أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 436

جلسة 7 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان، نير عثمان، محمود مسعود شرف، ود. صلاح البرعى نواب رئيس المحكمة.

(72)
الطعن رقم 17310 لسنة 71 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن. وإيداع الأسباب عدم تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض فى الميعاد دون تقديم أسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة. بياناته. المادة 310 إجراءات.
(3) إثبات "بوجه عام" حكم. "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة.
(4) قتل عمد "بالسم". قصد جنائى. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ظروف مشددة.
قصد القتل. أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه.
مثال لتسبيب سائغ على توافر القتل بالسم.
(5) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة.
جريمة القتل العمد بالسم. لا تشترط وجود سبق الإصرار. علة ذلك؟.
(6) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائى. اشتراك. فاعل أصلى حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم توافر نية القتل فى حق الفاعل. مفاده: توافرها فى حق من أدانه معه بالاشتراك فى القتل. متى أثبت علمه بذلك.
(7) إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو غيرها. عدم التزامها بيان سبب أخذها بأى من رواياته إن تعددت. علة ذلك؟
النعى على المحكمة أخذها بروايات الشهود فى مرحلة سابقة دون تلك التى أدلوا بها فى الجلسة دون بيان سبب ذلك. غير مقبول.
(9) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشاهد أو اعتراف المتهم مع مضمون الدليل الفنى. ليس بلازم.
كفاية أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
(10) إثبات "شهود" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة دعوى التناقض بين الدليلين القولى والفنى لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(11) قتل عمد. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينها. موضوعى.
(12) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعى الطاعن على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها غير جائز.
(13) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه إلى ما قبل قفل باب المرافعة.
(14) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(15) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع". سلطتها فى تقدير الدليل. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعى.
(16) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
(17) سبق إصرار. اشتراك. عقوبة "توقيعها" ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطته فى تقدير العقوبة". نقض "حالات الطعن. الخطأ فى القانون".
العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك فى القتل وفق نص المادة 235 عقوبات هى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة.
إجازة المادة 17 عقوبات النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن.
إفصاح المحكمة عن أخذها المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 عقوبات. يوجب عليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فيها. علة ذلك.
معاقبة المحكمة الطاعن. بإحدى العقوبتين التخييرتين المقررتين للجريمة التى دين بها رغم إفصاحها عن معاملته بالمادة 17 عقوبات. خطأ فى القانون. علة ذلك؟
(18) نقض "حالات الطعن. الخطأ فى القانون". محكمة النقض "سلطتها".
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. متى كان مبنياً على خطأ فى القانون. أساس ذلك؟.
(19) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد أساس ذلك؟.
(20) "إعدام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كانت المحكوم عليها الأولى... المقضى بإعدامها - وإن قررت بالطعن فى الميعاد إلا أنها لم تقدم أسباب لطعنها، فيكون الطعن المقدم منها غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدد القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسباب يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التى دان المحكوم عليهما بها والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما.
3 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاص يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون.
4 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان فيما أورده الحكم - على نحو ما سلف - ما يكفى لاستظهار توافر نية القتل لدى المحكوم عليهما والتدليل على استعمالهما السم فى قتل المجنى عليه مما يتحقق به الظرف المشدد لجريمة القتل بالمس حسبما عرفتها المادة 233 من قانون العقوبات.
5 - من المقرر أن التسمم وإن كان صورة من صور القتل العمد، إلا أن المشرع المصرى ميز القتل بالسم عن الصور العادية الأخرى للقتل بجعل الوسيلة التى تستخدم فيها لأحداث الموت ظرفاً مشدداً للجريمة لما ينم عن غدر وخيانة لا مثيل لهما فى صور القتل الأخرى ولذلك أفرد التسمم بالذكر فى المادة 233 من قانون العقوبات وعاقبت عليها بالإعدام ولو لم يقترن فيه العمد بسبق الإصرار إذ لا يشترط فى جريمة القتل بالسم وجود سبق إصرار لأن تحضير السم فى جريمة القتل فى ذاته دال على الإصرار.
