أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 528

جلسة 13 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ سعيد غريانى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على بدوى نائب رئيس المحكمة، أمين فكرى، محمد فوزى ومجدى جاد.

(100)
الطعن رقم 582 لسنة 68 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "تطليق: التطليق للضرر: محاولة الإصلاح بين الزوجين".
التطليق للضرر. م 6 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929. شرطه. عجز القاضى عن الإصلاح بين الزوجين. عدم رسم القانون طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح واستيجاب حضور الزوجين معاً أو بشخصيهما أمام المحكمة عند اتخاذ هذا الإجراء. عرض الصلح على وكيل المطعون ضدها ورفضه كاف لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين.
(2) أحوال شخصية. إعلان. موطن.
الموطن فى الشريعة الإسلامية. ماهيته. احتمال تعدده. عدم انتقاصه بموطن السكن. م 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. إعلان الطاعن بصحيفة الدعوى بفرض إقامته خارج البلاد بذات الموطن الذى اتخذه فى مرحلتى الدعوى أمام محكمتى أول درجة والاستئناف. صحيح. النعى عليه فى ذلك. على غير أساس.
(3، 4) محكمة الموضوع "سلطتها فى إجراء التحقيق: تقدير أقوال الشهود".
(3) محكمة الموضوع. عدم التزامها بإجابة طلب الإحالة إلى التحقيق متى وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها.
(4) تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما تستقل به محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً لا خروج فيه عما يؤدى إليه مدلولها ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق.
(5) نقض " أسباب الطعن: السبب الجديد".
دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(6) أحوال شخصية "تطليق: التطليق للضرر: تحكيم".
وجوب الإلتجاء إلى التحكيم قبل التطليق. شرطه. أن يتكرر من الزوجه طلب التفريق لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه. المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929.
1 - مفاد النص فى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، أنها قد اشترطت للقضاء بالتطليق عجز القاضى عن الإصلاح بين الزوجين ولم ترسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح ولم تستوجب حضورهما معاً أو بشخصهما أمام المحكمة عند اتخاذ هذا الإجراء، وكان الثابت من محضر جلستى 17/ 4/ 1996، 5/ 2/ 1997 أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يحضر وقد عرضت المحكمة الصلح على وكيل المطعون ضدها فرفضه، وهو ما يكفى لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الطرفين دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمتى المعارضة والاستئناف.
2 - إن الموطن الأصلى طبقاً للرأى السائد فى الفقه الإسلامى- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو موطن الإنسان فى بلدته أو فى بلدة أخرى اتخذها داراً توطن فيه مع أهله وولده وليس فى قصده الارتحال عنها، وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن، وهو ما استلهمه المشرع حين نص فى المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذى يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه" لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى فى محل إقامته بمركز الزقازيق باعتباره محل إقامته داخل البلاد، وهو ذات الموطن الذى اتخذه فى مرحلتى الدعوى أمام محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف، فإن هذا الموطن - بفرض إقامته فى الخارج - يظل قائماً ويصح إعلانه فيه، متى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائى قد تناول الدفع ببطلان. إعلان الطاعن بصحيفة افتتاح الدعوى ورد عليه بقوله إن الثابت من الاطلاع على صحيفة الدعوى المستأنفة أن المدعى عليه فيها - المستأنف - قد أعلن على محل إقامته بالزقازيق وأن زوجة شقيقة قد استلمت الصورة الإعلانية لغيابة وقت الإعلان، ومن ثم يكون الإعلان بصحيفة الدعوى المستأنفة قد وقع صحيحاً ويكون الدفع غير سديد متعيناً رفضه وهو من الحكم ما يكفى لحمل قضائه فى هذا الخصوص، فمن ثم يكون النعى على غير اساس.
3 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التى استندت إليها ما يكفى لتكوين عقيدتها.
4 - إن تقدير أقوال الشهود والاطمئنان إليها واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع مادام استخلاصها سائغاً، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتطليق على سند مما استخلصه من أقوال شاهدى المطعون ضدها من أن الطاعن قد هجرها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وهو من الحكم استخلاص موضوعى سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ويكفى لحمل قضائه.
