أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 560

جلسة 18 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ كمال نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوى، ماجد قطب، سمير فايزى وحسنى عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة.

(107)
الطعن رقم 1502 لسنة 71 القضائية

(1) حكم "عيوب التدليل: الفساد فى الاستدلال".
فساد الحكم فى الاستدلال. ماهيته.
(2) عقد "تفسير العقد".
تفسير العقد. كيفيته.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن: التأجير من الباطن والتنازل والترك" "إشراك المستأجر لآخر معه فى النشاط التجارى". محكمة الموضوع "سلطتها فى مسائل الواقع".
(3) ثبوت أو نفى واقعة التأجير من الباطن. واقع استقلال محكمة الموضوع بتقديره. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة تكفى لحمله.
(4) الإخلاء للتأجير من الباطن أو التنازل أو الترك. م 18/ ج ق 136 لسنة 1981. شرطه. صدور تصرف من المستأجر نافذ ولازم له يكشف عن تخليه عن حقه فى الانتفاع بالعين المؤجرة بتنازله عنه للغير من الباطن أو باتخاذه تصرفاً لا تدع ظروف الحال شكاً فى انصراف قصده إلى الاستغناء عنه نهائياً. مؤداه. الإيواء والاستضافة وإشراك الغير فى النشاط أو توكيله فى إدارة العمل أو المشاركة البيعية وعرض وتسويق منتجات الغير بواسطة عمال المستأجر الأصلى. لا تعد كذلك. مخالفة ذلك خطأ.
1 – المقرر - فى قضاء محكمة النقض- أن أسباب الحكم تُعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر.
2- المقرر - فى قضاء محكمة النقض- أن قواعد التفسير وفق المادة 150/ 1 من القانون المدنى تقضى بعدم جواز الانحراف فى عبارة العقد الواضحة للتعرف على إرادة العاقدين إلا أن المقصود بالوضوح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وضوح الإرادة وليس وضوح اللفظ فقد تتسم كل عبارة من عبارات العقد بالوضوح فى ذاتها ولكنها تتعارض فيما بينها بحيث تعم المعنى المستخلص منها فلا يجوز للمحكمة وهى تعالج التفسير المحررات أن تعتد بما تعنيه عبارة معينة دون غيرها بل يجب عليها أن تأخذ بما تقيده العبارات بأكملها وفى مجموعها باعتبارها وحدة متصلة متماسكة.
3 - المقرر أن ثبوت أو نفى وقاعة التأجير من الباطن تعتبر من مسائل الواقع التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها على أن تقيم قضاءها فى ذلك على أسباب سائغة تكفى لحمله.
4 - مفاد النص فى المادة 18 ج من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد اشترط لتحقيق سبب الإخلاء فى هذه الحالة أن يصدر من المستأجر تصرف لازم له يكشف عن استغنائه عن حقه فى الانتفاع المقرر بعقد الإيجار إما بتنازله عن هذا الحق بيعاً أوهبة أو تأجيراً لهذا الحق إلى الغير من باطنه أو أن يكون ذلك باتخاذ تصرف لا تدع الظروف مجالاَ للشك فى أنه استغنى عن هذا الحق بصفة نهائية أما ما عدا ذلك من التصرفات التى لا تُعبر عن تخلى المستأجر عن الانتفاع بالعين المؤجرة على نحو نافذ ولازم مثل إشراك الغير فى النشاط أو الإيواء أو الاستضافة أو إسناد الإدارة فى العمل لوكيل أو عامل وغير ذلك من صور الانتفاع الأخرى بالعين المؤجرة التى قد تقتضيها الظروف الاقتصادية كالمشاركة البيعية التى أملتها ظروف خصخصة القطاع العام أو الاتفاق على عرض وتسويق منتجات الغير بالعين المؤجرة بواسطة عمال المستأجر الأصلى مما لا يكشف عن تخلى الأخير عن حقوقه المستمدة من عقد الإيجار إلى هذا الغير فكل ذلك لا يتحقق به هذا السبب من أسباب الإخلاء. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن الرابطة القانونية بينها وبين الشركة المطعون ضدها الثانية هى عقد عرض وتسويق وليس تنازل عن الإيجار أو تأخيراً للعين من الباطن وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها الثانية تلتزم بمقتضى عقد العرض والتسويق المؤرخ / / بأن تمد فرع الشركة الطاعنة بكميات كافية من منتجاتها من البضائع لعرضها وبيعها به بمعرفة عمال وموظفى الشركة الطاعنة ومن خلال اسمها التجارى وأن تتم المحاسبة وفقاً للبند الخامس منه كل ستة أشهر طبقاً للمستندات والسجلات المعمول بها لدى الشركة الطاعنة وكان ذلك لا يعدو أن يكون وجهاً من أوجه الانتفاع بالعين المؤجرة ولا ينطوى على تنازل عن إجارتها أو تأجيراً من الباطن. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واستدل على وقوع التأجير من الباطن من النص فى البندين الثانى والسابع من عقد الاتفاق على الترخيص للشركة المطعون ضدها الثانية بالاستعانة بعمالها وحقها فى إضافة ديكورات بالعين على نفقتها والنص فى العقد على المقابل النقدى السنوى المستحق للطاعنة كعمولة ملتفتاً عن باقى عبارات وبنود الاتفاق باعتبارها وحدة متصلة ومتماسكة والتى لا تُنبئ فى مجموعها - لما سلف البيان - عن تخلى الشركة الطاعنة نهائياً عن حقها فى الانتفاع بالعين المؤجرة بالنزول عنه أو تأجيره من الباطن فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام على الشركة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 18008 لسنة 1998 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء المحلين المبينين بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 27/ 12/ 1936 والتسليم، وقال بياناً لذلك إنه بموجب العقد المذكور استأجرت شركة..... عين النزاع من المالكة السابقة للعقار ثم آلت ملكية الشركة المستأجرة إلى الشركة الطاعنة فحلت محلها فى حق الإجارة وإذ أحيل إليه عقد الإيجار لشرائه العقار من المالكة السابقة وتنازلت الشركة الطاعنة عن هذا العقد بدون موافقته إلى الشركة المطعون ضدها الثانية وحلت محلها فى حيازة المحلين ووضعت لافتات وإعلانات تحمل اسمها التجارى على واجهتهما بالمخالفة لنصوص عقد الإيجار والقانون فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت برفضها. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 4448 لسنة 4 ق القاهرة وبتاريخ 11/ 4/ 2001 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء والتسليم. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظره وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الشركة الطاعنة بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أساس قضاءه بالإخلاء والتسليم على ما ضمنه أسبابه من أنها أجرت - وبغير موافقة المالك - حق انتفاعها بالعين المؤجرة إلى المطعون ضدها الثانية لقاء جُعل معين استناداً إلى تفسير عبارات البندين الثانى والسابع من عقد العرض والتسويق المؤرخ 1/ 7/ 1997 المبرم بين الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الثانية والتى تضمنت التزام الأخيرة بإمداد فرع الشركة الأولى بالضائع بالكميات اللازمة لبيعها فيه مقابل عمولة قدرها 166 ألف جنيه سنوياً وأن للأخيرة فى سبيل تنشيط المبيعات بالفرع أن تستعين ببعض عمالها المتخصصين وأن تُضيف ديكورات وتجديدات بالفرع على نفقتها دون تغيير فى الاسم التجارى للشركة الطاعنة، فى حين أن تلك العلاقة لا تنطوى على تنازل عن الإيجار أو تأجير من الباطن ولا تعدو أن تكون مبادلة منفعة إذ تقوم الشركة الطاعنة بعرض وتسويق منتجات وبضائع الشركة المطعون ضدها الثانية بعين النزاع لقاء مقابل نقدى وتباشر عمليات البيع عن طريق موظفيها وتحت اسمها التجارى استعمالاً لحقها فى الانتفاع بالعين المؤجرة وإذ قضى الحكم رغم ذلك بالإخلاء والتسليم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تُعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، وأن قواعد التفسير وفق المادة 150/ 1 من القانون المدنى تقضى بعدم جواز الانحراف فى عبارة العقد الواضحة للتعرف على إرادة العاقدين إلا أن المقصود بالوضوح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وضوح الإرادة وليس وضوح اللفظ فقد تتسم كل عبارة من عبارات العقد بالوضوح فى ذاتها ولكنها تتعارض فيما بينها بحيث تعم المعنى المستخلص منها فلا يجوز للمحكمة وهى تعالج تفسير المحررات أن تعتد بما تعنيه عبارة معينة دون غيرها بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفى مجموعها باعتبارها وحدة متصلة متماسكة، ومن المقرر أيضاً أن ثبوت أو نفى وقاعة التأجير من الباطن تعتبر من مسائل الواقع التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها على أن تقيم قضاءها فى ذلك على أسباب سائغة تكفى لحمله، كما أن النص فى المادة 18 ج من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد اشترط لتحقيق سبب الإخلاء فى هذه الحالة أن يصدر من المستأجر تصرف لازم له يكشف عن استغنائه عن حقه فى الانتفاع المقرر بعقد الإيجار إما بتنازله عن هذا الحق بيعاً أو هبة أو تأجيراً لهذا الحق إلى الغير من باطنه أو أن يكون ذلك باتخاذ تصرف لا تدع الظروف مجالاَ للشك فى أنه استغنى عن هذا الحق بصفة نهائية أما ما عدا ذلك من التصرفات التى لا تُعبر عن تخلى المستأجر عن الانتفاع بالعين المؤجرة على نحو نافذ ولازم مثل إشراك الغير فى النشاط أو الإيواء أو الاستضافة أو إسناد الإدارة فى العمل لوكيل أو عامل وغير ذلك من صور الانتفاع الأخرى بالعين المؤجرة التى قد تقتضيها الظروف الاقتصادية كالمشاركة البيعية التى أملتها ظروف خصخصة القطاع العام أو الاتفاق على عرض وتسويق منتجات الغير بالعين المؤجرة بواسطة عمال المستأجر الأصلى مما لا يكشف عن تخلى الأخير عن حقوقه المستمدة من عقد الإيجار إلى هذا الغير فكل ذلك لا يتحقق به هذا السبب من أسباب الإخلاء. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن الرابطة القانونية بينها وبين الشركة المطعون ضدها الثانية هى عقد عرض وتسويق وليس تنازل عن الإيجار أو تأخيراً للعين من الباطن وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها الثانية تلتزم بمقتضى عقد العرض والتسويق المؤرخ 1/ 7/ 1997 بأن تمد فرع الشركة الطاعنة بكميات كافية من منتجاتها من البضائع لعرضها وبيعها به بمعرفة عمال وموظفى الشركة الطاعنة ومن خلال اسمها التجارى وأن تتم المحاسبة وفقاً للبند الخامس منه كل ستة أشهر طبقاً للمستندات والسجلات المعمول بها لدى الشركة الطاعنة وكان ذلك لا يعدو أن يكون وجهاً من أوجه الانتفاع بالعين المؤجرة ولا ينطوى على تنازل عن إجارتها أو تأجيراً من الباطن. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واستدل على وقوع التأجير من الباطن من النص فى البندين الثانى والسابع من عقد الاتفاق على الترخيص للشركة المطعون ضدها الثانية بالاستعانة بعمالها وحقها فى إضافة ديكورات بالعين على نفقتها والنص فى العقد على المقابل النقدى السنوى المستحق للطاعنة كعمولة ملتفتاً عن باقى عبارات وبنود الاتفاق باعتبارها وحدة متصلة ومتماسكة والتى لا تُنبئ فى مجموعها لما سلف البيان عن تخلى الشركة الطاعنة نهائياً عن حقها فى الانتفاع بالعين المؤجرة بالنزول عنه أو تأجيره من الباطن فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه.