مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 464

(52)
جلسة 27 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة سيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 596 لسنة 4 القضائية

ترقية - كتاب المحاكم - ترقية كتاب المحاكم الى الدرجتين الثامنة والسابعة - مشروطة بالنجاح فى امتحان يعقد لهذا الغرض ويعفى منه حملة الشهادات العليا، وذلك طبقا لحكم المادة 53 من القانون رقم 147 لسنة 1949 - هذا الامتحان - مفتوح لموظفى المحاكم من الدرجتين التاسعة والثامنة فلا يقصر على أحداهما دون الاخرى حتى لو تضمن نص الاعلان عن الامتحان ذكر واحدة من هاتين الدرجتين وترك الاخرى - أساس ذلك وأثره - ترك أحد الموظفين الذين تقاعسوا عن دخول الامتحان فى الترقية - صحيح.
تنص المادة 53 من القانون رقم 147 لسنة 1949 باصدار قانون نظام القضاء على أنه "لا تجوز ترقية من عين كاتبا من الدرجة التى عين فيها الدرجة التى تليها الا اذا حسنت الشهادة فى حقه ونجح فى امتحان يختبر فيه كتابة وشفاها ويعفى حملة الشهادات العليا من شرط الامتحان" ونصت المادة 54 على اللجان التى تقوم باجراء هذا الامتحان كما نصت المادة 55 على أن "يكون الامتحان تحريريا وشفويا فى المواد الآتية ( أ ) بالنسبة لكتاب القسم المدنى: 1 - ما يتعلق بعمل الكاتب فى قانون المرافعات والقانون المدنى والقانون التجارى 2 - قوانين الرسوم والدمغة 3 - المنشورات المعمول بها فى المحاكم 4 - الخط. (ب) وبالنسبة لكتاب النيابة العامة...."، ثم نصت المادة 57 على أن "يقدر لكل مادة من مواد الامتحان التحريرى والشفوى 30 درجة وتكون درجة النجاح 40% من مجموعها على ألا يقل ما حصل عليه الموظف فى كل المواد عن 60% من مجموع الحد الأقصى لها ويرتب الناجحون حسب درجات نجاحهم وتكون الترقية على أساس هذا الترتيب".
ويبين من النصوص المتقدمة أن القانون المشار اليه قد اشترط لترقية الكاتب من الدرجة التى عين فيها الى الدرجة التى تليها أن ينجح فى الامتحان الذى يعقد لهذا الغرض ولم يحدد القانون لكل من موظفى الدرجتين التاسعة والثامنة - وهى التى تعتبر أولى درجات التعيين بحسب الاحوال - امتحانا خاصا وانما جعل للجميع امتحانا واحدا بينت المادة 55 من القانون مواده، ومن ثم فانه اذا أعلنت الوزارة عن عقد امتحان لترقية كتاب المحاكم فليس ثمة ما يمنع موظفى الدرجة التاسعة بالمحاكم من دخول ذلك الامتحان شأنهم فى ذلك شأن موظفى الدرجة الثامنة المعينين ابتداء فى تلك الدرجة ما دام الامتحان - على ما سلف البيان - واحدا للطائفتين وليس خاصا ولا مقصورا على موظفى احدى الطائفتين بحيث يمتنع على الطائفة الاخرى دخوله.
واذا كان الكتاب الدورى الذى وجهته الوزارة الى المحاكم فى 9 من نوفمبر سنة 1953 تعلن فيه عقد امتحان قد جرت عبارته كما يلى " نظرا لخلو وظائف من الدرجة السابعة الشاغرة من يوم الجمعة الموافق 15 من يناير سنة 1954" فانه لا يفهم من هذا الاعلان ان الامتحان مقصور على موظفى الدرجة الثامنة وحدهم وأنه ليس موظفى الدرجة التاسعة أن يدخلوه ذلك أنه فضلا عن أن الامتحان - على ما سلف البيان - ليس خاصا بموظفى الدرجة الثامنة دون موظفى الدرجة التاسعة الذين لهم بدورهم امتحانهم الخاص وانما هو امتحان عام للكتاب جميعا سواء منهم من كان فى الدرجة الثامنة أو التاسعة، فان من المعلوم بداهة أن الترقيات الى الدرجة السابعة الخالية سيتلوها بطبيعة الحال ترقيات الى الدرجات الثامنة المتخلفة عن المرقين الى الدرجات السابعة، ومتى كان الأمر كذلك فليس ثمة ما يمنع موظفى الدرجة التاسعة من زملاء المدعى فى نفس المحكمة من دخول ذلك الامتحان فاذا كان هو قد تقاعس عن دخول الامتحان فلا يلومن الا نفسه اذا كان قد فوت على نفسه فرصه الدخول فى الامتحان.


اجراءات الطعن

فى 29 من مايو سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة طعنا فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارة العدل بجلسة 30 من مارس سنة 1958 فى الدعوى رقم 371 لسنة 3 ق المرفوعة من محكمة نزيه أبو بكر حسين ضد وزارة العدل القاضى "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا وبقبولها وفى الموضوع بالغاء القرار الوزارى رقم 4885 الصادر فى 21 من نوفمبر سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار والزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات وبأن تدفع للمدعى مبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلب السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة للاسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى والزام رافعها بالمصروفات" وقد أعلن الطعن للحكومة فى 17 من يونيه سنة 1958 وللمدعى فى 12 من يونيه سنة 1958 وعين لنظره جلسة 30 من يناير سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الاوراق الطعن - تتحصل فى انه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الادارية لوزارة العدل فى 2 من يوليه سنة 1956 أقام المدعى رقم 371 لسنة 3 ق ضد وزارة العدل طالبا الحكم بالغاء القرار الصادر بترقية السيد/ أنور عبد المسيح فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية الى الدرجة الثامنة مع ما يترتب على ذلك من آثار، والزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال فى بيان ذلك أنه عين فى وظيفة كاتب مدنى بالدرجة التاسعة بمحكمة أسيوط الابتدائية فى 11 من يناير سنة 1949، وفى 9 من نوفمبر سنة 1953 أصدرت ادارة التفتيش الادارى والكتابى بالوزارة تعليماتها الى محكمة أسيوط لعقد امتحان للترقية من الدرجة الثامنة الى الدرجة السابعة، وقد أجرى الامتحان فى 15 من يناير سنة 1954، وقد علم المدعى فى 7 من فبراير سنة 1956 أن زميله السيد/ أنور عبد المسيح والمعين بعده قد رقى الى الدرجة الثامنة بمقتضى القرار الوزارى رقم 4885 فى 21 من نوفمبر سنة 1954، كما علم أن زميله هذا قد تقدم للامتحان الذى أعلن عنه والذى كان مخصصا للترقية من الدرجة الثامنة الى الدرجة السابعة، ولما كان يبين من كتاب الوزارة الموجه الى محكمة أسيوط فى شأن الاعلان عن وظائف الدرجة السابعة الخالية أن تعليمات الوزارة تنحصر فى الاعلان عن امتحان الترقية الى الدرجة السابعة فقط دون الدرجات الأخرى، ولما كان المدعى فى الدرجة التاسعة، فانه يكون معذورا اذا أيقن أن هذا الامتحان مقصور على الموظفين المسموح لهم بالترقية الى الدرجة السابعة وانه اذا طلب دخول هذا الامتحان فيكون طلبه حقيقا بالرفض، ولا وجه للتحدى بأن موظفى الدرجة التاسعة من زملاء المدعى سمح لهم بدخول الامتحان وكان عليه أن يحذو حذوهم ويتقدم للامتحان، اذ أن الثابت أنه لم يصدر من الوزارة اعلان بذلك وأنه لم يعلم بدخول زملائه المسابقة، ولما كان المدعى قد تقدم الى مسابقة تالية ونجح فيها فى يناير سنة 1954، فيكون بذلك قد جاز الامتحان المنصوص عليه فى المادة 53 من قانون نظام القضاء. ولما كان السيد/ أنور عبد المسيح الذى رقى الى الدرجة الثامنة كان تاليا للمدعى فى الاقدمية، ولما كان المدعى قد تظلم من القرار فى 6 من مارس سنة 1956 وقد أخطرته الوزارة فى مايو سنة 1956 برفض تظلمه، لذلك أقام هذه الدعوى. وقد ردت الوزارة على الدعوى فدفعت أولا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وقالت فى ذلك انه ولئن كانت الوزارة قد وجهت كتابا دوريا فى 9 من نوفمبر سنة 1953 تعلن فيه عقد امتحان للترقية الى السابعة الا أن موظفى الدرجة التاسعة الراغبين فى تأدية الامتحان سمح لهم بأدائه ومن بينهم زملاء المدعى فى نفس المحكمة وقد كان عليه أن يحذو حذوهم الا انه انتظر حتى عقدت الوزارة امتحانا آخر فى يناير سنة 1955 فتقدم اليه وكان ترتيبه بين الناجحين 298 مكرر, ولما كان الثابت أن عدد من تقدم للامتحان الاول من مستخدمى الدرجة التاسعة بمحكمة أسيوط الابتدائية 17 موظفا منهم 8 يعملون مع المدعى بالمحكمة الكلية و9 بالجزئية مما يقطع بعلمه بتصريح الوزارة لموظفى درجته بأداء الامتحان, لذلك تكون الدعوى غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد, وعن الموضوع قالت الوزارة: انه اعمالا لما أفتى به قسم الرأى من اعتبار الدرجة التاسعة أولى درجات التعيين ولا يجوز الترقية منها الى الدرجة التالية الا بعد الامتحان, فقد اذنت لمن شاء من موظفى بلك الدرجة بدخول الامتحان المذكور, هذا وقد تبين من ناحية أخرى أن المدعى حصل فى امتحان سنة 1955 على 126 درجة بينما حصل زميله أنور عبد المسيح على 157 درجة, وبذلك ما كان يمكن أن يتخطى زميله المذكور فى الترقية, وخلصت الوزارة من كل ذلك الى طلب رفض الدعوى، وبجلسة 30 من مارس سنة 1958 حكمت المحكمة" برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا وبقبولها، وفى الموضوع بالغاء القرار الوزارى رقم 4885 الصادر فى 21 من نوفمبر سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الوزارة المدعى عليها بالمصروفات وبأن تدفع للمدعى مبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة"، وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لقبول الدعوى على أن الوزارة لم تقم الدليل القاطع على أن القرار المطعون فيه قد نشر وأن المدعى علم علما يقينيا بصدوره فى 21 من نوفمبر سنة 1954 وبمضمونه وتفصيله وبالنسبة لموضوع أشارات المحكمة أولا الى المادتين 53 و57 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 التى تنص أولاهما على عدم جواز ترقية الكاتب الا بعد أداء الامتحان وتنص الثانية على أن يرتب الناجحون حسب درجات نجاحهم وتكون الترقية على أساس هذا الترتيب ثم أشارت بعد ذلك الى الكتاب الدورى الذى وجه الى المحاكم، وقد جاء به أنه "نظرا لخلو وظائف الدرجة السابعة بالمحاكم رأت الوزارة عقد الامتحان المشار الية للترقية الى الدرجات السابعة الشاغرة فى يوم الجمعة 15 من يناير سنة 1954"، ثم قالت "ما أن أبلغ هذا المنشور الى المحاكم حتى أثار عدة استفسارات من كثير من الموظفين، فقد تساءل أحد موظفى محكمة كفر الشيخ الابتدائية عما اذا كان يجوز له دخول الامتحان مع أنه لم يكمل أربع سنوات فى الدرجة الثامنة، فأجاب التفتيش الادارى والكتابى على هذا التساؤل بكتابه المؤرخ 6 من ديسمبر سنة 1953 الموجه الى السيد رئيس محكمة كفر الشيخ بقوله "نرجو التنبيه الى قبول جميع الموظفين الراغبين فى تأديته دون تقييد بمدة خدمتهم لان ذلك محل نظر الوزارة". وتعقيبا على هذا الرد عادت محكمة كفر الشيخ فتساءلت عما اذا كان قبول جميع الموظفين الذين يرغبون فى تأدية الامتحان ينطبق على موظفى الدرجة التاسعة أم لا حيث أن بعضهم يرغب فى تأدية هذا الامتحان فأجاب التفتيش الادارى والكتابى أنه وردت فتوى الشعبة الاولى لقسم الرأى بمجلس الدولة رقم 207 فى 15 من فبراير سنة 1953 باعتبار الدرجة التاسعة درجة تعيين وأنه عند ترقية المستخدم من الدرجة التاسعة درجة تعيين وأنه عند ترقية المستخدم من الدرجة التاسعة الى الدرجة الثامنة يجب عليه أداء الامتحان المنصوص عليه فى المادتين 53 و54 من قانون نظام الموظفين فنرجو التنبيه الى تنفيذه وموافاتنا بأسماء الموظفين الذين يرغبون فى تأدية الامتحان وبرغم أنه قد سمح لموظفى الدرجة التاسعة الذين يرغبون فى أداء هذا الامتحان بدخوله وذلك فى عدد كبير من محاكم القطر، الا أن الثابت أن ذلك لم يكن بناء على نشرة صريحة بالسماح لمن شاء من موظفى تلك الدرجة بدخول الامتحان المخصص للترقية الى الدرجات السابعة الشاغرة أو دعوة عامة لهم بذلك ويؤيد هذا الطلب المقدم من موظفى الدرجة التاسعة بمحكمة بنى سويف الابتدائية فى 24 من أبريل سنة 1954الذين يلتمسون فيه عقد امتحان لهم تمهيدا لترقيتهم الى الدرجات الثامنة الخالية، وقد تأشر على كتاب المحكمة المبلغ الى التفتيش الادارى والكتابى فى هذا الشأن بما نصه "ألم يذع عليهم نبأ الامتحان الخاص قبل عقده". فأجيب على هذا التساؤل بأن جميع المحاكم أبلغت بعقد الامتحان فى 15 من يناير سنة 1954 وتقدم فعلا كثيرون من الدرجة التاسعة مما جعل الموظف المختص يؤشر ثانيا على الكتاب "يحفظ ويكتب بتفهيمهم بالتقدم للامتحان المقبل عندما يتقرر عقده" ثم قالت المحكمة بعد ذلك: "أن ما نص عليه الفقرة الثانية من المادة 57 من القانون رقم 147 لسنة 1949 بأن "يرتب الناجحون حسب درجات نجاحهم وتكون الترقية على أساس هذا الترتيب"، هذا النص يورد حكما استثنائيا من القاعدة العامة التى تقضى بأن تكون الترقية بحسب أقدمية التعيين أو بحسب الاقدمية فى الدرجة المالية السابقة، ذلك أن هذا الحكم الاستثنائى يهدر الأقدميات السابقة ويستبدل بها درجات النجاح فى امتحان المسابقة الذى تجريه الوزارة كلما تراءى لها أن ترقى الكتبة (من غير ذوى الشهادات العالية) من الدرجة التى عينوا فيها الى الدرجة التى تليها تطبيقا للمادة 53 من القانون رقم 147 لسنة 1949 المشار اليه" وأن "هذا الحكم الاستثنائى يجب أعماله بصورة ينفذ فيها مبدأ تكافؤ الفرص على الوجه الاكمل بحيث يحقق العدالة بين الموظفين ذوى المراكز القانونية المماثلة، فما كان للوزارة أن ترتب حكم المادتين 53 و57 فقرة 2 من القانون المشار اليه بالنسبة لموظفى الدرجة التاسعة الذين دخلوا امتحان 15 من يناير سنة 1954 دون أن تعمم ذلك الحكم على سائر موظفى تلك الدرجة وذلك بأن تدعوهم دعوة صريحة لان يتقدموا لهذا الامتحان أو أن تأذن لهم فى أدائه اذنا شاملا حتى تتهيأ الفرصة لهم جميعا على قدم المساواة فمن لا يدخل الامتحان بعد ذلك فعليه وزر ما صنع" ثم انتقلت المحكمة بعد ذلك الى أن "الثابت من الأوراق أن امتحان المسابقة الذى أذن بتأديته لبعض موظفى الدرجة التاسعة قد عقد فى 15 من يناير سنة 1954 ولم تشغل الدرجات التاسعة بالناجحين فيه طبقا لترتيب درجاتهم التى حصلوا عليها فى ذلك الامتحان الا بالقرار الوزارى المطعون فيه الصادر فى 21 من نوفمبر سنة 1954 فطلب بعض موظفى المحاكم من الدرجة التاسعة بعد أن عقد الامتحان المذكور بنحو ثلاثة أشهر أن يؤدوا امتحانا لشغل هذه الدرجات الثامنة الخالية وذلك قبل صدور القرار بشغلها بنحو سبعة أشهر، ولكن الوزارة لم تعقد لهم امتحانا قبل صدور القرار مع أنها كانت قد تنبهت الى أن الدعوة لم توجه الى كافة موظفى تلك الدرجة لاداء الامتحان (كما يبين ذلك من الصفحة 22 من ملف الامتحان)، وأن "تصرف الوزارة على هذا النحو قد فوت على موظفى الدرجة التاسعة فرصة دخولهم مع زملائهم الذين اذن لهم فى ذلك، وبذلك تكون قد فوتت عليهم الحق فى ترقيتهم اذا ما أسفرت نتيجة الامتحان عن حصولهم على درجات تسمح لهم بذلك". ثم أشار الحكم الى المادتين 53 و57 من قانون نظام القضاء، وقال أن هاتين المادتين قد هدفتا "الى اتخاذ معيار واحد نيط به ترقية الموظفين ذوى الدرجة الواحدة وهو الامتحان والنجاح فيه على أن يكون ترتيب أقدمياتهم فى الدرجة المرقين اليها هو ترتيبهم حسب درجات النجاح، وهذا المعيار لا يستقيم الا بدعتهم جميعا الى أداء الامتحان دعوة صريحة شاملة يعلن عنها اعلانا كافيا نافيا للجهالة حتى اذا أدوه ونجح منهم من نجح يرتبون حسب درجات نجاحهم وتكون ترقيتهم على أساس هذا الترتيب، ومما يقطع بأن هذا هو ما عناه الشارع حين وضع المادتين 53 و57 من قانون نظام القضاء..... ان الوزارة اتبعت فى شأن موظفى الدرجة الثامنة الذين سيرقون للدرجات السابعة الشاغرة قصد الشارع فأعلنت عن هذه الدرجات الشاغرة ودعت الى دخول الامتحان لملئها كافة الموظفين من الدرجة الثامنة" ثم ردت المحكمة على دفاع الوزارة فقالت أنه لا حجاج بما ذهبت اليه الوزارة.... من أنها أعلنت ابتداء أن امتحان 15 من يناير سنة 1954 للترقية من الدرجة الثامنة الى الدرجة السابعة الا أنها اتباعا لفتوى قسم الرأى بمجلس الدولة باعتبار الدرجة التاسعة أولى درجات التعيين فلا يسوغ الترقية منها الى الدرجة التالية لها الا بعد الامتحان قد أذنت لمن شاء من موظفى تلك الدرجة بدخول الامتحان المذكور، وأعلنت نتيجته القانونية فى الترقية حسب درجات نجاح الناجحين - لا حجاج بذلك اذ كان على الوزارة أن تعلن عن عقد امتحان لموظفى الدرجة التاسعة كافة وأن تدعوهم صراحة لاداء الامتحان، حتى تجرى فى حقهم شروط الترقية الى الدرجة الثامنة، وألا تجعل هذا الامتحان مجرد فرص ينتهزها من يشاء من هؤلاء الموظفين وقد أتيح لهم العلم بها ويحرم منها من لا يعلم، اذ لم يدع دعوى صريحة لاداء الامتحان وليس فى فتوى قسم الرأى هذه بوجوب أداء الامتحان على موظفى الدرجة التاسعة ما يبرر التفرقة بين موظفى الدرجة الواحدة فى صدد العلم بهذا الامتحان ودخوله كما أنه "لا اعتداد بما يقال من أن قرار الترقية المطعون فيه قد اكسب الموظفين الذين شملهم حقا ذاتيا ومركزا قانونيا يعلو على مجرد الامل فى الترقية الذى كان ينتظره زملاؤهم ممن لم يدخلوا الامتحان وبالتالى يكون ذلك الحق الذاتى أولى بالرعاية" لا اعتداد بهذا القول لان الذين لم يدخلوا الامتحان لم يكن الامر بالنسبة اليهم مجرد أمل فى الترقية، بل كان لهم حق أصيل يتساوون فيه وزملاءهم الذين رقوا وهذا الحق هو أن يدخلوا جميعا الامتحان وأن يدعوا اليه صراحة، فمن تخلف منهم بعد ذلك فقد أسقط حقه ومن دخل منهم الامتحان ونجح ترتب له حق ذاتى ومركز قانونى على الوضع الذى نصت عليه المادتان 53 و57 من قانون نظام القضاء، فالحقوق الذاتية والمراكز القانونية بالنسبة لموظفى الدرجة الواحدة أنما تقوم على معيار واحد منضبط تكفل القانون ببيانه هو الامتحان الذى يدعون اليه كافة ولا يرد على هذا بأن القرار المطعون فيه اذا فرض جدلا وألغى ولم يبق من آثار الالغاء الا نتيجة الامتحان الذى عقد فى يناير سنة 1954 فلن يتأتى ادماج هذه النتيجة فى نتيجة امتحان فبراير سنة 1955 الذى دخله المدعى وزملاء له، فان القرار المطعون فيه انما هو معيب بعيب الاجراء الذى سبقه وبنى عليه، وكذلك يكون القرار الذى صدر بعد ذلك بترقية بعض موظفى الدرجة التاسعة الذين أدوا الامتحان فى 13 من فبراير سنة 1955" وأنه "متى تبين ذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر معيبا قابلا للبطلان مما يتعين الحكم بالغائه".
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن القانون رقم 147 لسنة 1949 بنظام القضاء قد تضمن تنظيما خاصا بكتبة المحاكم فيما يتعلق بكيفية تعيينهم وترقياتهم تنظيما يعتمد أساسا على الامتحان، ومقتضى ذلك أن يسبق أى امتحان اعلان عنه، الا أن القانون لم يرسم طريقا محددا لهذا الاعلان بحيث تعتبر مخالفته عيبا شكليا يصح أن ينهض سببا للبطلان، وازاء سكوت المشرع عن ذلك فان الوزارة تترخص فى اختيار الوسيلة المناسبة للاعلان بما يكفل لجميع الموظفين المعينين بهذا النظام العلم بتاريخ الامتحان ومكان انعقاده بحيث يكون المناط فى تحقق هذا الاعلان أو فى عدم تحققه بما يترتب على ذلك من صحة وبطلان الاجراءات التى اتبعت فى سبيل ذلك هو بما اذا كان الاجراء الذى اتخذته الوزارة من شأنه أن يحقق أو لا يحقق الغرض من الاعلان أيا كانت الطريقة أو الاسلوب الذى سلكته الوزارة فى هذا الشأن على أن يلاحظ جانب ذلك أن ليس ثمة علاقة زمنية بين الامتحان وبين الترقية فى ذاتها، اذ الامتحان هو شرط صلاحية للترقية بالنسبة لغير المؤهلين تأهيلا عاليا، فاذا ما أعلنت الوزارة عن الامتحان فهى انما تعنى به جميع من ينقصهم هذا التأهيل من جميع الدرجات ولو لم تكن هناك درجات خالية وقت الاعلان، واستنادا الى ما تقدم فانه ما دامت الوزارة قد أعلنت فعلا عن الامتحان، فكان جديرا - على مقتضى ما تقدم - بجميع من ينقصهم هذا التأهيل من كتبة المحاكم أن يتقدموا اليه أيا كانت الدرجة المعينين عليها طالما أنهم من المعينين لاول مرة فى المحاكم، أما ذكر الدرجة السابعة فى الاعلان بمناسبة أنها الدرجات الخالية وقتذاك، فان هذا لا يعنى أن الامتحان مقصور فقط على موظفى الدرجة الثامنة، اذ ليس ثمة ارتباط يبرر هذا الاستنتاج، هذا ولا يستساغ مثل هذا الادعاء من موظفى الدرجة التاسعة بالذات، لان الاعلان عن شغل الدرجات السابعة انما يتضمن فى الوقت ذاته اعلانا عن شغل الدرجات الثامنة التى ستتخلف عنها الامر الذى فهمه العديد من زملاء المدعى فى الدرجة التاسعة بل ومنهم من يعمل مع المدعى فى دائرة محكمة واحدة هى محكمة أسيوط، ومن ثم يكون القرار الصادر بترقية موظفى الدرجة التاسعة الذين استوفوا شرط النجاح فى الامتحان المنعقد بعد الاعلان عنه اعلانا سليما على الوجه المتقدم قد صدر مطابقا للقانون مما يتعين معه رفض الطعن عليه، واذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فانه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث ان المادة 53 من القانون رقم 147 لسنة 1949 باصدار قانون نظام القضاء على أنه "لا تجوز ترقية من عين كاتبا من الدرجة التى عين فيها للدرجة التى تليها الا اذا حسنت الشهادة فى حقه ونجح فى امتحان يختبر فيه كتابة وشفاها ويعفى حملة الشهادات العليا من شرط الامتحان"، ونصت المادة 54 على اللجان التى تقوم باجراء هذا الامتحان كما نصت المادة 55 على أن "يكون الامتحان تحريريا وشفويا فى المواد