أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 523

جلسة 11 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد طيطة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة شريف، حشمت جادو، نبيل أحمد صادق ومحمود سعيد عبد اللطيف.

(99)
الطعن رقم 320 لسنة 71 القضائية

(1) وكالة " الوكيل بالعمولة".
الوكيل بالعمولة فرداً كان أو شركة. يتعاقد مع الغير باسمه الشخصى أصيلاً لحساب موكله. مؤدى ذلك. اعتباره الملزم دون غيره لموكله ولمن يتعامل معه. أثره. له الرجوع على كل منهما بما يخصه دون أن يكون لأى منهما أن يرجع على الآخر بشىء.
(2) وكالة "الوكالة المستترة" "الوكالة بالعمولة".
الشخص الذى يعير اسمه. هو وكيل عمن إعاره. اعتبار وكالته مستترة. كون وكالته بالعمولة فإن جميع الحقوق والإلتزامات التى تنشأ من تعاقده مع الغير تضاف إليه وحده. عدم جواز تنصله من أثار تصرفه القانونى مع الغير استناداً إلى علاقة الوكالة التى تربطه بالموكل. علة ذلك.
(3) وكالة. محكمة الموضوع.
الوكالة. ثبوتها أو نفيها. من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها.
1 - مفاد نص المادتين 81، 82 من قانون التجارة الملغى - المنطبق على واقعة النزاع - أن الوكيل بالعمولة فرداً كان أو شركة هو الذى يتعاقد مع الغير باسمه الشخصى أصيلاً لحساب موكله فيكتسب الحقوق ويتعهد بالالتزامات إزاء الغير الذى يتعاقد معه ولكنه فى حقيقة الأمر ليس بالأصيل وإنما هو يعمل لحساب الموكل الذى كلفه بالتعاقد ويستوى أن يباشر التصرف بنفسه أو بواسطة غيره طالما أن التصرف يكون باسمه هو ومن ثم فهو الملزم دون غيره لموكله ولمن يتعامل معه وله الرجوع على كل منهما بما يخصه من غير أن يكون لمن تعامل معه أو لموكله أن يرجع كل منهما على الآخر بشىء.
2 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن من يعير إسمه لآخر ليس إلا وكيلاً عمن أعاره وتعامله مع الغير لا يغير من علاقته بالموكل شيئاً فهو كسائل الوكلاء لا يفترق عنهم إلا فى أن وكالته مستترة فكان الشأن شأنه فى الظاهر مع أنه فى الواقع شأن الموكل، وينبى على ذلك أنه لو كانت وكالته بالعمولة فإنه فى علاقته بالغير فإن جميع الحقوق التى تنشأ من التعاقد مع الغير تضاف إليه وحدة كوكيل بالعمولة فيكون هو الدائن بها قبل الغير كما تضاف إليه جميع الالتزامات فيكون هو أيضاً المدين بها إليه ولا يجوز له كوكيل بالعمولة أن يتنصل من آثار التصرف القانونى الذى عقده مع الغير استناداً إلى علاقة الوكالة التى تربطه بالموكل إذ أنه وقد تعاقد مع الغير باسم نفسه دون أن يفصح عن صفته فإن هذا الغير يعتبر أجنبياً عن تلك العلاقة ولو كان يعلم بها ويكون الوكيل بالعمولة هو الملزم دون غيره له.
3 - المقرر أن ثبوت قيام الوكالة أو نفيها هو من مسائل الواقع التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها ثابت فى الأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى كانت قد أقامت ضد الطاعن بصفته الدعوى رقم 913 لسنة 1991 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 113.14.25 دولار أمريكى على سند من أنه استورد منها رسالة لحوم مجمدة بلغت قيمتها 311.197.25 دولار أمريكى ولم يسدد كامل القيمة رغم إنذاره فأقامت الدعوى، كما أقام الطاعن بصفته ضد المطعون ضدها الدعوى رقم 1077 لسنة 1991 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببراءة ذمته من المبالغ موضوع الدعوى الأولى على سند من أن رسالتى اللحوم محل النزاع تم استيرادهما لحساب المطعون ضده الثانى وأنه لا صلة له بعملية شحن واستلام الرسالتين والتصرف فيهما وبالتالى فليس ملزماً بقيمتها، وقد أحالت المحكمة هذه الدعوى إلى محكمة شمال القاهرة حيث قيدت برقم 246 لسنة 1992 فقررت ضمها إلى الدعوى الأولى وندبت فيهما خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 30 مارس سنة 2000 برفض الدعوى الأصلية وفى الدعوى المنضمة ببراءة ذمة الطاعن. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 920 لسنة 4 ق القاهرة وبتاريخ 7 فبراير سنة 2001 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بصفته فى الدعوى رقم 913 لسنة 1991 بأن يؤدى للمطعون ضدها الأولى مبلغ 293.088.33 جنيهاً وبرفض الدعوى رقم 246 لسنة 1992. طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيام على سببين ينعى بهما الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه اتفق مع المطعون ضده الثانى بموجب العقد المؤرخ 25/ 1/ 1990 على أن يقوم الأخير باستيراد لحوم من الخارج باسم الشركة التى يمثلها وذلك مقابل أن يحصل منه على عمولة 10% من صافى الربح الذى يحققه وأن يفتح له حساباً باسم شركته يقوم هو وحده بالتعامل فيه، وقد تعاملت المطعون ضدها الأولى مع المطعون ضده الثانى على هذا الأساس وكان معلوما لديها أن الأخير هو الأصيل فى التعاقد معها وأن شركته مجرد اسم مستعار فى هذه العمليات وأن العمولة التى اتفق على حصوله عليها ليست إلا مقابل استعارة المطعون ضده الثانى لاسمها واستعماله لحسابها الذى فتحته بالبنك. وإذ ألزمه الحكم المطعون فيه بقيمة رسالة اللحوم موضوع النزاع على سند من أنها مستوردة باسم شركته والتى اعتبرها وكيلة بالعمولة عن المطعون ضده الثانى حال أنها لا تعد كذلك فإنه يكون قد أخطأ فى فهم الواقع فى الدعوى الذى جره للخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن مفاد نص المادتين 81، 82 من قانون التجارة الملغى- المنطبق على واقعة النزاع- أن الوكيل بالعمولة فرداً كان أو شركة هو الذى يتعاقد مع الغير باسمه الشخصى أصيلاً لحساب موكله فيكتسب الحقوق ويتعهد بالالتزامات إزاء الغير الذى يتعاقد معه ولكنه فى حقيقة الأمر ليس بالأصيل وإنما هو يعمل لحساب الموكل الذى كلفه بالتعاقد ويستوى أن يباشر التصرف بنفسه أو بواسطة غيره طالما أن التصرف يكون باسمه هو ومن ثم فهو الملزم دون غيره لموكله ولمن يتعامل معه وله الرجوع على كل منهما بما يخصه من غير أن يكون لمن تعامل معه أو لموكله أن يرجع كل منهما على الآخر بشيء. والمقرر فى قضاء هذه المحكمة أن من يعير إسمه لآخر ليس إلا وكيلاً عمن أعاره وتعامله مع الغير لا يغير من علاقته بالموكل شيئاً فهو كسائل الوكلاء لا يفترق عنهم إلا فى أن وكالته مستترة فكان الشأن شأنه فى الظاهر مع أنه فى الواقع شأن الموكل، وينبنى على ذلك أنه لو كانت وكالته بالعمولة فإنه فى علاقته بالغير فإن جميع الحقوق التى تنشأ من التعاقد مع الغير تضاف إليه وحدة كوكيل بالعمولة فيكون هو الدائن بها قبل الغير كما تضاف إليه جميع الالتزامات فيكون هو أيضاً المدين بها إليه ولا يجوز له كوكيل بالعمولة أن يتنصل من آثار التصرف القانونى الذى عقده مع الغير استناداً إلى علاقة الوكالة التى تربطه بالموكل إذ أنه وقد تعاقد مع الغير باسم نفسه دون أن يفصح عن صفته فإن هذا الغير يعتبر أجنبياً عن تلك العلاقة ولو كان يعمل بها ويكون الوكيل بالعمولة هو الملزم دون غيره له. والمقرر أيضاً أن ثبوت قيام الوكالة أو نفيها هو من مسائل الواقع التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها ثابت فى الأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من تقرير الخبير وعقد الاتفاق المؤرخ 25/ 1/ 1990 المبرم بين الطاعن بصفته الممثل القانونى لشركة.... وبين المطعون ضده الثانى إلى أن الأول قد خول الأخير فى استعمال اسم الشركة القائم على إدراتها فى استيراد اللحوم من الخارج مقابل حصول شركته على نسبة 10% من صافى ربح كل عملية وفى سبيل ذلك فتح له حساباً باسم الشركة لدى أحد البنوك وأصدر له توكيلاً يبيح له وحده استعمال هذا الحساب فى عمليات الاستيراد والتعامل مع الجمارك والجهات المختصة بالكشف على اللحوم المستوردة وإدخالها البلاد باسم الشركة وحريته فى التصرف فيما يستورده وحده والاستئثار بأرباحه مقابل حصوله - أى الطاعن بصفته - على عمولته المشار إليها ورتب الحكم على ذلك اعتبار الطاعن بصفته ليس إلا وكيلاً بالعمولة عن المطعون ضده الثانى فى هذه الصفقات وأنه يلتزم وحده بصفته مديراً للشركة التى استوردت اللحوم باسمها بثمن شحنتى اللحوم محل النزاع وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت فى الأوراق ويدخل فى سلطة محكمة الموضوع فى فهم الواقع فى الدعوى وتفسير المحررات وسائل المستندات المقدمة فيها وتقدير الأدلة فإن ما يثيره الطاعن بصفته بأسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعى على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.