مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962 الى آخر سبتمبر سنة 1962) - صـ 1074

(100)
جلسة 16 من يونية سنة 1962

برياسة السيد/ الامام الامام الخريبى وكيل المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل اسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبى المستشارين.

القضية رقم 2511 لسنة 6 القضائية

تعهد بالتدريس - التزام الطالب بدفع المصروفات المدرسية اذا اخل بتعهده بالاستمرار فى الدراسة واشتغاله بمهنة التدريس بمدارس وزارة التربية والتعليم بعد التخرج - الرسوب المتكرر فى فرقة واحدة العائد الى عدم ملاءمة استعداده الطبيعى لنوع معين من الدارسة - اعتباره عذرا مقبولا يبرر الانقطاع عن الدارسة ويحل من الالتزام بدفع المصروفات المدرسية - مثال.
اذا كان الثابت ان المدعى عليها الاولى التحقت طالبة مستجدة بالمعهد فى العام الدراسى 1952/ 1953 فرسبت وبقيت للاعادة بالسنة الاولى فى العام الدراسى 1953/ 1954 فرسبت للمرة الثانية، ولو لم تلغ اللائحة التى كانت سارية وقتئذ لكانت قد فصلت من المعهد لرسوبها سنتين متتاليتين فى فرقة واحدة ولا ريب أن رسوبها المتكرر على هذا النحو دليل واضح على اخفاقها فى دراستها بالمعهد. وهو اخفاق ليس مرده الى تهاونها أو تكاسلها أو استخفافها أو خيبة أملها فى الالتحاق باحدى كليات الجامعة لكن مرده الى عدم ملاءمة استعدادها الطبيعى لهذا النوع من الدراسة وآية ذلك انها اذا التحقت بمدرسة الخدمة الاجتماعية أدركت النجاح فى دراستها فى تلك المدرسة حتى لقد تخرجت فيها، ومن ثم فان عذرها قائم فبعد ما أخفقت فى دراستها فى المعهد ذلك الاخفاق المبين ولت وجهها شطر درسة تتلاءم واستعداها الطبيعى، فهى لم تكن مطلقة الاختيار فى هذا الاتجاه لانها لن تجد لاستعداها الطبيعى تغييرا ولا تبديلا.
ولما تقدم تكون المدعى عليها الاولى اذ انقطعت عن الدراسة بالمعهد قد انقطعت عنها لعذر مقبول مما يحلها هى والمدعى عليه الثانى من التزامهما بدفع المصروفات المدرسية.


اجراءات الطعن

فى 21 من ابريل سنة 1960 أودعت ادارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد مدير جامعة عين شمس تقرير طعن فى الحكم الصادر بتاريخ 21 من فبراير سنة 1960 من محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 344 سنة 12 القضائية المقامة من جامعة عين شمس ضد الآنسة حميده محمد ابراهيم والسيد/ محمد ابراهيم محمد والذى يقضى بالزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا لجامعة عين شمس مبلغ 120 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 2 من يناير سنة 1958 حتى تاريخ الوفاء والمصروفات المناسبة ورفض ماعدا ذلك من الطلبات. وطلب الطاعن - للاسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الحكم بمبلغ 30 جنيها والزام المطعون ضدهما متضامنين بهذا المبلغ وفوائده القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الفوائد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقيد الطعن تحت رقم 1288 لسنة 6 القضائية وأعلن تقرير الطعن الى المطعون عليهما فى 10 من مايو سنة 1960، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25 من يونية سنة 1961 وأبلغ الطرفان بميعاد الجلسة. وتداول الطعن فى الجلسات حتى جلسة 31 من مارس سنة 1962 وكان الاستاذ محمود عيسى عبده المحامى بالوكالة عن الآنسة حميدة محمد ابراهيم محمد والسيد/ محمد ابراهيم محمد قد أودع سكرتيرية المحكمة فى 24 من اغسطس سنة 1960 تقرير طعن فى الحكم المذكور. وطلب الطاعنان للاسباب المبينة فى تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى جامعة عين شمس والزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقيد الطعن تحت رقم 2511 لسنة 6 القضائية وأعلن تقرير الطعن الى جامعة عين شمس فى 5 من سبتمبر سنة 1960 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 24 من مارس سنة 1962 وأبلغ الطرفان بميعاد الجلسة وفيها قررت الدائرة تأجيل نظر الطعن الى جلسة 31 من مارس سنة 1962 وفيها قررت الدائرة ضم الطعن 2511 لسنة 6 القضائية الى الطعن رقم 1288 لسنة 6 القضائية واحالتهما الى المحكمة العليا. وعين لنظر الطعنين أمامها جلسة 19 من مايو سنة 1962 وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع ايضاحات ذوى الشأن وبعد المداولة من حيث أنه سبق التقرير بضم الطعن رقم 2511 لسنة 6 القضائية الى الطعن رقم 1288 لسنة 6 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد.
ومن حيث ان الطعن رقم 1288 لسنة 6 القضائية قد استوفى أوضاعه الشكلية كما استوفى كذلك الطعن رقم 2511 لسنة 6 القضائية هذه الاوضاع اذ أنه وان كان الحكم المطعون فيه قد صدر فى 21 من فبراير سنة 1960 وأودع تقرير الطعن المذكور فى 24 من أغسطس سنة 1960 الا أن الطاعنين سبق أن طلبا فى 21 من ابريل سنة 1960 (أى فى خلال الستين يوما التالية لصدور الحكم) اعفاءهما من رسوم الطعن ولم يصدر القرار فى هذا الطلب بالرفض الا فى 26 من يونية سنة 1960 فيكون الطعن قد رفع فى الميعاد.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعنين - فى ان جامعة عين شمس أقامت الدعوى رقم 344 لسنة 12 القضائية ضد الآنسة حميده محمد ابراهيم والسيد/ محمد ابراهيم محمد بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الادارى بتاريخ 2 من يناير سنة 1958 بطلب الحكم بالزام المدعى عليهما متضامنين باداء مبلغ 160 جنيها مع الفوائد القانونية والمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة. وقالت الجامعة بيانا للدعوى ان المدعى عليها الاولى التحقت بمعهد التربية للمعلمات (الذى أصبح كلية البنات) التابع لها فى أول العام الدراسى 1952/ 1953 بعد أن تعهدت هى والمدعى عليه الثانى بالتضامن بأن تستمر فى الدارسة بالمعهد وان تقوم بعد اتمام الدراسة بالاشتغال بمهنة التدريس بالمدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم لمدة ثلاث سنوات التالية لحصولها على شهادة المعهد وفى حالة الاخلال بأحد هذين الالتزامين تكون ملزمة بدفع المصروفات المدرسية بمعدل 40 جنيها عن كل سنة. وقد أخلت المدعى عليها الاولى بالتزاماتها اذا انقطعت عن الدراسة دون عذر ابتداء من العام الدراسى 1955/ 1956 مما أدى الى فصلها وبذلك أصبحت ملزمة بالتضامن مع المدعى عليه الثانى بأن تدفع مبلغ 160 جنيها هو مجموع المصروفات المدرسية عن اربع سنوات. وأجاب المدعى عليهما على الدعوى بأن المدعى عليها الاولى لم تتحول عن الدراسة دون عذر وانما تحولت عنها بسبب اخفاقها اذ رسبت فى الفرقة الاولى عامين متتاليين وفصلها المعهد من عداد طالباته يوم أعلنت نتيجة امتحان الدور الثانى فى العام الجامعى 1953/ 1954، وبذلك تكون العلاقة بينها وبين المعهد قد انقطعت ولم ينص نظام المعهد على ان الفصل للرسوب عامين متتاليين يستتبع المساءلة عن مصروفات الدراسة وهى كانت ترجو بعد حصولها على الشهادة التوجيهية الالتحاق باحدى كليات الجامعة ولكن التوفيق لم يحالفها لضآلة مجموع درجاتها فى اللغات فاضطرت الى الالتحاق بمعهد التربية للمعلمات ولم يكن نوع الدراسة بالمعهد مما يتفق واستعدادها ولما رسبت بالمعهد عامين متتالين التحقت بمدرسة الخدمة الاجتماعية وحصلت على دبلومها وهى تخدم وزارة التربية والتعليم فى الوقت الحاضر وفى وظيفة مشرفة اجتماعية وهى وظيفة وثيقة الصلة برسالة وظيفة المدرسة وليست