6 - من المقرر أنه متى أثبت الحكم توافر نية القتل فى حق الفاعل فإن ذلك يفيد توافرها فى حق من أدانه معه بالاشتراك فى القتل ما دام قد أثبت علمه بذلك.
7 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى اقتنعت بصدقهم وأخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها لدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
8 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل التحقيق أو من غيرها وهى لا تسأل فى ذلك عن سبب أخذها بأى من رواياته إن تعددت لأن الأمر مرجعه إلى سلطتها فى تقدير الدليل فما تطمئن إليه تأخذ به وما لا تطمئن إليه تطرحه، فإن النعى عليها أخذها بروايات الشهود فى مرحلة سابقة دون تلك التى أدلوا بها فى الجلسة دون بيان سبب ذلك يكون غير مقبول.
9 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد أو اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفنى على الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
10 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع لم يثير شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى فى عبارة صريحة تشتمل على المراد من هذا الدفاع ومن ثم لا تلتزم المحكمة بالرد عليه كما أنه لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأن دفاع موضوعى.
11 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه فى ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليها منها. والالتفات عما عداه.
12 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه الثانى لم يطلب إجراء تحقيق بشأن المادة السامة المستخدمة فى القتل، ومن ثم فإنه لا يقبل منه إثارة شىء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يحق له أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها.
13 - من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته هو الطلب الصريح الجازم الذى يصر عليه مقدمه إلى، ما قبل قفل باب المرافعة فى الدعوى.
14 - للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث.
15 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها ويكون النعى على الحكم فى هذا المقام غير قويم.
16 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن عما ورد بالتقرير الفنى من خلو أظافره من آثار دماء المجنى عليه أو أى مادة كيميائية ومن ثم فلا يجوز له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق - فى هذا الصدد - طالما أنه لم يطلبه منها ولم تر هى موجباً لإجرائه اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التى عولت عليها فى حكمها.
17 - من المقرر أن العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك فى القتل الذى يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام هى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر التى أعملها الحكم فى حق المحكوم عليه الثانى تبيح النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التى أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فى هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة المحكوم عليه الثانى طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وهى إحدى العقوبتين التخيريتين المقررتين لجريمة الاشتراك فى القتل العمد بالسم التى دين المحكوم عليه الثانى بها طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات فإنه يكون قد خالف القانون إذا كان عليه أن ينزل بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الشاقة المؤقتة أو السجن.
18 - كانت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبنى على خطأ فى تطبيق القانون.
19 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما تضمنه من إعدام المحكوم عليها الأول....... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون التقيد بالرأى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
20 - لما كان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بطريق السم التى دينت بها المحكوم عليها الأولى، وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وخلا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى بعد استطلاع رأى المفتى ولم يصدر بعد قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها الأولى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين: بأنهما: - المتهمة الأولى: قتلت عمداً مع سبق الإصرار المجنى عليه بأن بيتت النية وعقدت العزم المصمم على قتله وأعدت لذلك مادة سامة "مبيد حشرى" تسلمتها من المتهم الثانى ودستها فى شراب احتساه المجنى عليه فحدثت وفاته على النحو الوارد بتقرير الصفة