مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 إلى آخر مايو سنة 1960) - صـ 321

(37)
جلسة 6 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد/ سيد على الدمراوى نائب رئيس المجلس وعضوية السادة السيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى وعادل شعبان ونبيه الغزى المستشارين.

القضية رقم 400 لسنة 4 القضائية:

( أ ) أقدمية - مؤهلات - صدور قرار من وزير التربية والتعليم بتقرير أقدمية اعتبارية لخريجى بعض الكليات - اعتباره منعدما - أساس ذلك.
(ب) موظف - ترقية بالاختيار - القاعدة التى قررتها وزارة التربية والتعليم بترقية حملة دبلوم معهد التربية العالى أو العالمية مع أجازة التدريس بالاختيار - القول بإخلالها بقاعدة المساواة مع حملة المؤهلات العالية - لا سند له - أساس ذلك.
1 - ان القرار الوزارى لسنة 1947المتضمن منح أقدميات اعتبارية لخريجى بعض الكليات والمعاهد - والذى يستند اليه المدعى فى طلب ترقيته بالاقدمية - انما يعتبر من القرارات المنعدمة لانطوائه على عيب عدم المشروعية لصدوره من وزير التربية والتعليم الذى لا يملك سلطة التقرير فى هذا الشأن، ومن ثم فلا وجه لاستمساك المدعى بالقاعدة التى سنها هذا القرار.
2 - ان القاعدة التى وضعتها الوزارة وجرت الترقية على أساسها ومفادها أن يقع الاختيار من بين أولئك الذين يحملون دبلوم معهد التربية العالى أو العالمية مع اجازة التدريس، ممن ترجع أقدميتهم فى الدرجة السادسة الى 31 من أكتوبر سنة 1947 لا تنطوى على مخالفة للقوانين واللوائح ومرد الحكمة فيها الى ما لأصحاب هذه المؤهلات التربوية بالذات من أفضلية فى وظائف التدريس ويكون معيار الترقية بالاختيار فى هذه الحالة مرتكنا إلى الحق الثابت للادارة فيما تقرره كعنصر من عناصر المفاضلة فى مقام هذا النوع من الترقية كما استقر على ذلك قضاء هذه المحكمة.


إجراءات الطعن

فى 12 من ابريل سنة 1958 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة طعنا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الثالثة ب) بجلسة 13 من فبراير سنة 1958 فى الدعوى رقم 1625 لسنة 9 القضائية المرفوعة من السيد سعد عطا الله مرقص ضد وزارة التربية والتعليم والذى يقضى" برفض الطعن وبالزام المدعى بالمصروفات" وطلب الطاعن للأسباب التى استند اليها فى صحيفة الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء كل من الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية المستأنف والقضاء للمدعى بطلباته مع الزام الوزارة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن الى الحكومة فى 28 من أبريل سنة 1958 والى الخصم فى 4 من مايو سنة 1958 وعين لنظره جلسة 9 من يناير سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الاوراق - تتحصل فى أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 1625 لسنة 9 ق أمام محكمة القضاء الادارى بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة فى 19 من مارس سنة 1955 بالطعن فى قرار اللجنة القضائية الصادر فى 13 من يناير سنة 1954 برفض تظلمه والمعلن إليه فى 27 منه، ويطلب المدعى الغاء القرار الصادر من وزير التربية والتعليم فى أكتوبر سنة 1951 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية إلى الدرجة الخامسة سواء فى نسبة الاقدمية أو فى نسبة الاختيار وذلك على أساس استحقاقه لاقدمية اعتبارية مقدارها سنتان بموجب قرار وزير التربية والتعليم الصادر فى 25 من نوفمبر سنة 1947 المتضمن قواعد تنظيمية فى شأن الترقيات، وبذلك ترجع أقدميته فى الدرجة السادسة إلى 19 من ديسمبر سنة 1944 لانه عين فى 19 من ديسمبر سنة 1946، علما بأن حركة الترقيات شملت كل من ترجع أقدميته فى الدرجة السادسة الى 30 من نوفمبر سنة 1946. وقال انه متخرج فى كلية الآداب بجامعة القاهرة قسم اللغة الفرنسية فى دور يونيه سنة 1946 وحصل أيضا على دبلوم معهد الصحافة فى يونية سنة 1948. وبالنسبة لتخطيه فى نسبة الاختيار فان القاعدة التى التزمتها الوزارة، من جعل هذا الاختيار مقصورا على الحاصلين على دبلوم معهد التربية العالى أو العالمية مع أجازة التدريس، هذه القاعدة تتضمن تفرقة بين حملة المؤهلات العالية وهو ما يتعارض مع قواعد الانصاف التى سوت بين حملة هذه المؤهلات العالية جميعا، ويجعل تلك القواعد مخالفة للقانون ومشوبة باساءة استعمال السلطة. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعى حصل على ليسانس الآداب سنة 1946 وعين مدرسا بالوزارة فى 19 من ديسمبر سنة 1946 وحصل أثناء الخدمة على دبلوم التحرير والترجمة والصحافة سنة 1948. وفى أكتوبر سنة 1951 صدرت حركة ترقيات إلى الدرجة الخامسة الفنية فرقى بالاقدمية المطلقة من ترجع أقدميته فى الدرجة السادسة الى 30 من نوفمبر سنة 1946 وبالاختيار الحاصلون على دبلوم معهد التربية العالى أو العالمية مع أجازة التدريس الذين ترجع أقدميتهم فى الدرجة السادسة الى 31 من أكتوبر سنة 1947 ولم ينطبق على المدعى أي من هاتين القاعدتين. وقالت الوزارة انه صدر بتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1947 قرار وزارى جاء فى البند "ثالثا" منه تحت عنوان "الترقية الى الدرجة الخامسة": وقررت اللجنة اعطاء الحاصلين على شهادة اضافية فوق المؤهل العالى (الماجستير أو دبلوم معهد التربية أو اجازة دار العلوم على نظام الست سنوات أو دبلوم الآثار أو دبلوم معهد اللغات الشرقية ودبلوم الصحافة للمشتغلين بتدريس الترجمة) أقدمية اعتبارية عند النظر فى ترقيتهم الى الدرجة الخامسة، ومدتها سنتان أو أكثر وسنة واحدة لمن كانت شهادته الاضافية تتطلب دراسة سنة واحدة وتعتبر السنتان او السنة سابقة لتاريخ الحصول على المؤهل العالى، وأن ما ورد بهذا البند يتعارض مع كادر سنة 1939 فى وضع أقدميات اعتبارية سابقة على تاريخ التعيين، ويكون قرار الوزير والحالة هذه قد صدر معدوما لا أثر له، اذ أنه كان يجب استصدار قانون أو قرار من مجلس الوزراء بذلك، ولم يكن بوسع الوزارة أن تطبق هذا البند باحتساب أقدميات اعتبارية سابقة على تاريخ التعيين أو المؤهل قبل صدور القانون رقم 371 لسنة 1953، كما أن ما يذهب اليه المدعى من أن قواعد الترقية بالاختيار فى الحركة المطعون فيها مشوبة بعيب اساءة استعمال السلطة لانها جاءت قاصرة على حملة دبلوم معهد التربية العالى أو العالمية وأجازة التدريس يعوزه الدليل لان سوء استعمال السلطة لا يكون الا حيث يتعارض تصرف الوزارة مع المصلحة العامة، وحق الترقية فى نسبة الاختيار كان فى ظل كادر سنة 1939 مطلقا فلم يرد فى ذلك الكادر ولا فى قواعد التيسير نص يقيد الترقية بالاختيار، ولم يقدم المدعى دليلا واحدا يؤيد وجهة نظره، وليس فى قصر الترقية بالاختيار على حملة مؤهل معين فى حد ذاته دليل على اساءة استعمال السلطة. وانتهت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى وتأييد قرار اللجنة القضائية، وبجلسة 13 من فبراير سنة 1958 قضت المحكمة "برفض الطعن وبالزام المدعى المصروفات" وقالت فى أسباب حكمها أن حركة الترقيات المطعون فيها قد أجريت فى ظل كادر سنة 1939 وقواعد الانصاف الصادرة فى