مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962 الى آخر سبتمبر سنة 1962) - صـ915

(85)
جلسة 20 من مايو سنة 1962

برياسة السيد/ عبد العزيز الببلاوى نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة: الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وابو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 1091 لسنة 5 القضائية

موظف - اقدمية موظفى الدرجة الثامنة الفنية الحاليين - اعتبارها بعد مضى 7 سنوات من تاريخ تعيينهم فى وظائف خارج الهيئة أو باليومية أو بمكافاة أو بمربوط ثابت أو على درجة تاسعة وفقا لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 17/ 8/ 1953 اشتراطه ان تكون اعمالهم مماثلة لاعمال وظائفهم فى الدرجة الثامنة - الفنية - عدم توافر هذا الشرط اذا كان العمل السابق هو مساعد كمسارى بالهيئة العامة للسكك الحديدية وعمل الوظيفة بهذه الدرجة مساعد مخزنجى - اساس ذلك.
ان الاختصاصات الموكولة الى مساعد الكمسارى تنحصر فى تسلم وتسليم البضائع لموظفى المحطة بعد تفريغها واحصاء عددها ومراقبة سلامة اختام العربات وادراج كافة الرسائل فى دفتر خاص، وترحيل البريد المصلحى من والى المحطات المختلفة وتدوين أوقات سير القطارات فى الجدول وبيان التأخير واعطاء اشارة القيام للسائق بعد تبادل اشارة اليد مع الكمسارى، اما عمل المخزنجى ومساعده فيتناول تسلم البضائع من الجمهور ووزنها وتقدير أجور نقلها وتسليم بوالص شحنها واجراء ختم العربات وتسليم عهدتها الى الكمسارى وفتح العربات فى محطة الوصول ومراجعة محتواها، ثم تسليمه بعد تفريغه الى ذوى الشان وجرد الايراد المحصل من أجور نقل البضائع ثم ضمان ارسال هذا الايراد الى الخزانة أو البنك.
ويتضح من مقارنة اختصاصات كل من هاتين الوظيفتين أن عمل مساعد الكمسارى يختلف اختلافا بينا عن عمل مساعد المخزنجى ولا يقدح فى هذا التفاوت الواضح ان يقوم بينهما اتصال اسباب فى ناحية من نواحى اختصاصاتهما المتبانية، هى ناحية تسليم أو تسلم مساعد المخزنجى لمحتوى العربات بحضور مساعد الكمسارى. لان هذا الارتباط العارض الذى يحتمه منطق اتصال عمليتى التسليم والتسلم فى ناحية وحيدة من نواحى الاختصاصات المتقابلة لا يتحقق به بداهة شرط التماثل المطلوب بين عمل الوظيفة السابق، واختصاص وظيفة المدعى بالدرجة الثامنة اللاحق ولا شبهة فى ان الارتباط الحاصل فى مجال تنفيذ بعض الاختصاصات لا يستتبع قيام المماثلة بين وظيفتى مساعد الكمسارى ومساعد المخزنجى.
وهذا النظر القويم هو الذى قامت عليه فعلا القاعدة التنظيمية التى ارستها لجنة شئون الموظفين بالهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بجلستيها المنعقدتين فى 31 من اكتوبر سنة 1953، 21 من فبراير سنة 1954 فى شأن تطبيق مفهوم المماثلة على وظائف قسم الحركة على هدى الغرض الذى توخاه قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من اغسطس سنة 1951، فقد قطعت هذه القاعدة المشار اليها بانتهاء المماثلة بين عملى مساعد الكمسارى ومساعد المخزنجى.
وليس ادل على انتفاء المماثلة بين اعمال الوظيفتين السابقتين مما ورد فى صحيفة دعوى المطعون عليه واكدته سائر الاوراق من انه بعد تعيينه ابتداء فى وظيفة مساعد كمسارى فى سنة 1931، ظل يتقلب فى مدارج سلكها حتى اتضحت عدم لياقته للنهوض باعباء وظيفته فى 2 من يونيه سنة 1945 فنقل على الفور الى وظيفة مساعد المخزنجى ويستفاد مما تقدم انه لو كان التماثل قائما حقا بين اختصاصات الوظيفتين ما دعت الحاجة الى تقرير لياقته لوظيفة مساعد المخزنجى واستبعاد صلاحيته لوظيفة مساعد الكمسارى التى سلخ عنها اذ هذا الامر حاسم الدلالة على ان معيار الصلاحية لكل من هاتين الوظيفتين متفاوت ولا جدال فى أن تفاوت مناط الصلاحية بالنسبة الى هاتين الوظيفتين انما نشأ عن فقدان التماثل بينهما.
وبناء على ما تقدم فان المطعون عليه بعد اذ انتفى شرط المماثلة بين عمل وظيفته السابقة ووظيفته اللاحقة كمساعد مخزنجى التى عين فيها بالدرجة الثامنة الفنية اعتبارا من 30 ابريل سنة 1950 لا يكون على حق فى المطالبة بالافادة من قرار مجس الوزراء الصادر فى 17 من أغسطس سنة 1953 الذى يقضى بأن "تعتبر أقدمية موظفى الدرجة الثامنة الفنية الحاليين من ذوى المؤهلات الدراسية التى تجيز التعيين فى هذه الدرجة وغير ذوى المؤهلات بعد مضى سبع سنوات من تاريخ تعيينهم فى وظائف خارج الهيئة أو باليومية أو مكافاة أو بمربوط ثابت أو على درجة تاسعة اذا كانت مدة العمل بها غير منقطعة، وكانت أعمالهم مماثلة لاعمال وظائفهم بالدرجة الثامنة الفنية".


اجراءات الطعن

بتاريخ 12 من يوليو سنة 1959 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1091 لسنة 5 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية بجلسة 13 من مايو سنة 1959 فى الدعوى رقم 460 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ على على الحوشى ضد الهيئة العامة للسكك الحديدية والقاضى: بأحقية المدعى فى اعتباره فى الدرجة الثامنة الفنية بعد مضى سبع سنوات من تاريخ تعيينه طبقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 17 من اغسطس سنة 1953، والزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات وبان تدفع للمدعى مبلغ مائتى قرش مقابل اتعاب المحاماة وطلب السيد رئيس ادارة القضايا للاسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه" قبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع الزامه المصروفات والاتعاب عن الدرجتين". وقد أعلن هذا الطعن الى المطعون عليه فى 18 من يوليه سنة 1959. وقد ابلغ الخصوم بجلسة 6 من نوفمبر سنة 1960 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى أحالته الى المحكمة الادارية العليا. وبعد ان تداول نظر الطعن أمام هذه المحكمة فى عدة جلسات حددت له أخيرا للمرافعة جلسة 11 من مارس سنة 1962، وفى هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشان على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم ارجأت النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى اوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 460 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة الادارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة فى 26 من يولية سنة 1958، وطلب فيها الحكم له بأحقيته فى اعتباره فى الدرجة الثامنة الفنية من تاريخ انقضاء سبع سنوات من تاريخ تعيينه تطبيقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من أغسطس سنة 1953 مع الزام الحكومة بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة، وقال بيانا لدعواه انه التحق فى عام سنة 1931 بمصلحة السكك الحديدية فى وظيفة "مساعد كمسارى" وظل يتدرج فى سلك اليومية والخدمة الخارجين عن الهيئة فى سلك "مساعدى الكمسارية" وبمناسبة اتضاح عدم لياقته للخدمة مع لياقته لوظيفة أخرى نقل من سلك الكمسارية الى سلك المخزنجية وظل يتدرج فى هذا السلك الاخير حتى رقى الى الدرجة الخامسة الفنية المخصصة لمخزنجى خامسة، وبجلسة 17 من اغسطس سنة 1953 صدر قرار مجلس