أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 329

جلسة 3 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عادل الشوربجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنس عمارة، فرغلى زناتى، حسين الصعيدى نواب رئيس المحكمة وعادل الحناوى.

(60)
الطعن رقم 11192 لسنة 64 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". دعوى مباشرة "إعلانها".
القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية ورفض الدعوى المدنية. استنادًا لإعلان صحيفة الدعوى المباشرة بعد مضى أكثر من ثلاث سنوات. حقيقته قضاء بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها.
(2) شهادة زور. جريمة "أركانها". إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
جريمة الشهادة الزور. مناط تحققها.
عدول الشاهد عن شهادته قبل قفل باب المرافعة. اعتبار أقواله الأولى كأن لم تكن. علة ذلك؟
(3) دعوى جنائية "وقفها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دعوى جنائية "قيود تحريكها".
قرار المحكمة بوقف الدعوى لا تنقضى به الخصومة. أساس ذلك؟ المادة 140 مرافعات.
تحريك الدعوى الجنائية قبل مضى المدة القانونية لانقضاء الخصومة فى الدعوى المشهود بها. أثره؟
1 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية ورفض الدعوى المدنية تأسيسًا على أن إعلان المطعون ضدهم بصحيفة الدعوى المباشرة تم بعد أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الفعل - وهو الإدلاء بالشهادة - بما مفاده - ووفقًا لمنطق الحكم - أن الدعوى الجنائية حركت بطريق الادعاء المباشر وقت أن كانت غير مقبولة وبالتالى فإن الحكم المطعون فيه يكون فى حقيقته حكمًا بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها.
2 - لما كانت جريمة شهادة الزور لا تتحقق إلا إذا أصر الشاهد على أقواله الكاذبة حتى انتهاء المرافعة فى الدعوى الأصلية - التى أدليت فيها الشهادة - ولم تكن العلة فى ذلك أن الجريمة لم توجد قبل انتهاء المرافعة، إذ هى وجدت بمجرد الشهادة الزور، ولكن الشارع رأى فى سبيل تحقيق العدالة على الوجه الأكمل أن يفتح الباب أمام الشاهد ليقرر الحق حتى آخر لحظة، فشهادته يجب أن تعتبر فى جميع أدوار المحاكم كل لا يقبل التجزئة، وهى لا تتم إلا بإقفال باب المرافعة، فإذا عدل عنها اعتبرت أقواله كأن لم تكن.
3 - لما كان البين من مدونات الحكم الابتدائى المأخوذ بأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه أن الدعوى التى أديت فيها الشهادة لم يقفل فيها باب المرافعة إذ قررت المحكمة بجلسة 23 - 1 - 1990 بوقفها جزاء لمدة ستة أشهر ولم تعجل من الوقف حتى تاريخ تحريك الدعوى المباشرة بإعلان المطعون ضدهم بصحيفتها - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - بتاريخ 12، 17، 24 - 1 - 1993، بما مؤداه أن تلك الدعوى لازالت قائمة وقابلة للتعجيل من الوقف بعد انتهاء مدته فى أى وقت طالما أنها لم تنقض فيها الخصومة وفقًا لنص المادة 140 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون 18 لسنة 1999 - والتى جرى نصها على أنه "فى جميع الأحوال تنقضى الخصومة بمضى ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها" وكان آخر إجراء صحيح فى تلك الدعوى هو قرار الوقف وانتهاء مدته فى 23 - 7 - 1990 والذى يبدأ منه احتساب مدة الانقضاء، وكان الطاعن قد أقام دعواه قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات المقررة لانقضاء الخصومة فى الدعوى المشهود بها - حتى يمكن اعتبار ذلك بديلاً لإقفال باب المرافعة - وإصرار الشهود على أقوالهم التى أدلوا بها أمام المحكمة حتى ذلك التاريخ، فإن الدعوى الجنائية التابعة لها تكون بدورها غير مقبولة. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فيما قضى به فى خصوص الدعوى المدنية وذلك بغض النظر عن الأساس الذى أقام عليه ذلك القضاء.


الوقائع

أقام الطاعن دعواه بطريق الإدعاء المباشر ضد المطعون ضدهم أمام محكمة جنح.... بوصف أنهم أدلوا بشهادة زور على النحو المبين بالأوراق. وطلب عقابهم بالمواد 40/ 2، 41/ 1، 297 من قانون العقوبات وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بمواد الاتهام بحبس كلا متهم شهرًا مع الشغل وكفالقة خمسين جنيهًا - لوقف التنفيذ وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة...... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء المستأنف والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة ورفض دعواه المدنية قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه احتسب بدء مدة تقادم الدعوى من تاريخ إدلاء المطعون ضدهما الأول والثانى بأقوالهم الكاذبة أمام المحكمة المدنية رغم أن تقادم الدعوى الجنائية فى جريمة شهادة الزور لا يبدأ إلا من تاريخ إقفال باب المرافعة في الدعوى المشهود بها وكانت المحكمة التى نظرت تلك الدعوى قررت وقفها جزاء لمدة ستة أشهر فلا يبدأ احتساب التقادم إلا من تاريخ انتهاء مدة ذلك الوقف، هذا إلى أن انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة لا يمنع المحكمة من القضاء بالتعويض المدنى إذا توافرت أسبابه طالما أن الدعوى المدنية لم تتقادم وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية ورفض الدعوى المدنية تأسيسًا على أن إعلان المطعون ضدهم بصحيفة الدعوى المباشرة تم بعد أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الفعل - وهو الإدلاء بالشهادة - بما مفاده - ووفقًا لمنطق الحكم - أن الدعوى الجنائية حركت بطريق الادعاء المباشر وقت أن كانت غير مقبولة وبالتالى فإن الحكم المطعون فيه يكون فى حقيقته حكمًا بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها. لما كانت جريمة شهادة الزور لا تتحقق إلا إذا أصر الشاهد على أقواله الكاذبة حتى انتهاء المرافعة في الدعوى الأصلية - التى أدليت فيها الشهادة - ولم تكن العلة فى ذلك أن الجريمة لم توجد قبل انتهاء المرافعة، إذ هى وجدت بمجرد الشهادة الزور، ولكن الشارع رأى فى سبيل تحقيق العدالة على الوجه الأكمل أن يفتح أمام الشاهد الباب ليقرر الحق حتى آخر لحظة، فشهادته يجب أن تعتبر فى جميع أدوار المحاكم كل لا يقبل التجزئة، وهى لا تتم إلا بإقفال باب المرافعة، فإذا عدل عنها اعتبرت أقواله كأن لم تكن، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائى المأخوذ بأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه أن الدعوى التى أديت فيها الشهادة لم يقفل فيها باب المرافعة إذ قررت المحكمة بجلسة 23 - 1 - 1990 بوقفها جزاء لمدة ستة أشهر ولم تعجَّل من الوقف حتى تاريخ تحريك الدعوى المباشرة بإعلان المطعون ضدهم بصحيفتها - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - بتاريخ 12، 17، 24 - 1 - 1993، بما مؤداه أن تلك الدعوى لازالت قائمة وقابلة للتعجيل من الوقف بعد انتهاء مدته فى أى وقت طالما أنها لم تنقض فيها الخصومة وفقًا لنص المادة 140 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون 18 لسنة 1999 - والتى جرى نصها على أنه "فى جميع الأحوال تنقض الخصومة بمضى ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها" وكان آخر إجراء صحيح فى تلك الدعوى هو قرار الوقف وانتهاء مدته فى 23 - 7 - 1990 والذى يبدأ منه احتساب مدة الانقضاء، وكان الطاعن قد أقام دعواه قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات المقررة لانقضاء الخصومة فى الدعوى المشهود بها - حتى يمكن اعتبار ذلك بديلاً لإقفال باب المرافعة - وإصرار الشهود على أقوالهم التى أدلوا بها أمام المحكمة حتى ذلك التاريخ، فإن الدعوى الجنائية التابعة لها تكون بدورها غير مقبولة. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فيما قضى به فى خصوص الدعوى المدنية وذلك بغض النظر عن الأساس الذى أقام عليه ذلك القضاء.