سنة 1944 ولم يتضمن المنشور رقم 4 لسنة 1939 - الصادر بتطبيق أحكام الكادر الجديد لسنة 1939 ولا قواعد الانصاف المشار اليها - النص على أية أقدمية اعتبارية بالنسبة لحملة المؤهلات الاضافية، كما أن الاقدمية الاعتبارية ما تقررت للحاصلين على دبلوم معهد التربية العالى فوق المؤهل الجامعى أو العالى والحاصلين على اجازة التخصص فوق الشهادة العالمية من الازهر بالنسبة للمدرسين بوزارة التربية والتعليم إلا بالقانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية ومن تاريخ نفاذه وبشرط عدم الاستناد اليها فى الطعن فى القرارات الادارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات أو النقل أو غيرها التى صدرت لحين نفاذ هذا القانون، وترتيبا على ذلك فانه بالرجوع الى الاصل المقرر فى ظل تلك القواعد سالفة الذكر تكون الأقدمية المعتبرة فى الدرجة من تاريخ التعيين فيها أو الترقية اليها، وعلى هذا الأساس فانه لا يكون هناك محل للعمل بالقرار الصادر من وزير التربية والتعليم فى سنة 1947 المشار اليه الذى يستند اليه المدعى ما دام صادرا من سلطة أدنى من مجلس الوزراء صاحب الاختصاص فى ذلك الحين فى اصدار القواعد التنظيمية العامة كافة فيما يتعلق بتعيين وترقية وتأديب وفصل الموظفين، ولذلك فلا يكون له من أثر فيما قرره من ابتداع الاقدمية الاعتبارية التى انطوى عليها خروجا على أحكام قرارات مجلس الوزراء المنوه بها، واذا كان الثابت أن أقدمية المدعى فى الدرجة السادسة تحددت من تاريخ تعيينه الحاصل فى 19 من ديسمبر سنة 1946 وأن الدور لم يدركه فى الترقية بالاقدمية حيث شملت الحركة المطعون فيها من ترجع أقدميته فى هذه الدرجة إلى 30 من نوفمبر سنة 1946 فان الدعوى فى هذا الشق منها تكون على غير أساس سليم من القانون. وقالت المحكمة أن الوزارة أجرت حركة الترقيات المطعون فيها فيما يتعلق بمن رقى فيها بالاختيار على أساس قاعدة تنظيمية قررتها استنادا إلى سلطتها المطلقة المقررة لها قبل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة فى وضع ضوابط الاختيار وشروطه لانتقاء خيرة العناصر الصالحة لتولى الوظائف العامة فى فروعها المختلفة بما يؤدى إلى حسن إدارة المرفق الذى تقوم عليه. واذ رأت وزارة التربية والتعليم أن يكون ضابط الاختيار للترقية لهذه الوظائف من بين أولئك الذين يحملون دبلوم معهد التربية العالى أو العالمية مع أجازة التدريس - وليس منهم المدعى - استنادا لما لأصحاب هذين المؤهلين التربويين بالذات من أفضلية على من عداهم فى وظائف التدريس، فان معيار الترقية بالاختيار على هذا الوضع يكون مستندا الى الحق الثابت للوزارة فيما تقرره كعنصر من عناصر المفاضلة فى مقام هذا النوع من الترقية، ولا يعد ذلك - كما يذهب المدعى - من قبيل الاخلال بالمساواة بالنسبة لحملة المؤهلات العالية مادامت هذه المؤهلات وما لحقها من مؤهلات اضافية لا تعد جميعا فى مجال الصلاحية للوظائف المختلفة على حد سواء، اذ لكل منها تأهيله الخاص، واذا كان الشارع قد قدر لها تسعيرا متساويا فى قواعد الانصاف التى أصدرها فان هذا التساوى مقصور على ما حدده لها بالنسبة للمرتب الذى يتقاضاه حاملوها دون أن يتعدى الى مجال الكادر الذى ينتظم حملة هذه المؤهلات أو الى الصلاحية للوظائف المختلفة التى تسند لحاملى كل منها استنادا الى تخصصهم ونوع دراستهم، وبهذه المثابة ما دامت الوزارة لم تشذ عن القاعدة التنظيمية التى وضعتها للاختيار ابتغاء تحقيق الصالح العام والتزامها فى مجال التطبيق الفردى الحركة المطعون فيها فلا يكون هناك موجب للادعاء باساءة استعمال السلطة، ومتى كانت القاعدة المذكورة لا تنطبق على المدعى لعدم توافر شروطها، فان القرار المطعون فيه يكون صحيحا مستندا الى التطبيق السليم للقانون.
ومن حيث أن حاصل ما بنى عليه هذا الطعن أن الضوابط التى وضعتها الادارة قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 للترقية فى نسبة الاختيار تخالف قواعد الانصاف فلا يجوز الاخذ بها.
ومن حيث ان حاصل ما بنى عليه هذا الطعن أن الضوابط التى وضعتها اعتبارية - والذى يستند إليه المدعى فى طلب ترقيته بالاقدمية - انما يعتبر من القرارات المنعدمة لانطوائه على عيب عدم المشروعية لصدوره من وزير التربية والتعليم الذى لا يملك سلطة التقرير فى هذا الشأن ومن ثم فلا وجه لاستمساك المدعى بالقاعدة التى سنها هذا القرار.
ومن حيث انه فيما يتعلق بافادة المدعى من الترقية فى نسبة الاختيار فان القاعدة التى وضعتها الوزارة وجرت الترقية على أساسها ومفادها أن يقع الاختيار من بين أولئك الذين يحملون دبلوم معهد التربية العالى أو العالمية مع اجازة التدريس، ممن ترجع أقدميتهم فى الدرجة السادسة الى 31 من أكتوبر سنة 1947، لا تنطوى على مخالفة للقوانين واللوائح، ومرد الحكمة فيها الى ما لأصحاب هذه المؤهلات التربوية بالذات من أفضلية فى وظائف التدريس ويكون معيار الترقية بالاختيار فى هذه الحالة مرتكنا الى الحق الثابت للادارة فيما تقرره كعنصر من عناصر المفاضلة فى مقام هذا النوع من الترقية كما استقر على ذلك قضاء هذه المحكمة، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صادف الحق فيما انتهى إليه من رفض الدعوى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.