أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 185

جلسة 3 من فبراير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعى، عادل الشوربجى، أنس عماره وفرغلى زناتى نواب رئيس المحكمة.

(32)
الطعن رقم 1868 لسنة 66 القضائية

(1) ظروف مشددة. سبق إصرار.
سبق الإصرار. ماهيته؟ تقدير توافره. موضوعى.
(2) ظروف مشددة. سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو الأوراق من دليل على اتفاق مع المتهمين الآخرين ووجود الأدوات المستخدمة فى الجريمة بمكان الحادث لكونها مما تستلزمه مهنة المجنى عليه. لا يقضى سبق الإصرار لديهم. علة ذلك؟
المنازعة فى مسألة يختص بتقديرها قاضى الموضوع. أمام النقض. غير جائزة.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير توافر سبق الإصرار". سبق إصرار. عقوبة "العقوبة المبررة. نقض" أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة فى الطعن".
لا مصلحة للطاعن فى النعى على الحكم فساده فى الاستدلال على توافر سبق الإصرار ما دامت العقوبة التى أوقعها عليه تدخل فى الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أية ظروف مشددة
1 - لما كان سبق الإصرار كما نصت عليه المادة 231 من قانون العقوبات هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو غير معين وجده أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقًا على حدوث أمر أو موقوفًا على شرط، وهو حالة ذهنية تقوم فى نفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى وأدلتها على أن المتهمين اتفقوا على الخلاص من المجنى عليه فى وقت سابق على الجريمة وبين البواعث والدوافع التى اجتمعت لديهم ودفعتهم إلى التصميم على قتل المجنى عليه وارتكابهم الجريمة فعلاً تنفيذا لهذا التصميم.
2 - وكان لا ينفى سبق الإصرار ما أشار إليه الطاعن بأسباب طعنه من خلو الأوراق من دليل على اتفاقه مع المتهمين الآخرين على تنفيذ الجريمة فى الليلة التى وقعت فيها لأن ذلك متوقف على سنوح الفرصة للظفر بالمجنى عليه والتى تصادف وقوعها ليلة الحادث، كما لا ينفى سبق الإصرار أن تكون الأدوات التى استخدمت فى الجريمة موجوده بمكان الحادث لكونها مما تستلزمه مهنة المجنى عليه ما دام المتهمون قد فكروا فى استعمالها واتخاذها وسيلة للقتل. لما كان ذلك، وكان فيما أورده الحكم بيانا لواقعة الدعوى وتدليلا على توافر سبق الإصرار كافيا وسائغا فى إثبات هذا الظرف فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية فى مسألة يختص قاضى الموضوع بتقديرها طالما يقيمها على ما ينتجها ولا يجوز الجدل فيها أمام محكمة النقض.
3 - لما كانت العقوبة التى أوقعها الحكم وهى الأشغال الشاقة المؤبدة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المجردة عن أى ظرف مشدد فلا مصلحة للطاعن فى النعى على الحكم من فساد فى الاستدلال على توافر سبق الإصرار.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهما بالإعدام بأنهم: أولا: قتلوا عمدًا مع سبق الإصرار والترصد....، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء "عتلة وقادم وسكين" وترصدوه فى المكان الذى أيقنوا تواجده فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضربا بتلك الأسلحة قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. ثانيا: حازوا بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية الأسلحة البيضاء المبينة بوصف التهمة سالفة الذكر.
وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرر من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 11 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأخير بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.


المحكمة

من حيث إنه سبق لهذه المحكمة - محكمة النقض - أن قضت بحكمها الصادر بتاريخ...... من نوفمبر سنة..... فى الطعن رقم...... لسنة........ قضائية بإقرار الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما...... فلا وجه لإعادة التصدى لهذا الشق من قضاء الحكم.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه الخطأ فى الاسناد والفساد فى الاستدلال، ذلك أنه استدل على توافر سبق الإصرار فى حقه من وجود اتفاق بينه وبين المتهمين الآخرين على قتل المجنى عليه ومن إعدادهم الآلات التى استخدمت فى تنفيذه، رغم خلو الأوراق من دليل على اتفاقهم على تنفيذ الجريمة فى الليلة التى وقعت فيها. كما أن الآلات التى استخدمت فى تنفيذها لم تكن معدة من قبل بل أنها من مستلزمات مهنة المجنى عليه، مما يدل على أن الجريمة قد ارتكبت بغير هدوء وروية بما ينتفى معه هذا الظرف.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "إن المتهمة الثانية.... كانت تربطها علاقة عاطفية بالمتهم الأول..... رئيسها فى العمل بهيئة النظافة وتواعدا على الزواج بعد التخلص من زوجها المجنى عليه.... واستعانت فى تحقيق ذلك بأن شقيقتها المتهم الثالث........ الطاعن وقد عقدوا ثلاثتهم العزم وبيتوا النية على قتل المجنى عليه المذكور وأعدوا لذلك أدوات القتل "عتلة وقادوم وسكين" وفى يوم الحادث توجه المتهم الأول إلى المجنى عليه بمسكنه بناء على اتفاق سابق مع المتهمة الثانية وحيث وجد المتهم الثالث وقضوا جميعا سهرتهم صحبة المجنى عليه بحجة عدم وجود مواصلات فى ذلك الوقت، وقام المجنى عليه بالنوم على أريكة فى صالة المنزل وبعد أن تأكد المتهمين الثلاث بأن المجنى عليه قد استغرق فى النوم قاموا بتنفيذ جريمتهم وانهالوا عليه ضربا بالآلات سالف البيان، والتى أعدوها لذلك من قبل على رأسه وجسمه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وإمعانا فى التأكد من إزهاق روح المجنى عليه قام المتهم الثالث الطاعن بذبح المجنى عليه من رقبته بمساعدة المتهم الأول، وبعد إنتهاء المتهمين من قتل المجنى عليه قاموا بلفه فى بساط قديم "سجادة" وأحضروا عربة كارو حيث تم نقله إلى مكان مهجور مشروع.... التابع لقسم..... وسكبوا على الجثة سائل الكيروسين وأشعلوا بها النار بقصد إخفاء معالمها وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن والمتهمين الآخرين بأدلة مستمدة من أقوال...... و...... و...... ومما قرره المتهمون فى تحقيقات النيابة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية وبعد أن حصل الحكم مضمون هذه الأدلة ومؤداها ودلل على توافر نية القتل، عرض لظرف سبق الإصرار وهو ظرف مشدد عام فى جرائم القتل يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدًا عن ثورة الانفعال مما يقتضى الهدوء والروية فلا يكون وليد الدفعة الأولى فى نفس جاشت بالاضطراب وجنح بها الغضب حتى خروج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افترض قيامه وفى الواقع الدعوى الماثلة فإن سبق الإصرار متوافر لدى المتهمين فى قتل المجنى عليه.... من تفكيرهم الهادئ فى التخلص منه وإزهاق روحه ورسم خطة ارتكابها فى جريمتهم حيث قضوا ثلاثتهم الليلة صحبة المجنى عليه فى منزله وانتظروا حتى نام المجنى عليه فى وقت متأخر من الليل واستغرق فى نومه ثم انهالوا عليه ضربا بالآلات التى أعدوها سلفاً على رأسه وجسمه حتى فارق الحياة، الأمر الذى يدل دلالة قاطعة بأن المتهمين الثلاثة قد ترووا وفكروا فى جريمتهم ثم صمموا عليها وأقدموا على ارتكابها وهم هادئى النفس مطمئنى البال متحررين من تأثير الانفعالات النفسية مما يتوافر معه ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك، وكان سبق الإصرار كما نصت عليه المادة 231 من قانون العقوبات هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو غير معين وجده أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقًا على حدوث أمر أو موقوفا على شرط، وهو حالة ذهنية تقوم فى نفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصًا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى وأدلتها على أن المتهمين اتفقوا على الخلاص من المجنى عليه فى وقت سابق على الجريمة وبين البواعث والدوافع التى أجتمعت لديهم ودفعتهم إلى التصميم على قتل المجنى عليه وارتكابهم الجريمة فعلا تنفيذًا لهذا التصميم. وكان لا ينفى سبق الإصرار ما أشار إليه الطاعن بأسباب طعنه من خلو الأوراق من دليل على اتفاق مع المتهمين الآخرين على تنفيذ الجريمة فى الليلة التى وقعت فيها لأن ذلك متوقف على سنوح الفرصة للظفر بالمجنى عليه والتى تصادف وقوعها ليلة الحادث، كما لا ينفى سبق الإصرار أن تكون الأدوات التى استخدمت فى الجريمة موجوده بمكان الحادث لكونها مما تستلزمة مهنة المجنى عليه ما دام المتهمون قد فكروا فى استعمالها واتخاذها وسيلة للقتل. لما كان ذلك، وكان فيما أورده الحكم بيانًا لواقعة الدعوى وتدليلاً على توافر سبق الإصرار كافيا وسائغًا فى إثبات هذا الظرف فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية فى مسألة يختص قاضى الموضوع بتقديرها طالما يقيمها على ما ينتجها ولا يجوز الجدل فيها أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أنه لما كانت العقوبة التى أوقعها الحكم وهى الأشغال الشاقة المؤبدة تدخل فى العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المجردة عن أى ظرف مشدد فلا مصلحة للطاعن فى النعى على الحكم من فساد فى الاستدلال على توافر سبق الإصرار. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.