5 - إذ كان ما يثيره الطاعن بخصوص قرابة شاهدى المطعون ضدها. فلما كانت الأوراق قد خلت من سبق تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإنه يكون سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - مفاد النص فى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم فى دعوى التطليق لا يكون إلا إذا تكرر من الزوجة طلب التفريق لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن دعوى المطعون ضدها بتطليقها على الطاعن طبقاً لنص المادة السادسة المشار إليها فى دعواها الأولى قبله، فإن تعييب الحكم لعدم اتخاذ الإجراءات الخاصة بالتحكيم بين الزوجين قبل القضاء بالتفريق بينهما يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 777 لسنة 1995 كلى أحوال شخصية الزقازيق "مأمورية فاقوس" على الطاعن للحكم - وفقاً لطباتها المعدلة بتطليقها عليه طلقة بائنة. وقالت بياناً لدعواها إنها زوج له وإذ هجرها مما أصابها بضرر لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد أن سمعت شاهدى المطعون ضدها حكمت غيابياً بتاريخ 26/3 / 1997 بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة، عارض الطاعن فى هذا الحكم وبتاريخ 31/ 12/ 1997 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المعارض فيه. استئتف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 51 لسنة 41 ق المنصورة " مأمورية الزقازيق" وبتاريخ 10/ 6/ 1998 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون. وفى بيان ذلك يقول إن محكمتى المعارضة والاستئناف لم يعرضا الصلح على الطرفين، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائى وتطليق المطعون ضدها رغم ذلك، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كانت المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، وإذ اشترطت للقضاء بالتطليق عجز القاضى عن الإصلاح بين الزوجين ولم ترسم طريقاً معيناً لمحاولة الإصلاح ولم تستوجب حضورهما معاً أو بشخصهما أمام المحكمة عند اتخاذ هذا الإجراء، وكان الثابت من محضر جلستى 17/ 4/ 1996، 5/ 2/ 1997 أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يحضر وقد عرضت المحكمة الصلح على وكيل المطعون ضدها فرفضه، وهو ما يكفى لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الطرفين دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمتى المعارضة والاستئناف. ومن ثم يكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السببين الثانى والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وبياناً لذلك يقول إن محكمة أول درجة لم ترد على الدفع المبدى منه ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى، إذ لم يتم إعلانه بها بمحل إقامته بالمملكة العربية السعودية رغم علم المطعون ضدها بإقامته فى هذا العنوان وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن الموطن الأصلى طبقاً للرأى السائد فى الفقه الإسلامي- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- هو موطن الإنسان فى بلدته أو فى بلدة أخرى اتخذها داراً توطن فيه مع أهله وولده وليس فى قصد الارتحال عنها، وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن، وهو ما استلهمه المشرع حين نص فى المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذى يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه"، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى فى محل إقامته بمركز الزقازيق باعتباره محل إقامته داخل البلاد، وهو ذات الموطن الذى اتخذه فى مرحلتى الدعوى أمام محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف، فإن هذا الموطن - بفرض إقامته فى الخارج - يظل قائماً ويصح إعلانه فيه، متى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائى قد تناول الدفع ببطلان إعلان الطاعن بصحيفة افتتاح الدعوى ورد على بقوله... إن الثابت من الاطلاع على صحيفة الدعوى المستأنفة أن المدعى عليه فيها- المستأنف - قد أعلن على محل إقامته بالزقازيق وأن زوجة شقيقه قد استلمت الصورة الإعلانية لغيابة وقتا الإعلان، ومن ثم يكون الإعلان بصحيفة الدعوى المستأنفة قد وقع صحيحاً ويكون الدفع غير سديد متعيناً رفضه وهو من الحكم ما يكفى لحمل قضائه فى هذا الخصوص، فمن ثم يكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الثانى والثالث من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك بصحيفة الاستئناف بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب، وأقامت قضاءها بالتطليق على أقوال شاهدى المطعون ضدها رغم قرابتهما لها وإنهما لا يعلمان شيئاً عن حالة الطرفين وشهادتهما بذلك لا تصلح سنداً لقضاء الحكم، بما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التى استندت إليها ما يكفى لتكوين عقيدتها، وإن تقدير أقوال الشهود والاطمئنان إليها واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به مادام استخلاصها سائغاً، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتطليق على سند مما استخلصه من أقوال شاهدى المطعون ضدها من أن الطاعن قد هجرها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وهو من الحكم استخلاص موضوعى سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ويكفى لحمل قضائه، فإن النعى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير أدلة الدعوى مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، وأن ما يثير الطاعن بخصوص قرابة شاهدى المطعون ضدها. فلما كانت الأوراق قد خلت من سبق تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فإنه يكون سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. ومن ثم يكون غير مقبول، ولا على محكمة الاستئناف من بعد أن لم تستجب لطلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق بعد أن وجدت فى أوراقها ما يكفى لتكوين عقيدتها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن محكمة الموضوع بدرجتيها لم تتخذ إجراءات التحكيم فى الدعوى طبقاً لما توجبه المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن النص فى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج لها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، يجوز لها أن تطلب من القاضى التفريق وحينئذ يطلقها طلقة بائنة إذ أثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما فإذ رفض الطلب ثم تكررت الشكوى ولم يثبت الضرر بعث القاضى حكمين على الوجه المبين بالمواد 7، 8، 9، 10، 11 " مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم فى دعوى التطليق لا يكون إلا إذا تكرر من الزوجة طلب التفريق لإضرار الزوج بها بعد رفض طلبها الأول مع عجزها عن إثبات ما تتضرر منه، لما كان ذلك وكان الثابت فى الأوراق أن دعوى المطعون ضدها بتطليقها على الطاعن طبقاً لنص المادة السادسة المشار إليها هى دعواها الأولى قبله، فإن تعييب الحكم لعدم اتخاذ الإجراءات الخاصة بالتحكيم بين الزوجين قبل القضاء بالتفريق بينهما يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.