أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 119

جلسة 17 من يناير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان، نير عثمان، محمود مسعود شرف ود. صلاح البرعى نواب رئيس المحكمة.

(22)
الطعن رقم 22767 لسنة 69 القضائية

(1) إستيلاء على أموال أميرية. حكم "ما يعيبه فى نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إعتناق الحكم أمرين متعارضين لأقوال الطاعن. يعيبه بالتخاذل والتناقض.
مثال.
(2) إستيلاء على أموال أميرية. حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟
عدم بيان الحكم المطعون فيه الأفعال التى قارفها الطاعن وآخرين واستظهار اتفاقهم على إرتكاب كل منهم فعل الإستيلاء والتسهيل ووظيفة الطاعن وانصراف نيته إلى إضاعة المال. قصور.
(3) إضرار عمدى. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة الإضرار العمدى المنصوص عليها فى المادة 116 مكررًا من قانون العقوبات. مناط تحققها؟
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة فى جريمة الإضرار العمدى بالمال العام.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مقام تحصيله لأقوال الطاعن قوله "أقر المتهم إبراهيم أمين المسلمى أنه قام بصرف الشيكات سالفة البيان دون إتخاذ الإجراءات المستندية المصرفية لها وأنه اكتشف عدم وجود رصيد للمتهم سعيد على على عمر السابق الحكم عليه يسمح له بصرف قيمة تلك الشيكات". ثم عاد الحكم وأورد "وحيث أنكر المتهم بتحقيقات النيابة العامة ما أسند إليه وبجلسة المحاكمة إلتزم جانب الإنكار" لما كان ذلك، فإن إعتناق الحكم أمرين متعارضين لأقوال الطاعن يدل على إختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم إستقرارها الإستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أى أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها فى الدعوى، فضلا عما تبين عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يؤمن معه خطؤها فى تقدير مسئولية الطاعن ومن ثم يكون حكمها متخاذلا فى أسبابه متناقضا فى بيان الواقعة.
2 - لما كان القانون أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التى استخلصت فيها الإدانة حتى يتضح إستدلالها بها وسلامة المأخذ. وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح الأفعال التى قارفها الطاعن والآخر الذى انقضت الدعوى الجنائية بالنسبة له لوفاته والمتهم السابق الحكم عليه وإستظهار إتفاقهم على ارتكاب كل منهم فعل الإستيلاء وفعل التسهيل كشفا عن الأدلة المثبتة لإرتكاب الطاعن جريمة تسهيل الإستيلاء على مال عام بغير حق، ولم يبين كيف أن وظيفة الطاعن طوعت له تسهيل إستيلاء الغير على هذا المال ولم يستظهر أن نية الطاعن إنصرفت إلى تضييعه على البنك المجنى عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة ولم يكشف عن أوجه مخالفة الطاعن الأصول المصرفية والتى من شأن عدم إتباعها تمكن المتهم السابق الحكم عليه من الإستيلاء على المبلغ المذكور فيكون الحكم قاصرًا فى التدليل على توافر ركنى جريمة تسهيل الإستيلاء على المال العام المادى والمعنوى.
3 - لما كان الحكم اقتصر فى تدليله على توافر جريمة الإضرار عمدًا بأموال الجهة التى يعمل بها الطاعن من قيام الأخير بصرف الشيكات وهو يعلم بأن حساب المتهم السابق الحكم عليه بطرف البنك لا يسمح بصرف ذلك المبلغ ومن ثم يكون قد أضر ضررًا بالغا بأموال البنك وإذ كان إعمال حكم المادة 116 مكررًا من قانون العقوبات يتطلب توافر أركان ثلاثة هى أن يكون الجانى موظفا عاما بالمعنى الوارد فى المادة 119 مكررا من قانون العقوبات، وأن يكون الإضرار بالمال والمصالح المعهودة إلى الموظف سواء كانت تلك الأموال والمصالح للجهة التى يعمل بها أو للغير ومعهود بها إلى تلك الجهة، وأن تتجه إرادة الجانى إلى الإضرار بالمال أو بالمصلحة، فلا تقع الجريمة إذا حصل الضرر بسبب الإهمال، كما يشترط فى هذا الضرر - الذى تقوم به الجريمة المشار إليها - أن يكون حالاً أى حقيقيًا سواء كان حاضرًا أو مستقبلاً، وأن يكون مؤكدًا أى ثابتًا على وجه اليقين، وكان ما أورده الحكم بشأن جريمة الإضرار العمد بأموال الجهة العامة التى يعمل بها الطاعن والتى دانه بها قد وضع فى عبارات عامة مجملة لا يبين منها الأفعال المادية التى ارتكبها الطاعن والتى تتوافر بها مسئوليته عن هذه الجريمة ودون أن يدلل على توافر نية الإضرار بالمال العام لدى الطاعن فإن الحكم المطعون فيه مع تناقضه جاء قاصرًا بالنسبة للتهمتين المسندتين إلى الطاعن.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة - أولاً: - بصفته موظفًا عامًا صراف وأمين خزنة بنك....... سهل وآخر إنقضت الدعوى الجنائية بوفاته...... للمتهم الثانى السابق محاكمته الإستيلاء بدون وجه حق على مبلغ....... من أموال البنك. ثانيًا: - بصفته سالفة الذكر أضر عمدًا بأموال الجهة التى يعمل بها سالفة الذكر بأن مكن المتهم الثانى السابق محاكمته من الإستيلاء على أموال البنك المبينة قدرًا بوصف التهمة الأولى بدون وجه حق.
وإحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا........ لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 113/ 1، 116 مكرر/ 1، 118، 118 مكرر ( أ )، 119/ 1، 119 مكرر هـ من قانون العقوبات مع أعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال لمدة خمس سنوات وتغريمه...... وورثة المتوفى....... الذى إنقضت الدعوى الجنائية بوفاته برد مثل هذا المبلغ لبنك....... ثانيًا: - بعزله من وظيفته الأميرية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى تسهيل الاستيلاء بغير حق على أموال عامة والإضرار العمدى بأموال الجهة التى يعمل بها قد شابه التناقض والقصور فى التسبيب ذلك بأن أورد أن الطاعن أقر بصرفه قيمة الشيكات - موضوع الدعوى - دون إتخاذ الإجراءات المستندية والمصرفية فيه لها وأنه اكتشف عدم وجود رصيد للمتهم......... السابق الحكم عليه يسمح له بصرف قيمة تلك الشيكات، ثم عاد الحكم وأورد أن الطاعن أنكر بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة ما أسند إليه، فضلا عن أنه لم يبين أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد فى مقام تحصيله لأقوال الطاعن قوله "أقر المتهم......... أنه قام بصرف الشيكات سالفة البيان دون اتخاذ الإجراءات المستندية المصرفية لها وأنه اكتشف عدم وجود رصيد للمتهم......... السابق الحكم عليه يسمح له بصرف قيمة تلك الشيكات". ثم عاد الحكم وأورد "وحيث أنكر المتهم بتحقيقات النيابة العامة ما أسند إليه وبجلسة المحاكمة التزم جانب الإنكار" لما كان ذلك، فإن اعتناق الحكم أمرين متعارضين لأقوال الطاعن يدل على إختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الإستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أى أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها فى الدعوى، فضلا عما تبين عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يؤمن معه خطؤها فى تقدير مسئولية الطاعن ومن ثم يكون حكمها متخاذلا فى أسبابه متناقضا فى بيان الواقعة. لما كان ذلك، وكان القانون أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التى إستخلصت فيها الإدانة حتى يتضح إستدلالها بها وسلامة المأخذ. وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح الأفعال التى قارفها الطاعن والآخر الذى انقضت الدعوى الجنائية بالنسبة له لوفاته والمتهم السابق الحكم عليه واستظهار اتفاقهم على ارتكاب كل منهم فعل الإستيلاء وفعل التسهيل كشفًا عن الأدلة المثبتة لإرتكاب الطاعن جريمة تسهيل الإستيلاء على مال عام بغير حق، ولم يبين كيف أن وظيفة الطاعن طوعت له تسهيل إستيلاء الغير على هذا المال ولم يستظهر أن نية الطاعن انصرفت إلى تضييعه على البنك المجنى عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة ولم يكشف عن أوجه مخالفة الطاعن الأصول المصرفية والتى من شأن عدم اتباعها تمكن المتهم السابق الحكم عليه من الإستيلاء على المبلغ المذكور فيكون الحكم قاصرًا فى التدليل على توافر ركنى جريمة تسهيل الإستيلاء على المال العام المادى والمعنوى. كما أن الحكم اقتصر فى تدليله على توافر جريمة الإضرار عمدًا بأموال الجهة التى يعمل بها الطاعن من قيام الأخير بصرف الشيكات وهو يعلم بأن حساب المتهم السابق الحكم عليه بطرف البنك لا يسمح بصرف ذلك المبلغ ومن ثم يكون قد أضر ضررًا بالغًا بأموال البنك وإذ كان إعمال حكم المادة 116 مكررًا من قانون العقوبات يتطلب توافر أركان ثلاثة هى أن يكون الجانى موظفا عاما بالمعنى الوارد فى المادة 119 مكررًا من قانون العقوبات، وأن يكون الإضرار بالمال والمصالح المعهودة إلى الموظف سواء كانت تلك الأموال والمصالح للجهة التى يعمل بها أو للغير ومعهود بها إلى تلك الجهة، وأن تتجه إرادة الجانى إلى الإضرار بالمال أو بالمصلحة، فلا تقع الجريمة إذا حصل الضرر بسبب الإهمال، كما يشترط فى هذا الضرر - الذى تقوم به الجريمة المشار إليها - أن يكون حالاً أى حقيقيًا سواء كان حاضرًا أو مستقبلاً، وأن يكون مؤكدًا أى ثابتًا على وجه اليقين، وكان ما أورده الحكم بشأن جريمة الإضرار العمد بأموال الجهة العامة التى يعمل بها الطاعن والتى دانه بها قد وضع فى عبارات عامة مجملة لا يبين منها الأفعال المادية التى إرتكبها الطاعن والتى تتوافر بها مسئوليته عن هذه الجريمة ودون أن يدلل على توافر نية الإضرار بالمال العام لدى الطاعن فإن الحكم المطعون فيه مع تناقضه جاء قاصرًا بالنسبة للتهمتين المسندتين إلى الطاعن. الأمر الذى يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقى وجوه الطعن.