الآتية ( أ ) بالنسبة لكتاب القسم المدنى: 1 - ما يتعلق بعمل الكاتب فى قانون المرافعات والقانون المدنى والقانون التجارى 2 - قوانين الرسوم والدمغة 3 - المنشورات المعمول بها فى المحاكم 4 - الخط (ب) وبالنسبة لكتاب النيابة العامة......" ...... ثم نصت المادة 57 على أن "يقدر لكل مادة من مواد الامتحان التحريرى والشفوى 30 درجة وتكون درجة النجاح 40% من مجموعها على الا يقل ما حصل عليه الموظف فى كل المواد عن 60% من مجموع الحد الاقصى لها ويرتب الناجحون حسب درجات نجاحهم وتكون الترقية على أساس هذا الترتيب".
ومن حيث انه يبين من النصوص المتقدمة أن القانون المشار اليه قد اشترط لترقية الكاتب من الدرجة التى عين فيها الى الدرجة التى تليها أن ينجح فى الامتحان الذى يعقد لهذا الغرض ولم يحدد القانون لكل من موظفى الدرجتين التاسعة والثامنة - وهى التى تعتبر أولى درجات التعيين بحسب الاحوال - امتحانا خاصا وانما جعل للجميع امتحانا واحدا بينت المادة 55 من القانون مواده، ومن ثم فانه اذا أعلنت الوزارة عن عقد امتحان لترقية كتاب المحاكم، فليس ثمة ما يمنع موظفى الدرجة التاسعة بالمحاكم من دخول ذلك الامتحان شأنهم فى ذلك شأن موظفى الدرجة الثامنة المعينين ابتداء فى تلك الدرجة ما دام الامتحان - على ما سلف البيان - واحدا للطائفتين وليس خاصا ولا مقصورا على موظفى احدى الطائفتين بحيث يمتنع على الطائفة الاخرى دخوله.
ومن حيث أنه لئن كان الكتاب الدورى الذى وجهته الوزارة الى المحاكم فى 9 من نوفمبر سنة 1953 تعلن فيه عقد امتحان قد جرت عبارته كما يلى "نظرا لخلو وظائف من الدرجة السابعة بالمحاكم رأت الوزارة عقد الامتحان المشار اليه للترقية الى الدرجاات السابعة الشاغرة من يوم الجمعة الموافق 15 من يناير سنة 1954" فانه لا يفهم من هذا الاعلان أن الامتحان مقصور على موظفى الدرجة الثامنة وحدهم وأنه ليس موظفى الدرجة التاسعة أن يدخلوه، ذلك أنه فضلا عن أن الامتحان على ما سلف البيان - ليس خاصا بموظفى الدرجة الثامنة دون موظفى الدرجة التاسعة الذين لهم بدورهم امتحانهم الخاص وانما هو امتحان عام للكتاب جميعا سواء منهم من كان فى الدرجة الثامنة أو التاسعة، فان من المعلوم بداهة أن الترقيات الى الدرجة السابعة الخالية سيتلوها بطبيعة الحال ترقيات الى الدرجات الثامنة المتخلفة عن المرقين الى الدرجات السابعة، ومتى كان الامر كذلك فليس ثمة ما يمنع موظفى الدرجة التاسعة من زملاء المدعى فى نفس المحكمة من دخول الامتحان وحرص آخرين من المحاكم الاخرى على السؤال عن جواز دخولهم الامتحان حتى لا تفوتهم الفرصة، فاذا كان المدعى تقاعس عن دخول الامتحان فلا يلومن الا نفسه اذا كان قد فوت على نفسه فرصه الدخول فى الامتحان.
ومن حيث أنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه اذ قضى بغير ما تقدم قد خالف القانون ويتعين من أجل ذلك الغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.