مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962 الى آخر سبتمبر سنة 1962) -صـ871

(82)
جلسة 19 من مايو سنة 1962

برياسة السيد/ الامام الامام الخريبى وكيل المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل اسماعيل وحسن السيد ايوب والدكتور ضياء ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبى المستشارين.

القضية رقم 661 لسنة 6 القضائية

( ا ) طعن - رفعه أمام المحكمة الادارية العليا - الدفع بعدم قبوله لرفعه من مندوب بادارة قضايا الحكومة لم يمض على تخرجه اكثر من عامين - فى غير محله - اساس ذلك هو ان اعضاء ادارة قضايا الحكومة، كل فى دائرة اختصاصه، ينوبون عن رئيسها المثل للهيئة فى كل ما تباشره من نيابة قانونية عن الحكومة.
(ب) موظف - جزاء ادارى - ضياع اوراق التحقيق - لا يعنى مطلقا سقوط الذنب الادارى المبنى عليها متى قام الدليل على وجودها ثم فقدانها.
1 - طبقا للمادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 58 لسنة 1959 فى شان تنظيم ادارة قضايا الحكومة تنوب هذه الادارة عن الحكومة والمصالح العامة فيما يرفع منها او عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها ولدى الجهات الاخرى التى خولها القانون اختصاصها قضائيا، فهى - والحالة هذه - تنوب نيابة قانونية عن الحكومة فى رفع الطعن. وغنى عن البيان ان الهيئة لها رئيس يعاونه موظفون فنيون كل فى دائرة اختصاصه، فاذا ما باشر عضو من اعضائها عملا قضائيا فانما ينوب فى ذلك عن رئيسها الممثل للهيئة فى كل ما تباشره من نيابة قانونية عن الحكومة وليس الامر كذلك بالنسبة لطعون الافراد لاختلاف الحالين والوضع القانونى لكل منهما، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن رفعه وتقديمه من مندوب بادارة قضايا الحكومة لم يمض على تخرجه أكثر من عامين غير قائم على اساس متعين الرفض.
2 - ان ضياع أوراق التحقيقات لا يعنى مطلقا سقوط الذنب الادارى الذى انبنى على تلك الاوراق متى قام الدليل أولا على وجودها ثم فقدانها، واما عن محتوياتها فيستدل عليها بأوراق أخرى صادرة من أشخاص لهم صلة عمل وثيقة بها.


اجراءات الطعن

فى اول يونيه سنة 1960 اودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة بصفته المذكورة طعنا فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم فى 2 من ابريل سنة 1960 فى القضية رقم 919 لسنة 5 القضائية المرفوعة من السيد/ ثابت توفيق حنا ضد وزارة التربية والتعليم " القاضى بالغاء القرار الصادر فى 27/ 2/ 1935 بخصم 15 يوما من راتب المدعى والزام الوزارة المصروفات " وطلب السيد رئيس ادارة القضايا للاسباب التى أوردها فى صحيفة طعنه " قبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع الزامه المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن الدرجتين" وقد اعلن هذا الطعن الى طرفى الخصومة وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14 من يناير سنة 1962 وفيها قررت احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا بجلسة 14/ 4/ 1962 للمرافعة، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعيه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت ارجاء النقطة بالحكم فى المطعن الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى اوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من اوراق الطعن - تتحصل فى ان المطعون ضده اقام الدعوى رقم 919 لسنة 5 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم امام المحكمة الادارية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة فى 11 من يولية سنة 1953 طلب فيها "الحكم بالغاء قرار الجزاء الصادر فى يونيه سنة 1953 بخصم خمسة عشرة يوما من مرتبه مع الزام الحكومة بالمصروفات" وقال شرحا لدعواه انه كان يعمل فى ابريل سنة 1950 بوظيفة مدرس بمدرسة قليوب الابتدائية الاميرية للبنين، وقد لاحظ تلاعبا من ناظر المدرسة فى نتيجة السنة الاولى هدف به الى