أقل شأنا منها. واذا كانت المدعى عليها الاولى قد أعيد قيدها بعد رسوبها بالمعهد عامين متتاليين فان هذه الاعادة كانت تطبيقا للائحة النظام الدراسى والتأديبى التى صدرت فى يوم 13 من اكتوبر سنة 1954 وهى لم توقع بعد اعادة قيدها تعهدا يماثل التعهد الاول وعقبت الجامعة على دفاع المدعى عليها بأن المدعى عليها الاولى التحقت بالمعهد فى العام الدراسى 1952/ 1953 كطالبة مستجدة وفى العام الدراسى 1953/ 1954 باقية للاعادة بالسنة الاولى ورسبت مرة ثانية ثم تعدلت نتيجة الامتحان ونقلت الى السنة الثانية فى العام الدراسى 54/ 1955 وتغيبت عن الامتحان فى فصليه الدراسيين وفى العام 1955/ 1956 ظلت مقيدة بالسنة الثانية ورسبت فى امتحان الفصل الدراسى الاول وتغيبت عن امتحان الفصل الدراسى الثانى. وفى العام 1956/ 1957 انقطعت عن الحضور من أوله وفصلت من المعهد فى هذا العام لغيابها المستمر. وقالت الجامعة ان هذا لا يمنع من احتساب العام الاخير بسنة دراسية رابعة حيث يقضى التعهد بأن مصروفات كل سنة تستحق فى أولها. وبجلسة 21 من فبراير سنة 1960 قضت محكمة القضاء الادارى بالزام المدعى عليها متضامنين بأن يدفعا لجامعة عين شمس مبلغ 120 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 2 من يناير سنة 1958 حتى تاريخ الوفاء والمصروفات المناسبة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت قضاءها على ان المدعى عليها الاولى قررت انها فى العام الدراسى 1954/ 1955 تقدمت لامتحان الفترة الثانية وحضرت يومين من أيام الامتحان وان ما قررته يتضمن فى طياته التسليم باستمرار العلاقة بينها وبين الجامعة كطالبة خلال العام الدراسى 1954/ 1955 اذ لا يستقيم الامر بين حضورها لتأدية الامتحان فى الفترة الثانية من العام الدراسى 1954/ 1955 وبين كونها قد فصلت بعد رسوبها فى نهاية العام الدراسى 1953/ 1954 خصوصا وقد ظهر للمحكمة من الاطلاع على ملف المدعى عليها الاولى ان مديرة المعهد قد وجهت الى ولى أمرها خطابا فى 21 من يونية سنة 1955 أعادت برفقة شهادة طبية وطلبت فيه التنبيه عليها بالتوجه الى الوحدة الطبية التابعة للجامعة لاعتمادها واعادتها حتى يمكن النظر فيما جاء فيها وهذا يؤكد استمرار العلاقة بين الجامعة والمدعى عليها الاولى كطالبة فى خلال العام الدراسى 1954/ 1955 وتكون المدعى عليها الاولى قد انقطعت عن الدراسة ابتداء من العام الدراسى 1955/ 1956 لانه لا يوجد ما يؤيد ما قررته الجامعة من انها فصلتها فى العام الدراسى 1956/ 1957 واذ انقطعت المدعى عليها الاولى ابتداء من العام الدراسى 1955/ 1956 فانها تكون قد أخلت بالتزامها دون عذر فهى التى تخيرت مدرسة الخدمة الاجتماعية وهى لم تكن راغبة فى الاصل فى تلك الدارسة، وليس فى اشتغال المدعى عليها الاولى بوظيفة مشرفة اجتماعية ما يقوم مقام ممارستها مهنة التدريس بعد اتمام الدراسة بالمعهد.