الوزراء يقضى برد أقدمية موظفى الدرجة الثامنة الفنية ممن لهم مدة خدمة سابقة باليومية أو خارج الهيئة واعتبارهم فى هذه الدرجة بعد مضى سبع سنوات من تاريخ التعيين، وقال انه طالب بالافادة من هذا القرار وتطبيق احكامه على حالته، وكانت المصلحة المدعى عليها امتنعت عن ذلك بحجة ان العمل فى الوظيفة غير متماثل وبذلك فصلت فى عدم امكانه الافادة من قرار مجلس الوزراء المشار اليه. واستطرد المدعى الى انه من الثابت أن اعمال مساعدى الكمسارية تنحصر فى استلام وتسليم البضائع للمحطات من العربات المكشوفة أو المفتوحة وعدد طرودها وملاحظة أختام العربات التى فى عهدته ودرج كل الرسائل فى الدفتر الخاص وتسليم البريد المصلحى الى المحطات وتسلمه منها وتدوين أوقات سير القطارات فى الجدول وبيان اسباب التأخير، ومن الواضح كذلك ان اعمال مساعدى المخزن تنحصر فى تسلم البضائع من الجمهور ووزنها وتقدير أجرتها وشحن البضائع وختم العربات وتسليم البضائع الى الكمسارية وفتح العربات فى محطات الوصول ومراجعة محتواها وتسليمها بعد تفريغها للجمهور ويبين من ذلك مدى التماثل بين عمل الوظيفتين، وأضاف الى ما تقدم ان مراجعة المنشور الدورى المصلحى رقم 11 يستفاد منها أن اختصاص مساعد الكمسارى يتناول تبسيط الاجراءات لسرعة تسوية مطالبات التجار والجمهور عن البضائع الفاقدة أو التالفة مع اشتراكه مع المخزنجى فى المسئولية عن تنفيذ عقد النقل كما أن مساعد الكمسارى قد يتولى الاشراف على عمل المخزنجى طبقا لاحكام المنشور المشار اليه، فى شحن البضائع وختم العربات فضلا عن أن فتح وتسليم محتويات العربات يكون بحضور مساعد الكمسارى وهذه الاهمية تجعل عمل الكمسارى متماثلا مع المخزنجى وقد تأيد هذا الرأى بحكمين أحدهما صدر من المحكمة الادارية لوزارة المواصلات بجلسة 22 من يناير سنة 1955 فى القضية رقم 8 لسنة 1 القضائية، وصدر الثانى من محكمة القضاء الادارى بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1957 فى الدعوى رقم 1744 لسنة 3 القضائية وقد ردت الجهة الادارية على الدعوى بأن قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من اغسطس سنة 1953 يتطلب تماثل العملين السابق واللاحق تماثلا كاملا لا مجرد اتفاقهما فى الطبيعة كما كانت تقضى بذلك قرارا مجلس الوزراء الصادرين فى 30 من يناير سنة 1944، 11 من مايو سنة 1947 لحساب مدة الخدمة السابقة فى الاقدمية وتحديد الماهية، وقالت أن أعمال مساعدى الكسمارية تختلف عن أعمال المخزنجية أو التذكرجية اختلافا بينا ولا أدل على هذا من ان لجنة شئون الموظفين بادارة الحركة بمصلحة السكك الحديدية عندما أردات تطبيق هذا القرار على طوائف عمال ومستخدمى البلوك والمناورة والمخزنجية والتذكرجية والكمسارية وضعت فى جلستيها المنعقدتين فى 31 من اكتوبر سنة 1953، 21 من فبراير سنة 1954 القواعد الاتية: -
ا - بالنسبة لطوائف المخزنجية والتذكرجية يعتبر العمل المماثل لعمل المخزنجى والتذكرجى من بدء التعيين فى وظيفة تلميذ بضائع أو مساعد مخزن.
ب - بالنسبة لطائفة الكمسارية يعتبر العمل المماثل لعمل الكمسارى من بدء التعيين عامل باب أو مساعد كمسارى.
جـ - بالنسبة لطوائف البلوك والمناورة يعتبر العمل المماثل لعمل ملاحظ البلوك والمناورة من بدء التعيين فى وظيفة محولجى.
