أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 567

جلسة 2 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم، محمد سامى إبراهيم نائبى رئيس المحكمة ويحيى عبد العزيز ماضى ومحمد مصطفى أحمد العكازى.

(92)
الطعن رقم 21040 لسنة 63 القضائية

(1) دفوع "الدفع بنفى التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الدفع بنفى التهمة. موضوعى. لا يستوجب رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
بحسب الحكم إيرادا الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده. إطراحه لها.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
العبرة فى المحاكمة الجنائية. باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه.
(4) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط أن يكون الدليل صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج وترتيب النتائج على المقدمات.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(7) قانون "تفسيره". عقوبة "العقوبة التكميلية". تعويض. نقض "حالات الطعن. الخطأ فى القانون".
العقوبة المقررة لجريمة التسبب بإهمال فى انقطاع المخابرات التلغرافية أو إتلاف شيئاً من آلاتها. المنصوص عليها فى المادة 163 عقوبات هى غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه. حصول ذلك بسوء قصد عقوبتها السجن. مع عدم الإخلال فى الحالتين بالحكم بالتعويض. سريان هذه المادة على الخطوط التليفونية التى تنشئها الحكومة أو ترخص بإنشائها لمنفعة عمومية.
العقوبات التكميلية التى تحمل فى طياتها فكرة رد الشىء إلى أصله أو التعويض المدنى للخزانة العامة أو ذات الطبيعة الوقائية كالمصادرة ومراقبة الشرطة. فى واقع أمرها عقوبات نوعية. وجوب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد.
إغفال الحكم القضاء بإلزام الطاعن بالتعويض عن الخسارة. مخالفة للقانون. ليس لمحكمة النقض تصحيحه وتدارك ما فات محكمة الجنايات من القضاء به. أساس ذلك؟
1 - من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
2 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته.
4 - من المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التى يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - من المقرر أنه لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع بما شهد به شهود الإثبات بثبوت الواقعة بناء على استخلاص سائغ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى حق محكمة الموضوع فى تكوين معتقدها من الأدلة المطروحة عليها - والتى لا يجادل الطاعن فى أن لها أصلها من الأوراق - وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه أو الخوض فى مناقشته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عما يدعيه من عدم سؤال كل من..... و..... و........ بمحضر جمع الاستدلالات أو بتحقيقات النيابة ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن فى الحكم. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير مقبول.
7 - لما كانت المادة 163 من قانون العقوبات بعد تعديلها نصت على أنه "كل من عطل المخابرات التلغرافية أو أتلف شيئاً من آلاتها سواء بإهماله أو عدم احترازه بحيث ترتب على ذلك انقطاع المخابرات يعاقب بدفع غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه وفى حالة حصول ذلك بسوء قصد ثابت تكون العقوبة السجن مع عدم الإخلال فى كلتا الحالتين بالحكم بالتعويض" ثم نصت المادة 166 من ذات القانون على سريان المادة المذكورة على الخطوط التليفونية التى تنشئها الحكومة أو ترخص بإنشائها لمنفعة عمومية. وكانت العقوبات التكميلية التى تحمل فى طياتها فكرة رد الشىء إلى أصله أو التعويض المدنى للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتى هى فى واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد وأن الحكم بها حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها وبلا ضرورة لتدخل الخزانة فى الدعوى - وكان ما يصدق عليه هذا النظر عقوبة التعويض المنصوص عليها فى المادة 163 من قانون العقوبات. فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بإلزام الطاعن بالتعويض عن الخسارة إعمالاً لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ إلا أنه لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من تحديد عناصر التعويض فإنه كان يتعين أن يكون مع النقض الإعادة - إلا أنه - لما كان الطعن مقدم من المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تملك وهى تحاكمه تدارك ما فات محكمة الجنايات من قضاء بالتعويض بوصف أن التعويض عقوبة تكميلية وذلك لما هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضى به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين قضى ببراءتهما بأنه عطل بإهمال الخط التليفونى رقم...... الخاص...... بأن استعمله خطأ فى تنفيذ أمر التشغيل رقم 892 لمشترك آخر دون أن يراجع الخط قبل تركيبه مما ترتب عليه انقطاع المخابرات التليفونية عن المشترك سالف الذكر فى الفترة من..... حتى..... وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 163 و166 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسمائة جنيه عن التهمة المسندة إليه.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التسبب بإهمال فى تعطيل الخط التليفونى رقم..... قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وانطوى على الخطأ فى الإسناد والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن دفاعه قام من بين ما قام عليه على عدم ارتكابه للجريمة وأن الخطأ الذى ترتب عليه تعطيل الخط التليفونى موضوع الاتهام هو خطأ موظفة التست المقضى ببراءتها هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عول فى قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات على الرغم من أن شهادتهم لا تفيد بذاتها تدليلاً على مقارفة الطاعن لما أسند إليه هذا فضلاً عن قصور تحقيقات النيابة العامة ومحضر جمع الاستدلالات لعدم سؤال كل من...... و...... و....... بهما رغم أنهم كانوا برفقة الطاعن وقت تنفيذ أمر الشغل الخاص بالخط التليفونى موضوع الاتهام كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلكٍ، وكان النعى بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلكن وكانت العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته. ولا يشترط أن تكون الأدلة التى يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. كما لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع بما شهد به شهود الإثبات بثبوت الواقعة بناء على استخلاص سائغ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى حق محكمة الموضوع فى تكوين معتقدها من الأدلة المطروحة عليها - والتى لا يجادل الطاعن فى أن لها أصلها من الأوراق - وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه أو الخوض فى مناقشته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عما يدعيه من عدم سؤال كل من..... و..... و.... بمحضر جمع الاستدلالات أو بتحقيقات النيابة ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعيباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن فى الحكم. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المادة 163 من قانون العقوبات بعد تعديلها نصت على أنه "كل من عطل المخابرات التلغرافية أو أتلف شيئاً من آلاتها سواء بإهماله أو عدم احترازه بحيث ترتب على ذلك انقطاع المخابرات يعاقب بدفع غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه وفى حالة حصول ذلك بسوء قصد ثابت تكون العقوبة السجن مع عدم الإخلال فى كلتا الحالتين بالحكم بالتعويض" ثم نصت المادة 166 من ذات القانون على سريان المادة المذكورة على الخطوط التليفونية التى تنشئها الحكومة أو ترخص بإنشائها لمنفعة عمومية. وكانت العقوبات التكميلية التى تحمل فى طياتها فكرة رد الشىء إلى أصله أو التعويض المدنى للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتى هى فى واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد وأن الحكم بها حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها وبلا ضرورة لتدخل الخزانة فى الدعوى - وكان ما يصدق عليه هذا النظر عقوبة التعويض المنصوص عليها فى المادة 163 من قانون العقوبات. فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بإلزام الطاعن بالتعويض عن الخسارة إعمالاً لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ إلا أنه لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من تحديد عناصر التعويض فإنه كان يتعين أن يكون مع النقض الإعادة - إلا أنه - لما كان الطعن مقدم من المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تملك وهى تحاكمه تدارك ما فات محكمة الجنايات من قضاء بالتعويض بوصف أن التعويض عقوبة تكميلية وذلك لما هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضى به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة.