مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ
القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962 الى آخر سبتمبر سنة 1962) - صـ
1054
(98)
جلسة 10 من نوفمبر سنة 1962
برئاسة السيد/ عبد العزيز الببلاوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار وعزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدى المستشاريين.
القضية رقم 914 لسنة 6 القضائية
موظف - اقدميته فى الدرجة - تحديدها - اختلافه بالنسبة لقرار الترقية
عنه بالنسبة لقرار التعيين الاول - تأكيد ذلك من تقصى مفهوم نص المادة 25 من القانون
رقم 210 لسنة 1951، اذ لا ارتباط أو تلازم بين فقرتيها - عدم انطباق الفقرة (ب) من
هذه المادة فى تحديديها لاقدمية المعينين لاول مرة فى درجة واحدة بأثر رجعى على مركز
قانونى نشأ قبل العمل بهذا القانون - تلاقى تطبيق القواعد التنظيمية السارية قبل العمل
بهذا القانون سواء بالنسبة لتحديد أقدمية المعينين لاول مرة أو المرقين مع مؤدى التطبيق
الدقيق للفقرة ( أ ) من المادة 25 سالفة الذكر - اساس ذلك.
تنص المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة على أن "تعتبر
الاقدمية فى الدرجة من تاريخ التعيين فيها فاذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهورى أو قرار
على تعيين أكثر من موظف فى درجة واحدة اعتبرت الاقدمية كما يلى: ( أ ) اذا كان التعيين
متضمنا ترقية اعتبرت الاقدمية على أساس الاقدمية فى الدرجة السابقة (ب) اذا كان التعيين
لاول مرة اعتبرت الاقدمية بين المعينين على أساس المؤهل ثم الاقدمية فى التخرج فان
تساويا تقدم الاكبر سنا، وذلك مع عدم الاخلال بالقواعد التى تقررها اللائحة التنفيذية
فى شأن الامتحان".
وتقصى مفهوم هذا النص المحكم يؤكد ان ما رمى اليه المشرع من تحديد الاقدمية فى الدرجة
الواحدة يختلف فى نطاق قرار الترقية عما رسمه بالنسبة لقرار التعيين الاول اذا اجتمع
فى كل من القرارين أكثر من موظف فى درجة واحدة وهذا التمييز الجلى كاف وحده فى تفنيد
القول بأن فقرتى المادة 25 من قانون موظفى الدولة متكاملتان فى التطبيق ومرتبطتان أحدهما
بالاخرى أوثق ارتباط، ذلك أن هذا الارتباط المزعوم ان كان يراد به الاقتران أو التلازم
النظرى فى ذاته ينقصه أن الحكم الذى أرساه المشرع بشأن تحديد الاقدمية فى حال اجتماع
أكثر من موظف فى قرار الترقية غير الذى قرره فى حال اجتماع الموظفين فى قرار التعيين
الاول، أما ان كان يراد به معنى الارتباط أو التلازم الواقعى على اعتبار أن هاتين الفقرتين
لا بد منطبقتان على واقع الدعوى كل فى خصوص الناحية التى عالجتها فان هذا مردو بأن
الفقرة (ب) من المادة 25 المشار اليها قد يستغنى عن تطبيقها كلية، اذا كان قرار الترقية
الاخير مسبوقا بقرار ترقية صادر بعد قرار التعيين الاول وكان واضحا من قرار الترقية
هذه ترتيب خاص للاقدمية ينحسم به أمر الاقدمية فى الدرجة الاخيرة طبقا لما رسمته الفقرة
(2) من المادة 25 سالفة الذكر، ومدفوع كذلك بأن الفقرة (ب) من المادة 25 من قانون موظفى
الدولة فى تحديدها لاقدمية المعينين لاول مرة فى درجة واحدة لا ينبغى تطبيقها بأثر
رجعى على مركز قانونى أو وضع ذاتى نشأ للمطعون عليه أو لزميليه قبل العمل بقانون موظفى
الدولة، وانما الذى يتعين تطبيقه هو القواعد التنظيمية العامة التى كانت من قبل سارية
ومحددة لاقدمية المعينين أو المرقين على نحو من الانحاء لانهم فى ظل تلك القواعد قد
كسبوا حقوقا ذاتية واستقرت لهم أقدميات لا محل لزعزعتها كلما صدر قانون جديد يعدل فى
كيفية تحديدها ما دام الشارع لم يرد صراحة مد سلطان قانونه الجديد على أقدميات استقرت
لذويها فى قرارات التعيين أو الترقية الصادرة قبل العمل به.
وفضلا عما تقدم فان أعمال القواعد التى كانت تنظم - قبل العمل بقانون موظفى الدولة
- تحديد الاقدمية بين الموظفين المعينين أو المرقين بقرار واحد يفضى الى ذات النتائج
السابقة ويتلاقى مع مؤدى التطبيق الدقيق للفقرة ( أ ) من المادة 25 من القانون المذكور،
ذلك أنه يستفاد من كتاب المالية الدورى رقم 234 - 1 - 205 المؤرخ 24 من يونية سنة 1941
انه كان يعول فى حساب أقدمية الموظفين على "تاريخ حصولهم على درجاتهم الحالية، فاذا
ما اتحدت تواريخ الترقية يرجع الى تاريخ منحهم الدرجة السابقة وهكذا الى تاريخ الالتحاق
بالخدمة سواء أكان هذا الالتحاق فى الاصل باليومية أم فى كادر الخدمة السايرة بشرط
ان تكون مدة الخدمة كلها متصلة وفى حالة التساوى يعتبر الاقدم الارقى فى المؤهلات الدارسية
وفى حالة التساوى يعتبر الاكبر سنا هو الاقدم".
اجراءات الطعن
بتاريخ 29 من فبراير سنة 1960 أودع السيد رئيس ادارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 914 لسنة 6 القضائية فى الحكم الصادر فى محكمة القضاء الادارى بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1959 فى الدعوى رقم 3545 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد/ الدكتور ابراهيم فوزى عبد الحليم ضد وزرة الزراعة والقاضى "بالغاء القرار رقم 587 لسنة 1955 بتاريخ 23 من يناير سنة 1955 فيما تضمنه من وضع المدعى فى ترتيب الاقدمية فى الدرجة الثالثة بعد محمد كامل عبد القادر وعزمى نجيب وأحقيته فى أن يكون سابقا عليهما فى الترتيب مع ما يترتب على ذلك من آثار والزمت الوزارة المصروفات". وطلب السيد رئيس ادارة القضايا للاسباب التى استند عليها فى صحيفة طعنه "قبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع الزامه بالمصروفات والاتعاب" وقد أعلن المطعون ضده فى 31 من مارس سنة 1960، وفى 24 من ابريل سنة 1961 أبلغ الخصوم بجلسة 7 من مايو سنة 1961 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى احالته الى المحكمة الادارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 8 من ابريل سنة 1962 وفى هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجات النطق بالحكم فى الطعن الى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون
عليه السيد/ الدكتور ابراهيم فوزى عبد الحليم أقام الدعوى رقم 337 لسنة 2 القضائية
ضد وزارة الزراعة أمام المحكمة الادارية لوزارة الزراعة بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة
المذكورة فى 13 من مارس سنة 1955 وطلب فيها تصحيح أقدميته فى الدرجة الثالثة بجعلها
قبل أقدمية السيدين/ الدكتور عزمى نجيب ومحمد كامل عبد القادر وقال بيانا لدعواه بأنه
التحق بخدمة الوزارة فى 4 من نوفمبر سنة 1933 فى ضمن خريجى دفعات 1930، 1931، 1932،
1933 بالدرجة السابعة الفنية، ثم نقل الى الدرجة السادسة اعتبارا من أول ديسمبر سنة
1936 حسب ترتيب كشف الاقدمية لهذه الدفعة طبقا لقرار وزارة الزراعة رقم 476 المؤرخ
فى 19 من ديسمبر سنة 1936 الذى روعى فيه ترتيب سنى التخرج سنة 1932، ثم سنة 1933. وأعقب
ذلك ترقية زملائه بقرارات وزارية لاحقة كالقرار الوزارى رقم 347 المؤرخ 20 من اكتوبر