التشريحية. المتهم الثانى: اشتراك مع المتهمة الأولى بطرق الاتفاق والتحريض والمساعدة فى قتل المجنى عليه عمداً مع سبق الإصرار بأن اتفق معها وحرضها على قتله وساعدها فى ذلك بأن قدم لها المادة السامة التى دستها فى الشراب الذى احتساه المجنى عليها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة، وأحالتهما إلى محكمة جنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة...... والمحكمة المذكورة قررت بجلسة..... وبإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى الشرعى بالنسبة للمتهمة الأولى وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41/ 1، 231، 233 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهم الثانى. أولاً: وبإجماع الآراء بمعاقبة الأولى بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة الثانى بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة للقضية بمذكرة مشفوعة برأيها ومحكمة النقض قضت أولاً: بقبول عرضت النيابة العامة للقضية شكلاً. ثانياً: بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قررت وبإجماع الآراء بإجالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى الشرعى بالنسبة للمتهمة الأولى وحددت جلسة..... للنطق بالحكم. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41/ 1، 231، 233 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهم الثانى أولاً: بإجماع الآراء بمعاقبة المتهمة الأولى.... بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثانى بالأشغال الشاقة المؤبدة.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليها الأولى...... المقضى بإعدامها - وإن قررت بالطعن فى الميعاد إلا أنها لم تقدم أسباب لطعنها، فيكون الطعن المقدم منها غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدد القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
ومن حيث إن المحكوم عليه الثانى ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالاشتراك فى جريمة القتل العمد بالسم قد ران عليه البطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وبأدلتها، ولم يدلل تدليلاً سائغاً كافياً على توافر نية القتل، وعلى اشتراكه فى الجريمة وأخذت المحكمة بروايات الشهود فى مرحلة سابقة دون تلك التى أدلوا بها فى الجلسة دون بيان سبب ذلك، ولم تفطن إلى وجود خلاف بين الدليلين القوى والفنى، وعول الحكم على ما جاء بتقرير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الكيماوى وما قرره الطبيب الشرعى من أن وفاة المجنى عليه سمية دون أن تحقق المحكمة فى خاصية المادة السامة المستخدمة فى القتل وأطرحت بعض أقوال من قام بتحليل تلك المادة فى هذا الخصوص، ولم تجبه المحكمة على طلبه فض حرز المادة السامة والاطلاع عليه، وتساند الحكم إلى التحريات وإلى شهادة الطبيب الشرعى بأن المادة سامة وسريعة المفعول رغم أنها جاءت عامة معماة، كما لم يعرض إيراداً لما أثاره الدفاع من أن التقرير الفنى تضمن خلو أظفاره من آثار دماء المجنى عليه أو أى مادة كيمائية - وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهمة الأولى هى زوجة المجنى عليه وأنجبت منه طفلين وانغمست مع جارها المتهم الثانى فى علاقة آثمة وطلبت من زوجها المشار إليها الطلاق بيد أنه قابل طلبها بالرفض فتدبرت مع المتهم الثانى أمر الخلاص منه وقدم لها الأخير مادة سامة دستها لزوجها المجنى عليه فى شراب الحلبة الذى احتساه فحدثت وفاته وأحاطت المتهم الثانى الأمر طالبة منه الخلاص من الجثة المسجاة فى مسكن الزوجية فبادر بإحضار جوال وتعاونا معاً على وضع الجثة بداخله وحمله المتهم الثانى حتى منطقة بحر البلطى فأخرج الجثة وألقى بها فى المياه. وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى المحكوم عليهما أدلة استقاها من أقوال وتحريات شاهدى الإثبات - ضابطى المباحث - ومن اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة ومما أثبته تقرير الصفة التشريحية وقرره الطبيب الشرعى وما أفاد به تقرير المعمل الكيماوى بمصلحة الطب الشرعى. لما كان ذلك وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التى دان المحكوم عليهما بها والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان المحكوم عليهما بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة للأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاص يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون، ومن ثم فإن النعى بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت مما حصله من تقرير الصفة التشريحية وتقرير المعامل الكيماوية وشهادة الطبيب الشرعى أن وفاة المجنى عليها سمية ناتجة عن وجود مادة من المبيدات الحشرية بأحشائه، كما استظهر نية القتل ودلل على توافرها فى حق المحكوم عليهما فى قوله "تستظهرها المحكمة من أن علاقتهما الآثمة دامت أكثر من عامين وتدبرا أمر جريمتهما وتحايل المتهم الثانى على شقيقته حتى يحصل منها على المادة السامة وقام بتجريبها على أحد الكلاب الضالة حتى يتأكد ويتيقن من نفاذ مفعولها فى إحداث القتل وحرض المتهمة الأولى على الخلاصة من المجنى عليه حتى يخولها طريقها إلى الحرام، ورسما سوياً خطة الخلاص من الزوج المجنى عليه، وسلمها المادة السامة القاتلة، وأوعز إليها أن تدسها فى أحد المشروبات التى تقدمها إلى المجنى عليه، وقامت المتهمة الأولى بتنفيذ ما اتفقت عليه مع المتهم الثانى بأن أفرغت المادة السامة كاملة فى شراب الحلبة التى طلب المجنى عليه احتسائه من يديها وإذابتها فيه حتى لا يتبين المجنى عليه رائحتها وانتظرت حوالى الساعة بعد أن احتساها وتيقنت من وفاته أسرعت بخطأ هادئة إلى المتهم الثانى حيث عاد بصحبتها وحمل جثة المجنى عليه فى أحد الأجولة التى أعدها لهذا الغرض للتخلص منه". وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان فيما أورده الحكم - على نحو ما سلف - ما يكفى لاستظهار توافر نية القتل لدى المحكوم عليهما والتدليل على استعمالهما السم فى قتل المجنى عليه مما يتحقق به الظرف المشدد لجريمة القتل بالمس حسبما عرفتها المادة 233 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان التسمم وإن كان صورة من صور القتل العمد، إلا أن المشرع المصرى ميز القتل بالسم عن الصور العادية الأخرى للقتل بجعل الوسيلة التى تستخدم فيها لأحداث الموت ظرفاً مشدداً للجريمة لما ينم عن غدر وخيانة لا مثيل لهما فى صور القتل الأخرى ولذلك أفرد التسمم بالذكر فى المادة 233 من قانون العقوبات وعاقبت عليها بالإعدام ولو لم يقترن فيه العمد بسبق الإصرار إذ لا يشترط فى جريمة القتل بالسم وجود سبق إصرار لأن تحضير السم فى جريمة القتل فى ذاته دال على الإصرار، ومن ثم يكون الحكم - على السياق المتقدم - قد استظهر توافر تلك الجريمة بكافة أركانها قبل المحكوم عليهما بوصف أولاهما فاعلة أصلية فى جريمة القتل العمد بالسم مع سبق الإصرار وبوصف الثانى شريكاً له بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة وقد استظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وبين الأدلة الدالة على ذلك بيانِاً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها، فضلاً عن أنه متى أثبت الحكم توافر نية القتل فى حق الفاعل فإن ذلك يفيد توافرها فى حق من أدانه معه بالاشتراك فى القتل ما دام قد أثبت علمه بذلك، كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم بالقصور فى بيان اشتراكه مع المحكوم عليها الأولى فى الجريمة يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى اقتنعت بصدقهم وأخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها لدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها الحق فى أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل التحقيق أو من غيرها وهى لا تسأل فى ذلك عن سبب أخذها بأى من رواياته إن تعددت لأن الأمر مرجعة إلى سلطتها فى تقدير الدليل فما تطمئن إليه تأخذ به وما لا تطمئن إليه تطرحه، فإن النعى عليها أخذها بروايات الشهود فى مرحلة سابقة دون تلك التى أدلوا بها فى الجلسة دون بيان سبب ذلك يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد أو اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفنى على الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكانت اعترافات المحكوم عليهما كما أوردها الحكم والتى يبين من المفردات المضمونة أن لها سندها من الأوراق لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفنى، فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع لم يثير شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى فى عبارة صريحة تشتمل على المراد من هذا الدفاع ومن ثم لا تلتزم المحكمة بالرد عليه كما أنه لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأن دفاع موضوعى ولا يقبل منه النعى على المحكمة بإغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها لما كان ذلك، وكان تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه فى ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليها منها. والالتفات عما عداه، وكانت المحكمة فى الدعوى الماثلة قد اطمأنت على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية وما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية وما قرره الطبيب الشرعى من أن وفاة المجنى عليه سمية نتيجة أحدى المركبات