مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 447

(50)
جلسة 27 من فبراير 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة/ السيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل عبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 429 لسنة 4 القضائية

جامعات - حكم - حجيته - صدور حكم لصالح أحد القائمين بالتدريس فى الجامعة يربط درجته بدرجات رجال القضاء والنيابة طبقا لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 - حجية هذا الحكم - تقصر على موضوع المنازعة من الناحية المالية بتحديد نوع الكادر ولا تمتد الى استحقاق لقب علمى لم يقرره الحكم - أساس ذلك.
اذا كان قد صدر نهائى من محكمة القضاء الادارى باستحقاق المدعى لربط درجته بدرجات رجال القضاء والنيابة بالتطبيق لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 فان حجية هذا الحكم لا تعدو المسألة القانونية موضوع المنازعة التى فصل فيها وحاز بالنسبة اليها قوة الامر المقضى. وقد كانت طلبات المدعى وزملائه فى الدعوى المذكورة هى الحكم باستحقاقهم لربط درجاتهم بدرجات رجال القضاء والنيابة طبقا لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة دون أن يتعرضوا لطلب استحقاقهم لوظائف أو ألقاب علمية، وان كان الحكم فى سبيل تبرير ما انتهى اليه قضاؤه فى طلب ربط درجات المدعين بدرجات رجال القضاء والنيابة قد ذهب فى أسبابه الى اعتبار المدعين داخل هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة عين شمس منذ نقلهم اليها، خلافا لما جرى به قضاء المحكمة الادارية العليا فيما بعد فى مثل هذا الخصوص. وقد قامت الجامعة تنفيذا لهذا الحكم بتسوية حالة المدعى بالتطبيق للقانون رقم 131 لسنة 1950 اعتبارا من تاريخ العمل به، فوضعته فى وظيفة مدرس (1) من أول مارس سنة 1950 وحسبت له أقدميته فيها من أول يوليه سنة 1937 مع زيادة مرتبه بالعلاوات القانونية.
واذا كان ما فصل فيه حكم محكمة القضاء الادارى آنف الذكر لم يمس الدرجة العلمية التى يستحق المدعى أن يوضع فيها، ولم يقض له بشئ من ذلك، ولم يتناول تحديد أقدميته فى اللقب العلمى أو يبت فى ارتباط استحقاق هذا اللقب بالدرجة المالية، بل اقتصر على بيان نوع الكادر الذى يعامل بأحكامه منذ نقله الى الجامعة بقرار وزير التربية والتعليم رقم 9979 الصادر فى 28 من فبراير سنة 1951 وان كان هذا القرار قد أرجع النقل الى أول مارس سنة 1950 - تاريخ اعتماد الميزانية - ومن ثم لا يتعدى أثر الحكم المشار اليه الوضع المالى الذى فصل فيه، الى الدرجة العلمية التى لم يتعرض للقضاء باستحقاق المدعى لها. وقد كانت ترقية هذا الاخير الى الدرجة الثالثة المالية فى 22 من مارس سنة 1951 غير مستندة الى القواعد الخاصة التى تحكم ترقية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ومنحهم الالقاب العلمية، ولا الى أحكام اللائحة الداخلية للمعهد العالى للهندسة الذى كان ينتمى اليه. كما أنها لم تكن مقرونة بمنحه لقبا علميا ما، أو بالاقرار له بوضع آخر يرتب له مركزا قانونيا ذاتيا يكسبه حقا فى اللقب العلمى الذى يطالب به، بل تمت بوصفه مدرسا خارج سلك أعضاء هيئة التدريس وبالتطبيق لقواعد الكادر العام لموظفى الحكومة لا لأحكام توظيف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، تلك الأحكام التى يتعين أعمالها فى حقه بما نظمته من شروط وقيود للحصول على اللقب العلمى، من تاريخ اعتباره من أعضاء هيئة التدريس. وقد كانت الترقية الى الدرجة المالية المشار اليها مزية منفكة عن الاوضاع الخاصة بأعضاء هيئة التدريس بالجامعة، فلم تراع فيها هذه الاوصاع ولم تخضع للقواعد الخاصة التى تحكم ترقياتهم، وقد نالها المدعى بوصفه مدرسا خارج سلك أعضاء هيئة التدريس، ودون تقيد بالشروط القانونية اللازم توافرها بحسب هذه القواعد وتلك الاوضاع لمنح اللقب العلمى المقابل للدرجة المالية وهى شروط تطلبها القانون لمصلحة عامة تتعلق برسالة التعليم الجامعى وحسن سير هذا المرفق. ولا يغنى عن وجوب تحققها أو يعفى من ضرورة استيفائها مجرد الحصول على درجة مالية بعيدا عن سلك أعضاء هيئة التدريس دون قصد ربطها بلقب علمى ما، أو ارادة احداث هذا الأثر نتيجة لمنحها، ودون اتباع الأوضاع الشكلية المقررة لنيل هذا اللقب من صدور قرار من وزير التربية والتعليم بناء على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية المختصة أو مجلس المعهد المختص بعد تكوين مجلس الجامعة وهيئاتها المختلفة، أو من الوزير بسلطته المؤقتة الانتقالية فى الفترة السابقة على ذلك، وفقا لما نصت عليه المادتان 19 و24 من القانون رقم 93 لسنة 1950 بانشاء وتنظيم جامعة عين شمس. وما دام لم يصدر مثل هذا القرار على النحو المتقدم فلا يمكن اعتبار المدعى قد كسب مركزا قانونيا ذاتيا باعتباره فى وظيفة أستاذ مساعد "ب" منذ 22 من مارس سنة 1951 تاريخ منحه الدرجة الثالثة المالية، اذ أن كسب هذا المركز لا يتم بحكم اللزوم بمجرد حصوله على هذه الدرجة دون اعتداد بما يستلزمه القانون للتعيين فى تلك الوظيفة من درجان علمية خاصة، وخبرة مهنية، وممارسة فعلية، وعامل زمنى وأقدمية فى اللقب، وانتاج علمى، وأبحاث مبتكرة، وما الى ذلك، فضلا عن وجوب صدور قرار بهذا التعيين من السلطة التى تملكه قانونا، ولا يغير من هذا صدور حكم محكمة القضاء الادارى بجلسة 23 من يونيه سنة 1954 فى الدعوى رقم 418 لسنة 6 القضائية باستحقاق المدعى لربط درجته بدرجات رجال القضاء والنيابة بالتطبيق لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 على أساس اعتباره داخلا فى هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة عين شمس منذ نقله اليها، اذ أن هذا الحكم الذى حاز قوة الامر المقضى فى نطاقه السابق تحديده لم يقصد استحقاقه للقب علمى معين.


اجراءات الطعن

فى 23 من أبريل سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 429 لسنة 4 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى الهيئة الرابعة "ب" بجلسة 17 من فبراير سنة 1958 فى الدعوى رقم 2185 لسنة 9 القضائية المقامة من: مختار يوسف الزينى ضد كل من ( أ ) وزارة التربية والتعليم و(2) جامعة عين شمس، القاضى بتسوية حالة المدعى باعتباره فى وظيفة أستاذ مساعد (ب) اعتبارا من 22 من مارس سنة 1951 تاريخ حصوله على الدرجة الثالثة وما يترتب على ذلك من آثار والزام الجامعة بالمصروفات" وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التى استند اليها فى صحيفة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المدعى مع الزامه المصروفات" وقد أعلن هذا الطعن الى المطعون عليه فى 18 من مايو سنة 1958 والى جامعة عين شمس فى 22 منه. وقد أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته انتهى فيها الى طلب "الحكم برفض الطعن". ولم تقدم الجهة الادارية مذكرة بملاحظاتها. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة عين لنظره الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5 من ديسمبر سنة 1959. وفى 2 من أغسطس سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا لنظره بجلسة 30 من يناير سنة 1960. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت ارجاء الحكم فى الطعن الى جلسة اليوم مع الترخيص فى تقديم المذكرات فى عشرة أيام. وقد قدم المطعون عليه مذكرة اختتمها بطلب "الحكم برفض الطعن والزام الجامعة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة عطلة عيد الفطر فى ابريل سنة 1958.