أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 159

جلسة 28 من يناير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغريانى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، أسامة توفيق، هشام البسطويسى ورفعت حنا نواب رئيس المحكمة.

(26)
الطعن رقم 28659 لسنة 69 القضائية

(1) عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الاباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". مواد مخدرة.
الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 الذى يتحقق به حكمة التشريع. ماهيته؟
تصدى المحكمة لبحث توافر الإعفاء من العقوبة. لا يكون إلا بعد إسباغ الوصف القانونى الصحيح على الواقعة.
(2) مواد مخدرة. مسئولية جنائية. اشتراك.
حيازة الطاعن المخدر فى السيارة لنقله لحساب رب عمله لقاء أجر مع علمه بذلك. اعتباره مساهمًا فى الجريمة.
(3) مواد مخدرة. مسئولية جنائية "الإعفاء منها". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون".
إنتهاء الحكم إلى جدية إبلاغ الطاعن عن المحكوم عليه الآخر الفاعل الأصلى للجريمة وأن هذا البلاغ هو بذاته عماد الحكم فى القضاء بإدانته وثبوت أن عدم ضبطه ليس مرجعه إلى عدم صدق بلاغه. عدم إعفاؤه من العقوبة. خطأ فى تطبيق القانون وتأويله. أثره؟
استلزام الحكم - لكى يتحقق موجب الإعفاء - إعتراف الطاعن أمام المحكمة.
إستحداث لشرط جديد للإعفاء لم يوجبه القانون.
1 - لما كان قضاء محكمة النقض جرى على أن مناط الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم إستعمالها والإتجار فيها الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 1960 الذى يتحقق به حكمه: التشريع هو:
1 - تعدد الجناة المساهمين فى الجريمة سواء كانوا فاعلين أو شركاء.
2 - أن تكون جريمة الفاعل الأصلى من الجرائم المنصوص عليها فى المواد 33، 34، 35 من القانون سالف الذكر.
3 - المبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة، أو بعد علمها بما إذا كان البلاغ صادقًا وجديًا من شأنه أن يؤدى إلى ضبط باقى الجناة، ولو لم يتم ضبطهم فعلاً ما دام ذلك مرجعه لسبب لا شأن له بعدم صدق أو عدم جدية البلاغ.
وهو ما يقتضى أن يكون تقصى موجب هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته لاحقًا على إسباغ الوصف القانونى الصحيح على واقعة الدعوى للوقوف على حقيقة دور المبلغ فيها وصلته بالمبلغ عنه.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما يدل على أن المحكوم عليه الآخر حاز المخدر المضبوط بقصد الإتجار بوصفه مالكه ومالك السيارة التى ضبط فيها المخدر والتى يعمل الطاعن سائقًا لديه عليها وأن الطاعن حاز ذات المخدر لنقله فى السيارة لحساب رب عمله لقاء أجر مع علمه بذلك، فإن الطاعن يكون بهذه المثابة - وفقًا للتكييف القانونى الصحيح - مساهمًا فى جريمة المحكوم عليه الآخر وهى حيازة المخدر بقصد الاتجار، ولا محل ولا أثر لما تطرق إليه الحكم بعد ذلك من نفى قصد الإتجار عن الطاعن.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى توافر الجدية فى إبلاغ الطاعن عن المحكوم عليه الآخر الفاعل الأصلى لجريمة حيازة المخدر المضبوط بقصد الإتجار وأن هذا البلاغ هو بذاته عماد الحكم فى القضاء بإدانته بعد أن أيدته تحريات الشرطة فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ قضى برفض الدفع بإعفاء الطاعن لعدم القبض على المحكوم عليه الآخر ما دام أن عدم ضبطه لا يرجع إلى عدم صدق الإبلاغ بل إلى فراره وعدم تمكن الشرطة من ضبطه، كما أن ما استلزمه الحكم - لكى يتحقق موجب الإعفاء - من إعتراف الطاعن أمام المحكمة هو إستحداث لشرط جديد للإعفاء لم يوجبه القانون. لما كان ما تقدم، فإن موجب إعفاء الطاعن من العقاب يكون قد تحقق مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مع مصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 سالف الذكر المعدل.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -....... "طاعن" 2 - ...... بوصف أنهما حازا بقصد الإتجار جوهرًا مخدرًا "هيروينًا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا. وأحالتهما إلى محكمة جنايات.... لمعاقبتها طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا للأول "الطاعن" وغيابيًا للثانى عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 - 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق وقرار وزير الصحة أولاً: بمعاقبة المتهم الأول "الطاعن" بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليه. ثانيًا: بمعاقبة المتهم الثانى بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة المخدر المضبوط بإعتبار أن حيازة المتهم الأول مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض. كما طعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض فى... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة مخدر الهيروين مجردًا من القصود المسماة فى القانون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه التناقض فى التسبيب، ذلك بأنه لم يعمل فى حقه الإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون مكافحة المخدرات بمقولة أن المحكمة لا تطمئن لإرشاده عن المحكوم عليه الآخر لأن لم يوصل إلى القبض عليه، فى حين أن الحكم إنتهى إلى إدانة المحكوم عليه الآخر بناء على إرشاد الطاعن الذى تأيد صدقه بتحريات الشرطة بما يقطع بأن عدم القبض عليه ليس مرجعه إلى عدم جدية إبلاغ الطاعن، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى إلى محكمة جنايات...... ضد كل من الطاعن والمحكوم عليه الآخر..... لأنهما حازا بقصد الإتجار جوهر الهيروين المخدر فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا، وحصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما مفاده أن رئيس نقطة تفتيش معدية سرابيوم إشتبه فى السيارة رقم..... نقل.... بقيادة الطاعن فإستوقفها وبتفتيشه لها عثر فى مخزن سرى تحت مقعده على لفافتين تحتويان على مسحوق الهيروين المخدر يقوم بنقلها لحساب مالك السيارة ورب عمله (المحكوم عليه الآخر) لقاء نقده بمبلغ ألفى جنيه وهو ما أعترف به الطاعن بالتحقيقات وتوصلت إليه تحريات المقدم...... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وقد خلص الحكم من ذلك إلى إدانة المحكوم عليه الآخر غيابيًا بوصف حيازة المخدر بقصد الإتجار وإلى إدانة الطاعن حضوريًا بوصف الحيازة المجردة من القصود المسماة فى القانون لذات المخدر، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع بتمتع المتهم بالإعفاء الوارد بالمادة 48/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فإن ذلك مردود عليه بأن المتهم بعد ما ضبط وأثناء إستجوابه أمام النيابة العامة قرر بأنه يعمل لحساب المتهم الثانى فى نقل الجوهر المخدر المضبوط لقاء جعل مالى وأرشد عن إسمه ولكنه لم يضبط حتى تطمئن المحكمة إلى صحة قوله ولا ينال من ذلك ما جاء بتحريات الشرطة أو عدم مكنة الشرطة ضبطه، لعدم إطمئنان المحكمة إلى ذلك، فضلاً عن إنكار المتهم ما نسب إليه أثناء محاكمته ومن ثم فإنه لا مجال لإعمال الإعفاء الوارد بنص المادة محل الدفع. "لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض جرى على أن مناط الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم إستعمالها والإتجار فيها الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 1960 الذى يتحقق به حكمة التشريع هو: 1 - تعدد الجناة المساهمين فى الجريمة سواء كانوا فاعلين أو شركاء. 2 - أن تكون جريمة الفاعل الأصلى من الجرائم المنصوص عليها فى المواد 33، 34، 35 من القانون سالف الذكر. 3 - المبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة، أو بعد علمها بها إذا كان البلاغ صادقًا وجديًا من شأنه أن يؤدى إلى ضبط باقى الجناة، ولو لم يتم ضبطهم فعلاً ما دام ذلك مرجعه لسبب لا شأن له بعدم صدق أو عدم جدية البلاغ.
وهو ما يقتضى أن يكون تقصى موجب هذا الإعفاء أو إنتفاء مقوماته لاحقًا على إسباغ الوصف القانونى الصحيح على واقعة الدعوى للوقوف على حقيقة دور المبلغ فيها وصلته بالمبلغ عنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما يدل على أن المحكوم عليه الآخر حاز المخدر المضبوط بقصد الإتجار بوصفه مالكه ومالك السيارة التى ضبط فيها المخدر والتى يعمل الطاعن سائقًا لديه عليها وأن الطاعن حاز ذات المخدر لنقله فى السيارة لحساب رب عمله لقاء أجر مع علمه بذلك، فإن الطاعن يكون بهذه المثابة - وفقًا للتكييف القانونى الصحيح - مساهمًا فى جريمة المحكوم عليه الآخر وهى حيازة المخدر بقصد الإتجار، ولا محل ولا أثر لما تطرق إليه الحكم بعد ذلك من نفى قصد الإتجار عن الطاعن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى توافر الجدية فى إبلاغ الطاعن عن المحكوم عليه الآخر الفاعل الأصلى لجريمة حيازة المخدر المضبوط بقصد الإتجار وأن هذا البلاغ هو بذاته عماد الحكم فى القضاء بإدانته بعد أن أيدته تحريات الشرطة فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ قضى برفض الدفع بإعفاء الطاعن لعدم القبض على المحكوم عليه الآخر ما دام أن عدم ضبطه لا يرجع إلى عدم صدق الإبلاغ بل إلى فراره وعدم تمكن الشرطة من ضبطه، كما أن ما إستلزمه الحكم - لكى يتحقق موجب الإعفاء - من إعتراف الطاعن أمام المحكمة هو إستحداث لشرط جديد للإعفاء لم يوجبه القانون. لما كان ما تقدم، فإن موجب إعفاء الطاعن من العقاب يكون قد تحقق مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مع مصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 سالف الذكر المعدل، وذلك دون حاجة لبحث باقى ما يثيره الطاعن أو النيابة العامة فى طعنهما.