سنة 1938 بترقية السيد/ الدكتور محمد كامل عبد القادر، ثم صدر بعد ذلك قرار مجلس الوزارء
فى 30 من يناير سنة 1944 بانصاف بعض طوائف الموظفين وبمقتضاه أصبح الموظف الذى شمله
الانصاف معتبرا فى الدرجة السادسة من بدء التعيين أى منذ 4 من نوفمبر سنة 1933، وبناء
على ذلك صدر أمر الوزراء رقم 220 فى 17 من يولية سنة 1944 بتعديل أقدمية الجامعيين
وحملة المؤهلات العالية بالدرجة السادسة وكان ترتيب أقدميته فى هذا التعديل سابقا على
الدكتور بن عزمى نجيب ومحمد كامل عبد القادر. ثم تمت ترقيته وترقيتهما معا الى الدرجات
الخامسة ثم الرابعة ثم الثالثة التى تمت اعتبارا من 17 من يناير سنة 1955. وقال انه
وجد ترتيب أقدميته فى الترقية الاخيرة لاحقا وليس سابقا على الزميلين المشار اليهما
وقد بادر الى التقدم بالتظلم الى وزارة الزراعة ملتمسا تصحيح أقدميته بالدرجة الثالثة
(الحالية) بجعله متقدما على زميليه، ولكن الوزارة ردت فى 12 الجارى بأنه "بالنظر الى
صغر سنه على زميليه المشار اليهما ينبغى ان تكون أقدميته لاحقة وليست سابقة عليهما
وذلك طبقا لكتاب المالية الدورى رقم ف 234 - 1/ 205 المؤرخ ابريل سنة 1941 وعقب على
هذا الرد بأن جميع القوانين واللوائح المطبقة على موظفى جميع الوزارات، والتى آخرها
وأحدثها المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تعتبر الاقدمية بين المعينين فى يوم
واحد على أساس المؤهل ثم الاقدمية فى التخرج فان تساويا يقدم الاكبر سنا ولذلك فان
من حقه أن تكون أقدميته فى الدرجة الثالثة - التى حصل الجميع عليها فى 17 من يناير
سنة 1955 - سابقة على أقدمية زميليه المذكورين لانه خريج سنة 1932 وهما من خريجى سنة
1933 وليس أدل على صحة ما يقول من أنهم جميعا الحقوا بالخدمة فى 4 من نوفمبر سنة 1933
وانه رقى وحده الى الدرجة السادسة قبل زميليه فى سنة 1936، ثم صدر بعد ذلك قرار مجلس
الوزراء فى 30 من يناير سنة 1944 بالانصاف وترتب عليه صدور أمر الوزارة رقم 22 فى 17
من يولية سنة 1944 بتعديل أقدمية الموظفين المؤهلين طبقا لقواعد الانصاف وكانت أقدميته
أو بمعنى أدق كان ترتيبه فى أقدمية موظفى الدرجة السادسة الحادى عشر وترتيب الدكتور
عزمى نجيب الثانى عشر والدكتور محمد كامل عبد القادر التاسع عشر وختم عريضة دعواه بطلب
الحكم له بوضعه فى كشف أقدمية الدرجة الثالثة (الحالية) منذ 17 من يناير سنة 1955 قبل
زميليه المذكورين تطبيقا للقواعد القانونية السليمة ووضعا للامر فى نصابه. وقد ردت
الجهة الادارية بأن ابراهيم فوزى عبد الحليم المدعى هو أصغر سنا من زميله وأنهم جميعا
حصلوا على الدرجة السادسة اعتبارا من 4 من نوفمبر سنة 1933، كما أنه نال دبلوم الطلب
فى سنة 1932 فى حين ناله زميلاه فى سنة 1933، وأن كتاب المالية الدورى رقم ف 234 -
1/ 205 المؤرخ فى ابريل سنة 1941 كان ينص على أن تحسب أقدمية الموظفين والمستخدمين
من تاريخ حصولهم على درجاتهم سواء كان هذا الالتحاق فى الاصل باليومية أو فى كادر الخدمة
السايرة بشرط أن تكون مدة الخدمة كلها متصلة وفى حالة التساوى يعتبر الاقدم الارقى
فى المؤهلات الدراسية وفى حالة التساوى يعتبر الاكبر سنا هو الاقدم، ولما كان ثلاثتهم
متساوون فى تواريخ التوقيات، وفى تاريخ الالتحاق بالخدمة وفى المؤهلات فيعتبر الاكبر
سنا هو الاقدم، ومن البيان السالف يتضح ان المدعى هو الاصغر سنا أما ما يشير اليه المدعى
فى تطبيق المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فمردود بأن هذه المادة لا تطبق الا
على من يعين أثناء سريان قانون التوظف آنف الذكر. يضاف الى ما تقدم ان التعليمات لا
تجيز الرجوع بأقدمية الموظف الى تاريخ سابق. وبمناسبة صدور القانون رقم 165 لسنة 1955
بتنظيم مجلس الدولة أحيلت الدعوى بحالتها الى محكمة القضاء الادارى للاختصاص نظرا لان
المدعى من عداد موظفى الكادر العالى وذلك بالتطبيق للمواد 7 و13 و 73 من هذا القانون
وقيدت الدعوى بجدول محكمة القضاء الادارى تحت رقم 914 لسنة 6 القضائية وبعد تداول نظر
الدعوى خلال عدة جلسات حكمت محكمة القضاء الادارى بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1959 "بالغاء
القرار رقم 587 لسنة 1955 بتاريخ 23 من يناير سنة 1955 فيما تضمنه من وضع المدعى فى
ترتيب الاقدمية فى الدرجة الثالثة بعد محمد كامل عبد القادر وعزمى نجيب وأحقيته فى
ان يكون سابقا عليهما فى الترتيب مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات"
وأسست قضاءها على " ان كتاب المالية الدورى رقم ف 234 - 1/ 205 المؤرخ فى ابريل سنة
1941 نص على أن تحسب أقدمية الموظفين والمستخدمين من تاريخ حصولهم على درجاتهم سواء
كان هذا الالتحاق فى الاصل باليومية أو فى كادر الخدمة السايرة بشرط أن تكون مدة الخدمة
كلها متصلة وفى حالة التساوى يعتبر الاقدم الارقى فى المؤهلات الدراسية وفى حالة التساوى
يعتبر الاكبر سنا هو الاقدم، ونظرا لان المدعى والمطعون عليهما متساوون فى تاريخ الترقيات
وتواريخ الالتحاق بالخدمة والمؤهلات فيعتبر الاكبر سنا هو الاقدم ولذلك فقد وضع المطعون
عليهما قبل المدعى باعتبارهما الاكبر منه سنا" وعلى أن "القرار المطعون فيه صدر فى
سنة 1955 أى فى ظل القواعد والاحكام التى قررها قانون نظام موظفى الدولة تلك القواعد
التى تنظم تعيين الموظفين وترقياتهم، ومن ثم فان القانون المذكور هو الواجب التطبيق
على المدعى والمطعون عليهما، ولما كانت المادة 25 من القانون المشار اليه تنص على ان
"تعتبر الاقدمية فى الدرجة من تاريخ التعيين فيها، فاذا اشتمل مرسوم أو قرار جمهورى
أو قرار على تعيين أكثر من موظف فى درجة واحدة اعتبرت الاقدمية كما يلى: ( أ ) اذا
كان التعين متضمنا ترقية اعتبرت الاقدمية على أساس الاقدمية فى الدرجة السابقة (ب)
اذا كان التعيين لاول مرة اعتبرت الاقدمية بين المعينين على اساس المؤهل ثم الاقدمية
فى التخرج فان تساويا تقدم الاكبر سنا."
ولما كان شطرا المادة المذكورة مرتبط احدهما بالآخر فانه يتعين انزال حكم القانون على
حالة المدعى والمطعون فى ترقيتهما وعلى "ان المدعى يسبق المطعون عليهما فى تاريخ التخرج،
اذ أنه تخرج فى عام 1932 بينما تخرج الطعون عليهما فى سنة 1933، فمن ثم وبناء على هذا
الوضع يكون المدعى على حق فى طلب تعديل اقدميته بحيث يكون سابقا على المطعون عليهما
فى القرار الصادر فى بترقيتهم الى الدرجة الثالثة وهو ما يتعين الحكم به للمدعى.