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 2185 لسنة 9 القضائية ضد كل من: (1) وزارة التربية والتعليم و(2) جامعة عين شمس، بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم فى 15 من نوفمبر سنة 1954 قيدت بجدولها تحت رقم 1762 لسنة 2 القضائية ذكر فيها أنه تخرج فى كلية الهندسة بالجيزة فى مايو سنة 1930 والتحق مدرسا بمدرسة الفنون والصناعات فى 15 من أكتوبر سنة 1930، ورقى الى الدرجة الخامسة فى أكتوبر سنة 1943، والى الدرجة الرابعة فى أول يوليه سنة 1947 والى الدرجة الثالثة فى 22 من مارس سنة 1951. وقد استمر فى التدريس بمدرسة الفنون والصناعات بعد أن حولت الى المعهد العالى للهندسة الذى أصبح نواة لكلية الهندسة بجامعة عين شمس بمقتضى القانون رقم 93 لسنة 1950، وبذا حق له أن يعتبر داخل هيئة التدريس بالجامعة المذكورة مع ربط درجته بدرجات رجال القضاء والنيابة وفقا لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950، الا أن الجامعة أبت بحجة أنه غير حاصل على درجة الدكتوراه، الامر الذى حدا به الى رفع الدعوى رقم 418 لسنة 6 القضائية أمام محكمة القضاء الادارى التى حكمت بجلسة 23 من يونيه سنة 1954 باجابته الى طلباته. ولما كان فى الدرجة الثالثة وهى درجة أستاذ مساعد "ب" المناظرة لوظيفة قاض من الدرجة الاولى (55 - 65 جنيها) فقد كان يتعين تنفيذا لهذا الحكم تسوية حالته باعتباره أستاذا مساعدا "ب" من 22 من مارس سنة 1951 تاريخ حصوله على الدرجة الثالثة ثم ترقيته بعد ذلك الى درجة أستاذ مساعد "أ" فى دوره، ولكن الجامعة اعتبرته مدرسا "أ" من أول مارس سنة 1950 مع ارجاع أقدميته فيها الى أول يوليه سنة 1947 تاريخ حصوله على الدرجة الرابعة، ومن ثم فانه يطلب الحكم "بتسوية حالته باعتباره فى وظيفة أستاذ مساعد "ب" اعتبارا من 22 مارس سنة 1951 وما يترتب على ذلك من آثار مالية وصرف الفروق والزام المعلن اليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".... وقد ردت جامعة عين شمس على هذه الدعوى بمذكرة قالت فيها أنها اعتبرت المدعى عضوا فى هيئة التدريس بكلية الهندسة تنفيذا لحكم محكمة القضاء الادارى الصادر لصالحه وذلك تمهيدا لتطبيق أحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 على حالته ثم سوت حالته وفقا لهذا القانون فاعتبرته فى وظيفة مدرس "أ" من أول مارس سنة 1950 وحسبت له أقدميته فيها من أول يوليه سنة 1947، على أن تزاد ماهيته بالعلاوات القانونية. وما كان يجوز النظر فى وضعه فى وظيفة أستاذ مساعد كما يطلب، لان مقتضى الحكم المشار اليه اعادة الحالة الى ما كانت عليه عند انشاء الجامعة وتطبيق القواعد المعمول بها بالنسبة لاعضاء هيئة التدريس فى شأنه. ولا محل لتمسكه بحصوله على الدرجة الثالثة لانها منحت له بالتطبيق لقواعد الكادر العام بوصفه مدرسا خارج هيئة التدريس. أما وقد اعتبره الحكم ضمن أعضاء هيئة التدريس فانه يجب تطبيق أحكام توظيف أعضاء هيئة التدريس عليه كاملة من تاريخ اعتباره كذلك دون النظر الى المزايا التى حصل عليها فى الكادر العام. والا لأمكنه الافادة من مزايا كادرين فى وقت واحد، الأمر الذى يميزه على زملاءه أعضاء هيئة التدريس دون مبرر. ولا سيما أن قرار ترقيته قد صدر بالتطبيق لقواعد الكادر العام التى تختلف اختلافا بينا عن القواعد الخاصة بأعضاء هيئة التدريس وخاصة من ناحية الشكل، وأن الترقية الى وظيفة أستاذ مساعد (ب) طبقا لنص المادة 19 من القانون رقم 93 لسنة 1950 تكون بقرار من وزير التربية والتعليم بناء على طلب مجلس الجامعة بعد أن أخذ رأي مجلس الكلية، وهذا الذى يطلبه المدعى من المحكمة انما يدخل فى صميم اختصاصات الجهات الادارية العامة بالجامعة. وخلصت الجامعة من هذا الطلب "الحكم برفض الدعوى والزام رافعها بالمصايف ومقابل أتعاب المحاماة" وقد أحيلت الدعوى اعمالا لأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة الى محكمة القضاء الادارى حيث قيدت بجدولها تحت رقم 2185 لسنة 9 القضائية. أودع فيها السيد مفوض الدولة تقريرا بالرأي القانونى مسببا انتهى فيه لما أبداه به من أسباب الى طلب رفض الدعوى والزام رافعها بالمصروفات. وقد عقب المدعى على هذا التقرير بمذكرة بسط فيها أسانيد دفاعه ورده على تقرير السيد مفوض الدولة وذكر أن دعواه ليست الا دعوى تسوية تختص بها محكمة القضاء الادارى. وأنه يستمد حقه فى هذه التسوية من القرار الوزارى رقم 9979 الصادر فى 28 من فبراير سنة 1951 الذى اكتسب حصانه ضد كل الغاء وفقا لما قرره الحكم الصادر لصالحه من محكمة القضاء الادارى فى الدعوى رقم 418 لسنة 6 القضائية، وأن التسوية التى أجرتها له الجامعة تنفيذا لهذا الحكم هى تسوية مخالفة لما قضى به فضلا عن اهدارها لحقه المكتسب ومركزه القانونى الذى استقر له. وبجلسة 17 من فبراير سنة 1958 قضت محكمة القضاء الادارى (الهيئة الرابعة "ب") "بتسوية حالة المدعى باعتباره فى وظيفة أستاذ مساعد (ب) اعتبارا من 22 من مارس سنة 1951 تاريخ حصوله على الدرجة الثالثة وما يترتب على ذلك من آثار والزام الجامعة بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن أسم المدعى قد ورد فى القرار رقم 9979 الصادر من وزير التربية والتعليم فى 28 من فبراير سنة 1951 بمقتضى السلطة المخولة له بالمادة 24 من القانون رقم 93 لسنة 1950 الخاص بانشاء جامعة عين شمس وتنظيمها ضمن من نقلوا الى هذه الجامعة اعتبارا من أول مارس سنة 1950 ومن ثم فانه يعتبر من أعضاء هيئة التدريس بها من ذلك التاريخ طبقا لما قضى به حكم محكمة القضاء الادارى الصادر له بجلسة 23 من يونيه سنة 1954 فى الدعوى رقم 418 لسنة 6 القضائية بربط درجته بدرجات رجال القضاء والنيابة. ولما كان قد منح الدرجة الثالثة من 22 من مارس سنة 1951 وهى تقابل وظيفة أستاذ مساعد (ب) فانه يستحق اعتبار أقدميته فى هذه الوظيفة من ذلك التاريخ، كما يستحق الراتب المقرر لها بالتطبيق لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة فى هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة فى 23 من ابريل سنة 1958 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المدعى مع الزامه بالمصروفات" واستند فى أسباب طعنه الى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين اعتبر المدعى عضوا فى هيئة التدريس بالجامعة بمقتضى القرار رقم 9979 الصادر من وزير التربية والتعليم فى 28 من فبراير سنة 1951. ولا يعصمه من هذه المخالفة الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى فى الدعوى السابقة رقم 418 لسنة 6 القضائية بأحقيته فى الافادة من أحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 اذ لا ينبغى أن يجاوز هذا الحكم الذى حاز قوة الشئ المقضى به، نطاقه الزمنى عند التنفيذ، فما لم يصدر قرار بتعيين المدعى أستاذا مساعدا (ب) على مقتضى حكم القانون رقم 93 لسنة 1950، فانه لا يعتبر كذلك. ولا يعتد والحالة هذه بحصوله على الدرجة الثالثة ومن ثم يتعين الطعن فى الحكم. وقد عقب المدعى على هذا الطعن بمذكرة ورد فيها دفاعه السابق معززا إياه بما ورد من أسباب فى حكمى محكمة القضاء الادارى الصادرين لصالحه واحدهما هو الحكم المطعون فيه. وخلص من هذا الى طلب الحكم برفض الطعن، كما قدم مذكرة ثانية بتأييد دفاعه انتهى فيها الى طلب "الحكم برفض الطعن والزام الجامعة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
ومن حيث أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن التعيين فى وظائف هيئة التدريس بالجامعة هو من المراكز القانونية الذاتية التى لا تنشأ الا بقرار ادارى فردى يصدر ممن يملكه قانونا، فما لم يصدر هذا القرار بأداته الصحيحة فلا يمكن اكتساب هذه المراكز الذاتية.
ومن حيث انه ولئن كان المدعى قد صدر لصالحه ولآخرين من زملائه حكم أصبح نهائيا من محكمة القضاء الادارى (الدائرة الثانية) بجلسة 23 من يونيه سنة 1954 فى الدعوى رقم 418 لسنة 6 القضائية "باستحقاق المدعين لربط درجاتهم بدرجات القضاء والنيابة بالتطبيق لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة" الا أن هذا الحكم لا تعدو حجيته المسألة القانونية موضوع المنازعة التى فصل فيها وحاز بالنسبة اليها قوة الامر المقضى. وقد كانت طلبات المدعى وزملائه فى الدعوى المذكورة هى الحكم باستحقاقهم لربط درجاتهم بدرجات رجال القضاء والنيابة طبقا لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة دون أن يتعرضوا لطلب استحقاقهم لوظائف أو ألقاب علمية، وان كان الحكم فى سبيل تبرير ما انتهى اليه قضاؤه فى طلب ربط درجات المدعين بدرجات رجال القضاء والنيابة قد ذهب فى أسبابه الى اعتبار المدعين داخل هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة عين شمس منذ نقلهم اليها، خلافا لما جرى به قضاء المحكمة الادارية العليا فيما بعد فى مثل هذا الخصوص. وقد قامت الجامعة تنفيذا لهذا الحكم بتسوية حالة المدعى بالتطبيق للقانون رقم 131 لسنة 1950 اعتبارا من تاريخ العمل بأحكامه، فوضعته فى وظيفة مدرس (1) من أول مارس سنة 1950 وحسبت له أقدميته فيها من أول يوليه سنة 1947 مع زيادة مرتبه بالعلاوات القانونية.
ومن حيث أن ما نص عليه حكم محكمة القضاء الادارى آنف الذكر لم يمس الدرجة العلمية التى يستحق أن يوضع فيها المدعى، ولم يقض له بشئ من ذلك، ولم يتناول تحديد أقدميته فى اللقب العلمى أو يبت فى ارتباط استحقاق هذا اللقب بالدرجة المالية، بل اقتصر على بيان نوع الكادر الذى يعامل بأحكامه منذ نقله الى الجامعة بقرار وزير التربية والتعليم رقم 9979 الصادر فى 28 من فبراير سنة 1951 وان كان هذا القرار قد أرجع النقل الى أول مارس سنة 1950 - تاريخ اعتماد الميزانية - ومن ثم لا يتعدى أثر الحكم المشار اليه الوضع المالى الذى فصل فيه، الى الدرجة العلمية التى لم يتعرض للقضاء باستحقاق المدعى لها. وقد كانت ترقية هذا الاخير الى الدرجة الثالثة المالية فى 22 من مارس سنة 1951 غير مستندة الى القواعد الخاصة التى تحكم ترقية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ومنحهم الالقاب العلمية، ولا الى أحكام اللائحة الداخلية للمعهد العالى للهندسة الذى كان ينتمى اليه. كما أنها لم تكن مقرونة بمنحه لقبا علميا ما، أو بالاقرار له بوضع آخر يرتب له مركزا قانونيا ذاتيا يكسبه حقا فى اللقب العلمى الذى يطالب به، بل تمت بوصفه مدرسا خارج سلك أعضاء هيئة التدريس وبالتطبيق لقواعد الكادر العام لموظفى الحكومة لا لأحكام توظيف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، تلك الاحكام التى يتعين أعمالها فى حقه بما تنتظمه من شروط وقيود للحصول على اللقب العلمى، من تاريخ اعتباره ضمن أعضاء هيئة التدريس. وقد كانت الترقية الى الدرجة المالية المشار اليها مزية منفصلة عن الاوضاع الخاصة بأعضاء هيئة التدريس بالجامعة، فلم تراع فيها هذه الاوضاع ولم تخضع للقواعد الخاصة التى تحكم ترقياتهم، وقد نالها المدعى بوصفه مدرسا خارج سلك أعضاء هيئة التدريس، ودون تقيد بالشروط القانونية اللازم توافرها بحسب هذه القواعد وتلك الاوضاع لمنح اللقب العلمى المقابل للدرجة المالية وهى شروط تطلبها القانون لمصلحة عامة تتعلق برسالة التعليم الجامعى وحسن سير هذا المرفق، ولا يغنى عن وجوب تحققها أو يعفى من ضرورة