مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962 الى آخر سبتمبر سنة 1962) - صـ 835

(78)
جلسة 6 من مايو سنة 1962

برياسة السيد/ عبد العزيز الببلاوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1215 لسنة 6 القضائية

ميزانية - درجات مخصصة لوظائف معينة متميزة - ورود درجات مخصصة لاطباء وأخرى لاطباء بيطريين أو لمفتش بيطرى فى الميزانية - دليل على التخصيص - اطلاق لفظ الطبيب دون وصف آخر - انصرافه الى الطبيب البشرى دون غيره - أثر ذلك - عدم جواز ترقية طبيب بيطرى على درجة مخصصة لطبيب بشرى.
اذا وضح من الاطلاع على الميزانية ان هناك درجات سادسة مخصصة لاطباء واخرى مخصصة لاطباء بيطريين فى حين انه ليس فى الدرجة الخامسة الا درجات لاطباء فقط، وفى الدرجة الرابعة ليس فيها الا درجة واحدة لمفتش بيطرى و4 درجات لاطباء فان هذا الامر صريح فى ان هذه الدرجات مخصصة لوظائف معينة متميزة بذاتها، وان هناك وظائف لاطباء بيطريين أو لمفتش بيطرى ووظائف لاطباء دون وصف آخر، وفى هذا الدليل على ان لفظ الطبيب اذا أطلق دون وصف آخر فانه يكون لشخص يمتهن مهنة خلاف الطب البيطرى أو لمفتش بيطرى ولا تنصرف بداهة الا للطبيب البشرى دون غيره. أما اذا اريد اطلاقها على طبيب من نوع آخر فانه يطلقها مضافة الى نوع العمل الذى يقوم به هذا الطبيب كما هو الحال بالنسبة للطبيب البيطرى.
وتأسيسا على ما سبق فان الطبيب البيطرى لا يمكن ترقيته على درجة مخصصة لطبيب بشرى.


اجراءات الطعن

بتاريخ 11 من ابريل سنة 1960 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن المدعى عليهم (المطعون عليهم) سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى - هيئة الترقيات والتعيينات - بجلسة 11 من فبراير سنة 1960 فى القضية رقم 918 لسنة 12 قضائية المقامة من الدكتور محمد حلمى حسين ضد وزارة الزراعة وآخرين والقاضى "بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع باعتبار اقدمية المدعى فى الدرجة الخامسة راجعة الى 5 من ابريل سنة 1954 مع ما يترتب على ذلك من آثار والزمت مركز التنظيم والتدريب بقليوب المصروفات" وطلبت ادارة قضايا الحكومة للاسباب التى استندت اليها فى صحيفة طعنها "قبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع الزامه المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن الدرجتين". وقد أعلن هذا الطعن الى المطعون ضده فى 3 من مايو سنة 1961. وقد أخطر الطرفان فى 23 من سبتمبر سنة 1961 بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1961 التى عينت لنظر الطعن امام دائرة فحص الطعون حيث أجلت الدعوى الى 17 من ديسمبر سنة 1961 ثم حجزت للحكم لجلسة 14 من يناير سنة 1962 ثم الى 28 من يناير سنة 1962، وفيها أحيلت الدعوى الى المحكمة الادارية العليا، وعين لنظرها أمام الدائرة الثانية فيها جلسة 4 من مارس سنة 1962 حيث حجزت للحكم لجلسة 22 من ابريل سنة 1962 ثم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما تبين من الاوراق - تتحصل فى ان المدعى أقام هذه الدعوى يطلب فيها أصليا الحكم بالغاء القرار الصادر من مركز التنظيم والتدريب فى 5 من ابريل سنة 1954 برقم 41 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الخامسة الفنية مع ما يترتب على ذلك من من آثار وفروق مالية واحتياطيا الحكم بالغاء القرار الصادر من وزارة الزراعة فى 28 من ديسمبر سنة 1954 برقم 511 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الخامسة وارجاع أقدميته الى تاريخ هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وذكر شرحا لدعواه أنه عين طبيبا بيطريا بمصلحة الطب البيطرى التابعة لوزارة الزراعة فى 9 من يناير سنة 1946 فى الدرجة السادسة الفنية وان درجته قد نقلت فى 3 من سبتمبر سنة 1953 الى مركز التنظيم والتدريب بقليوب وانه ظل يعمل فى هذا المركز الى 3 من سبتمبر سنة 1957 حيث عاد ثانية الى مصلحة الطب البيطرى بوزارة الزراعة، وانه فى عام 1954 التى كان يقوم بالعمل أثناءها بمركز التنظيم والتدريب أجريت حركتان الاولى فى مركز التنظيم والتدريب حيث رقى خمس أطباء الى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول مايو سنة 1954 (القرار رقم 41 لسنة 1954) مع انه أقدم منهم جميعا فى الدرجة السادسة والثانية فى وزارة الزراعة حيث صدر القرار رقم 511 لسنة 1954 حيث رقى زملاءه الذين كانوا يلونه فى درجة الاقدمية الى الدرجة الخامسة اعتبارا من 26 من ديسمبر سنة 1954 وأنه لم يعلم بالقرارين سالفى الذكر الا بعد صدور حركة فى وزارة الزراعة بترقيته الى الدرجة الخامسة فى 28 من فبراير سنة 1958.
ومن حيث ان مركز التنظيم والتدريب دفع الدعوى بعدم قبولها شكلا على اساس ان المدعى لم يتظلم من الحركة المطعون عليها الا فى 3 من مارس سنة 1958 أى بعد حوالى اربع سنوات فى حين ان المركز يوزع قراراته أولا بأول على الادارات التابعة له وان المدعى لا بد ان يكون قد علم بها فى حينها كما دفعت الدعوى طالبة رفضها موضوعا استنادا الى أن الحركة المطعون عليها قد تمت بالنسبة لوظائف مخصصة لاطباء بشريين ولم تكن تجوز ترقية المدعى وهو طبيب بيطرى فى هذه الحركة.
ومن حيث ان وزارة الزراعة دفعت الدعوى بأن المدعى يتظلم من القرار رقم 511 سنة 1954 المطعون فيه قبل رفع الدعوى كما أن هذه الحركة قد تمت والمدعى لم يكن موظفا تابعا لها.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قضى باجابة المدعى الى طلبه الاصلى، وهو ارجاع أقدميته الى تاريخ الحركة المطعون عليها فى 5 من ابريل سنة 1954 وذلك بعد أن كان قد رقى الى هذه الدرجة فى فبراير سنة 1958، مع ما يترتب على ذلك من آثار، فأقام الحكم المطعون فيه قضاءه من ناحية الشكل على أنه ليس فى الاوراق ما يدل على علم المدعى بهذا القرار علما يقينيا شاملا لمدة تزيد على ستين يوما سابقة على تقديمه لتظلمه، ومن ناحية الموضوع ذكر أنه وان كانت ميزانية مركز التنظيم والتدريب لم تشتمل على درجة أو درجات لاطباء بيطريين فى الدرجة الخامسة الا أن الدرجات الواردة فى تلك الدرجة وفى الدرجة الرابعة لاطباء دون وصف لنوع هؤلاء الاطباء يجب أن يزاحم فيها جميع الاطباء على اختلاف انوعهم والا امتنع على غير الاطباء البشريين الترقية الى ما فوق الدرجة السادسة - هذا ولم يكن هناك محل لان يتعرض الحكم الى الشق الثانى من الدعوى وهو الشق الخاص بالطلب الاحتياطى طالما أنه أجاب المدعى الى طلباته الاصلية.
من حيث ان الطعن يقوم على أمرين أولهما من ناحية الشكل، وهو عدم قبول الدعوى شكلا تأسيسا على ان القرار المحكوم بالغائه قد صدر فى 5 من ابريل سنة 1954 فى حين ان المدعى لم يتظلم منه الا فى 30 من مارس سنة 1958، وثانيهما: من ناحية الموضوع وهو عدم جواز ترقبة طبيب بيطرى على درجة مخصصة لطبيب بشرى.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الاوراق ان المدعى حصل على بكالوريوس الطب البيطرى فى سنة 1945، وانه عين فى 9 من يناير سنة 1946 على اعتماد مؤقت فى وظيفة مفتش بيطرى، ثم عين على درجة سادسة فنية فرعية، ثم سويت حالته فى سنة 1950 باعتباره فى الدرجة السادسة الفنية من تاريخ دخوله الخدمة فى 9 من يناير سنة 1946، وانه بعد انشاء مركز التنظيم والتدريب بقليوب التابع لرئاسة مجلس الوزراء نقل المدعى بحالته اليه اعتبارا من أول يولية سنة 1953 ثم عاد الى وزارة الزراعة نقلا اليها فى 21 من مايو سنة 1957، وفى 9 من مارس سنة 1958 صدر القرار رقم 1025 بترقية المدعى الى الدرجة الخامسة الفنية اعتبارا من 27 من فبراير سنة 1958، وانه فى 21 من ابريل سنة 1954 صدر القرار رقم 41 بترقية الاطباء خليل عبد الحميد، وجليلة حسين قنديل، وصدقى حنا بشرى، وحامد طه الجوهرى الى الدرجة الخامسة الفنية بالاقدمية المطلقة اعتبارا من 5 من ابريل سنة 1954 على ان يمنح كل منهم نصف علاوة الترقية اعتبارا من أول مايو سنة 1954، وان الثلاثة الاخيرين فى هذه الحركة، وهم أطباء بشريين كانوا قد حصلوا على الدرجة السادسة فى سنة 1949 أى فى تاريخ لاحق لحصول المدعى عليها فى 9 من يناير سنة 1946 - على خلاف الاول الحاصل على الدرجة السادسة فى سنة 1943 - وانه فى 28 من ديسمبر سنة 1954 صدرت حركة فى وزارة الزراعة بترقية عدد كبير من الاطباء البيطريين (مفتشين بيطريين) اعتبارا من 26 من ديسمبر سنة 1954 بعضهم ترجع أقدميته فى الدرجة السادسة الى سنة 1947 وان المدعى تقدم فى 30 من مارس سنة 1959 بتظلمين أحدهما الى مركز التنظيم والتدريب بقليوب، والثانى الى وزارة الزارعة، وجاء بالتظلم المقدم الى وزارة الزراعة أن المدعى يطلب ضم مدة خدمته فى مركز التنظيم والتدريب الى مدة خدمته فى الوزارة، واعتبار مدة خدمته فى هذه الوزارة مدة متصلة، وانه اذا ما أجيب الى هذا الطلب فانه يصبح أقدم من كثير ممن رقوا بالقرار الصادر من الوزارة برقم 511 فى 28 من ديسمبر سنة 1954 وبالتالى يحق له طلب الغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الخامسة وبأحقيته فى الترقية الى هذه الدرجة، وقد رفض هذا التظلم، وابلغ المدعى بذلك فى 26 من ابريل سنة 1958. وفى 3 من يونية سنة 1958 أقام المدعى دعواه الحالية. هذا وظاهر من الاوراق أن مجلس التنظيم والتدريب بقليوب قد انشئ بالقانون رقم 255 لسنة 1953 الصادر فى 21 من مايو سنة 1953، واعتبر تابعا لرياسة مجلس الوزراء وأعطى له الشخصية الاعتبارية كما اعتبرت ميزانيته ملحقة بالميزانية العامة وتسرى على موظفيه القوانين واللوائح الخاصة بموظفى الحكومة ومستخدميها. وقد جاء بميزانيته فى الوقت الذى تمت فيه الحركة المطعون عليها انه وارد فى الباب الاول بند 1 ماهيات واجر ومرتبات (1) الدرجات الدائمة. الوظائف الفنية العالية. الدرجات العالية: مدير عام فى درجة مدير عام ب، 3 اطباء ومهندس واحد فى الدرجة الثالثة و4 أطباء وصيدلى واحد ومهندس واحد ومفتش بيطرى واحد ووكيل مفتش زراعى فى الدرجة الرابعة، 13 طبيب و4 مهندسين ومهندس زراعى واحد فى الدرجة الخامسة و16 طبيب و4 مهندسين ومهندس زراعى و6 صيادلة و4 اطباء بيطريين فى الدرجة السادسة.
ومن حيث انه بالنسبة للطعن بعدم القبول فانه ثابت من الاوراق ان المدعى تظلم من الحركتين المطعون عليهما الى وزارة الزراعة والى مركز التنظيم فى 30 من مارس سنة 1958، ثم أقام دعواه فى 3 من يونية سنة 1958 أى فى أقل من ستين يوما من رفض التظلم الصريح من وزارة الزراعة ومن الرفض الضمنى من مركز التنظيم لذا تكون دعواه مقبولة خاصة، وانه ليس فى الاوراق ما يدل على علم المدعى بالقرارين المطعون عليهما يقينيا شاملا لجميع عناصرهما.
ومن حيث انه بالنسبة للقرار 41 لسنة 1954 الصادر من مركز التنظيم والتدريب بقليوب فانه واضح من الاطلاع على الميزانية أن هناك درجات سادسة مخصصة لاطباء واخرى مخصصة لاطباء بيطريين فى حين انه ليس فى الدرجة الخامسة الا درجات لاطباء فقط، وفى الدرجة الرابعة ليس فيها الا درجة واحدة لمفتش بيطرى، و4 درجات لاطباء. وهذا الامر صريح فى أن هذه الدرجات مخصصة لوظائف معينة متميزة بذاتها، وأن هناك وظائف لاطباء بيطريين أو لمفتش بيطرى ووظائف لاطباء دون وصف آخر وفى هذا الدليل على ان لفظ الطبيب اذا اطلق دون وصف آخر فانه يكون لشخص يمتهن مهنة خلاف الطب البيطرى أو لمفتش بيطرى ولا تنصرف بداهة الا للطبيب البشرى دون غيره، اما اذا اريد اطلاقها على طبيب من نوع آخر فانه يطلقها مضافة الى نوع العمل الذى يقوم به هذا الطبيب كما هو الحال بالنسبة للطبيب البيطرى.
ومن حيث انه تأسيسا على ما سبق فان الطبيب البيطرى لا يمكن ترقيته على درجة مخصصة لطبيب بشرى، وبالتالى يكون الحكم المطعون فيه اذ جرى على خلاف ذلك يكون قد خالف القانون ويتعين الغاءه.
ومن حيث ان الطعن على الحكم امام المحكمة الادارية العليا يكون من مقتضاه اعادة عرض الامر جميعه من جديد عليها لتنزل فيه حكم القانون.
ومن حيث انه بالاستناد الى هذا يتعين التعرض للطعن الموجه من المدعى الى القرار رقم 511 لسنة 1954 والصادر من وزارة الزراعة فى 28 من ديسمبر سنة 1954 وبما ان المدعى لم يكن فى ذلك الوقت فى عداد موظفى تلك الوزارة التى يحق له الطعن على الحركة التى أجريت فيها، لذا يكون طلبه فيما يتعلق بهذا الشق من الدعوى غير سليم متعين رفضه.
ومن حيث انه لما سبق جميعه يتعين الغاء الحكم المطعون ورفض دعوى المدعى - فى شقيها - مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.