وقد وافقت لجنة شئون الموظفين العليا للهيئة بجلستها المنعقدة فى 22 من ابريل سنة 1954 على هذه الاقتراحات. وبجلسة 13 من مايو سنة 1959 حكمت المحكمة الادارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية "بأحقية المدعى فى اعتباره فى الدرجة الثامنة الفنية بعد مضى سبع سنوات من تاريخ تعيينه طبقا لاحكام قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 17 من أغسطس سنة 1953 وألزمت المدعى عليها المصروفات وبأن تدفع للمدعى مبلغ مائتى قرش مقابل اتعاب المحاماة"، وأقامت قضاءها على أن عمل مساعد الكمسارى وان كان لا يطابق تماما عمل المخزنجى الا أنه ينطوى فى الواقع على نحو التوافق والتماثل بل أن عمل مساعدى الكمسارى ينطوى أيضا على اشتراكه فى المسئولية مع المخزنجية فى تنفيذ عقد النقل كما أنه قد يتولى بالاضافة الى ذلك الاشراف على المخزنجية فى شحن البضائع وختم العربات فضلا عن أن فتح وتسليم محتويات هذه العربات يتم بحضور مساعد الكمسارى ومثل هذه المراقبة لا تعدو أن تكون من صميم أعمال المخزنجية ما لم تكن أهم وأشمل وأن هذه الاهمية وهذا الشمول يجعلان عمل الكمسارى متماثلا مع عمل المخزنجى.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ان شرط التماثل غير متحقق بين عمل الكمسارى والمخزنجى وذلك فى صدد القواعد التى جرت عليها المصلحة عند تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من اغسطس سنة 1953 على عمال الحركة بمصلحة السكك الحديدية ولا جدال فى ان التماثل بحسب مفهوم قرار مجلس الوزراء المشار اليه لا يعنى اتحاد طبيعة العمل وهو النطاق الذى اشترطه قرارا مجلس الوزراء الصادرين بتاريخى 30 من يناير سنة 1944، 11 من مايو سنة 1947 فى شأن ضم مدد الخدمة السابقة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى على خلاف ذلك، قد خالف القانون.
ومن حيث انه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الاوراق ان المطعون عليه قد التحق بخدمة الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية فى وظيفة مساعد كمسارى بتاريخ 26 من ابريل سنة 1931 وظل يتدرج فى سلك اليومية والخدمة الخارجين عن الهيئة فى سلك مساعدى الكمسارية حتى صدر فى 23 من يونيه سنة 1954 الامر الادارى رقم 245/ 805/ 6 مستخدمين بترقية لفيف من زملاء المطعون عليه الى الدرجة الخصوصية (42/ 66) جنيه خارج الهيئة المخصصة لوظيفة مساعد كمسارى درجة أولى مع تخطى المطعون عليه لعدم لياقته لوظيفة مساعد كمسارى، وعلى أثر ذلك نقل الى وظيفة مساعد مخزن بذات درجته وراتبه وظل يتدرج بعد ذلك فى سلك المخزنجية حتى نال وظيفة مخزنجى ثالثة فى الدرجة الثامنة الفنية اعتبارا من 30 من ابريل سنة 1950. وبعد صدور قرار مجلس الوزراء فى 17 من أغسطس سنة 1953 باعتبار اقدمية موظفى الدرجة الثامنة الفنية الموجودين عند صدور هذا القرار بعد مضى سبع سنوات من تاريخ تعيينهم فى وظائف خارج الهيئة اذا كانت مدة العمل لها غير منقطعة وكانت أعمالهم فى تلك الوظائف مماثلة لاعمال وظائفهم بالدرجة الثامنة أقام المطعون عليه الدعوى الحالية طالبا فيها الافادة من الحكم المشار اليه.
ومن حيث ان مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة فى 17 من اغسطس سنة 1953 قد وافق على أن "تعتبر اقدمية موظفى الدرجة الثامنة الفنية الحاليين من ذوى المؤهلات الدراسية التى لا تجيز التعيين فى هذه الدرجة وغير ذوى المؤهلات بعد مضى سبع سنوات من تاريخ تعيينهم فى وظائف خارج الهيئة أو باليومية أو مكافاة أو بمربوط ثابت أو على درجة تاسعة اذا كانت مدة العمل بها غير منقطة، وكانت أعمالهم مماثلة لاعمال وظائفهم بالدرجة الثامنة الفنية".
ومن حيث ان مثار المنازعة الحاضرة هو ما اذا كان الشرط الاخير الذى اشترطه قرار مجلس الوزراء آنف الذكر للافادة من حكمه متوافرا فى حق المدعى بالنسبة الى عمله السابق على تعيينه فى وظيفة مساعد مخزنجى فى 30 من ابريل سنة 1950 وبعبارة أخرى ما اذا كان عمل وظيفة مساعد الكمسارى التى كان يمارسها مماثلا لعمل وظيفته بالدرجة الثامنة الفنية كمساعد مخزنجى أم أن العملين غير متماثلين.
ومن حيث انه يستفاد من الاوراق أن الاختصاصات الموكولة الى مساعد الكمسارى تنحصر فى تسلم وتسليم البضائع لموظفى المحطة بعد تفريغها واحصاء عددها ومراقبة سلامة أختام العربات وادراج كافة الرسائل فى دفتر خاص، وترحيل البريد المصلحى من والى المحطات المختلفة وتدوين أوقات سير القطارات فى الجدول وبيان التأخير واعطاء اشارة القيام للسائق بعد تبادل اشارة اليد مع الكمسارى، أما عمل المخزنجى ومساعده فيتناول تسلم البضائع من الجمهور وزنها وتقدير أجور نقلها وتسليم بوالص شحنها واجراء ختم العربات وتسليم عهدتها الى الكمسارى وفتح العربات فى محطة الوصول ومراجعة محتواها ثم تسليمه بعد تفريغه الى ذوى الشأن وجرد الايراد المحصل من أجور نقل البضائع ثم ضمان ارسال هذا الايراد الى الخزانة أو البنك.
ومن حيث انه يتضح من مقارنة اختصاصات كل من هاتين الوظيفتين أن عمل مساعد الكمسارى يختلف اختلافا بينا عن عمل مساعد المخزنجى ولا يقدح فى هذا التفاوت الواضح أن يقوم بينهما اتصال أسباب فى ناحية من نواحى اختصاصاتهما المتباينة، وهى ناحية تسليم أو تسلم مساعد المخزنجى لمحتوى العربات بحضور مساعد الكمسارى. لان هذا الارتباط العارض الذى يحتمه منطق اتصال عملتى التسليم والتسلم فى ناحية وحيدة من نواحى الاختصاصات المتقابلة لا يتحقق به بداهة شرط التماثل المطلوب بين عمل الوظيفة السابق، واختصاص وظيفة المدعى بالدرجة الثامنة اللاحق ولا شبهة فى ان الارتباط الحاصل فى مجال تنفيذ، بعض الاختصاصات لا يستتبع قيام المماثلة بين وظيفتى مساعد الكمسارى ومساعد المخزنجى.
ومن حيث ان هذا النظر القويم هو الذى قامت عليه فعلا القاعدة التنظيمية التى أرستها لجنة شئون موظفى الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بجلستيها المنعقدتين فى 31 من اكتوبر سنة 1953، 21 من فبراير سنة 1954 فى شأن تطبيق مفهوم المماثلة على وظائف قسم الحركة على هدى الغرض الذى توخاه قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من اغسطس سنة 1953، فقد قطعت هذه القاعدة المشار اليها بانتفاء المماثلة بين عملى مساعد الكمسارى ومساعد المخزنجى.
ومن حيث انه ليس أدل على انتفاء المماثلة بين اعمال الوظيفتين السابقتين مما ورد فى صحيفة دعوى المطعون عليه وأكدته سائر الاوراق من انه بعد تعيينه ابتداء فى وظيفة مساعد كمسارى فى عام 1931 ظل يتقلب فى مدارج سلكها حتى اتضحت عدم لياقته للنهوض بأعباء وظيفته فى 23 من يونيه سنة 1945 فنقل على الفور الى وظيفة مساعد المخزنجى، ويستفاد مما تقدم أنه لو كان التماثل قائما حقا بين اختصاصات الوظيفتين ما دعت الحاجة الى تقرير لياقته لوظيفة مساعد المخزنجى واستبعاد صلاحيته لوظيفة مساعد الكمسارى التى سلخ عنها اذ هذا الامر حاسم الدلالة على ان معيار الصلاحية لكل من هاتين الوظيفتين متفاوت أشد التفاوت، ولا جدال فى ان تفاوت مناط الصلاحية بالنسبة الى هاتين الوظيفتين انما نشأ عن فقدان التماثل بينهما.
ومن حيث ان المطعون عليه بعد اذ انتفى شرط المماثلة بين عمل وظيفته السابقة ووظيفته اللاحقة كمساعد مخزنجى التى عين فيها بالدرجة الثامنة الفنية اعتبارا من 30 من ابريل سنة 1950 لا يكون على حق فى المطالبة بالافادة من قرار مجلس الوزراء الصادر فى 17 من اغسطس سنة 1953 بمقولة ان العمل السباق قد أكسبه خبرة فى العمل اللاحق، ويكون الحكم المطعون فيه اذ ذهب الى غير هذا المذهب قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه ويتعين من اجل ذلك الغاؤه، والقضاء برفض الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، والزمت المدعى بالمصروفات.