الكرباماتية من المبيدات الحشرية والتى عثر بأحشاء المجنى عليه على آثار لها، وأن المادة المضبوطة هى إحدى المركبات الكربامتية من المبيدات الحشرية لانت، وأن المادة السامة شديدة المفعول لما تحدثه من تأثير على المخ وفق الوعى وتوقف التنفس وتؤدى إلى الوفاة فى الحال وخلال ربع ساعة أو الساعة كحد أقصى، وأن المبيد الحشرى هو المحدث للوفاة ويظل فى جسم الإنسان بعد حدوثها، وأطرحت فى حدود سلطتها التقديرية بعض أقوال من قام بتحليل المادة السامة فى هذا الخصوص، فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون على غير سند فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه الثانى لم يطلب إجراء تحقيق بشأن المادة السامة المستخدمة فى القتل، ومن ثم فإن لا يقبل منه إثارة شيء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يحق له أن ينعى على المحاكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن المحكوم عليه الثانى وإن كان قد طلب بجلسات المحكمة ضم حرز المادة السامة وفضه، إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا ولم يصر عليه فى مرافعته الختامية بجلسة.... اقتصر فى هذه الجلسة على طلب البراءة بصفة أصيلة وطلب احتياطياً إلغاء ظرف سبق الإصرار فلا تثريب على المحكمة إن التفت عنه لما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته هو الطلب الصريح الجازم الذى يصر عليه مقدمه إلى، ما قبل قفل باب المرافعة فى الدعوى فيكون النعى على الحكم فى هذا المقام لا محل له، لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث وكان ما أثاره المحكوم عليه الثانى لدى المحكمة الموضوع من تشكيك فى أقوال الطبيب الشرعى المؤيدة بالتحريات وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها ويكون النعى على الحكم فى هذا المقام غير قويم. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن عما ورد بالتقرير الفنى من خلو أظافره من آثار دماء المجنى عليه أو أى مادة كيميائية ومن ثم فلا يجوز له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق - فى هذا الصدد - طالما أنه لم يطلبه منها ولم تر هى موجباً لإجرائه اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التى عولت عليها فى حكمها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المعروض أنه بعد أن انتهى إلى إدانة المحكوم عليه الثانى بجريمة الاشتراك فى قتل المجنى عليه عمداً بالسم المنصوص عليها فى المادة 235 من قانون العقوبات مفصحاً عن استعمال المادة 17 منه أنزل به عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك فى القتل الذى يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام هى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر التى أعملها الحكم فى حق المحكوم عليه الثانى تبيح النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التى أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فى هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة المحكوم عليه الثانى طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وهى إحدى العقوبتين التخيريتين المقررتين لجريمة الاشتراك فى القتل العمد بالسم التى دين المحكوم عليه الثانى بها طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات فإنه يكون قد خالف القانون إذا كان عليه أن ينزل بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الشاقة المؤقتة أو السجن. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبنى على خطأ فى تطبيق القانون. فإنه يتعين إعمال لنص المادة 39 من القانون سالف الذكر تصحيح الحكم باستبدال عقوبة الأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة المقضى بها على المحكوم عليه الثانى.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما تضمنه من إعدام المحكوم عليها الأولى....... دون إثبات تاريخ تقدميها بحيث يستدل منه على أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون التقيد بالرأى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الثابت بمحضر جلسات المحاكمة أن محامياً مقبولاً للمرافعة أمام محكمة الجنايات - حسب كتابة نقابة المحامين المرفق - حضر مع المحكوم عليها وترافع عنها وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقها فى الدفاع، وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بطريق السم التى دينت بها المحكوم عليها الأولى، وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وخلا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى بعد استطلاع رأى المفتى ولم يصدر بعد قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها الأولى.