استيفائها مجرد الحصول على درجة مالية بعيدا عن سلك أعضاء هيئة التدريس دون قصد ربطها بلقب علمى ما، أو ارادة احداث هذا الاثر نتيجة لمنحها، ودون اتباع الاوضاع الشكلية المقررة لنيل هذا اللقب من صدور قرار من وزير التربية والتعليم بناء على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأى مجلس الكلية المختصة أو مجلس المعهد المختص بعد تكوين مجلس الجامعة وهيئاتها المختلفة، أو من الوزير المذكور بسلطته المؤقتة الانتقالية فى الفترة السابقة على ذلك، وفقا لما نصت عليه المادتان 19 و24 من القانون رقم 93 لسنة 1950 بانشاء وتنظيم جامعة عين شمس. وما دام لم يصدر مثل هذا القرار على النحو المتقدم فلا يمكن اعتبار المدعى قد كسب مركزا قانونيا ذاتيا باعتباره فى وظيفة أستاذ مساعد (ب) منذ 22 من مارس سنة 1951 تاريخ منحه الدرجة الثالثة المالية، اذ أن كسب هذا المركز لا يتم بحكم اللازم بمجرد حصوله على هذه الدرجة دون اعتداد بما يستلزمه القانون للتعيين فى تلك الوظيفة من درجان علمية خاصة، وخبرة مهنية، وممارسة فعلية، وعامل زمنى وأقدمية فى اللقب، وانتاج علمى، وأبحاث مبتكرة، وما الى ذلك، فضلا عن وجوب صدور قرار بهذا التعيين من السلطة التى تملكه قانونا، ولا يغير من هذا صدور حكم محكمة القضاء الادارى بجلسة 23 من يونيه سنة 1954 فى الدعوى رقم 418 لسنة 6 القضائية باستحقاق المدعى لربط درجته بدرجات رجال القضاء والنيابة بالتطبيق لاحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 على أساس اعتباره داخلا فى هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة عين شمس منذ نقله اليها، اذ أن هذا الحكم الذى حاز قوة الأمر المقضى فى نطاقه السابق تحديده لم يقصد استحقاقه للقب علمى معين، وقد كان حصوله على الدرجة المالية بالتطبيق لقواعد الكادر العام لموظفى الحكومة وقت أن كان مدرسا خارج سلك أعضاء هيئة التدريس، فاعتبره الحكم داخل هذا السلك ونفذت الجامعة هذا الحكم بتسوية حالة المدعى وفقا لذلك بوضعه فى وظيفة مدرس ( أ ) داخل هيئة التدريس من أول مارس سنة 1950، مع ارجاع أقدميته فى هذه الوظيفة الى أول يولية سنة 1947، وزيادة مرتبه بالعلاوات القانونية، وربط درجته بدرجات رجال القضاء والنيابة حسبما قضى به الحكم. واذا كان مقتضى هذا الربط هو تحقيق المساواة فى الدرجات بين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات ورجال القضاء والنيابة، فليس من أثره ترتيب حق فى وظائف أو ألقاب علمية لا ينشأ المركز القانونى فى اكتسابها الا بشروط معينة وأوضاع خاصة لم تتوافر للمدعى فى خصوصية هذه الدعوى. ذلك أن كادر أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ما كان يستلزم قيام الارتباط بين الوظائف العلمية لهؤلاء الاعضاء ودرجاتهم المالية، فلما ربط بدرجات رجال القضاء والنيابة أصبح لا يعرف سوى ألقاب علمية ذات مربوط مالى، بمعنى أنه ناط استحقاق الدرجة المالية بنيل الوظيفة، ولم يقصد اخضاع الثانية للاولى، أى أنه لم ينص على وجوب اللقب العلمى للوظيفة تبعا للدرجة المالية، وهو أمر طبيعى نظرا الى ما يستلزمه منح هذا اللقب من شروط لا تغنى عنها الدرجة المالية حسبما سلف البيان.
ومن حيث انه لكل ما تقدم فان المدعى لا يكون على حق فى دعواه، ويكون حكم محكمة القضاء الادارى المطعون فيه اذ أجابه الى طلباته قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين الغاؤه، والقضاء برفض الدعوى، مع الزام المدعى بمصروفاتها.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات.