مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 457

(51)
جلسة 27 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة سيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل عبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 496 لسنة 4 القضائى

مرتب - مرتب مدة وقف عن العمل - استحقاقه طبقا لنص المادة 96 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يكون بقرار من وكيل الوزارة المختص ولا معقب على تقديره فى هذا الصدد ما دام خاليا من الانحراف، وقائما على استخلاص سائغ من الوقائع التى بنى عليها القرار - مثال.
اذا كان وكيل الوزارة قد انتهى الى عدم الموافقة على صرف مرتب المدعى عن فترة وقفه عن العمل لاسباب قدرها بما له من سلطة التقدير فى ضوء الصالح العام، ولهذه الاسباب أساسها الصحيح الثابت فى الاوراق، وهى تؤدى الى النتيجة التى انتهى اليها وكيل الوزارة من رفض طلب صرف مرتب مدة الوقف ولم ينحرف فى ذلك بسلطته العامة ولم ينطو قراره على أية شائبة من اساءة استعمال السلطة، فيكون قرار وكيل الوزارة والحالة هذه قد صدر مطابقا للقانون حاليا من أي عيب، ويكون الحكم المطعون فيه اذ ذهب غير هذا المذهب قد خرج عن مجال التعقيب القانونى الصحيح على القرار، واتجه وجهه أخرى قوامها مراجعة الادارة فى وزنها لمناسبات القرار وملاءمة اصداره فأحل نفسه بذلك محلها فيما هو داخل فى صميم اختصاصها وتقديرها بدعوى أن الاسباب التى أخذت بها الادارة لا تؤدى الى النتيجة التى انتهت اليها مع أن هذا النظر فى حد ذاته لا يستند الى أى أساس سليم لا من الواقع ولا من القانون، بل على العكس من ذلك قد كان وزن الادارة لمناسبات قرارها وزنا معقولا مستخلصا استخلاصا سائغا من الوقائع التى بنت عليها قرارها، كما يجب التنبيه فى هذا المقام الى أنه ليس من حق القضاء الادارى أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى جهة الادارة من اعتبارات قدرت على مقتضاها ملاءمة اصدار القرار، ما دام هذا التقدير قد استخلص استخلاصا سائغا من الوقائع الثابتة فى الاوراق والا كان فى ذلك مصادرة للادارة على تقديرها وغل ليدها عن مباشرة وظيفتها فى الحدود الطبيعية التى تقتضيها هذه الوظيفة وما تستلزمه من حرية فى وزن مناسبات القرارات التى تصدرها وتقدير ملاءة اصدارها.


اجراءات الطعن

فى يوم 6 من مايو سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن فى الحكم الصادر محكمة القضاء الادارى (الهيئة الثانية) بجلسة 16من أبريل سنة 1958 فى القضية رقم 1761 لسنة 9 القضائية المقامة من وزارة الداخلية ضد محمود حلمى أحمد فرغلى، والقاضى بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه والزام الحكومة بالمصروفات. وطلب رئيس هيئة مفوضى الدولة - للأسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون ضده بالمصروفات. وقد أعلن الطعن للحكومة فى 27 من مايو سنة 1958 وللمدعى فى 22 من مايو سنة 1958 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19 من ديسمبر سنة 1959. وفى 3 من أغسطس سنة 1959 أبلغت الحكومة والمدعى بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا وحددت لذلك جلسة 30 يناير سنة 1960. وفى 18 من يناير سنة 1960 اخطر ذوو الشأن بميعاد هذه الجلسة وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت ارجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل فى أن المدعى أقام دعواه بتظلم قيد برقم 1286 لسنة 1 القضائية قدمه فى 18 من يونية سنة 1953 الى اللجنة القضائية لرئاسة مجلس الوزراء ووزارات الداخلية والعدل الخارجية أوضح فيه أنه قبض عليه لاتهامه فى قضية اغتيال المرحوم الرئيس السابق محمود فهمى النقراشى وقدم للمحاكمة وقضت المحكمة ببراءته ولكن النيابة لم تفرج عنه وقررت تقديمه للمحاكمة مرة أخرى فى قضية الاتفاق الجنائى على قلب نظام الحكم المقيدة برقم 227 لسنة 1950 الوايلى المعروفة باسم قضية السيارة الجيب، فحكم عليه فيها بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وقضى مدة العقوبة وأفرج عنه فى ابريل سنة 1951. ويقول ان وزارة الداخلية أبت اعادته الى عمله الأصلى بادارة المرور بالوزارة وأنه أعيد الى عمله فى 6 من ديسمبر سنة 1952 بعد صدور عفو خاص عنه وعن جميع المحكوم عليهم فى هذه القضية بتاريخ 11 من أكتوبر سنة 1952 بالأمر الملكى رقم 27 لسنة 1952 وأبان أنه تقدم الى القضاء متظلما من عدم ادراج اسمه فى كشوف العفو الشامل حتى يقطع على الوزارة حجتها فى أن العفو الخاص لا يمحو الجريمة أصلا، ويذكر أن محكمة الجنايات حكمت فى 14 من يناير سنة 1953 بادراج اسمه ضمن من شملهم العفو الشامل وجاء بحيثيات الحكم "أن العفو الشامل لا يسقط العقوبة وحدها ولكنه يمحو حكم الادانة نفسه أي يجعل المتظلم كأنه لم يرتكب أى جريمة ويعاد اعتباره". ويستند المتظلم الى أن حيثيات هذا الحكم تجعل له كامل الحق فى المطالبة بالمتجمد من مرتبه خلال فترة الايقاف من 16 من مايو سنة 1949 الى ديسمبر سنة 1952، مما دعاه الى التقدم فى أول فبراير سنة 1949 الى وزارة الداخلية طالبا صرف راتبه عن مدة وقفه، ولكن الوزارة لم تجبه الى طلبه.
وقالت الوزارة ردا على التظلم أن المدعى حاصل على التوجيهية سنة 1944 ودخل الخدمة بوظيفة كاتب مؤقت بالدرجة الثامنة بماهية 90 ج سنويا من 22 من ديسمبر سنة 1946 وأوقف عن عمله اعتبارا من 16 من مايو سنة 1949 لاتهامه فى قضية مقتل المرحوم محمود فهمى النقراشى وحكم عليه بالحبس مع الشغل لمدة سنتين فى قضية الجناية رقم 3294 لسنة 1959 الوايلي (قضية سيارة الجيب)، وبناء على الأمر الملكى رقم 27 لسنة 1952 بالعفو عن المحكمة عليهم فى القضية رقم 3294 الوايلى سنة 1950 المتضمن (يعفى عن العقوبات التبعية والآثار الجنائية المترتبة على العقوبات المحكوم بها على كل من محمود حلمى فرغلى وآخرين بتاريخ 17 من مارس سنة 1951 من محكمة جنايات القاهرة فى قضية الجناية رقم 3294 الوايلى سنة 1950 ورقم 227 كلى سنة 1950). وبناء على طلب قدمه بالتماس رفع الايقاف عنه وافقت الوزارة على رفع الايقاف عنه اعتبارا من 6 من ديسمبر سنة 1952. وتذكر الوزارة أن قيمة المرتب عن مدة الايقاف مبلغ 657 م 466 ج وقد استطلعت رأى السكرتارية المالية فأفادت مبينة أن الموضوع قيد البحث بين مجلس الدولة وديوان الموظفين. وبجلسة 13 من أكتوبر سنة 1953 قررت اللجنة القضائية أحقية المتظلم فى صرف مرتبه عن مدة وقفه من 16 من مايو سنة 1949 الى 5 من ديسمبر سنة 1952. وطعنت وزارة الداخلية فى قرار اللجنة القضائية بعريضة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 2 من أبريل سنة 1955 وضمنت طعنها أنها أبلغت بقرار اللجنة القضائية بتاريخ 8 من فبراير سنة 1955 وطلبت الغاءه بحجة مخالفته للقانون، لانه وان كان العفو الشامل يمحو عن الفعل الذى ارتكب صفته الجنائية ويخرجه من طائلة قانون العقوبات الا أن مرتب الموظف يرتبط بقيامه بأعباء الوظيفة فعلا. ولئن ترتب على العفو الشامل عن الجريمة أمكان اعادة الموظف الى وظيفته الا أنه ليس من نتيجة ذلك استحقاقه لمرتبه عن مدة وقفه لعدم قيامه بأعمال هذه الوظيفة أثناء فترة الوقف، ولما كان حرمان المطعون ضده من مرتبه ليس عقوبة تبعية للجريمة التى شملها العفو وانما هو نتيجة لعدم قيامه بعمله طوال مدة وقفه، ومن ثم فان مرتبه طوال هذه المدة التى لم يباشر فيها عمله يصبح لاحق له فيه، ويكون قرار اللجنة قد بنى على أساس غير سليم من القانون. وبجلسة 16 من أبريل سنة 1958 قضت محكمة القضاء الادارى بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، و أقامت المحكمة قضاءها على أن الاعتبار الذى حمل وزارة الداخلية على تقرير عدم صرف مرتب المدعى عن مدة وقفه هو أنه لم يقم بخدمة فعلية مدة وقفه وأن هذا العنصر من عناصر التقدير مما يخضع لرقابة المحكمة، وأنه لما كانت المادة 96 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفى الدولة تنص على أن "كل موظف يحبس حبسا احتياطيا أو تنفيذا لحكم جنائى يوقف بقوة القانون عن عمله مدة حسبه ويوقف صرف مرتبه مرتبه وبعد انتهاء مدة الحبس يقرر وكيل الوزارة ما يتبع فى شأن صرف مرتبه بحسب الاحوال". وتذكر المحكمة أنه يخلص من هذا النص أن القانون قد أجاز صرف المرتب عن مدة الوقف أى عن مدة لم يقم فيها الموظف الموقوف بأى عمل. ومن ثم فلا يسوغ عدم صرف مرتب الموظف الموقوف عن مدة حبسه بحجة عدم أدائه أية خدمة فعلية فى هذه الفترة اذ لو قصد المشرع ذلك لمنع صرف المرتب فى كل الاحوال اذ المفروض أن الموظف الموقوف لا يؤدى عملا ما - هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فان لوكيل الوزارة الرخصة فى صرف المرتب أو عدم صرفه بحسب الاحوال أى فى ضوء الظروف التى أدت الى حبسه والجريمة التى وقعت منه ومدى أثرها فى حسن أداء الموظف لوظيفته ومسئوليته الادارية عما نسب اليه - ولما كان الثابت من وقائع هذه الدعوى أن وزارة الداخلية قد بنت قرارها محل هذه المنازعة على اعتبار أن المدعى لم يقم بعمل أثناء فترة الوقف وأنه ترتيبا على ذلك لا يستحق أى أجر، هذا التسبيب غير صحيح لانه يستند الى اعتبار خاطئ قانونا ويؤدى الى فساد فى التقدير ذاته فيما انتهى اليه من تقرير عدم صرف المدعى لمرتبه عن مدة وقفه، وأنه ترتيبا على ذلك يكون الطعن فى قرار اللجنة القضائية فى غير محله متعينا الحكم برفضه وتأييد قرار اللجنة القضائية فيما ذهب اليه من أحقية المدعى فى صرف مرتبه عن مدة وقفه عن العمل بالكامل.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن أشارة الوزارة الى حكم المادة 96 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يبين أن الحرمان من المرتب بنى فقط على مجرد عدم قيام المدعى بأية خدمة مدة ايقافه، واذا كانت الوزارة قد عنيت بابراز عدم قيام المدعى بعمل، فانما أرادت أن تبرز الاصل وهو أن الاجر لقاء العمل، ويعزز ذلك أنها شفعت هذا القول بالارتكان الى نص المادة 96 سالفة الذكر التى تعطى سلطة التصرف فى مرتب الايقاف لوكيل الوزارة حسب الظروف، ولا شك أن تقدير ملاءمة صرف أو عدم صرف مرتب الايقاف سلطة تقديرية لا يحدها سوى الانحراف وليس فى حرمان موظف أوقف عن عمله بسبب حبسه فى جريمة جنائية أو ادانته فيها أى انحراف أو عسف فى استعمال السلطة، واذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فقد خالف القانون وتعين الطعن فيه بالالغاء أمام المحكمة الادارية العليا.
ومن حيث أنه يبين من استظهار الاوراق فى هذه المنازعة أن المدعى دخل الخدمة فى 22 من فبراير سنة 1946 وأوقف عن العمل من 16 من مايو سنة 1949 لاعتقاله. وفى 17 من مارس سنة 1951 حكمت عليه محكمة جنايات القاهرة فى القضية رقم 3294 الوايلى سنة 1950 ورقم 227 كلى سنة 1950) بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وقضى مدة العقوبة وأفرج عنه فى 24 من أبريل سنة 1951 ثم صدر أمر ملكى رقم 27 لسنة 1952 فى 11 من أكتوبر سنة 1952 بالعفو عن العقوبات التبعية والآثار الجنائية المترتبة على العقوبات المحكوم بها عليه فى 17 من مارس سنة 1951 من محكمة جنايات القاهرة فى قضية الجناية رقم 3294 الوايلى سنة 1950 (ورقم 227 كلى سنة 1950) السابق الاشارة اليها، وفى 14 من يناير سنة 1953 قضت محكمة جنايات مصر بادراج اسمه ضمن من شملهم العفو الشامل عن الحكم الصادر ضده فى القضية المذكورة، وألغى ايقافه وأعيد لعمله اعتبارا من 6 من ديسمبر سنة 1952 وصرفت له ماهيته اعتبارا من هذا التاريخ والتمس صرف ماهيته عن مدة ايقافه من 16 من مايو سنة 1949 لغاية 5 من ديسمبر سنة 1952 ومقدارها 466 جنيها و657 مليما، وقد تبودلت الرسائل فى هذا الشأن بين السكرتارية المالية للوزارة وديوان الموظفين وقسم الرأى بمجلس الدولة انتهت بأن عرضت ادارة المستخدمين مذكرة ضمنتها الظروف التى استوجبت وقف المدعى ومدى مسئوليته عنها من الناحية الادارية، كما ذكرت أن هذه المسئولية لا تتأثر بالعفو الصادر من العقوبة وآثارها الجنائية، فقرر وكيل الوزارة الدائم فى 19 من أبريل سنة 1955 الموافقة على عدم صرف شئ الى المدعى عن مدة الايقاف وذلك طبقا للمادة 16 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث أنه يبين مما سلف ايضاحه أن الحكم بحبس المدعى وقد صدر قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 فانه لا يترتب عليه فصله بقوة القانون وفقا لأحكام المادة 107 منه، اذ أن حكم المادة 25 من قانون العقوبات كان يجعل العزل كعقوبة تبعية أثرا من آثار الحكم بعقوبة جناية، والحال أن المذكور حكم عليه بالحبس وهى عقوبة جنحة، وكان الامر فى شأن صلاحية الموظف المحكوم عليه بعقوبة جنحة للاستمرار فى عمله من عدمه متروكا لتقدير الجهة التابع لها الموظف. ومتى تقرر أن الحكم الصادر بحبس المذكور لا يستتبع العزل من الوظيفة حتما فان الامر الملكى الصادر بالعفو عن العقوبات التبعية والآثار المترتبة على العقوبة المحكوم بها ضده يكون غير ذى أثر بالنسبة استمراره فى خدمة الحكومة.
ومن حيث انه والحالة هذه تكون الوزارة قد سايرت الفهم الصحيح للقانون حين اعتبرت المدعى باقيا فى وظيفته وان كان موقوفا عن عمله ثم قررت اعادته اليه فى ديسمبر سنة 1952، ومن ثم فلا يبقى سوى النظر فى مدى استحقاقه لراتبه عن مدة وقفه، الأمر الذى أصبح من اختصاص وكيل الوزارة وفقا لحكم المادة 96 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى تنص على أن "كل موظف يحبس حبسا احتياطيا أو تنفيذا لحكم جنائى يوقف بقوة القانون عن عمله مدة حبسه، ويوقف صرف مرتبه وبعد انتهاء مدة الحبس يقرر وكيل الوزارة ما يتبع فى شأن صرف مرتبه بحسب الأحوال". والحكمة ظاهرة فى ترك تقدير صرف المرتب لوكيل الوزارة فى كل حالة على حدتها وبظروفها على مقتضى الاعتبارات الخاصة بها.
ومن حيث أن وكيل الوزارة انتهى الى عدم الموافقة على صرف مرتب المدعى عن فترة وقفه عن العمل لأسباب قدرها بما له من سلطة التقدير فى ضوء الصالح العام، ولهذه الاسباب أساسها الصحيح الثابت فى الاوراق، وهى تؤدى الى النتيجة التى انتهى اليها وكيل الوزارة من رفض طلب صرف مرتب مدة الوقف ولم ينحرف فى ذلك بسلطته العامة، ولم ينطو قراره على أية شائبة من اساءة استعمال السلطة، فيكون قرار وكيل الوزارة والحالة هذه قد صدر مطابقا للقانون خاليا من أى عيب ويكون الحكم المطعون فيه اذ ذهب غير هذا المذهب قد خرج عن مجال التعقيب القانونى الصحيح على القرار، واتجه وجهه أخرى قوامها مراجعة الادارة فى وزنها لمناسبات القرار وملاءمة اصداره فأحل نفسه بذلك محلها فيما هو داخل فى صميم اختصاصها وتقديرها بدعوى أن الاسباب التى أخذت بها الادارة لا تؤدى الى النتيجة التى انتهت اليها مع أن هذا النظر فى حد ذاته لا يستند الى أى أساس سليم لا من الواقع ولا من القانون، بل على العكس من ذلك قد كان وزن الادارة لمناسبات قرارها وزنا معقولا مستخلصا استخلاصا سائغا من الوقائع التى بنت عليها قرارها، كما يجب التنبيه فى هذا المقام الى أنه ليس من حق القضاء الادارى أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى جهة الادارة من اعتبارات قدرت على مقتضاها ملائمة اصدار القرار، ما دام هذا التقدير قد استخلص استخلاصا سائغا من الوقائع الثابتة فى الاوراق والا كان فى ذلك مصادرة للادارة على تقديرها وغل ليدها عن مباشرة وظيفتها فى الحدود الطبيعية التى تقتضيها هذه الوظيفة وما تستلزمه من حرية فى وزن مناسبات القرارات التى تصدرها وتقدير ملاءة اصدارها، ومن ثم يتعين الغاء الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعى بالمصروفات.