيه الحكم الجنائى، فإنه لا يكون لهذا الحكم حجية أمام المحكمة المدنية وهى بصدد الفصل فى أمر هذا الإخلال بالالتزام العقدى، وإذ أخذ الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
3 - دعوى الفسخ (فسخ عقد البيع) لعدم التنفيذ (عدم تنفيذ البائع لالتزاماته المترتبة على عقد البيع) تختلف عن دعوى ضمان العيب الخفى، إذ تستهدف دعوى الفسخ انحلال العقد بما يؤدى إليه من استرداد المشترى للثمن فى حين أن دعوى الضمان دعوى عقدية تقوم على أساس استمرار قيام العقد مع طلب التنفيذ بمقابل، ويترتب على هذا الاختلاف والتمايز أن تظل كل من الدعويين خاضعة للأحكام الخاصة بها ومنها وما يتعلق بالتقادم، فبينما تسقط دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشترى العيب إلا بعد ذلك، فإن دعوى الفسخ لا تسقط إلا بمضى خمس عشرة سنة من تمام العقد.
4 - المقرر فى قضاء محكمة النقض أن استناد الخصم فى دفاع قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأى فى الدعوى إلى أوراق أو مستندات أو وقائع لها دلالة معينة فى شأن ثبوت هذا الدفاع أو نفيه يوجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتلك الأوراق والمستندات أو الوقائع وتقول رأيها فى شأن دلالتها إيجابياً أو سلباً وإلا كان حكمها قاصر البيان.
5 - إذ كان الطاعن قد تمسك فى دفاعه محكمة الموضوع بصدور حكم نهائى لصالحه فى الدعوى..... لسنة 1985 مدنى محكمة الاسكندرية الابتدائية ببطلان العقد المسجل... لسنة 1985 توثيق الاسكندرية الذى كانت ملكية أرض النزاع قد انتقلت بموجبه لآخرين بتصرف صادر من المالك الأصلى لها، وبما مفاده أن التزام الطاعن كبائع ينقل ملكيتها للمطعون ضدهما بات ممكناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفسخ عقد البيع موضوع التداعى (الصادر منه للمطعون ضدهما عن تلك الأرض) استناداً إلى إخلال الطاعن بالتزامه بنقل ملكية هذه الأرض وصيرورته غير ممكن لانتقال ملكيتها إلى آخرين ضمن مساحة أكبر بالعقد المسجل المشار إليه سلفاً دون أن يعرض لهذا الدفاع المؤيد بالمستندات ومع ما له من أهمية قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهما أقامتا الدعوى.... لسنة 1990 مدنى الاسكندرية الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائى المؤرخ 28/ 7/ 1983 وإلزامه برد مقدم الثمن وقدره خمسون ألف جنيه، وبأن يدفع إليهما تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه، وقالتا بياناً لذلك إنه بموجب العقد المشار إليه باعهما الطاعن قطعة الأرض الموضحة به وبالصحيفة لقاء ثمن قدره مائة ألف وخمسة جنيهات، دفع منه مبلغ خمسون ألف جنيه وأقر الطاعن فى البند الثالث من العقد بأن ملكية الأرض المبيعة قد آلت إليه ضمن مساحة أكبر بالشراء بعقد مؤرخ 10/ 3/ 1980 قضى بصحته ونفاذه بالحكم الصادر فى الدعوى.... لسنة 1982 مدنى الاسكندرية، وبأن الملكية قد آلت للبائع له بالميراث عن والده الذى آلت إليه الملكية بدوره بالعقد المؤرخ 20/ 6/ 1932 والمقضى بصحته ونفاذه بالحكم الصادر فى الدعوى.... لسنة 1982 مدنى الاسكندرية الابتدائية، كما أقر الطاعن فى البند الرابع من العقد بأن الأرض محل البيع خالية من أى حقوق عينية أو شخصية، وبأن يضمن عدم تعرض الغير لهما فيها، وإذ تبين لهما أن بيانات الملكية التى أوردها الطاعن فى عقد البيع غير صحيحة وأن الحكم الصادر فى الدعوى.... لسنة 1982 مدنى الاسكندرية الابتدائية سند ملكية مورث البائع له قد قضى فى الاستئناف.... سنة 39 ق بإلغائه وببطلان صحيفة الدعوى، كما تبين أن الأرض المبيعة لهما مملوكة أصلا"ً لمن تدعى "...... " ضمن مساحة أكبر بموجب عقد مسجل بقلم رهون محكمة الاسكندرية المختلطة برقم...... بتاريخ 2/ 5/ 1931 وأن الأخيرة قد تصرفت فيها بالبيع لآخرين بالعقد المسجل رقم 1122 لسنة 1985 إسكندرية بتاريخ 3/ 7/ 1985 وتسلموها وأقاموا عليها عمارات سكنية، الأمر الذى يعد إخلالاً من جانب الطاعن بالتزامه بنقل ملكية المبيع، فأقامتا الدعوى. أجابتهما المحكمة إلى طلب فسخ عقد البيع ورد مقدم الثمن بحكم استئنافه الأخير بالاستئناف..... 48 ق الاسكندرية، وبتاريخ 29/ 3/ 1993 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأخير منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك فى دفاعه بحجية الحكم الصادر فى القضية..... لسنة 1987 جنح سيدى جابر واستئنافها.... لسنة 1988 شرق الاسكندرية الذى قضى ببراءته من تهمة النصب المسندة إليه بشأن إبرامه عقد بيع الأرض موضوع النزاع لانتفاء أركان تلك الجريمة فى حقه وهو ما يقيد القضاء المدنى بما يمتنع معه إثارة أى أمر يتعلق بهذا العقد فصل فيه ذلك الحكم بقضاء بات، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع الجوهرى ورد عليه بما لا يواجهه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الصادر فى المواد الجنائية لا تكون له حجية فى الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. ولما كان الثابت من الحكم فى القضية... لسنة 1987 جنح سيدى جابر والمؤيد فى الاستئناف... لسنة 1988 شرق الاسكندرية أنه قضى ببراءة الطاعن من تهمة النصب المسندة إليه بشأن إبرامه عقد بيع الأرض موضوع النزاع، وكان يبين من أسباب ذلك الحكم أنه بعد أن عرض لوقائع الدعوى الجنائية حسبما أفصحت عنه الشكوى المقدمة ضد الطاعن من المطعون ضدهما المتضمنة إتمامهما إياها ببيعه لهما أرضاً غير مملوكة له خلص إلى عدم توافر أركان تلك الجريمة فى حقه، وكانت الدعوى الماثلة قد رفعت بطلب فسخ ذلك العقد استناداً إلى إخلال الطاعن بالتزامه كبائع بنقل ملكية الأرض المبيعة بموجبه للمطعون ضدهما وهى مسألة لا تتعلق بأركان جريمة النص حتى يسوغ القول بارتباط القاضى المدنى بما فصل فيه الحكم الجنائى، فإنه لا يكون لهذا الحكم حجية أمام المحكمة المدنية وهى بصدد الفصل فى أمر هذا الإخلال بالالتزام العقدى، وإذ أخذ الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الأول القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إنه تسمك فى دفاعه بأن المطعون ضدهما تسلمتا أرض النزاع ووضعتا اليد عليها اعتباراً من تاريخ إبرام عقد البيع فى 28/ 7/ 1983، ولم تخطراه كبائع بما يجرى خفية بشأنها وبالتالى فإن حقهما فى الضمان يكون قد سقط بالتقادم بانقضاء سنة من وقت تسليم المبيع إعمالاً لنص المادة 452 من القانون المدنى، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن تحقيق هذا الدفاع رغم جوهريته مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك بأنه لما كان الثابت أن المطعون ضدهما قد أقامتا الدعوى على الطاعن بطلب فسخ عقد البيع المبرم بينهما على سند من إخلاله بالتزامه بنقل الملكية ولم يكن رجوعها عليه مؤسساً على ضمان العيب الخفى، وكانت
دعوى الفسخ لعدم التنفيذ تختلف عن دعوى ضمان العيب الخفى، إذ تستهدف دعوى الفسخ انحلال العقد بما يؤدى إليه من استرداد المشترى للثمن فى حين أن دعوى الضمان دعوى عقدية تقوم على أساس استمرار قيام العقد مع طلب التنفيذ بمقابل ويترتب على هذا الاختلاف والتمايز أن تظل كل من الدعويين خاضعة للأحكام الخاصة بها ومنها وما يتعلق بالتقادم، فبينما تسقط دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشترى العيب إلا بعد ذلك، فإن دعوى الفسخ لا تسقط إلا بمضى خمس عشرة سنة من تمام العقد. ومن ثم فإن دفاع الطاعن الوارد بوجه النعى يكون على غير أساس ولا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن من باقى أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، إذ أقام قضاءه بفسخ عقد البيع موضوع التداعى بقالة إخلاله بتنفيذ التزامه بنقل ملكية الأرض المبيعة بموجبه للمطعون ضدهما وصيرورته غير ممكن لانتقال ملكيتها ضمن مساحة أكبر إلى آخرين بالعقد المسجل.... لسنة 1985 توثيق الاسكندرية فى حين أنه تمسك فى دفاعه بصدور حكم لصالحه فى الدعوى.... لسنة 1985 مدنى محكمة الاسكندرية الابتدائية ببطلان ذلك العقد أصبح نهائياً بالقضاء فى الاستئناف المرفوع عنه برقم...... سنة 46 ق باعتباره كأن لم يكن، وإذ لم يرد الحكم هذا الدفاع رغم جوهريته فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن استناد الخصم فى دفاع قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأى فى الدعوى إلى أوراق أو مستندات أو وقائع لها دلالة معينة فى شأن ثبوت هذا الدفاع أو نفيه يوجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتلك الأوراق والمستندات أو الوقائع وتقول رأيها فى شأن دلالتها إيجاباً أو سلباً وإلا كان حكمها قاصر البيان. لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بصدور حكم نهائى لصالحه فى الدعوى..... لسنة 1985 مدنى محكمة الاسكندرية الابتدائية ببطلان العقد المسجل.... لسنة 1985 توثيق الاسكندرية الذى كانت ملكية أرض النزاع قد انتقلت بموجبه لآخرين بتصرف صادر من المالك الأصلى، وبما مفاده أن التزام الطاعن كبائع ينقل ملكيتها للمطعون ضدهما بات ممكناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفسخ عقد البيع موضوع التداعى استناداً إلى إخلال الطاعن بالتزامه بنقل ملكية هذه الأرض وصيرورته غير ممكن لانتقال ملكيتها إلى آخرين ضمن مساحة أكبر بالعقد المسجل المشار إليه سلفاً دون أن يعرض لهذا الدفاع المؤيد بالمستندات ومع ما له من أهمية قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.