ومن حيث ان الطعن رقم 1288 لسنة 6 القضائية يقوم على ان العام الدراسى الذى تقدمت فيه المدعى عليها الاولى للامتحان ورسبت ليس العام الدراسى 54/ 1955 كما جاء بالحكم المطعون فيه ولكنه العام الدراسى 1955/ 1956 وهو العام الرابع. وانه يفرض صحة انها انقطعت عن الدراسة منذ بدء العام الدراسى 1955/ 1956 وليس من بدء العام الدراسى 1956/ 1957 فان هذا لا يمنع من احتساب العام الدراسى 1955/ 1956 سنة رابعة واقتضاء المصروفات الدراسية عن سنوات اربع حيث يقضى نص التعهد بأن مصروفات كل سنة تستحق فى أولها.
ومن حيث أن الطعن رقم 2511 لسنة 6 القضائية يقوم على ما ردده المدعى عليهما فى دفاعهما أمام محكمة القضاء الادارى وأضاف انه لا صواب فيما ذهب اليه الحكم من ان انقطاع المدعى عليها الاولى عن الدراسة كان بمحض اختيارها وبدون عذر مقبول لانها لم تنقطع الا بعد أن رسبت عامين متتاليين وبعد أن تقرر فصلها من المعهد وأعلن هذا الفصل فى لوحة المعهد، وان الحكم لم يوفق فى تقدير ما آل اليه امرها بعد تخرجها من مدرسة الخدمة الاجتماعية وتعيينها فى وظائف التعليم من أنها فى الحقيقة تخدم الوزارة نفس الخدمة التى كانت ستؤديها لو استمرت فى دراستها بالمعهد الى أن تتخرج فيه.
ومن حيث ان الثابت ان المدعى عليها الاولى التحقت طالبة مستجدة بالمعهد فى العام الدراسى 1952/ 1953 فرسبت وبقيت للاعادة بالسنة الاولى فى العام الدراسى 1953/ 1954 فرسبت للمرة الثانية ولو لم تلغ اللائحة التى كانت سارية وقتئذ لكانت قد فصلت من المعهد لرسوبها سنتين متتاليتين فى فرقة واحدة ولا ريب أن رسوبها المتكرر على هذا النحو دليل واضح على اخفاقها فى دراستها بالمعهد. وهو اخفاق ليس مرده الى تهاونها أو تكاسلها أو استخفافها أو خيبة أملها فى الالتحاق باحدى كليات الجامعة. ولكن مرده الى عدم ملاءمة استعدادها الطبيعى لهذا النوع من الدراسة وآية ذلك انها اذا التحقت بمدرسة الخدمة الاجتماعية أدركت النجاح فى دراستها فى تلك المدرسة حتى أنها تخرجت فيها ومن ثم فان عذرها قائم اذا هى بعد ما أخفقت فى دراستها فى المعهد ذلك الاخفاق المبين، ولت وجهها شطر دراسة أخرى تتلاءم واستعدادها الطبيعى فهى لم تكن مطلقة الاختيار فى هذا الاتجاه. لانها لن تجد لاستعدادها الطبيعى تغييرا ولا تبديلا.
ومن حيث أنه لم تقدم تكون المدعى عليها الاولى اذ انقطعت عن الدراسة بالمعهد قد انقطعت عنها لعذر مقبول مما يحلها هى والمدعى عليه الثانى من التزامهما بدفع المصروفات المدرسية وتكون الدعوى على أساس غير سليم من القانون متعينة الرفض ويكون الحكم المطعون فيه اذ أخذ بغير هذا النظر قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه ويتعين ذلك القضاء بالغائه ورفض الدعوى والزام جامعة عين شمس بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفى موضوعهما بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت الحكومة بالمصروفات.