انجاح بعض الطلبة الذين لا يستحقون النجاح فقدم شكوى ضد الناظر المذكور وأحد المدرسين بالمدرسة وبعد تحقيقها وثبوت صحتها وقع جزاء بسببها على الناظر والمدرس الذى تقرر عقب ذلك نقله الى وظيفة كاتب بمنطقة شبين الكوم التعليمية وقد أضمرا السوء للمدعى وكان للمدرس ابن بالسنة الثانية حصل على عشر درجات فى احدى مواد الفترة الاولى رصدت خطأ فى دفتر المكتب على انها عشرين، ثم جمعت على الدرجة التى حصل عليها فى الفترة التالية وهى 16 فبلغ المجموع 36 درجة وبذلك اعتبر الطالب المذكور ناجحا، وقد تبين المدعى هذا الخطأ من اطلاعه على دفتر التلميذ فصحح الدرجة فى دفتر المكتب من 20 الى 10 وبالتالى المجموع والمتوسط الذى نزل الى 21 درجة، وبناء على ذلك التصحيح اعتبر هذا الطالب راسبا فى مادة الحساب ووقع المدعى بامضائه الى جانب التصحيح، وكذلك وقع المدرس وهو فى الوقت نفسه والد التلميذ باعتباره مدرس الفصل بما يفيد المراجعة، وقد استغل الناظر والمدرس المذكوران هذه الواقعة للنيل من المدعى وأخفيا كراسة التلميذ الثابت فيها درجات امتحان الفترة الاولى، وقدما شكوى ضد المدعى نسبا فيها اليه أنه عمد الى تغيير درجة التلميذ فى الحساب مما أدى الى رسوبه بغير وجه حق، وان هذا التغيير حصل بعد المراجعة حققت هذه الشكوى وانتهى الامر فيها باعتبار التلميذ راسبا مع السماح له بدخول الدور الثانى واذا تغيب عنه اعتبر راسبا ويعيد السنة.
وفى يونية سنة 1953 أبلغ المدعى بمجازاته بخمسة عشر يوما من مرتبه بمقولة أنه "ثبت من التحقيق الذى قامت باجرائه الوزارة أنه وقت ان كان مدرسا بمدرسة قليوب الابتدائية غير درجات التلميذ محمد جميل عبد العزيز فى مادة الحساب تغييرا أدى الى رسوبه بدون وجه حق مع اعترافه بهذا التغيير" ويعيب المدعى على قرار مجازاته مخالفة القانون، لانه اعتبر تصويب المدعى للخطأ المادى بمثابة اعتراف بالتزوير، وان الوسيلة الوحيدة لتحقيق الواقعة هى دفتر التلميذ الموجود تحت يده أو يد والده المدرس والادعاء بفقده أقطع دليل على عدم صحة الشكوى أو على الاقل انعدام الدليل عليها، ولقد كانت هناك وسيلة أخرى لكشف الحقيقة وهى نتائج الفترات التى تدون فى كشوف تبقى تحت يد الناظر وتدون ايضا فى شهادات ترسل الى أولياء أمور التلاميذ، ولما سئل الناظر عن ذلك قرر أنه لم يدون نتائج الفترات فى كشف خاص به كما وانه لم يرسل شهادات لاولياء الامور بها، وفى هذا القول منه مخالفة صريحة للواجب والتعليمات، ومن العجب أن يؤخذ المدعى بأقوال شخص موتور دون مطالبة هذا الشخص بتقديم الدليل الموجود تحت يده والاعجب منه أن يحمل اعتراف المدعى بتصويت الخطأ على أنه اعتراف بالتزوير وتبنى ادانته على هذا الاساس.
وقد ردت الوزارة المدعى عليها على الدعوى بأنه لخصومة بين المدعى وزميله المدرس عبد العزيز حامد وناظر مدرسة قليوب الابتدائية تكشف عنها أوراق التحقيق عمد المدعى الى الانتقام منهما فى شخص التلميذ محمد جميل عبد العزيز ابن الاول وذلك بأن عدل فى درجات التلميذ المذكور من عشرين الى عشرة درجات فى مادة الحساب قاصدا بذلك رسوبه فى الامتحان وعلى أثر الشكوى قامت الوزارة باجراء تحقيق ثبت منه أن المدعى اختبر تلاميذ السنة الثانية فى مادة الحساب فنال التلميذ المشار اليه درجة تقرب من النهاية الكبرى، واعترف المدعى بواقعة تغييره فى الدرجة التى حصل عليها هذا التلميذ، وانتهى التحقيق الى توقيع للجزاء على المدعى بخصم عشرة أيام من راتبه واعلان نجاح التلميذ المذكور، واذا كان ما قارفه المدعى يكون فى ذاته جريمة تأديبية تستوجب المؤاخذة وتستأهل العقاب لارتكابه فعلا يعتبر اخلال خطيرا بواجبات وظيفته ومقتضياتها، ولما كانت التهمة التى اسندت للمدعى قد أيدتها التحقيقات واعتراف المدعى، وكان تقدير الدليل الذى تستند اليه الوزارة أمر متروك لسلطتها التقديرية بلا معقب عليها، وحسبها ان تكون قد كونت عقيدتها فى قيام التهمة من عناصر ثابتة مؤدية الى النتيجة التى انتهت اليها يكون القرار المطعون فيه قد صدر وفقا للقانون ولا مطعن عليه.
وبتاريخ 2/ 4/ 1960 حكمت المحكمة "بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بالغاء القرار الصادر فى 27/ 12/ 1953 والقاضى بخصم 15 يوما من مرتب المدعى مع الزام الوزارة المصروفات". وأقامت المحكمة قضائها على اقرار الوزرة بضياع أوراق التحقيق الخاص بهذا الموضوع، وان الجزاء الذى وقع انما كان مرده الى مذكرة ادارة التحقيقات وما أشير فيها من اعتراف المدعى باقتراف التغيير مما أدى الى رسوب الطالب فى مادة الحساب رغم انه هو الذى قام باختبار الطلبة ومنح هذا الطالب درجة تقرب من النهاية العظمى وان الذى دفعه الى هذا العمل الخصومة القائمة بينه وبين والد الطالب وناظر المدرسة فأضمر الانتقام منهما بتغيير درجات التلميذ المذكور متعمدا ايذاء هذا الوالد فى شخص ابنه، ثم تعقب المحكمة على هذه المذكرة وما ورد فيها بأن اقرار المدعى بحدوث هذا التغيير لتصويب خطأ مادى هو أقرب الى الصواب والحق اذ لا يوجد فى مذكرة التحقيقات ما يناقض هذا القول أو ينفيه خاصة واذا كان من الجائز الاستناد على هذه المذكرة حالة فقدان أوراق التحقيقات فانه يلزم لذلك أن تتضمن ولو بايجاز الوقائع والادالة التى كون المحقق على اساسها عقيدته بادانة المدعى حتى يتمكن القضاء الادارى من ممارسة اختصاصه ومراقبة مشروعية القرار وما اذا كانت النتيجة التى انتهى اليها مستخلصة استخلاصا سائغا من عدمه ولما كان الثابت مما تقدم ان مذكرة التحقيقات لم تستند الى وقائع مادية صحيحة لها وجود فى الاوراق، ولم تستخلص النتيجة التى انتهت اليها استخلاصا سائغا من أصول تنتجه وتؤدى اليه، فانه لذلك يكون القرار فى انبنى على اساس غير سليم.
ومن حيث ان الطعن يقوم على فقدان أوراق التحقيق وهى واقعة لاحقه لقيام ركن الجريمة التأديبية المنسوبة الى المطعون ضده لا ينهض لذاته سب لانعدامها أو التشكك فى أمر وقوعها لان هذه الاوراق لا تعدو ان تكون سند للجزء، وما كان ضياع السند بمضيع الحق الذى تضمنه السند، وللجهة الادارية مطلق الارادة فى استخلاص القرائن والاخذ بها من عدمه من واقع أوراق التحقيق، وقد انتهت فى ذلك الى توقيع الجزاء عليه، ولا معقب عليها فى ذلك من القضاء الادارى ما دام استخلاصها قد جاء سائغا ومقبولا ومؤديا الى هذه النتيجة.
ومن حيث ان المدعى قدم مذكرة بالتعقيب على هذا الطعن دفع فيها أولا: بعدم قبول الطعن لرفعه من محام غير مقبول للمرافعة امام محكمة النقض والمحكمة الادارية العليا ذلك ان المادة 5 من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة تقضى بأن "يقبل" امام المحكمة الادارية العليا المحامون المقبولون للمرافعة امام محكمة النقض" وتنص الفقرة الثانية من المادة (15) من هذا القانون على ان "يكون لذوى الشأن ولرئيس هيئة مفوضى الدولة ان يطعن فى تلك الاحكام خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم". وتبنى المادة (16) كيفية تقديم الطعن فى الاحكام فتنص على أن " يقدم الطعن من ذوى الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة الادارية العليا موقع عليه من محام من المقبولين أمامها". ولما كانت الخصومة أمام مجلس الدولة تقوم بين الافراد والحكومة على قدم المساواة فان الشروط التى يلزم القانون توافرها فى المحامى الموكل عن الفرد يجب أن تتوافر فى محامى ادارة قضايا الحكومة الذى يحضر امام القضاء عن الحكومة فى الدعوى التى يباشرها فاذا استلزم القانون فى الاول أن يكون من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض والمحكمة الادارية العليا فيجب ان يكون الثانى فى نفس المستوى. ومحامى ادارة قضايا الحكومة المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الادارية العليا هو الذى يمكن قبول قيده فى جدول المحامين الخاص بهاتين المحكمتين، وقد بينته الفقرة الاخيرة من المادة (17) من القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم بأنه المحامى الذى اشتغل فعلا مدة سبع سنوات أمام محاكم الاستئناف، ومحكمة القضاء الادارى ويجوز لذلك أن يقيد بالجدول المشار اليه من توافرت فيهم الشروط المنصوص عليها فى القانون لمن يعين مستشارا بمحاكم الاستئناف فاذا ثبت أن الطعن رفع وتوقع عليه من مندوب بادارة القضايا لم يمض على تخرجه أكثر من عامين كان الطعن غير مقبول. ومن ناحية الموضوع لم تأت المذكرة بجديد عما ذكره المدعى والسابق الاشارة اليه.
ومن حيث انه عن الدفع فانه طبقا للمادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 58 لسنة 1959 فى شأن تنظيم ادارة قضايا الحكومة تنوب هذه الادارة عن الحكومة والمصالح العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها ولدى الجهات الاخرى التى خولها القانون اختصاصا قضائيا فهى - والحالة هذه - تنوب نيابة قانونية عن الحكومة فى رفع الطعن وغنى عن البيان أن الهيئة لها رئيس يعاونه موظفون فنيون كل فى دائرة اختصاصه فاذا ما باشر عضو من اعضائها عملا قضائيا فانما ينوب فى ذلك عن رئيسها الممثل للهيئة فى كل ما تباشره من نيابة قانونية عن الحكومة وليس الامر كذلك بالنسبة لطعون الافراد لاختلاف الحالين والوضع القانونى لكل منهما، ومن ثم يكون الدفع غير قائم على اساس سليم متعين الرفض.
ومن حيث انه عن الموضوع فالثابت من ملف خدمة المدعى انه وقع عليه جزاء بالخصم خمسة عشر يوما من رابته لما ثبت من التحقيق الذى قامت باجرائه الوزارة انه وقت ان كان مدرسا بمدرسة قليوب الابتدائية غير درجات التلميذ محمد جميل عبد العزيز فى مادة الحساب تغييرا يؤدى الى رسوبه بدون وجه حق مع اعترافه بهذا التغيير، وان ملف التحقيقات رقم 12301 الخاص بهذا الموضوع ارسل الى منطقة شبين الكوم التعليمية لتنفيذ العقوبة الموقعة على عبد العزيز حامد الكاتب بها.
وقد طلب من الوزارة أن تقدم أوراق التحقيق المشار اليه والتى انبنى عليها توقيع الجزاء المذكور فلم تقدمها لفقدانها وقدمت صورة رسمية من المذكرة المقدمة فى التحقيق رقم 12301 فى 8/ 11/ 1952 موقعا عليها من السيد/ الوكيل بتاريخ 27/ 2/ 1953 وطلبت الوزارة الاستغناء عن أوراق التحقيق اكتفاء بهذه الصورة. وبالرجوع الى تلك المذكرة التى انبنى عليها مجازاة المدعى بالقرار المطعون فيه يبين أنها وضعت بعد تحقيق شمل أمورا نسبت الى المدعى وغيره من الموظفين وأشير فيها الى المؤاخذات الادارية التى تحمل معها مساءلة هؤلاء الموظفين وقد جاء بها خاصا بالمدعى ما يأتى.... ويتبين أن ثابت توفيق حنا المدرس بمدرسة قليوب الابتدائية قام بتغير درجات التلميذ محمد جميل عبد العزيز الطالب بالسنة الثانية عن شهر يناير بقصد رسوبه فى مادة الحساب دون غيرها، وذلك رغم ان هذا المدرس أجرى اختبارا للتلاميذ نال فيه التلميذ المذكور درجة تقرب من النهاية العظمى. وقد اعترف هذا المدرس بالتغيير المذكور، وتبين انه توجد خصومة بينه وبين زميله المدرس عبد العزيز حامد والد التلميذ وناظر المدرسة الاستاذ الكردانى، فأضمر الانتقام منهما بتغيير درجات التلميذ محمد جميل عبد العزيز متعمدا ايذاء زميله المدرس فى شخص ابنه - وقد اقترح مفتش المنطقة الذى قام ببحث هذا الموضوع خصم يومين من مرتب المدرس ثابت توفيق حنا وانذاره مع اعلان نجاح التلميذ محمد جميل عبد العزيز فاعتمدت الوزارة اعلان نجاحه بالفعل - واقترح مدير ادارة التحقيقات خصم عشرة أيام من راتب المدرس المذكور. وفى 8/ 11/ 1952 اقترح السيد المدير العام لادارة التحقيقات. خصم خمسة عشر يوما بدلا من عشرة أيام، وقد وافق السيد وكيل الوزارة على ذلك فى 27/ 2/ 1953.
ومن حيث ان ضياع أوراق التحقيقات لا يعنى مطلقا سقوط الذنب الادارى الذى انبنى على تلك الاوراق متى قام الدليل أولا على وجودها ثم فقدانها. واما عن محتوياتها فيستدل عليها بأوراق اخرى صادرة من أشخاص لهم صلة عمل وثيقة بها. وعلى ذلك ومتى كان من غير المنكور وجود تحقيق تناول الذنب الادارى المنسوب الى المدعى وان الواقعة محل التحقيق - وهى التغيير فى درجة الطالب فى مادة الحساب عن شهر يناير - معترف بها من المدعى نفسه، وانه هو الذى قام بها تصحيحا لخطأ مادى وقع عند رصد الدرجة فى دفتر المكتب بما يتلاءم والدرجة المرصودة عن هذه المادة فى كراسة التلميذ المذكور، وان هذا التغيير صدر منه ابان احتدام الخصومة بينه وبين زميله المدرس والد التلميذ وكل هذا قد تضمنته المذكرة المقدمة من ادارة التحقيقات التى تولت تحقيق الموضوع واستخلصت ما دونته فيها من واقعة واقترحت الجزاء المناسب وكان ذلك كله قبيل ضياع أوراق التحقيق، اذ الثابت انها ارسلت بعد توقيع الجزاء الى منطقة شبين الكوم لتنفيذ العقوبة على المدرس والد التلميذ لامور اخرى نسبت اليه.
ومن حيث ان الجهة الادارية قد أوقعت الجزاء المطعون فيه بعد تحقيق واقتناعها من واقعة بأن المدعى قد قارف ذنبا يستحق عليه العقاب وقد كان لهذا الاقتناع ما يبرره من واقع الاوراق، فانفراد المدعى بتغيير الدرجة الحاصل عليها التلميذ مما أدى الى رسوبه دون اخطار ناظر المدرسة بذلك واشراكه فى أمر بالغ الخطورة يتعلق بمستقبل تلميذ مع وجود خصومة مسلم بها بينه وبين والد التلميذ وعدم احتفاظ المدعى بدفتر التلميذ تحت يده والذى - على حد قوله - كان السبب فى اكتشاف الخطأ فى رصد الدرجة بدفتر المكتب - وما من شك على ضوء ما تقدم - فى ان هذه النتيجة السليمة قد استخلصت استخلاصا سائغا من اصول تنتجها ماديا وقانونيا ولم يقدم المدعى ما يدحض من هذا الاتجاه أو ذلك الاستخلاص.
ومن حيث انه لكل ما تقدم يكون القرار المطعون فيه بمجازاة المدعى بخصم خمسة عشر يوما من راتبه قد صدر سليما قائما على سببه وصدر ممن يملك اصدارة وفى حدود القانون، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بالغائه قد خالف القانون واخطأ فى تطبيقه وتأوليه مما يتعين معه القضاء بالغائه وبرفض الدعوى والزام المدعى المصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون عليه بالمصروفات.