أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 176

جلسة 2 من فبراير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، محمد عبد العال نائبى رئيس المحكمة، حمدى أبو الخير ورفعت طلبة.

(30)
الطعن رقم 21868 لسنة 71 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن فى الميعاد دون إيداع أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) نيابة عامة. إعدام. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
قبول عرض النيابة لقضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(3) قتل عمد. قصد جنائى. جريمة "أركانها". حكم تسبيبه. تسبيب معيب" نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تميز جناية القتل العمد بقصد خاص هو نية إزهاق الروح. وجوب التحدث عنه استقلالاً وإيراد الأدلة التى تدل عليه.
مجرد الحديث عن الأفعال المادية. لا يكفى لثبوت نية القتل. ولو أثبت الحكم فى مدوناته أن الطاعن قصد قتل المجنى عليه.
(4) قتل عمد. إعدام. محكمة النقض "سلطتها". نقض "أثر الطعن".
صدور الحكم بالإعدام معيبًا بأحد العيوب التى أوردتها الفقرة الثانية من المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959. لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها.
حسن سير العدالة يوجب امتداد أثر النقض للمحكوم عليه الآخر.
1 - لما كان الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملا بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضوريا بإعدام المحكوم عليه - دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى فيها عرض القضية فى الميعاد الستين يوما المبين بالمادتين 34، 46 من القانون سالف الذكر - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
3 - لما كانت جناية القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفس فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم فى هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا أو استظهارا بإيراد الأدلة التى تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه وحتى تصلح تلك الأدلة أساسا تبنى عليه النتيجة التى يتطلب القانون بمقتضاها يجب أن يبنى بيانا واضحا ويوجهها إلى أصولها فى الدعوى وأن لا يكتفى بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أنه يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها فى الحكم. ولما كان ما أورده الحكم قد جاء فى صيغة عامة مجملة ولا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادى الذى قارفه الطاعن ذلك أنه مجرد اعتداء الأخير على المجنى عليه لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل فى حق الطاعن ومن ثم فإن ما ذكره الحكم المطعون فيه تدليلا على توافر نية القتل لا يبلغ حد الكفاية ولا يغنى عن ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن قد قصد قتل المجنى عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور فى التسبيب بما يبطله.
4 - لما كان العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التى أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن المقضى بإعدامه. كما يتعين نقض الحكم - كذلك - بالنسبة للمحكوم عليه/......... تحقيقا لحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من (1).......، (2)........ بأنهما - المتهم الأول:
أ - قتل المجنى عليه...... عمدا مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وأعد لهذا الغرض سلاح أبيض "سكين" وأداتين راضتين "مفتاح إنجليزى ومحدث صوت" وسلك كهربائى واستدرجه من محافظة الإسكندرية بالسيارة قيادته زاعما برغبته فى استئجارها لقضاء حاجة بها وإذ وصلا بها إلى مسكن المتهم فصعد المتهم أولا ثم طلب من المجنى عليه الصعود لاحتساء مشروب فاستجاب لطلبه ومن أن دلف إلى مسكنه حتى انهال عليه ضربا بالأداتين الراضتين وطعنا بالسلاح الأبيض أنف البيان ثم أجهز عليه بأن لف السلك الكهربائى حول عنقه وعقده وجذبه بشده قاصدا من كل ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات وكان ذلك بقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة ارتبطت بتلك الجناية. إذ أنه فى ذات الزمان والمكان سالفى البيان سرق الأموال المبينة قدرا بالتحقيقات والمملوكة للمجنى عليه سالفى الذكر والسيارة المبينة وصفا بالأوراق قيادة المجنى عليه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ب - أحرز سلاح أبيض "سكين" وأداتين راضتين "مفتاح انجليزى ومحدث صوت" وسلك كهربائى مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية. المتهم الثانى: - أخفى الأشياء المسروقة المبينة وصفا بالأوراق والمتحصلة من جنحة سرقة السيارة قيادة المجنى عليه مع علمه بذلك. وأحالتهما إلى محكمة جنايات...... لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت فى 31 من مايو سنة 2001 وبإجماع الآراء بإحالة الأوراق إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى فيها وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضوريا وبإجماع الآراء عملا بالمواد 13، 44 مكرر/ 1، 234/ 301، 318 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 1، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 11 من الجدول الأول المرفق مع أعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقا والمتهم الثانى بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ. كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

من حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا. لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملا بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضوريا بإعدام المحكوم عليه - دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى فيها عرض القضية فى الميعاد الستين يوما المبين بالمادتين 34، 46 من القانون سالف الذكر - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تحدث عن نية القتل بقوله ".... وقد ثبتت النية الخاصة التى يستلزمها القصد الجنائى فى جريمة القتل العمد لدى المتهم مما تضمنه اعترافه بالتحقيقات صراحة من أنه توجه للإسكندرية لاستئجار السيارة واستدراج قائدها للقاهرة لقتله وسرقة السيارة ومتعلقات السائق فالاعتراف هنا دافع وناطق ولا يلزم للإستدلال عليه استظهاره من الإمارات الخارجية المحيطة بواقعة الدعوى فقد نطقت به شفتى المتهم مما يثبت معه على سبيل القطع أنه أراد من الاعتداء على المجنى عليه تحقيق نتيجة محددة هى إزهاق روحه وهذه النتيجة هى قوام النية الخاصة التى يتوافر معها القصد الجنائى الخاص اللازم لثبوت جريمة القتل". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفس فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم فى هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا أو استظهارا بإيراد الأدلة التى تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه وحتى تصلح تلك الأدلة أساسا تبنى عليه النتيجة التى يتطلب القانون بمقتضاها يجب أن يبنى بيانا واضحا ويوجهها إلى أصولها فى الدعوى وأن لا يكتفى بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها فى الحكم. ولما كان ما أورده الحكم قد جاء فى صيغة عامة مجملة ولا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادى الذى قارفه الطاعن ذلك أنه مجرد اعتداء الأخير على المجنى عليه لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل فى حق الطاعن ومن ثم فإن ما ذكره الحكم المطعون فيه تدليلا على توافر نية القتل لا يبلغ حد الكفاية ولا يغنى عن ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن قد قصد قتل المجنى عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور فى التسبيب بما يبطله. لما كان ذلك، وكان العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التى أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان من هذا القبيل فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن المقضى بإعدامه. كما يتعين نقض الحكم - كذلك - بالنسبة للمحكوم عليه/ ....... تحقيقًا لحسن سير العدالة.