ومن حيث ان الطعن يقوم على ان "كتاب المالية الدورى رقم ف 234 1/ 205 المؤرخ فى ابريل
سنة 1941 يقضى باحتساب أقدمية الموظف من تاريخ حصوله على الدرجة وفى حالة التساوى يعتبر
الارقى فى المؤهلات أقدم وفى حالة التساوى يعتبر الاكبر سنا هو الاقدم. ولما كان المطعون
ضده والمطعون عليهما من جانبهما قد عينوا جمعيا فى تاريخ واحد ورقوا الى الدرجات العليا
فى تاريخ واحد ثم انهم تساووا فى المؤهلات مع كون المطعون ضده أصغرهم سنا فان الجهة
الادارية تكون على حق فى وضعه فى الاقدمية تاليا لهما طبقا لاحكام الكتاب آنف الذكر"
كما بنى على ان "اقدمية المطعون ضده قد استقرت بعد زميليه فى قرارات الترقية السابقة
على قرار ترقيته الى الدرجة الثالثة فى خلال عام 1955 وذلك طبقا لاحكام كتاب المالية
الدورى المشار اليه، ومن ثم فلا محل لزعزعة المراكز القانونية وفقا للقوانين السائدة
وقتذاك، ولا محل لتعقب الاقدميات كلما صدر قانون جديد يعدل فى نظام تحديدها، اذ أن
هذا يؤدى الى قلقة المراكز القانونية المكتسبة وفقا للاوامر والقواعد السارية وقت تحديدها".
ومن حيث انه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الاوراق ان المطعون عليه السيد/ الدكتور
ابراهيم فوزى عبد الحليم حصل على دبلوم الطلب البيطرى فى مايو سنة 1932 فى حين ان زميليه
السيدين الدكتورين محمد كامل عبد القادر وعزمى نجيب حصلا عليه فى مايو سنة 1933 وقد
ألحق الجميع بعد ذلك بخدمة وزارة الزراعة فى 4 من نوفمبر سنة 1933 وعندما صدر قرار
مجلس الوزراء الخاص بالانصاف طبق عليهم وأرجعت أقدمياتهم فى الدرجة السادسة الى 4 من
نوفمبر سنة 1933 وذلك بموجب القرار رقم 220 الصادر من وزير الزراعة فى 17 من يولية
سنة 1944 وفى 26 من أغسطس سنة 1947 صدر القرار الوزارى رقم 400 بمنحهم الدرجة الخامسة
اعتبارا من أول مايو سنة 1946 طبقا لقواعد التنسيق وتبين من ترتيب الاسماء فى هذا القرار
ان الدكتور محمد كامل عبد القادر كان متقدما فى الترتيب على الدكتور عزمى نجيب وان
كليهما سابق على المطعون عليه السيد/ الدكتور ابراهيم فوزى عبد الحليم فى ترتيب المرقين،
ثم صدر بعد ذلك القرار الوزارى رقم 844 فى 14 من سبتمبر سنة 1950 بترقية المدعى والمطعون
فيهما الى الدرجة الرابعة اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1950 وتبين من مراجعة ترتيب المرقين
بهذا القرار ان المطعون عليه (المدعى) الدكتور ابراهيم فوزى عبد الحليم كان يلى كلا
من الدكتورين محمد كامل عبد القادر وعزمى نجيب كما يتضح من مراجعة القرار الصادر من
اللجنة القضائية لوزارة الزراعة فى 4 من يوليو سنة 1953 فى التظلم رقم 1425 لسنة 1
القضائية المقدم من السيد/ الدكتور ابراهيم فوزى عبد الحليم بشأن تعديل ترتيبه فى كشف
أقدمية المرقين الى الدرجة الرابعة اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1950 بحيث يتقدم على
الدكتورين محمد كامل عبد القادر ونجيب عزمى وقد صدر قرار اللجنة القضائية فى هذه الدعوى
بعدم قبول التظلم لرفعة بعد الميعاد استنادا الى ما استظرته اللجنة القضائية من ان
المطعون عليه (المدعى) علم بترتيب الاقدمية المتوخى فى قرار 14 من سبتمبر سنة 1950
فى أواخر نوفمبر سنة 1951 وانه تظلم من هذا الترتيب الى الادارة فى 28 من يناير سنة
1952 وانه لم يحرك بعد ذلك ساكنا حتى ردت عليه الوزارة فى 17 من يناير سنة 1953 برفض
تظلمه فرفع عند ذلك ظلامته (دعواه) الى اللجنة القضائية فى 19 من مارس سنة 1953 وخلصت
اللجنة من ذلك الى أن التظلم مقدم بعد الميعاد ولهذا قررت بعدم قبول تظلمه لرفعه بعد
الميعاد، كما تبين أيضا انه قد صدر فى 23 من يناير سنة 1955 الامر رقم 587 بترقية المطعون
عليه (المدعى) والمطعون فى أقدمياتهما الى الدرجة الثالثة اعتبارا من 17 من يناير سنة
1955 كما يستخلص من الاطلاع على ترتيب المرقين بموجب القرار المذكور ان المطعون عليه
ورد اسمه تاليا لكل من الدكتورين محمد كامل عبد القادر وعزمى نجب وهذا الترتيب هو مثار
المنازعة فى الطعن الحالى كما اتضح من الاوراق أخيرا أن المطعون عليه الدكتور ابراهيم
فوزى عبد الحليم أصغر سنا من زميليه لكونه مولودا فى 22 من يناير سنة 1908 فى حين ولد
زميله الدكتور محمد كامل عبد القادر فى 11 من يونية سنة 1903 وولد زميله الدكتور عزمى
نجيب فى 6 من يناير سنة 1908.
ومن حيث ان المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة تنص على
أن "تعتبر الاقدمية فى الدرجة من تاريخ التعيين فيها فاذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهورى
أو قرار على تعيين أكثر من موظف فى درجة واحدة اعتبرت الاقدمية كما يلى: ( أ ) اذا
كان التعيين متضمنا ترقية أعتبرت الاقدمية على أساس الاقدمية فى الدرجة السابقة (ب)
اذا كان التعيين لاول مرة اعتبرت الاقدمية بين المعينين على أساس المؤهل ثم الاقدمية
فى التخرج فان تساويا تقدم الاكبر سنا وذلك مع عدم الاخلال بالقواعد التى تقررها اللائحة
التنفيذية فى شأن الامتحان".
ومن حيث ان تقصى مفهوم هذا النص المحكم يؤكد أن ما رمى اليه المشرع من تحديد الاقدمية
فى الدرجة الواحدة يختلف فى نطاق قرار الترقية عما رسمه بالنسبة لقرار التعيين الاول
اذا اجتمع فى كل من القرارين أكثر من موظف فى درجة واحدة وهذا التمييز الجلى كاف وحده
فى تنفيد القول بأن فقرتى المادة 25 من قانون موظفى الدولة متكاملتان فى التطبيق ومرتبطتان
احداهما بالاخرى أوثق ارتباط، ذلك أن هذا الارتباط المزعوم ان كان يراد به الاقتران
أو التلازم النظرى فى ذاته بنقصه ان الحكم الذى أرساه المشرع بشأن تحديد الاقدمية فى
حال اجتماع أكثر من موظف فى قرار الترقية غير الذى قرره فى حال اجتماع الموظين فى قرار
التعيين الاول، اما ان كان يراد به معنى الارتباط أو التلازم الواقعى على اعتبار ان
هاتين الفقرتين لابد منطبقتان على واقع الدعوى كل فى خصوص الناحية التى عالجتها فان
هذا مردود بأن الفقرة (ب) من المادة 25 المشار اليها قد يستغنى عن تطبيقها كلية، اذا
كان قرار الترقية الاخير مسبوقا بقرار ترقية صادر بعد قرار التعيين الاول وكان واضحا
من قرار الترقية هذه ترتيب خاص للاقدمية ينحسم به أمر الاقدمية فى الدرجة الاخيرة طبقا
لما رسمته الفقرة (2) من المادة 25 سالفة الذكر، ومدفوع كذلك بأن الفقرة (ب) من المادة
25 من قانون موظفى الدولة فى تحديدها لاقدمية المعينين لاول مرة فى درجة واحدة لا ينبغى
تطبقها بأثر رجعى على مركز قانونى أو وضع ذاتى نشأ للمطعون عليه أو لزميليه قبل العمل
بقانون موظفى الدولة، وانما الذى يتعين تطبيقه هو القواعد التنظيمية العامة التى كانت
من قبل سارية ومحددة لا قدمية المعينين أو المرقين على نحو من الانحاء لانهم فى ظل
تلك القواعد قد كسبوا حقوقا ذاتية واستقرت لهم أقديمات لا محل لزعزعتها كلما صدر قانون
جديد يعدل فى كيفية تحديدها ما دام الشارع لم يرد صراحة مد سلطان قانونه الجديد على
أقدميات استقرت لذويها فى قرارات التعيين أو الترقية الصادرة قبل العمل به.
ومن حيث انه لتحديد أقدمية المطعون عليه (المدعى) بالنسبة الى زميليه فى القرار الاخير
الصادر بترقيتهم الى الدرجة الثالثة اعتبارا من 17 من يناير سنة 1955 يتعين تطبيق الفقرة
(2) من المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة ومفاد هذه الفقرة
ان التعيين اذا تضمن ترقية للمتزاحمين اعتبرت الاقدمية على اساس الاقدمية فى الدرجة
السابقة وبانزال هذا الحكم الواضح على واقع الدعوى بالنسبة لاقدمية الدرجة الثالثة
يتعين البحث فيما اذا كان المطعون عليه (المدعى) أسبق من زميليه فى أقدمية الدرجة الرابعة
أم لم يكن كذلك.
ومن حيث انه بالرجوع الى القرار الصادر من اللجنة القضائية لوزارة الزراعة فى 4 من
يولية سنة 1953 فى التظلم الرقيم 1425 لسنة 1 القضائية والى الوقائع المسوقة فى ديباجة
هذا القرار وأسبابه يتبين ان المطعون عليه وزميليه انتظمهم قرار وزارى واحد مؤرخ 14
من سبتمبر سنة 1950 رقوا بموجبه الى الدرجة الرابعة اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1950
وكان ترتيب المطعون عليه فى القرار المذكور تاليا لزميليه ولما تظلم المطعون عليه من
هذا الوضع، ورفضت الوزارة تظلمه وأصرت على وضعه فى كشف أقدمية الدرجة الرابعة بعد زميليه
فرفع ظلامته الى اللجنة القضائية بعد الميعاد القانونى مما دعا هذه اللجنة الى أن تقرر
عدم قبول هذا التظلم لرفعه بعد الميعاد. المطعون عليه قد استقرت أقدميته فى الدرجة
الرابعة بعد زميليه بقرار تضمن ترتيبا معينا تبين من رفض التظلم الادارى المقدم فى
شأنه انه كان مقصودا كى ينتج أثره فى خصوص ترتيب الاقدمية فيما بين المرقين، فاذا كان
متعينا على المطعون عليه (المدعى) أن يطعن بالالغاء فى الترتيب الذى تضمنه قرار 14
من سبتمبر سنة 1950 فى الميعاد القانونى، أيا كان الاساس الذى بنى عليه هذا القرار
فى ترتيب الاقدمية، ولو كان مخالفا للقانون فان القرار المذكور بما انطوى عليه من دلالة
الترتيب المقصود يصبح حصينا من الالغاء بعد اذ تبين عدم الطعن فيه فى المعياد على ما
يستفاد من حجية قرار اللجنة القضائية المشار اليه، وينبنى على ما سلف لزوم اعتبار المطعون
عليه (المدعى) لاحقا فى الاقدمية لزميليه فى قرار ترقيته الى الدرجة الرابعة ومن ثم
غير مستحق لان يتقدم عليهما عند ترقيتهم بقرار واحد الى الدرجة الثالثة.
ومن حيث انه فضلا عما تقدم فان اعمال القواعد التى كانت تنظم - قبل العمل بقانون موظفى
الدولة - تحديد الاقدمية بين الموظفين المعينين أو المرقين بقرار واحد يفضى الى ذات
النتائج السابقة ويتلاقى مع مؤدى التطبيق الدقيق للفقرة ( أ ) من المادة 25 من القانون
المذكور، ذلك أنه يستفاد من كتاب المالية الدورى رقم 234 - ا/ 205 المؤرخ فى 24 من
يونية سنة 1941 انه كان يعول فى حساب أقدمية الموظفين على "تاريخ حصولهم على درجاتهم
الحالية، فاذا ما اتحدث تواريخ الترقية يرجع الى تاريخ منحهم الدرجة السابقة وهكذا
الى تاريخ الالتحاق بالخدمة سواء أكان هذا الالتحاق فى الاصل باليومية أم فى كادر الخدمة
السايرة بشرط أن تكون مدة الخدمة كلها متصلة وفى حالة التساوى يعتبر الاقدم الارقى
فى المؤهلات الدراسية، وفى حالة التساوى يعتبر الاكبر سنا هو الاقدم".
ومن حيث انه لايضاح ما تقدم ينبغى التنبيه الى أن الترقية الاولى التى شملت المطعون
عليه وزميليه فى ظل القرار التنظيمى العام سالف الذكر هى تلك التى تضمنها القرار الصادر
بترقيته هو وزميليه الى الدرجة الخامسة اعتبارا من أول مايو سنة 1946 فاذا لوحظ ان
المطعون عليه قد عين لاول مرة هو وزميلاه فى الدرجة السادسة فى تاريخ واحد هو 4 من
نوفمبر سنة 1933 وتساووا جميعا فى الحصول على ذات المؤهل الدراسى علم ان المفاضلة بينهم
فى أقديمة الدرجة الخامسة التى رقوا اليها جمعيا فى ذات التاريخ انما تنحسم على أساس
السن وحدها فالاكبر سنا هو الاقدم طبقا للقرار التنظيمى المشار اليه والاصغر سنا هو
أحدث المرقين أقدمية، وعلى ذلك يكون المطعون عليه وهو أصغر زميليه سنا هو الاحدث فى
أقدمية الدرجة الخامسة ولذلك كان ترتيب الاقدمية المراعى فى القرار الوزارى رقم 400
الصادر فى 26 من أغسطس سنة 1947 بترقية المطعون عليه وزميليه الى الدرجة الخامسة بالاقدمية
اعتبارا من أول مايو سنة 1946 متمشيا مع أحكام هذا القرار التنظيمى العام حين وضع المطعون
عليه بعد زميليه فى أقدمية تلك الدرجة، وقد استقر أمر هذا الترتيب حتى رقى الجميع الى
الدرجة الرابعة بالاقدمية اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1950 بموجب القرار الوزارى رقم
844 الصادر فى 14 من سبتمبر سنة 1950 على ما سلف البيان ولهذا القرار الذى رقى بموجبه
الموظفون الثلاثة الى الدرجة الرابعة، تجلت نية الادارة سافرة، بعد ان تبين اتجاه قصدها
الى مراعاة الاقدمية فيما بينهم على اساس ترتيبهم السابق فى أقدمية الدرجة الخامسة
التزاما منها الحكم القاعدة التنظيمية السائدة آنذاك فى شأن تحديد الاقدمية وهو الاحتكام
الى علو السن معيارا مرجحا للاقدمية عند اتحاد تاريخى الترقية والتعيين مع تجانس مستوى
المؤهل الدراسى وبذلك حددت الادارة ترتيب المدعى فى أقدمية الدرجة الرابعة بعد زميليه
قاصدة بهذا الترتيب أن ينتج آثاره فى خصوص الاسبقية بين الزملاء وعلى ذلك يتعين اعتبار
ترتيب الاقدمية الذى تضمنه قرار الترقية الى الدرجة الرابعة صحيحا من بادئ الامر والنظر
اليه على انه بحكم هذه الصحة الثابتة غير مستحق أصلا للطعن فيه بالالغاء بقطع النظر
عن عدم قبول هذا الطعن لفوات ميعاده.
ومن حيث انه ترتب على ما سلف ايراده تلاقى مؤدى تطبيق القواعد التنظيمية السابقة مع
ثمرة أعمال حكم الفقرة ( أ ) من المادة 25 من قانون موظفى الدولة على تحديد أقدمية
المطعون عليه تحديد يجعله تاليا بالضرورة لزميليه فى القرار رقم 587 الصادر بترقيتهم
جميعا الى الدرجة الثالثة فى 23 من يناير سنة 1955 واستنادا الى هذا الفهم يكون تأخير
المطعون عليه عن زميليه فى القرار الاخير قد وقع صحيحا، ومتفقا مع أحكام القانون ويكون
الحكم المطعون اذ ذهب الى غير هذا المذهب قد اخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه ويتعين
من ثم القضاء بالغائه وبرفض الدعوى مع الزام المدعى بمصروفاتها.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.